أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 52 - صـ 602

جلسة 26 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، ماجد قطب، سمير فايزي نواب رئيس المحكمة وحسني عبد اللطيف.

(124)
الطعن رقم 1620 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال".
فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "إثبات عقد الإيجار". إثبات "طرق الإثبات". نظام عام. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(2) إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد. جوازه للمستأجر بكافة طرق الإثبات. شرطه. عدم وجود عقد مكتوب أو انطواء هذا العقد على شروط مخالفة للنظام العام وأن يتمسك المستأجر بذلك صراحة. م 24 ق 49 لسنة 1977. عدم كفاية الشهادة الصادرة من الشهر العقاري لإثبات العلاقة الإيجارية في مواجهة المؤجر.
(3) إثبات العلاقة الإيجارية من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.
2 - النص في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع قد فرض على المؤجر التزاماً بتحرير عقد إيجار يثبت فيه بيانات معينة حماية للمستأجر وأنه نظراً للأهمية البالغة التي علقها المشرع على فرض هذا الالتزام فقد أباح للمستأجر عند المخالفة إثبات العلاقة الإيجارية بكافة طرق الإثبات عندما لا يكون هناك عقد مكتوب أو أن تنطوي شروط التعاقد المكتوب على تحايل على القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام بشرط أن يتمسك المستأجر بذلك بطلب صريح جازم، وأن الشهادة الصادرة من الشهر العقاري من واقع دفتر إثبات تاريخ المحررات بمضمون العلاقة الإيجارية بين طرفي الخصومة لا تكفي بذاتها لإثبات العلاقة الإيجارية في مواجهة المؤجر - الذي يُنكر قيام هذه العلاقة - لعدم التوقيع عليها منه.
3 - إثبات العلاقة الإيجارية من المسائل الموضوعية التي تخضع لمطلق سلطان محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والمطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها الدعوى رقم.... لسنة 1993 أمام محكمة قنا الابتدائية بطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين مورثهم المرحوم...... عن المحل الموضح بالصحيفة لقاء أجرة شهرية قدرها 25 جنيه وقال بيان ذلك أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1987 استأجر من مورثهم المحل موضوع النزاع وثابت التاريخ بالشهر العقاري برقم.... بتاريخ 15/ 3/ 1992 ولفقد هذا العقد بتاريخ 21/ 10/ 1992 طلب من الورثة - الطاعنين والمطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها - تحرير عقد إيجار آخر وإذ رفضوا تحرير العقد واستلام الأجرة فقد أقام الدعوى، حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة 13 ق استئناف قنا، وبتاريخ 6/ 12/ 1994 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات العلاقة الإيجارية بين المطعون ضده الأول ومورث الطاعنين عن المحل الموضح بالصحيفة لقاء أجرة شهرية قدرها 25 جنيه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بانتفاء قيام علاقة إيجارية بين المطعون ضده الأول وبين مورثهم عن محل النزاع إلا أن الحكم قضى بثبوت هذه العلاقة على ما استخلصه من الشهادة الصادرة من الشهر العقاري عن واقعة إثبات تاريخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1987 وإبلاغه بفقد هذا العقد رغم أن تلك الواقعة لا تفيد بذاتها وجود علاقة إيجارية لأن المطعون ضده الأول هو الذي قدم عقد الإيجار لإثبات تاريخه دون مشاركة من الطاعنين أو مورثهم وأن الشهر العقاري لا يتحقق من صحة المحرر أو صدوره من أطرافه، كما أن مجرد الإبلاغ بفقد عقد الإيجار لا يُعد بذاته دليلاً على وجوده وصحته مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوى على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها، وأن النص في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أنه "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تُبرم عقود الإيجار كتابة ويجوز إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائن بدائرتها العين المؤجرة ويجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات" يدل على أن المشرع قد فرض على المؤجر التزاماً بتحرير عقد إيجار يثبت فيه بيانات معينة حماية للمستأجر وأنه نظراً للأهمية البالغة التي علقها المشرع على فرض هذا الالتزام فقد أباح للمستأجر عند المخالفة إثبات العلاقة الإيجارية بكافة طرق الإثبات عند ما لا يكون هناك عقد مكتوب أو أن تنطوي شروط التعاقد المكتوب على تحايل على القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام بشرط أن يتمسك المستأجر بذلك بطلب صريح جازم، وأن الشهادة الصادر من الشهر العقاري من واقع دفتر إثبات تاريخ المحررات بمضمون العلاقة الإيجارية بين طرفي الخصومة لا تكفي بذاتها لإثبات العلاقة الإيجارية في مواجهة المؤجر - الذي ينكر قيام هذه العلاقة - لعدم التوقيع عليها منه، وكان إثبات العلاقة الإيجارية من المسائل الموضوعية التي تخضع لمطلق سلطان محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإثبات العلاقة الإيجارية عن العين محل النزاع مقابل أجرة شهرية مقدراها 25 جنيه مستدلاً على ذلك بالشهادة الصادرة من الشهر العقاري من واقع دفتر إثبات تاريخ المحررات العرفية بمضمون عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1987 بين طرفي النزاع وبمذكرة الشرطة بالإبلاغ عن فقد هذا العقد رغم أنهما لا يدلان على ذلك ولا يكفيان بذاتهما لإثبات علاقة الإيجار في جانب المؤجر الذي أنكر ورثته - الطاعنون - قيام هذه العلاقة مع مورثهم فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه.