أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 338

جلسة 6 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عثمان مهران الزيني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار، وحسن جمعه، ومحمد عبد الخالق النادي؛ وحسين كامل حنفي.

(63)
الطعن رقم 2034 لسنة 49 القضائية

(1) حكم. "بيانات الديباجة". بطلان.
الخطأ في ديباجة الحكم بخصوص سماع الدعوى بالجلسة التي أجل إليها إصداره. ونطق به فيها. لا يبطله. أساس ذلك.
(2) ضرب أفضى إلى موت. رابطة السببية. مسئولية جنائية. دفاع. الإخلال بحق الدفاع. "ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
علاقة السببية في المواد الجنائية. مادية.
مسئولية المتهم بجريمة الضرب أو الجرح عمداً. عن جميع النتائج المألوفة لفعله. ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم يثبت أنه كان متعمداً. لتجسيم المسئولية.
ثبوت علاقة السببية. موضوعي. شرط ذلك؟
(3) دعوى مدنية. "الصفة فيها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق والد المجني عليه في المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر شخصي من جراء وفاة ابنه. بصرف النظر عن حقه في إرثه من عدمه.
1 - ما أثبت في ديباجة الحكم - بشأن سماع الدعوى بالجلسة التي أحيل إليها إصداره ونطق به فيها - لا يبطله، لأنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً مما لا يؤثر في سلامة الحكم، ولأن الخطأ في ديباجة الحكم لا يعيبه إذ هو خارج مواضع استدلاله.
2 - من المقرر أن علاقة السببية. في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذ ما أتاه عمداً، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها، إثباتاً أو نفياً، فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها - والتي لا يمارى الطاعن أن لها معينها الصحيح من الأوراق - قد خلص إلى أن الطاعن أحدث جرحاً عمدياً برقبة المجني عليه بمطواة ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابة والوفاة بما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية، وكان الحكم - المطعون فيه - قد عرض لدفاع الطاعن بانعدام رابطة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه وأن حدوثها يرجع لسبب أجنبي لا دخل للطاعن فيه، وأطرح الحكم - في منطق سائغ - هذا الدفاع مما أكده الطبيب الشرعي - في مناقشته - من أن إصابة المجني عليه هي المسببة للوفاة بأنها نفذت إلى النخاع الشوكي وأحدثت شللاً بالمجني عليه استدعى رقاده على الظهر مما نتج عنه قرح فراشية أدت إلى امتصاص توكسيمي انتهى بالوفاة، وأن حالة المجني عليه السيئة التي أدت إلى وفاته كان من الممكن حدوثها وهو تحت العلاج بالمستشفى...... وهي أسباب سائغة التزم فيها الحكم بالتطبيق القانوني الصحيح، فإن الطاعن يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية.
3 - لما كان الحكم قد أثبت أن المدعي بالحقوق المدنية هو والد المجني عليه - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة..... وهو ما لم يجحده الطاعن، وكان ثبوت الإرث له أو عدم ثبوته لا يقدح في صفته كوالد المجني عليه، وكونه قد أصابه ضرر من جراء فقد ابنه نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابه من ضرر مباشر لا على انتصابه مقام ابنه المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليه، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب عمداً....... بآلة حادة "مدية" في عنقه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألف جنيه تعويضاً. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1 عقوبات، 163 من القانون المدني، 309 من قانون الإجراءات الجنائية بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني....... مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد خالف الثابت بالأوراق، وشابه الخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحكمة أشارت في ديباجة حكمها إلى ما يفيد أن الدعوى نظرت يوم النطق بالحكم في حين أنها نظرت بجلسة..... وتأجل النطق بالحكم لجلسة...... مما يكشف عن عدم إحاطة المحكمة بأوراق الدعوى ومدوناتها، وأن الحكم أطرح دفاعه الجوهري بانعدام رابطة السببية بين الفعل المسند إليه ووفاة المجني عليه نتيجة عوامل أجنبية إذ رفض - هو وأسرته - استكمال العلاج بالمستشفى مؤثراً البقاء في المنزل دون علاج ولا رعاية طبية فأصيب بقرحة فراشية كانت سبباً في وفاته، وفصل الحكم في الدعوى المدنية وقضى بالتعويض للمدعي بالحق المدني رغم الدفع بعدم قبولها لعدم توافر الدليل على صفة المدعي فيها، ودون أن يستظهر انحصار الإرث فيه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن ترافع بجلسة 6/ 12/ 1977 ثم تأجلت لجلسة 3/ 1/ 1978 لإعلان الطبيب الشرعي، وبعد تمام مناقشته استكمل المدافع مرافعته وحجزت الدعوى للنطق بالحكم لجلسة 5/ 1/ 1978 وفيها صدر الحكم المطعون فيه - لما كان ذلك، وكان ما أثبت في ديباجة الحكم - بشأن سماع الدعوى بالجلسة التي أجل إليها إصداره ونطق به فيها - لا يبطله، لأنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً مما لا يؤثر في سلامة الحكم، ولأن الخطأ في ديباجة الحكم لا يعيبه إذ هو خارج عن مواضع استدلاله ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليه - قبل وفاته - في محضر الضبط، وأقوال شاهد الإثبات في التحقيقات، ونقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابته طعنية تحدث من الطعن بجسم صلب ذو حافة حادة كسكين أو مطواة، وقد نفذت هذه الإصابة إلى النخاع الشوكي وأحدثت شللاً بالمصاب وتضاعفت الحالة بقرح فراشية غائرة بأسفل الظهر والآليتين، وتعزى الوفاة إلى امتصاص توكسيمي من هذه القرح الفراشية مضاعفة للإصابة الطعنية بالعنق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذ ما أتاه عمداً، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها، إثباتاً أو نفياً، فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها - والتي لا يمارى الطاعن أن لها معينها الصحيح من الأوراق - قد خلص إلى أن الطاعن أحدث جرحاً عمدياً برقبة المجني عليه بمطواة ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابة والوفاة بما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية، وكان الحكم - المطعون فيه - قد عرض لدفاع الطاعن بانعدام رابطة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه وأن حدوثها يرجع لسبب أجنبي لا دخل للطاعن فيه، وأطرح الحكم - في منطق سائغ - هذا الدفاع مما أكده الطبيب الشرعي - في مناقشته - من أن إصابة المجني عليه هي المسببة للوفاة بأنها نفذت إلى النخاع الشوكي وأحدثت شللاً بالمجني عليه استدعى رقاده على الظهر مما نتج عنه قرح فراشية أدت إلى امتصاص توكسيمي انتهى بالوفاة، وأن حالة المجني عليه السيئة التي أدت إلى وفاته كان من الممكن حدوثها وهو تحت العلاج بالمستشفى.. وهي أسباب سائغة التزم فيها الحكم بالتطبيق القانوني الصحيح، فإن الطاعن يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن في دفاعه أمام محكمة الموضوع ولا سند له من الأوراق ومن ثم يكون ما أورده الحكم سديداً في القانون ويستقيم به إطراح دفاع الطاعن ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن المدعي بالحقوق المدنية، هو والد المجني عليه - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة..... وهو ما لم يجحده الطاعن، وكان ثبوت الإرث له أو عدم ثبوته لا يقدح في صفته كوالد المجني عليه، وكونه قد أصابه ضرر من جراء فقد ابنه نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابه من ضرر مباشر لا على انتصابه مقام ابنه المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليه، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.