أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 360

جلسة 27 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك.. نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم نافع وحسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(77)
الطعن رقم 6886 لسنة 53 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "تطبيقه". جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". اشتباه. صحيفة الحالة الجنائية. استدلالات. تشرد.
الاشتباه. حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام.
أساس محاسبة وعقاب المتصف به؟
الاشتهار والسوابق. قسيمان في إبراز حالة الاشتباه. متعادلان في إثبات وجودها. المادة الخامسة. مرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945.
الاتجاه الخطر. منشأ الاشتباه.
السوابق. تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار. جواز الاعتماد على الاتهامات المذكورة. شرط ذلك؟.
(2) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اشتباه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تشرد.
إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه بثبوت التهمة قبل الطاعن على ما شهد به رجال الشرطة من أنه اشتهر عنه الاتجار في المواد المخدرة. ومن سبق اتهامه في ثلاث قضايا من هذا القبيل. كفايته لثبوت الجريمة.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود" "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اشتباه. تشرد.
الأدلة في المواد الجنائية. إقناعية: للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. شرط ذلك؟
الجدل في تقدير الأدلة واستنباط المحكمة لمعتقدها. موضوعي. مثال في نعي بشأن إطراح تقرير البحث الاجتماعي.
1 - مفاد نص المادة الخامسة من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس به من الخارج ولا هو واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود، وإنما افترض الشارع لهذا الوصف كون الخطر في شخص المتصف به ورتب عليه محاسبته وعقابه. كما تفيد المادة أيضاً أن الاشتهار والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة متعادلان في إثبات وجودها وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو منشأ الاشتباه وإنما تكشف عن وجوده وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الاتهامات المتكررة التي توجه إلى المتهم، ولو لم تصدر بشأنها أحكام ضده متى كانت قريبة البون نسبياً وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لاقتناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه بثبوت التهمة قبل الطاعن على ما شهد به رجال الشرطة من أنه اشتهر عنه الاتجار في المواد المخدرة بمحافظة القاهرة والجيزة ومن سبق اتهامه في ثلاث قضايا من هذا القبيل في الفترة من سنة 1974 إلى سنة 1980 فإن في هذا ما يكفي لثبوت جريمة الاشتباه في حق الطاعن كما هي معرفة في القانون ويكون منعاه على الحكم بخطئه في القانون إذ قضى بالإدانة رغم عدم وجود سوابق له قائماً على غير أساس.
3 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أقوال الشهود من رجال الأمن والاتهامات المسندة إلى الطاعن وأطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بتقرير البحث الاجتماعي من أنه يعمل بالتجارة وأنه ذو دخل مناسب منها والذي أراد به الطاعن التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عد مشتبهاً فيه إذا اشتهر عنه لأسباب مقبولة أنه اعتاد ارتكاب جرائم الاتجار في المواد المخدرة.. وطلبت عقابه بالمواد 4/ 5، 6/ أ، 8، 9، 16 من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 المعدل بالقانون 15 لسنة 1957، 110 لسنة 1980. ومحكمة جنح جرائم الاشتباه بالجيزة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بإيداع المتهم إحدى مؤسسات العمل التي تحدد بقرار من وزير الداخلية لمدة سنة ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين في المكان الذي يحدده وزير الداخلية تبدأ عنه إمكان التنفيذ عليه. فاستأنف. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بإيداع المتهم إحدى مؤسسات العمل لمدة سنة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة "الاشتباه" فقد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال ذلك بأنه - حسبما تفيد المستندات المقدمة منه - لم يسبق الحكم عليه في الاتهامات التي أسندت إليه وقد عول الحكم في حمل قضائه بالإدانة على شهادة رجال الضبط بأنه من تجار المواد المخدرة رغم ما حواه تقرير البحث الاجتماعي من أن له وسيلة مشروعة للتعيش مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى أفصح عن أسباب الإدانة في قوله - "وتقوم الشهرة مقام السوابق في الاشتباه إنما ينبغي أن يبنى على أسباب مقبولة وشهادات يستريح إليها ضمير القاضي سواء كانت صادرة عن رجال الحفظ أم عن غيرهم ولا تكفي أقوال هؤلاء ولا أولئك إذا لم تكن معززة ببيان أسانيدها من وقائع محددة واتهامات واضحة وشهادات لها ما يؤديها. والشهرة قد تعززها مجرد الاتهامات التي وجهت إلى المتهم في قضايا معينة إذا انتهت ببراءته لعدم كفاية الأدلة - أو البطلان في إجراءات الحصول عليها. وحيث إن الثابت من أقوال رجال الحفظ أن المتهم من كبار تجار المواد المخدرة وامتد نشاطه من محافظة القاهرة إلى الجيزة وقد بدأ نشاطه منذ سنة 1947 وحتى الآن وليس له وسيلة مشروعة للتعيش سوى الاتجار في المواد المخدرة وقد تأيد ذلك بما ثبت من سبق اتهام المتهم في القضايا أرقام: 25 سنة 1974.... 12 سنة 1979.. و.... 1701 سنة 1980 مخدرات العجوزة حيث تقرر حفظ الأولى وقضي بالبراءة في كل من الثانية والثالثة فضلاً عما ثبت من سبق الحكم عليه في قضايا سابقة ورد بيانها بصحيفة سوابقه. وحيث إنه يكفي لتوافر حالة الاشتباه ما شهد به الشهود من سوء سيره وقد عززت باتهامات وواقع محددة مما ترى معه المحكمة معاقبة المتهم". وحيث إن مفاد المادة الخامسة من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم أن الاشتباه حالة تقوم في نفس خطرة قابلة للإجرام، وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلاً يحس به من الخارج ولا هو واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود، وإنما افترض الشارع لهذا الوصف كون الخطر في شخص المتصف به ورتب عليه محاسبته وعقابه. كما تفيد المادة أيضاً أن الاشتهار والسوابق قسيمان في إبراز هذه الحالة الواحدة متعادلان في إثبات وجودها وأن السوابق لا تنشئ بذاتها الاتجاه الخطر الذي هو منشأ الاشتباه وإنما تكشف عن وجوده، وتدل عليه أسوة بالاشتهار، ومن ثم جاز الاعتماد على الاتهامات المتكررة التي توجه إلى المتهم، ولو لم تصدر بشأنها أحكام ضده متى كانت قريبة البون نسبياً وكانت من الجسامة أو الخطورة بما يكفي لاقتناع القاضي بأن صاحبها خطر يجب التحرز منه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - حسبما سلف بيانه - قد أقام قضاءه بثبوت التهمة قبل الطاعن على ما شهد به رجال الشرطة من أنه اشتهر عنه الاتجار في المواد المخدرة بمحافظة القاهرة والجيزة ومن سبق اتهامه في ثلاث قضايا من هذا القبيل في الفترة من سنة 1974 إلى سنة 1980 فإن في هذا ما يكفي لثبوت جريمة الاشتباه في حق الطاعن كما هي معرفة في القانون ويكون منعاه على الحكم بخطئه في القانون إذ قضى بالإدانة رغم عدم وجود سوابق له قائماً على غير أساس. لما كان ذلك وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود متى اقتنعت بها وأن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أقوال الشهود من رجال الأمن والاتهامات المسندة إلى الطاعن وأطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بتقرير البحث الاجتماعي من أنه يعمل بالتجارة وأنه ذو دخل مناسب منها والذي أراد به الطاعن التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي عولت عليها المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.... لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.