أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 353

جلسة 27 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم نافع وحسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(76)
الطعن رقم 6281 لسنة 53 القضائية

(1) محكمة الجنايات. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
عدم تقيد محكمة الجنايات في نظرها الدعاوى المعروضة عليها بالتاريخ المحدد لنهاية دور الانعقاد.
(2) حكم "بطلان الحكم". بطلان.
الخطأ المادي البحت. لا يبطل الحكم ولا ينال من سلامته.
العبرة في الأحكام بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
(3) قصد جنائي. قتل عمد. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع.
قصد القتل. ماهيته؟ استخلاصه. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". قتل عمد.
أقوال الشهود. من بين عناصر الدعوى.
(5) إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. قتل عمد.
الاستفزاز أو الغضب. لا تأثير لهما في إثبات توافر نية القتل أو نفيها.
(6) إثبات "شهادة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ضوابط الامتناع عن أداء الشهادة؟ م 286 أ ج، 67 من قانون الإثبات. مثال. في التنبيه إلى الحق في الامتناع عن الإدلاء بالشهادة.
(7) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(8) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف بالإكراه". اعتراف. إكراه.
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. البحث في صحة ما يدعيه المتهم من انتزاع الاعتراف منه بالإكراه. موضوعي.
1 - لمحكمة الجنايات أن توالي عملها في نظر الدعاوى المعروضة عليها في دور الانعقاد حتى تنتهي منها ولو جاوز ذلك التاريخ المحدد لنهايته.
2 - لما كان ما ورد بالحكم من صدوره يوم سماع المرافعة ومن ورود قرار المحكمة - بمحضر الجلسة - تالياً لعبارة "صدر الحكم الآتي"، لا يعدو كل منهما أن يكون خطأ مادياً بحتاً ليس من شأنه أن يبطل الحكم أو ينال من سلامته إذ أنه لا يغير عن حقيقة الواقع عن سماع الدعوى في جلسة سابقة ثم إصدار المحكمة قرارها بحجزها لإصدار الحكم فيها بالجلسة التي صدر فيها بالفعل وهو ما لم يجادل فيه الطاعن، وإذ كانت العبرة في الأحكام هي بالمعاني لا بالألفاظ والمباني وكان منطوق الحكم المطعون فيه واضحاً في غير لبس ولا غموض عما قصده من معاقبة الطاعن بالعقوبة الواردة به فلا يبطله من بعد ما يثيره الطاعن في شأن ما ورد في عباراته من تقديم أو تأخير ما دام أنه لا يدعي أن ذلك من شأنه إيقاع اللبس في تفهم ما قضت به المحكمة.
3 - لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - أقوال الشهود المطروحة على بساط البحث من بين عناصر الدعوى.
5 - لا تأثير للاستفزاز أو الغضب في إثبات توافر نية القتل أو نفيها.
6 - مؤدى نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا يمتنع عنه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها ولو كان من يشهد ضده قريباً أو زوجاً له وإنما أعفاه من أداء الشهادة إذا طلب ذلك، أما نص المادة 67 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشي بغير رضاء الآخر ما عساه أن يكون قد أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انقضائها إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر. ولما كان الحكم فيما خلص إليه لم يخرج عن هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً بما يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن بوجه الطعن من أن وكيل النيابة المحقق لم ينبه الشاهدة إلى حقها في الامتناع عن الإدلاء بشهادتها، ذلك أنه كان عليها، إن هي أرادت، أن تفصح عن رغبتها في استعمال هذه الرخصة التي خولها إياها القانون، أما وهي لم تفعل فإن شهادتها تكون صحيحة في القانون جائزاً الاستدلال بها.
7 - التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
8 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه للإكراه، وبعد أن أفصح عن أن باقي الأدلة القائمة في الدعوى تكفي وحدها - حتى بغير الاستناد إلى هذا الاعتراف - لإقناع المحكمة بثبوت الاتهام قبل الطاعن، تصدى لهذا الدفع وأطرحه بأسباب سائغة تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها وبما لا تناقض فيه وإذ كان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها - كالشأن في الطعن المطروح - على أسباب سائغة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مجدياً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل عمداً...... بأن أطلق عليه ثلاثة أعيرة نارية من مسدس كان يحمله قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس" بغير ترخيص. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد 234/ 1 من قانون العقوبات و1/ 1، 26/ 2، 42، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليه ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص، فقد انطوى على البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والتناقض, ذلك بأنه صدر الحكم في جلسة حددت بعد انتهاء الدور المقرر للدائرة، وأثبت بديباجته - على خلاف الواقع - أنه صدر بذات الجلسة التي سمعت فيها المرافعة كما وصفت المحكمة قرارها بحجز الدعوى للحكم بأنه حكم فضلاً عن أن صياغة المنطوق قد خرجت عن المألوف بأن اختتم بعبارة "عما أسند إليه" في نهايته في حين أن الموضع التقليدي لهذه العبارة يجب أن يكون تالياً مباشرة للعقوبة المقيدة للحرية المقضى بها وسابقاً على العقوبات التبعية. وقد دلل الحكم على توافر نية القتل في حق الطاعن بما لا يكفي لإثباتها في الظروف التي وقع بها الحادث الذي أعقب مباشرة مشادة بين الطاعن والمجني عليه كما تساند في التدليل على توافر هذه النية إلى أقوال الشهود رغم أنها من مكونات نفس الجاني التي لا تصلح شهادة الشهود في الاستدلال على توافرها. وقد عول الحكم - ضمن ما عول عليه - على أقوال زوجته على الرغم من مخالفة ذلك لأحكام القانون وبطلان أقوالها بالتحقيقات، إذ لم ينبهها وكيل النيابة المحقق إلى حقها في الامتناع عن الإدلاء بشهادتها هذا إلى أن الحكم بعد أن أطرح الدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه للإكراه بقالة إنه لم يعول عليه في قضائه إذا به يعود في موضع آخر ويتصدى لهذا الدفع مفصحاً عن اطمئنان المحكمة لسلامة الاعتراف. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ولم يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح بالأوراق. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الجنايات أن توالي عملها في نظر الدعاوى المعروضة عليها في دور الانعقاد حتى تنتهي منها ولو جاوز ذلك التاريخ المحدد لنهايته، ومن ثم فإن المحكمة إذ واصلت نظر الدعوى موضوع الطعن الماثل - حتى أصدرت حكمها المطعون فيه، فإن منعى الطاعن بالبطلان في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما ورد بالحكم من صدوره يوم سماع المرافعة ومن ورود قرار المحكمة - بمحضر الجلسة - تالياً لعبارة "صدر الحكم الآتي"، لا يعدو كل منهما أن يكون خطأ مادياً بحتاً ليس من شأنه أن يبطل الحكم أو ينال من سلامته إذ أنه لا يغير من حقيقة الواقع عن سماع الدعوى في جلسة سابقة ثم إصدار المحكمة قرارها بحجزها لإصدار الحكم فيها بالجلسة التي صدر فيها بالفعل وهو ما لم يجادل فيه الطاعن، وإذ كانت العبرة في الأحكام هي بالمعاني لا بالألفاظ والمباني وكان منطوق الحكم المطعون فيه واضحاً في غير لبس ولا غموض عما قصده من معاقبة الطاعن بالعقوبة الواردة به فلا يبطله من بعد ما يثيره الطاعن في شأن ما ورد في عباراته من تقديم أو تأخير ما دام أنه لا يدعي أن ذلك من شأنه إيقاع اللبس في تفهم ما قضت به المحكمة. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما تقدم يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كانت أقوال الشهود المطروحة على بساط البحث من بين عناصر الدعوى وكان لا تأثير للاستفزاز أو الغضب في إثبات توافر نية القتل أو نفيها. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل في حق الطاعن - مما أوضحه من الظروف والملابسات وما استقاه من عناصر الدعوى - كافياً وسائغاً في استظهار قيامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان شهادة زوجته ضده في قوله: "ومن حيث إنه لا عبرة أيضاً بما جاء بدفاع وكيل المتهم -" "الطاعن - بشأن بطلان شهادة أقاربه وزوجته ضده إذ أن مقتضى" "نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا تمتنع" "عليه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها ولو كان من شهد ضده قريباً أو زوجاً له وإنما يعفى فقط من أداء الشهادة إذا أراد ذلك وطلبه وهو ما لم يحصل في خصوصية هذه الدعوى. كما أن مفاد المادة 67 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بشأن الإثبات أن يمنع أحد الزوجين أن يفشي بغير رضاء الآخر ما عساه يكون أبلغه به أثناء الزوجية - والثابت في هذه الدعوى أن المعلومات التي أدلت بها زوجة المتهم لم تبلغ إليها عن طريقه بل أنها شهدت بما وقع عليه بصرها واتصل بسمعها فإن شهادتها تكون بمنأى عن أي بطلان." وإذ كان الطاعن لا يجادل في صحة ما أورده الحكم خاصاً بمصدر المعلومات التي أدلت بها زوجة الطاعن وكان مؤدى نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا يمتنع عنه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها ولو كان من يشهد ضده قريباً أو زوجاً له وإنما أعفاه من أداء الشهادة إذا طلب ذلك، أما نص المادة 67 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشي بغير رضاء الآخر ما عساه يكون قد أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انقضائها إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر. ولما كان الحكم فيما خلص إليه لم يخرج عن هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً بما يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن بوجه الطعن من أن وكيل النيابة المحقق لم ينبه الشاهدة إلى حقها في الامتناع عن الإدلاء بشهادتها، ذلك أنه كان عليها، إن هي أرادت، أن تفصح عن رغبتها في استعمال هذه الرخصة التي خولها إياها القانون، أما وهي لم تفعل فإن شهادتها تكون صحيحة في القانون جائزاً الاستدلال بها. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه للإكراه، وبعد أن أفصح عن أن باقي الأدلة القائمة في الدعوى تكفي وحدها - حتى بغير الاستناد إلى الاعتراف - لإقناع المحكمة بثبوت الاتهام قبل الطاعن، تصدى لهذا الدفع وأطرحه بأسباب سائغة تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها وبما لا تناقض فيه وإذ كان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها - كالشأن في الطعن المطروح - على أسباب سائغة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مجدياً. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.