أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 52 - صـ 547

جلسة 18 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ شكري العميري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن فكري، محسن فضلي، د. طه عبد المولى نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.

(113)
الطعن رقم 4678 لسنة 69 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص القيمي". حكم "عيوب التدليل: ما لا يعد خطأ".
اختصاص المحكمة الجزئية اعتباراً من 1/ 10/ 1992 - تاريخ العمل بالقانون 23 لسنة 1992 - بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها خمسة آلاف جنيه. استئناف الأحكام الصادرة فيها. انعقاد الاختصاص به للمحكمة الابتدائية. التزام المحاكم بأن تحيل دون رسوم ومن تلقاء نفسها الدعاوى التي أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى القانون المذكور وذلك بالحالة التي كانت عليها. الاستثناء. الدعاوى المحكوم فيها قطعياً والمؤجلة للنطق بالحكم. بقاؤها خاضعة لأحكام النصوص القديمة. مؤداه. الحكم قطعياً في الدعوى قبل تاريخ العمل بق 23 لسنة 1992. اندراجها ضمن الدعاوى المستثناة من حكم الإحالة. التزام الحكم المطعون فيه الصادر بعد هذا التاريخ هذا النظر وتصديه لموضوع الاستئناف. صحيح.
(2) نقض "بيان سبب الطعن" السبب المجهل".
سبب النعي. وجوب أن يكون واضحاً كاشفاً عن المقصود منه نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين من العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وأثره في قضائه. مؤداه. عدم بيان الطاعن كيفية مصادرة محكمة الموضوع حقه في الدفاع وماهية هذا الدفاع. نعي مجهل. غير مقبول.
(3) إثبات "قواعد الإثبات". نظام عام. نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
قواعد الإثبات ليست من النظام العام. عدم تمسك الخصم بها. مؤداه. اعتباره متنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4، 5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض". تعويض "تقدير التعويض". نقض "سلطة محكمة النقض". حكم "رقابة محكمة النقض". نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد، السبب الموضوعي".
(4) تقدير التعويض متى قامت أسبابه من سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض. شرطه. عدم وجود نص قانوني يلزمه باتباع معايير معينة وأن يكون تقديره سائغاً.
(5) تقديم المطعون ضده الأول بصفته مستندات عرفية تدليلاً على ثبوت الضرر وتقدير قيمته. عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الاحتجاج بها قبله. أثره. عدم جواز منازعته بشأنها لأول مرة أمام محكمة النقض. تعويل الحكم المطعون فيه عليها في قضاءه. لا عيب. النعي عليه في ذلك. جدل موضوعي، انحسار رقابة محكمة النقض عليه.
1 - النص في المادة الأولى من القانون 23 لسنة 1992 - والمعمول به اعتباراً من 1/ 10/ 1992 - على أن "تستبدل عبارة "خمسة آلاف جنيه" بعبارة "خمسمائة جنيه" وعبارة خمسمائة جنيه "بعبارة" خمسين جنيهاً أينما وردتا، أو أيهما، في المواد 41، 42، 43، 47.... من قانون المرافعات المدنية والتجارية..." وفي المادة 12 منه على أنه "على المحاكم أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون، وذلك بالحالة التي تكون عليها، وتكون الإحالة إلى جلسة تحددها المحكمة... ولا تسري أحكام الفقرتين السابقتين على الدعاوى المحكوم فيها قطعياً أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم" يدل على أن المشرع - اعتباراً من 1/ 10/ 1992 - قد جعل الاختصاص بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها خمسة آلاف جنيه معقوداً لمحكمة المواد الجزئية، وجعل الاختصاص بالحكم في قضايا الاستئناف عن الأحكام الصادرة في تلك الدعاوى للمحكمة الابتدائية، وأوجب على المحاكم أن تحيل بدون رسوم، ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون، وذلك بالحالة التي كانت عليها، واستثنى من حكم الإحالة الدعاوى المحكوم فيها قطعياً، والدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم فيها، إذ تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة، وذلك رعاية لحقوق ثبتت، ومصالح رآها جديرة بالاستثناء، ولحكمة قدرها، هي أن يكون أقرب إلى السداد والقصد أن لا تنزع الدعاوى التي حجزت للحكم من المحكمة التي أتمت تحقيقها، وسمعت المرافعة فيها، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الدعوى الماثلة قد حكم فيها قطعياً من المحكمة الابتدائية بتاريخ 24/ 2/ 1992 - قبل العمل بأحكام القانون رقم 23 لسنة 1992 - بما مؤداه اندراجها ضمن الدعاوى المستثناة من حكم الإحالة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه - الصادر بعد العمل بالقانون المشار إليه - هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجب في بيان سبب النعي أن يكون واضحاً كاشفاً عن المقصود منه، نافياً عنه الغموض والجهالة، بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وأثره في قضاءه، وكان الطاعن لم يبين في نعيه كيف صادرت محكمة الموضوع حقه في الدفاع، وماهية هذا الدفاع، وبما حجبت عنه الحق في الاطلاع وتقديم المذكرات، وساق نعيه في عبارات عامة غامضة لا تكشف عن المقصود منها، ولا تحديد فيها لما يعاب على الحكم، فإن النعي - بهذه المثابة - يكون مجهلاً، ومن ثم غير مقبول.
3 - قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - ليست من النظام العام، فإذا سكت عنها من يريد التمسك بها، عد ذلك تنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون، ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - تقدير التعويض - متى قامت أسبابه، ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه - من سلطة قاضي الموضوع، ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك، متى كان تقديره سائغاً.
5 - إذ كان الطاعن لم يسبق له التمسك بعدم جواز الاحتجاج قبله بالمستندات العرفية التي قدمها المطعون ضده الأول، تدليلاً على ثبوت الضرر وتقدير قيمته - والتي تمثلت في تكاليف إصلاح سيارته - ولم يمار الطاعن في دلالتها بشيء بما لا يقبل منه المنازعة بشأنها - لأول مرة - أمام هذه المحكمة بحسبانه سبباً جديداً ولا على الحكم المطعون فيه أن عول عليها في قضائه، بما يضحى النعي معه جدلاً موضوعياً مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويتعين لذلك عدم قبوله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم... لسنة.... مدني محكمة بنها الابتدائية "مأمورية قليوب" بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغ 1331.510 جنيهاً، تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية نجمت عن إتلاف سيارته بخطأ الطاعن حال قيادته للسيارة المملوكة للمطعون ضده الثاني، وقضى بإدانته بحكم جنائي بات وبتاريخ 24/ 2/ 1992 قضت المحكمة برفض الدعوى بحالتها استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق استئناف طنطا "مأمورية بنها" وبتاريخ 22/ 3/ 1993 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين أن يؤديا للمطعون ضده الأول المبلغ المطالب به. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، حاصل النعي بأولهما الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تحيل الدعوى - من تلقاء نفسها - إلى المحكمة الابتدائية - بهيئة استئنافية - التي أصبحت مختصة بنظر الاستئناف الذي يقل نصابه عن خمسة آلاف جنيه، عملاً بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات، إلا أنها تصدت لموضوع الاستئناف، بما يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون 23 لسنة 1992 - والمعمول به اعتباراً من 1/ 10/ 1992 - على أن "تستبدل عبارة "خمسة آلاف جنيه" بعبارة "خمسمائة جنيه" وعبارة خمسمائة جنيه "بعبارة" خمسين جنيهاً أينما وردتا، أو أيهما، في المواد 41، 42، 43، 47... من قانون المرافعات المدنية والتجارية..." وفي المادة 12 منه على أنه "على المحاكم أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون، وذلك بالحالة التي تكون عليها، وتكون الإحالة إلى جلسة تحددها المحكمة.... ولا تسري أحكام الفقرتين السابقتين على الدعاوى المحكوم فيها قطعياً أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم" يدل على أن المشرع - اعتباراً من 1/ 10/ 1992 - قد جعل الاختصاص بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها خمسة آلاف جنيه معقوداً لمحكمة المواد الجزئية، وجعل الاختصاص بالحكم في قضايا الاستئناف عن الأحكام الصادرة في تلك الدعاوى للمحكمة الابتدائية، وأوجب على المحاكم أن تحيل بدون رسوم، ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون، وذلك بالحالة التي كانت عليها، واستثنى من حكم الإحالة الدعاوى المحكوم فيها قطعياً، والدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم فيها، إذ تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة، وذلك رعاية لحقوق ثبتت، ومصالح رآها جديرة بالاستثناء، ولحكمة قدرها، هي أن يكون أقرب إلى السداد والقصد أن لا تنزع الدعاوى التي حجزت للحكم من المحكمة التي أتمت تحقيقها، وسمعت المرافعة فيها، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الدعوى الماثلة قد حكم فيها قطعياً من المحكمة الابتدائية بتاريخ 24/ 2/ 1992 - قبل العمل بأحكام القانون رقم 23 لسنة 1992 - بما مؤداه اندراجها ضمن الدعاوى المستثناة من حكم الإحالة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه - الصادر بعد العمل بالقانون المشار إليه - هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، وذلك من وجهين، حاصل أولهما أن محكمة الاستئناف لم تمكنه من إبداء دفاعه، ودفوعه وصادرت حقه في الاطلاع وتقديم المذكرات.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لما هو مقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجب في بيان سبب النعي أن يكون واضحاً كاشفاً عن المقصود منه، نافياً عنه الغموض والجهالة، بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وأثره في قضائه، وكان الطاعن لم يبين في نعيه كيف صادرت محكمة الموضوع حقه في الدفاع، وماهية هذا الدفاع، وبما حجبت عنه الحق في الاطلاع وتقديم المذكرات، وساق نعيه في عبارات عامة غامضة لا تكشف عن المقصود منها، ولا تحديد فيها لما يعاب على الحكم، فإن النعي - بهذه المثابة - يكون مجهلاً، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثاني، أن الحكم المطعون فيه عول في تقدير التعويض على ورقة عرفية اصطنعها المطعون ضده الأول دليلاً لنفسه، وجحدها الطاعن، وكان على محكمة الاستئناف - وقد خلا الحكم الجنائي من تقدير التعويض الجابر للضرر، وعجز مدعي الضرر عن إثباته - أن تحققه، إلا أنها لم تفعل، مما يعيب حكمها، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كانت قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، فإذا سكت عنها من يريد التمسك بها، عُدَّ ذلك تنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون، ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان تقدير التعويض - متى قامت أسبابه، ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه - من سلطة قاضي الموضوع، ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك، متى كان تقديره سائغاً، وكان الطاعن لم يسبق له التمسك بعدم جواز الاحتجاج قبله بالمستندات العرفية التي قدمها المطعون ضده الأول، تدليلاً على ثبوت الضرر وتقدير قيمته - والتي تمثلت في تكاليف إصلاح سيارته - ولم يمار الطاعن في دلالتها بشيء بما لا يقبل منه المنازعة بشأنها - لأول مرة - أمام هذه المحكمة بحسبانه سبباً جديداً ولا على الحكم المطعون فيه أن عول عليها في قضائه، بما يضحى النعي عليه جدلاً موضوعياً مما تنحسر عنه رقابة محكمة ويتعين لذلك عدم قبوله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.