أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 317

جلسة 22 من مارس سنة 1984

برياسة المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ محمد يونس ثابت نائب رئيس المحكمة ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر.

(67)
الطعن رقم 1775 لسنة 53 القضائية

(1) خيانة أمانة. جريمة "أركانها". وديعة. دعوى مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
- في مادة خيانة الأمانة، لا عقاب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته. العقاب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه.
- مناط وقوع تلك الجريمة؟
(2) خيانة أمانة. وديعة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
- عدم استظهار الحكم المطعون فيه مدى توافر أركان عقد الوديعة وفق المادة 718 مدني وما بعدها وقيام المتهم بعمل من أعمال التملك على الشيء المودع لديه. قصور.
- حجب الخطأ القانوني المحكمة عن نظر موضوع الدعوى. وجوب أن يكون مع النقض الإحالة.
1 - من المقرر أن القانون في مادة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته، وإنما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه وأن المناط في وقوع تلك الجريمة هو ثبوت أن الجاني قد اختلس الشيء الذي سلم له ولم يستعمله في الأمر المعين الذي أراده المجني عليه بالتسليم.
2 - إذ كان الثابت أن الطاعن قد نفذ التزامه الذي حرر الشيك تأميناً له - وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه - فإن الحكم إذ لم يستظهر مدى توافر أركان عقد الوديعة وفقاً للمادة 718 وما بعدها من القانون المدني وإقدام المطعون ضده على عمل من أعمال التملك على الشيء المودع لديه وهو ما يرشح لقيام جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 سالفة الذكر. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية - ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن توفي الدعوى حقها من الناحية الموضوعية، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح العجوزة ضد المطعون ضده بوصف أنه بدد الشيك المبين بالأوراق الذي كان مؤتمناً عليه بأن سلمه لولده...... وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية.
استأنف المدعي بالحق المدني. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن....... والد المدعي بالحق المدني وبصفته وكيلاً عنه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر ببراءة المطعون ضده من التهمة المنسوبة إليه ورفض الدعوى المدنية واعتنق أسبابه قد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إلى أن الشيك لم يسلم للمطعون ضده بمقتضى عقد الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات مع أن التكييف القانوني الصحيح للعقد الذي استلم المطعون ضده الشيك بمقتضاه هو عقد وديعة وهو من عقود الأمانة - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "وحيث إن المدعي بالحق المدني قد حرك هذه الدعوى ضد المتهم طالباً معاقبته بالمادة 341 عقوبات مع إلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب والنفاذ لأنه....... بدد الشيك رقم 80090 بمبلغ 15000 جنيه الذي كان مؤتمناً عليه وسلمه إلى..... وشرح الدعوى قائلاً أنه بموجب إقرار تاريخه 29/ 8/ 1977 أقر المتهم صراحة أن الشيك آنف البيان هو أمانة عنده لا يصرف ولا يستعمل ولا يسلم للمستفيد إلا في حالة عدم تحصيل الاعتماد المستندي الذي يغطي خمسين طناً عباد شمس وكذلك إذا لم يتم فتح الاعتماد الثاني عن مائة طن عباد شمس مخطط المرتبط بهما مع...... وأنه رغم تمام فتح الاعتماد الثاني وتحصيل الاعتماد الأول, فإن المتهم قد سلم الشيك إلى نجله..... مقترفاً جريمة التبديد المعاقب عليها بالمادة 341 عقوبات خاصة بعد أن قام الأخير باستعمال هذا الشيك بتحريك دعواه مباشرة عنه أمام المحكمة وقدم المدعي المدني الإقرار سالف الذكر، والذي أقر بصحته الحاضر مع المتهم، وقد جاء بالإقرار ما نصه (بخصوص الشيك رقم 80090 بمبلغ 15000 أمانه عندي ولا يصرف إلا بحالة عدم تحصيل الاعتماد المستندي الذي يغطي 50 طن عباد شمس وكذلك إذا لم يتم فتح الاعتماد عن مائة طن عباد شمس مخطط المرتبط بها مع.......). وخلص الحكم في أسبابه إلى القضاء ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون في مادة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته، وإنما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه وأن المناط في وقوع تلك الجريمة هو ثبوت أن الجاني قد اختلس الشيء الذي سلم له ولم يستعمله في الأمر المعين الذي أراده المجني عليه بالتسليم لما كان ذلك، وكانت الوقائع كما حصلها الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - على النحو السالف بيانه حاصلها أن المطعون ضده التزم بالمحافظة على الشيك سالف الذكر ورده عيناً إلى الطاعن إذا هو نفذ التزاماته المنصوص عليها في هذا العقد. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن العقد الذي أودع الشيك بمقتضاه لدى المطعون ضده هو عقد غير مسمى قصد من تحريره تأمين بعض العمليات التجارية وما ينشأ عنها من التزامات ورتب على ذلك أنه لا يصدق عليه وصف عقد من عقود الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن قد نفذ التزامه الذي حرر الشيك تأميناً له - وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه - فإن الحكم إذ لم يستظهر مدى توافر أركان عقد الوديعة وفقاً للمادة 718 وما بعدها من القانون المدني وإقدام المطعون ضده على عمل من أعمال التملك على الشيء المودع لديه وهو ما يرشح لقيام جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 سالفة الذكر. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية - ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن توفي الدعوى حقها من الناحية الموضوعية، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.