أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 278

جلسة 25 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مصطفى جميل مرسي، وفوزي المملوك، وفوزي أسعد؛ وهاشم قراعة.

(54)
الطعن رقم 27 لسنة 49 القضائية

(1) إثبات. "شهود". خطأ. قتل خطأ. إصابة خطأ. مرور. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تكوين عقيدة محكمة الموضوع. مما ترتاح إليه من أقوال الشهود. أخذها بشهادة شاهد. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
كفاية إثبات الحكم المطعون فيه ركن الخطأ. أخذاً بشهادة الشهود. وما ثبت من معاينة محل الحادث.
متى لا يعيب الحكم إعراضه عن أقوال شاهد النفي؟
عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. ما دامت لم تستند إليها في قضائها.
(2) مسئولية جنائية. خطأ. ضرر. رابطة السببية. قتل خطأ. إصابة خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الحكم عدم يقظة قائد السيارة. وعدم اتخاذه الحيطة الكافية وأنه كان يسير بسرعة غير عادية. وأثر ذلك في إلحاق الإصابة بالمجني عليهم. تتوافر به أركان المسئولية الجنائية.
(3) خطأ. قتل خطأ. إصابة خطأ. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً موضوعي.
(4) خطأ. ضرر. رابطة السببية.
تقدير توافر رابطة السببية من عدمه. موضوعي.
متى لا يجدي الطاعن النعي على الجهة الإدارية المختصة عدم تعيينها شرطي لتنظيم المرور أو وضع مصابيح للإضاءة ليلاً.
(5) استئناف. "نظره والحكم فيه". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة الاستئنافية. بمناقشة أسباب الحكم الابتدائي الصادر بالبراءة. متى كان تسبيبها للإدانة سائغاً.
1 - إذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت ركن الخطأ في جانب الطاعن أخذاً بشهادة العاملين...... و....... اللذين كانا يرافقان المجني عليهم من أنهم أثناء قيامهم بالعمل في بئر المجاري الكائن بالطريق العام محل الحادث وقد قاموا بأشغال النيران بالأوراق وقطع القماش القديمة كما وضعوا عربة اليد الخاصة بأدواتهم قبل محل الحادث وذلك لتنبيه قائدي السيارات العابرة إلى منطقة عملهم ولكن دهمتهم سيارة الطاعن في حين أن ما سبقه من سيارات كانت عند مرورها تبتعد عن هذا المكان. وبأن هذه الأقوال تأيدت مما ثبت من معاينة محل الحادث من وجود الأعشاب والأقمشة القديمة وهي مشتعلة بالنار. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن أقوال شاهد النفي...... ما دامت لا تثق بما شهد به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقواله طالما أنها لم تستند إليها، ولأن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هذا الشاهد فأطرحتها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - متى كانت المحكمة قد خلصت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها أن قائد السيارة (الطاعن) لم يكن يقظاً ولم يتخذ الحيطة الكافية لمفاداة الحادث كما فعل من سبقه من قائدي السيارات ورتبت المحكمة على ذلك أنه كان يسير بسرعة غير عادية وإلا كان في مكنته التحكم في قيادة السيارة وإيقافها في الوقت المناسب مما أدى إلى اصطدامه بالمجني عليهم وإصابتهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة بعضهم نتيجة خطأ المتهم وعدم تبصره بما تتوافر به أركان المسئولية الجنائية في حقه من الخطأ والضرر ورابطة السببية بينهما.
3 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديد. ولا يقدح في ذلك ما نعاه الطاعن من عدم قيام الجهة الإدارية المختصة بتعين شرطي لتنظيم المرور في محل الحادث أو وضع مصابيح للإضاءة ليلاً لأنه بفرض قيام هذه المسئولية فإن هذا لا ينفي مسئولية الطاعن طالما أن الحكم قد أثبت قيامها في حقه.
5 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية ليست ملزمة عند إلغائها الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة، بأن تناقش أسباب هذا الحكم - ما دام حكمها مبنياً على أسباب تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً) تسبب خطأ في قتل كل من..... و...... و...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح والقرارات بأن قاد السيارة دون أن يتغير مساره فصدم المجني عليهم مما أودى بحياتهم على النحو الموضح بالأوراق. (ثانياً) تسبب خطأ في جرح...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح والقرارات بأن قاد السيارة دون أن يتغير مساره فصدم المجني عليه فحدثت إصابته الموصوفة بالأوراق. (ثالثاً) قاد السيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. (رابعاً) لم يهتم بأمر المصاب بقعوده عن إبلاغ أقرب رجل شرطة أو إسعاف بالحادث. وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1، 244/ 1 من قانون العقوبات و1، 3، 4، 67، 74، 81 من القانون رقم 66 لسنة 1973 واللائحة التنفيذية. ومحكمة جنح قسم مصر القديمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة العامة. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع أعمال المادة 32 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة شهور مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون ذلك بأن الحكم لم يعرض لما شهد به...... مراقب صيانة المجاري من أن موقع عمل المجني عليهم في الطريق بمكان الحادث لم يكن به فوانيس مضيئة للتحذير ولم يقف أحد الأفراد قبل مكانه لتنبيه السيارات القادمة عند اجتيازه، وعول الحكم في إدانة الطاعن على ما قاله بعض العمال من أنهم أشعلوا كمية من الأوراق والخرق لإضاءة الموقع رغم أنها سرعان ما خمدت بسبب الظروف الجوية، كما أنه لم يلتفت إلى أن عدم تعيين شرطي لتنظيم المرور ووضع مصابيح للإضاءة ينفي عن الطاعن ركن الخطأ المتسبب في الحادث الأمر الذي حدا بمحكمة أول درجة إلى تبرئة ساحته ولكن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إدانته دون أن يرد على أسباب الحكم المستأنف القاضي بتبرئته مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأقام على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الرؤية ومما ثبت بمعاينة الشرطة والتقارير الطبية، وهي ذات معين صحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت ركن الخطأ في جانب الطاعن أخذاً بشهادة العاملين...... و...... اللذين كانا يرافقان المجني عليهم من أنهم أثناء قيامهم بالعمل في بئر المجاري الكائن بالطريق العام محل الحادث وقد قاموا بإشعال النيران بالأوراق وقطع القماش القديمة كما وضعوا عربة اليد الخاصة بأدواتهم قبل محل الحادث وذلك لتنبيه قائدي السيارات العابرة إلى منطقة عملهم ولكن دهمتهم سيارة الطاعن في حين أن ما سبقه من سيارات كانت عند مرورها تبتعد عن هذا المكان. وبأن هذه الأقوال تأيدت بما ثبت من معاينة محل الحادث من وجود الأعشاب والأقمشة القديمة وهي مشتعلة بالنار. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن أقوال شاهد النفي...... ما دامت لا تثق بما شهد به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقواله طالما أنها لم تستند إليها، ولأن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هذا الشاهد فأطرحتها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد خلصت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها أن قائد السيارة (الطاعن) لم يكن يقظاً ولم يتخذ الحيطة الكافية لمفاداة الحادث كما فعل من سبقه من قائدي السيارات ورتبت المحكمة على ذلك أنه كان يسير بسرعة غير عادية وإلا كان في مكنته التحكم في قيادة السيارة وإيقافها في الوقت المناسب مما أدى إلى اصطدامه بالمجني عليهم وإصابتهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة بعضهم نتيجة خطأ المتهم وعدم تبصره بما تتوافر به أركان المسئولية الجنائية في حقه من الخطأ والضرر ورابطة السببية بينهما. لما كان ذلك وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليه ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديد. ولا يقدح في ذلك ما نعاه الطاعن من عدم قيام الجهة الإدارية المختصة بتعيين شرطي لتنظيم المرور في محل الحادث أو وضع مصابيح للإضاءة ليلاً لأنه بفرض قيام هذه المسئولية فإن هذا لا ينفي مسئولية الطاعن طالما أن الحكم قد أثبت قيامها في حقه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية ليست ملزمة عند إلغائها الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة، بأن تناقش أسباب هذا الحكم - ما دام حكمها مبنياً على أسباب تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً.