أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 348

جلسة 27 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم نافع وحسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(75)
الطعن رقم 6280 لسنة 53 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. بيانات التسبب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.
(2) إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض بأقوال المجني عليه. متى لا يعيب الحكم؟.
مفاد اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليه؟
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(3) فاعل أصلي. سرقة. إكراه. سلاح. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها حمله مدية وتواجده مع آخرين على مسرحها. كفايته لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين.
(4) سلاح. ظروف مشددة. سرقة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره" "تطبيقه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط اعتبار السلاح ظرفاً مشدداً في السرقة؟
1 - إن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
2 - لما كان ما ينعاه الطاعن من وجود تناقض بأقوال المجني عليه لا يعيب بفرض صحته الحكم المطعون فيه إذ هو قد استخلص الإدانة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، لما كان ذلك وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
3 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها حمله مدية وتواجده مع آخرين على مسرح الجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها. فإن ما يثيره الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة - لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كانت العبرة في اعتبار السلاح ظرفاً مشدداً في السرقة ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد في الأصل للاعتداء على النفس عندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه في هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاً من الأسلحة التي تحدث الفتك إن لم تكن معدة له بحسب الأصل - كالسكين أو المطواة - وهو الأمر الذي خلصت إليه المحكمة في الدعوى الراهنة في حدود سلطتها ودللت عليه تدليلاً سائغاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن وفي شأن عدم استخدام سلاح ما في ارتكاب الحادث، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها محكمة الموضوع للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطتها في استخلاص تلك الصورة كما ارتسمت في وجدانها وهو ما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من..... و..... و..... بأنهم أولاً: سرقوا مبلغ النقود الموضح قدراً بالمحضر من..... بطريق الإكراه الواقع عليه وكان ذلك في الطريق العام بأن اعترضوا سبيله أثناء سيره وهم يحملون أسلحة "مدى" وصوب المتهم الثالث مديته نحوه وطلب منه إخراج ما معه من نقود فوقع الرعب في نفسه وشلت مقاومته وسلمه المبلغ النقدي سالف الذكر وتمكنوا بذلك من سرقته على النحو الموضح بالتحقيقات ثانياً: سرقوا مبلغ ستة عشر جنيهاً من..... بطريق الإكراه الواقع عليه وكان ذلك في الطريق العام بأن اعترضوا سبيله أثناء سيره في ذلك الطريق وهم يحملون أسلحة "مدى" وصوب الثالث مديته إلى بطنه وطلب منه إخراج ما معه من نقود وأمسكه المتهم الأول من عنقه وقام بوضع سيجارة مشتعلة في عينه فأحدث به الإصابات المبينة بالتحقيقات فوقع الرعب في نفسه وسلمهم المبلغ النقدي سالف الذكر وتمكنوا بذلك من سرقته على النحو الموضح بالأوراق. ثالثاً: المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً ابيض "مدية قرن غزال". وأحالت المتهمين لمحكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت عملاً بالمواد 314/ 1، 2، 315/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الثاني. أولاً: حضورياً بمعاقبة كلاً من........ و...... بالأشغال الشاقة سبع سنوات عما أسند إليهما ثانياً: غيابياً بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة سبع سنوات عما أسند إليه. ثالثاً: مصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة في الطريق العام بطريق الإكراه مع تعدد الجناة وحمل السلاح, فقد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتراه الخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة ولم يورد مؤدى أدلة الثبوت التي أخذ بها. والتفت عن دفاع الطاعن بشأن تناقض أقوال الشاهد الأول - وخلو الأوراق من دليل على اشتراك الطاعن في الجريمة - وعول على أقوال المجني عليه في حمل قضائه بالإدانة مع أنها لا تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها، هذا إلى أن الأوراق قد خلت مما يفيد أنه كان ملحوظاً في حمل السكين المضبوط ارتكاب السرقة خاصة وأنه لم يستخدم في ارتكاب الحادث أية أسلحة. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه في ليلة الحادث بينما كان المجني عليه...... يسير بشارع صلاح سالم عائداً إلى منزله اعترضه المتهمون الثلاثة ومن بينهم (الطاعن) وكانوا يحملون المدى وأشهر أحدهم وهو الثالث المدية في وجهه واستولى منه على نقوده ثم حاول سرقة ساعته ولكنه تخلص منه ولاذ بالفرار حيث عاد مع صهره....... إلى مكان الحادث - فشاهدوا المتهمين ممسكين بالمجني عليه الثاني...... وقد شهر أحدهم المدية في وجهه، وإذ أحس المتهمين بقدومهما فقد أسرعوا بالهرب بعد أن سلبوه نقوده. إلا أن المجني عليهما وآخرين قد تمكنوا من ضبط الأول وبيده مدية كما تم ضبط الثاني. وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما والشاهد..... في تحقيقات النيابة العامة ومن ضبط المطواة مع الأول. وهي أدلة سائغة ولها موردها من الأوراق بما لا يجادل فيه الطاعن, ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك - وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من وجود تناقض بأقوال المجني عليه لا يعيب - برفض صحته الحكم المطعون فيه إذ هو قد استخلص الإدانة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، لما كان ذلك وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك - وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها حمله مدية وتواجده مع آخرين على مسرح الجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها. فإن ما يثيره الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة - لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت العبرة في اعتبار السلاح ظرفاً مشدداً في السرقة ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد في الأصل للاعتداء على النفس عندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه في هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاً من الأسلحة التي تحدث الفتك إن لم تكن معدة له بحسب الأصل - كالسكين أو المطواة - وهو الأمر الذي خلصت إليه المحكمة في الدعوى الراهنة في حدود سلطتها ودللت عليه تدليلاً سائغاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن وفي شأن عدم استخدام سلاح ما في ارتكاب الحادث، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها محكمة الموضوع للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطتها في استخلاص تلك الصورة كما ارتسمت في وجدانها وهو ما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.