أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 52 - صـ 614

جلسة 30 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ خالد يحيى دراز نائب رئيس المحكمة. أحمد إبراهيم سليمان، بليغ كمال ومجدي زين العابدين.

(127)
الطعن رقم 1193 لسنة 69 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. أن يكون للمختصم مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "المنشآت الآيلة للسقوط. الطعن على قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط". اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية: من اختصاص المحاكم العادية".
الخصومة بين ملاك العقارات وشاغليها بشأن ترميم العقار أو هدمه مدنية بطبيعتها تتحدد فيها المراكز القانونية والحقوق الناشئة عن عقود الإيجار. لا يغير منه. اختصاص الجهة الإدارية بإصدار قرارات الهدم الكلي أو الصيانة. أثره. ولاية المحاكم الابتدائية دون المحاكم الإدارية بالفصل في الطعن على قرار الجهة الإدارية. اتساع صلاحياتها لتعديل هذا القرار. المادتان 18، 59 ق 49 لسنة 1977.
(3) التزام "نطاق الالتزام: المصلحة المشروعة". قانون. قرار إداري. دفع "لمصلحة". دفاع.
المصلحة المشروعة. غاية كافة الحقوق والأعمال القانونية والقضائية. مالا يحقق هذه المصلحة غير جدير بالحماية.
(4) ملكية "نطاق حق الملكية".
حق الملكية. مقتضاه. لمالك العقار وحده السلطة التامة في تقدير صيانته أو هدمه ولا يجوز التقييد من هذه السلطة إلا لسبب مشروع وغاية مشروعة.
(5) إيجار "إيجار الأماكن" "حقوق والتزامات طرفي عقد الإيجار: حق المالك في هدم الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى بقصد إعادة بنائها". ملكية "نطاق حق الملكية: حق مالك الأماكن غير المؤجرة في تقدير صيانته أو هدمه".
المباني المؤجرة للسكنى والمؤجرة لغير السكنى. ق 49 لسنة 1977. لملاك المباني الأخيرة دون الأولى الحق في هدمها ولو كانت سليمة لإعادة بنائها بشكل أوسع إما بالتراضي مع المستأجر أو بتوفير البديل. مؤداه. حق مالك المبنى غير المؤجر الصادر قرار بترميمه في اختيار هدمه إذا اتجهت مصلحته إلى إزالة العقار.
(6) إيجار "إيجار الأماكن" "المنشات الآيلة للسقوط والترميم والصيانة: الطعن على قرار لجنة المنشات الآيلة للسقوط" حكم "تسبيبه: عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
تمسك الطاعنين بانتفاء المصلحة من ترميم العقار عين النزاع لأنه لم يعد محلاً لعلاقة إجارة بعد أن فسخ مستأجراه عقديهما وأصبح العقار خالياً من السكان وأن مصلحتهم تقتضي إزالة العقار حتى سطح الأرض. إطراح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضاءه بتأييد إلزام الطاعنين بالقرار الصادر بالترميم تأسيساً على إنه يكفي لصحة إلزامهم بالترميم أن يكون الترميم ممكناً من الناحية الهندسية. خطأ.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يلزم فيمن يختصم في الطعن أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأخير لم ينازع الطاعنين، إذ تنازل لهم - أمام محكمة أول درجة - عن عقد إيجار الشقة المؤجرة له بعقار النزاع فانتقت بذلك مصلحته في الدفاع عن الحكم المطعون فيه ويضحى اختصامه في الطعن غير مقبول.
2 - مفاد النصوص الواردة في الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 بشأن المنشات الآيلة للسقوط والترميم والصيانة في ضوء سائر نصوص قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أن المشرع قدر بأن المنازعات التي قد تنشأ بين ملاك العقارات وشاغليها بشأن ترميم العقار أو هدمه هي خصومات مدنية بحسب طبيعتها وأصلها وأن من شأن الحكم الصادر فيها أن يحدد المراكز القانونية والحقوق الناشئة عن عقود الإيجار من حيث بقاء العين محل عقد الإيجار أو هلاكها أو تعديلها أو صيانتها وكل ذلك يؤثر على بقاء العلاقة الإيجارية ومقدار الالتزامات المتبادلة الناشئة عنها وهذه جميعاً مسائل بحتة، وإن لابسها عنصر إداري شكلي نشأ من أن المشرع قد عهد إلى الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم بمهمة إصدار القرار بالهدم الكلي أو الجزئي أو الترميم أو الصيانة بحسبانها الجهة الأقرب مكاناً إلى هذه المباني ولديها الإمكانات المادية والفنية التي يتيسر لها الفصل على وجه السرعة في هذه المنازعات ولقد حرص المشرع على أن يؤكد على الحقيقة المدنية للنزاع فالتفت عن المظهر الإداري لقرار الهدم أو الترميم وأسند في المادة 59 من القانون 49 لسنة 1977 مهمة الفصل في الطعن على قرارات الجهة الإدارية إلى المحاكم الابتدائية دون محاكم مجلس الدولة كما أبقى للمحاكم الابتدائية ولايتها القضائية كاملة فجعل من صلاحيتها تعديل قرار الجهة الإدارية وهي صلاحيات لا تعرفها المحاكم الإدارية التي تقف عند حد رقابة المشروعية دون أن يكون لها سلطة التقرير أو الحلول محل الإدارة.
3 - من المسلم به أن هدف كل القواعد القانونية هو حماية المصالح المشروعة سواء كانت مصالح عامة أو مصالح فردية بحيث يستحيل تطبيق النصوص التشريعية أو حتى فهمها أو تفسيرها دون معرفة المصلحة التي تحميها، وبات من المستقر أنه يشترط لصحة أي قرار إداري أو عقد أو التزام إرادي يكون له سبباً مشروعاًًً وأن يستهدف تحقيق غاية مشروعة ولذلك نصت المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبها فيه مصلحة قائمة يقرها القانون" فدل النص بعبارته الصريحة على أن القضاء لم يشرع أصلاً إلا لحماية مصالح المحتكمين إليه طلباً أو دفعاً بترجيح إحدى المصلحتين على الأخرى وأن كل ما لا يحقق مصلحة قائمة يقرها القانون غير جدير بالحماية القضائية، وكذلك نصت المادة الخامسة من القانون المدني على أن "استعمال الحقوق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير أو كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية أو غير مشروعة" فدلت بعبارة صريحة أن الحقوق نفسها قد شرعت لتحقيق مصالح إن تنكبتها بات استعمال الحق غير مشروع.
4 - مقتضى حق الملكية أن يكون لمالك العقار وحده السلطة التامة في تقدير صيانته أو هدمه ولا يجوز الانتقاص من سلطة المالك إلا لسبب مشروع وغاية مشروعة.
5 - تدخل المشرع وسلب ملاك العقارات سلطتهم في تحديد مدة الإيجار ومقدار الأجرة فانتقص ذلك من حرصهم على صيانة أملاكهم فعالج المشرع ذلك الوضع اعتباراً من القانون 52 لسنة 1969 رعاية لحقوق المستأجرين المتعلقة بهذه العقارات وأكد المشرع هذا النهج في القانون 49 سنة 1977 الذي يحكم النزاع مميزاً بين المباني المؤجرة للسكنى والمباني المؤجرة لغير السكنى فأباح لملاك لمباني الأخيرة الحق في هدمها - ولو كانت سليمة - لإعادة بنائها بشكل أوسع إما بالتراضي مع المستأجرين أو بتوفير البديل المنصوص عليه في المادة 49 منه وما بعدها فإذا كان من سلطة مالك المبنى أن يهدم مبناه المؤجر لغير السكنى باتفاقه مع المستأجرين فإن لازم ذلك من باب أولى أن يكون لمالك المبنى غير المؤجر أن يختار هدمه إذا صدر قرار بترميمه ورأى أن مصلحته تكون في إزالة العقار.
6 - إذ كان الثابت في الأوراق أنه لا خلاف على أن حالة العقار المكون من ثلاث طوابق تستوجب إزالة الطابق الأعلى تخفيفاً للأحمال واستبدال أجزاء من أسقف الطابقين الآخرين وتدعيم أساساته والشروخ في حوائطه وإصلاح صرفه، وكان العقار قد أصبح خالياً بعد أن تصالح مستأجراه على إخلائه وتمسك الطاعنون بانتفاء المصلحة من تنفيذ قرار الترميم وأنه لم يعد يستند إلى سبب صحيح أو يحقق غاية مشروعة وأن مصلحتهم تقتضي إزالة العقار حتى سطح الأرض فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعهم وأقام قضاءه على مجرد القول بأنه يكفي لصحة إلزامهم بالترميم أن يكون ممكناً من الناحية الهندسية فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى.... لسنة.... مساكن الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدهم وآخر بطلب الحكم بتعديل القرار 691 لسنة 1992 الصادر بإزالة الدور الأخير وترميم باقي العقار المبين بالأوراق إلى هدم العقار حتى سطح الأرض لعدم جدوى الترميم ومحكمة أول درجة وبعد أن ندبت لجنة من الخبراء حكمت بتعديل القرار بإخلاء بعض السكان مؤقتاً وتأييده فيما عدا ذلك. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف... لسنة.... ق الإسكندرية. وبتاريخ 13/ 3/ 1999 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأخير لرفعه على غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه يلزم فيمن يختصم في الطعن أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأخير لم ينازع الطاعنين، إذ تنازل لهم - أمام محكمة أول درجة - عن عقد إيجار الشقة المؤجرة له بعقار النزاع فانتقت بذلك مصلحته في الدفاع عن الحكم المطعون فيه ويضحى اختصامه في الطعن غير مقبول.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بانتفاء المصلحة من ترميم العقار موضوع النزاع إذ أنه لم يعد محلاً لعلاقة إجارة بعد فسخ مستأجراه عقديهما وأصبح العقار خالياً من السكان فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أنه يكفي لصحة القرار الصادر بالترميم أن يكون الترميم ممكناً من الناحية الهندسية وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد النصوص الواردة في الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 بشأن المنشات الآيلة للسقوط والترميم والصيانة في ضوء سائر نصوص قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أن المشرع قدر بأن المنازعات التي قد تنشأ بين ملاك العقارات وشاغليها بشأن ترميم العقار أو هدمه هي خصومات مدنية بحسب طبيعتها وأصلها وأن من شأن الحكم الصادر فيها أن يحدد المراكز القانونية والحقوق الناشئة عن عقود الإيجار من حيث بقاء العين محل عقد الإيجار أو هلاكها أو تعديلها أو صيانتها وكل ذلك يؤثر على بقاء العلاقة الإيجارية ومقدار الالتزامات المتبادلة الناشئة عنها وهذه جميعاً مسائل بحتة، وإن لابسها عنصر إداري شكلي نشأ من أن المشرع قد عهد إلى الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم بمهمة إصدار القرار بالهدم الكلي أو الجزئي أو الترميم أو الصيانة بحسبانها الجهة الأقرب مكاناً إلى هذه المباني ولديها الإمكانات المادية والفنية التي يتيسر لها الفصل على وجه السرعة في هذه المنازعات ولقد حرص المشرع على أن يؤكد على الحقيقة المدنية للنزاع فالتفت عن المظهر الإداري لقرار الهدم أو الترميم وأسند في المادة 59 من القانون 1977 مهمة الفصل في الطعن على قرارات الجهة الإدارية إلى المحاكم الابتدائية دون محاكم مجلس الدولة كما أبقى للمحاكم الابتدائية ولايتها القضائية كاملة فجعل من صلاحيتها تعديل قرار الجهة الإدارية وهي صلاحيات لا تعرفها المحاكم الإدارية التي تقف عند حد رقابة المشروعية دون أن يكون لها سلطة التقرير أو الحلول محل الإدارة، وكان من المسلم به أن هدف كل القواعد القانونية هو حماية المصالح المشروعة سواء كانت مصالح عامة أو مصالح فردية بحيث يستحيل تطبيق النصوص التشريعية أو حتى فهمها أو تفسيرها دون معرفة المصلحة التي تحميها، وبات من المستقر أنه يشترط لصحة أي قرار إداري أو عقد أو التزام إرادي يكون له سبباً مشروعاًًً وأن يستهدف تحقيق غاية مشروعة ولذلك نصت المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبها فيه مصلحة قائمة يقرها القانون" فدل النص بعبارته الصريحة على أن القضاء لم يشرع أصلاً إلا لحماية مصالح المحتكمين إليه طلباً أو دفعاً بترجيح إحدى المصلحتين على الأخرى وأن كل ما لا يحقق مصلحة قائمة يقرها القانون غير جدير بالحماية القضائية، وكذلك نصت المادة الخامسة من القانون المدني على أن "استعمال الحقوق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإصرار بالغير أو كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية أو غير مشروعية" فدلت بعبارة صريحة أن الحقوق نفسها قد شرعت لتحقيق مصالح إن تنكبتها بات استعمال الحق غير مشروع، ومقتضى حق الملكية أن يكون لمالك العقار وحده السلطة التامة في تقدير صيانته أو هدمه ولا يجوز الانتقاص من سلطة المالك إلا لسبب مشروع وغاية مشروعة فلما تدخل المشرع وسلب ملاك العقارات سلطتهم في تحديد مدة الإجارة ومقدار الأجرة انتقص ذلك من حرصهم على صيانة أملاكهم فعالج المشرع ذلك الوضع اعتباراً من القانون 52 لسنة 1969 رعاية لحقوق المستأجرين المتعلقة بهذا العقارات وأكد المشرع هذا النهج في القانون 49 سنة 1977 الذي يحكم النزاع مميزاً بين المباني المؤجرة للسكنى والمباني المؤجرة لغير السكنى فأباح لملاك المباني. الأخيرة الحق في هدمها - ولو كانت سليمة - لإعادة بنائها بشكل أوسع إما بالتراضي مع المستأجرين أو بتوفير البديل المنصوص عليه في المادة 49 منه وما بعدها فإذا كان من سلطة مالك المبنى أن يهدم مبناه المؤجر لغير السكنى باتفاقه مع المستأجرين فإن لازم ذلك من باب أولى أن يكون لمالك المبنى غير المؤجر أن يختار هدمه إذا صدر قرار بترميمه ورأى أن مصلحته تكون في إزالة العقار، لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أنه لا خلاف على أن حالة العقار المكون من ثلاث طوابق تستوجب إزالة الطابق الأعلى تخفيفاً للأحمال واستبدال أجزاء من أسقف الطابقين الآخرين وتدعيم أساساته والشروخ في حوائطه وإصلاح صرفه، وكان العقار قد أصبح خالياً بعد أن تصالح مستأجراه على إخلائه وتمسك الطاعنون بانتفاء المصلحة من تنفيذ قرار الترميم وأنه لم يعد يستند إلى سبب صحيح أو يحقق غاية مشروعة وأن مصلحتهم تقتضي إزالة العقار حتى سطح الأرض فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعهم وأقام قضاءه على مجرد القول بأنه يكفي لصحة إلزامهم بالترميم أن يكون ممكناً من الناحية الهندسية فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ولما تقدم وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه .