أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 307

جلسة 28 من فبراير سنة 1980

برياسة السيد المستشار عثمان الزيني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار، ومحمد عبد الخالق النادي، وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس.

(59)
الطعن رقم 1978 لسنة 49 القضائية

(1) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "خبرة" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إدراك معاني إشارات المجني عليه الأصم الأبكم. موضوعي. عدم التزام المحكمة بالاستجابة إلى طلب تعيين وسيط ما دام المتهم لم يدع أن ما فهمته المحكمة يخالف ما أراده.
متى لا يكون طلب ندب وسيط بين المجني عليه الأصم الأبكم وبين المحكمة من الطلبات الهامة: إذا كان المقصود به مجرد التفاهم دون أن يتعلق بتحقيق دفاع هام من شأنه التأثير في نتيجة الفصل في الدعوى.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها. موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لإعادة الكشف على المجني عليه. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(3) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية. الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة.
(4) إثبات. "شهود".
التناقض في أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
(5) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي. المنازعة في أقوال الشهود. جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام النقض.
1 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المجني عليه قد شهد بالإشارة بما يفيد أن المتهم ضربه بسكين فإن إدراك المحكمة لمعاني الإشارات أمر موضوعي يرجع إليها وحدها فلا معقب عليها في ذلك. ولا تثريب إن هي رفضت تعيين خبير ينقل إليها معاني الإشارات التي وجهها المجني عليه لها طالما كان باستطاعة المحكمة أن تتبين بنفسها معنى هذه الإشارات، ولم يدع الطاعن في طعنه أن ما فهمته المحكمة مخالف لما أشار به الشاهد، وما دام هذا الطلب قد قصد به مجرد التفاهم بين المحكمة والشاهد دون أن يمتد إلى تحقيق دفاع معين يتصل بموضوع الدعوى ومن شأنه التأثير في نتيجة الفصل فيها فلا يعد من الطلبات الجوهرية التي تلتزم المحكمة بالرد عليها في حالة رفضها.
2 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لإعادة الكشف على المجني عليه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
3 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها.
4 - التناقض في أقوال الشهود - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: جرح...... عمداً بأن طعنه بآلة حادة (سكين) في رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الرأس. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه في جريمة عاهة قد شابه التناقض والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه عول فيما عول عليه من أدلة على ما ورد بإشارة المجني عليه الأصم الأبكم من أن الطاعن هو الذي اعتدى عليه بالضرب والتفتت المحكمة عن طلب الطاعن بالمذكرة المقدمة منه ندب خبير من معهد الصم والبكم لمناقشته ودون أن ترد على هذا الدفاع الجوهري كما أن تلك المذكرة تضمنت أيضاً طلباً بندب كبير الأطباء الشرعيين لإعادة الكشف على المجني عليه لبيان ما إذا كان قد تخلف لديه عاهة أم لا ولم تجبه المحكمة إلى هذا الطلب. وأورد بها كذلك دفاعاً مؤداه أن إصابة المجني عليه لا تحدث من سن السكين ولم يرد الحكم على هذا الدفاع. هذا وأن الحكم قد عول في الإدانة على أقوال كل من...... و...... و...... مع ما بينها من تناقض حول وقت وقوع الحادث وتواجد الشاهد....... بمكان الحادث. فضلاً عن أن ما ذكره هؤلاء الشهود من أنهم دخلوا المحل الذي وقع به الحادث وشاهدوا الاعتداء الواقع على المجني عليه من المتهم رغم أن والد المتهم كان يقف بباب المحل وبيده مسدس - يدعو إلى الشك في صحة أقوالهم كما وأن الحكم لم يحط بأقوال الشاهد.... إذ لم ينقل عنها الوقت الذي حدده الشاهد لوقوع الحادث، لما له من أثر في عدم إمكان الرؤية، هذا وأن ما ذكره الشاهد..... عن الباعث على ارتكاب الجريمة لا يتفق مع الحقيقة في الدعوى. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه طلب الاستعانة بخبير من معهد الصم والبكم ليكون وسيطاً بين المجني عليه والمحكمة لتفهم إشارات المذكور لدى سؤاله ومن ثم فإنه لا يصح للطاعن من بعد النعي على المحكمة أنها قعدت عن إجراء لم يطلبه منها. لما كان ذلك وبفرض أن الطاعن طلب بمذكرته ندب هذا الخبير - فإنه لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المجني عليه قد شهد بالإشارة بما يفيد أن المتهم ضربه بسكين فإن إدراك المحكمة لمعاني الإشارات أمر موضوعي يرجع إليها وحدها فلا معقب عليها في ذلك ولا تثريب إن هي رفضت تعيين خبير ينقل إليها معاني الإشارات التي وجهها المجني عليه لها طالما كان باستطاعة المحكمة أن تتبين بنفسها معنى هذه الإشارات ولم يدع الطاعن في طعنه أن ما فهمته المحكمة مخالف لما أشار به الشاهد، وما دام هذا الطلب قد قصد به مجرد التفاهم بين المحكمة والشاهد دون أن يمتد إلى تحقيق دفاع معين يتصل بموضوع الدعوى ومن شأنه التأثير في نتيجة الفصل فيها فلا يعد من الطلبات الجوهرية التي تلتزم المحكمة بالرد عليها في حالة رفضها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لإعادة الكشف على المجني عليه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها ولما كان ما يقرر الطاعن أنه أثاره بمذكرته من أن إصابة المجني عليه لا تحدث بطعنه بسن السكين لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه سكوته عن الرد صراحة على هذه الجزئية إذ أن في قضائه بإدانة الطاعن للأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرح ذلك الدفاع ولم ير فيه ما يغير من عقيدته التي خلص إليها. لما كان ذلك، وكان التناقض في أقوال الشهود - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في هذه الدعوى - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن حول القوة التدليلية لأقوال الشهود مردوداً بأن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.