أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 343

جلسة 9 من مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور، وأحمد محمود هيكل، ومحمد محمود عمر؛ وسمير ناجي.

(64)
الطعن رقم 2040 لسنة 49 القضائية

(1، 2، 3) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
1 - حق محكمة الموضوع أن تورد أقوال الشهود جملة. ما دامت تنصب على واقعة واحدة. لا خلاف فيها.
2 - تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه.
3 - عدم التزام الحكم بأن يورد في أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه.
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. أثره؟
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". بطلان.
تقدير صحة الاعتراف. وقيمته في الإثبات وصدوره اختياراً من عدمه. موضوعي.
(6) قتل عمد. رابطة السببية.
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل. وبين وفاته. نقلاً من تقرير الصفة التشريحية. لا قصور.
مثال في قتل عمد.
(7) إثبات "بوجه عام". سبق إصرار. قتل عمد. مسئولية جنائية. فاعل أصلي.
توافر ظرف سبق الإصرار. يرتب تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية.
(8) حكم "إصداره". عقوبة. إعدام. بطلان. نقض "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مخففة. اشتراك.
وجوب الإجماع عند الحكم بالإعدام لا يعدو أن يكون إجراء من الإجراءات المنظمة لإصدار هذا الحكم. لا يمس أساس الحق في توقيع عقوبة الإعدام ذاتها ولا ينال الجرائم التي يعاقب عليها القانون بهذه العقوبة بالإلغاء أو التعديل. ولا ينشئ لمقارفيها أعذار أو ظروفاً تغير من طبيعة تلك الجرائم أو العقوبة المقررة لها جواز إبدال عقوبة الإعدام المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة عند تطبيق المادة 17 عقوبات.
1 - من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على المحكمة إن هي أوردت مؤدى شهادتهم جملة ثم نسبته إليهم جميعاً تفادياً للتكرار الذي لا موجب له.
2 - لا ينال من سلامة الحكم ما عدده الطاعن من مواضع خلاف في أقوال الشاهدين بفرض حصوله - طالما أنه لم يورد شيئاً من تلك الوقائع محل الخلاف وأنه استخلص الإدانة من أقوالهما استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وإذ كان اختلاف الشهود في تحديد أوصاف آلة الاعتداء واعتماد الحكم على شهادتهم بالرغم من هذا الاختلاف لا يعيب الحكم ما دام قد أخذ من أقوالهم بما رآه من صورة صحيحة للواقعة، وهي أن المجني عليه قتل بآلة حادة إذ ليست آلة القتل من الأركان الجوهرية في الجريمة فلا يجدي الطاعن تعييبه للحكم لعدم إيراده أقوال كل من الشاهدين على حدة وجمعه بينهما بإسناد واحد رغم ما عدده من اختلاف بينها - بفرض حصوله - طالما أنه لا يدعي اختلاف أقوالهما فيما استند إليه الحكم منها.
3 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وفي إغفالها إيراد تفصيلات معينة للدليل ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها.
4 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها.
5 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها - بهذه المثابة - أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
6 - لما كان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير قوله "وتعزى الوفاة إلى الإصابات السابقة مجتمعة بما أحدثته من كسور بعظام الرأس وتهتك ونزيف بالمخ وكسور بعظام العضد والمرفق الأيسر وعظام اليدين وكسور بغضروف إحدى الأضلاع اليمنى وقطوع بالرئة اليمنى ونزيف بالصدر" فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد.
7 - تحقق قيام ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون يرتب بين الطاعن وبين من يدعي بإسهامهم في ارتكاب الفعل معه تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه إذ يكفي ظهورهم معاً على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وإسهامهم في الاعتداء على المجني عليه فإذا ما آخذت المحكمة الطاعن عن النتيجة التي لحقت بالمجني عليه تنفيذاً لهذا القصد والتصميم الذي انتواه دون تحديد لفعله وفعل من كانوا معه ومحدث الإصابات التي أدت إلى وفاته بناء على ما اقتنعت به للأسباب السائغة التي أوردتها من أن تدبيره قد أنتج النتيجة التي قصد إحداثها وهي الوفاة فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعدد محدثي إصابات المجني عليه التي سببت الوفاة نظراً لتعددها واختلافها شكلاً وسبباً يكون غير سديد.
8 - النص على وجوب الإجماع عند إصدار الحكم بالإعدام الذي استحدثه الشارع بتعديل الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 107 لسنة 1962 لا يعدو أن يكون إجراء من الإجراءات المنظمة لإصدار الحكم بالإعدام وقد أصبح النص عليه في الحكم شرطاً لصحته ولكنه لا يمس أساس الحق في توقيع عقوبة الإعدام ذاتها ولا ينال الجرائم التي يعاقب عليها القانون بهذه العقوبة بالإلغاء أو التعديل ولا ينشئ لمقارفها ظروفاً تغير من طبيعة تلك الجرائم والعقوبة المقررة لها بل اقتصر على تنظيم الحكم بهذه العقوبة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون إذ قضى بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها بعد إعماله للمادة 17 من قانون العقوبات بدلاً من عقوبة الإعدام المقررة لهذه الجريمة دون النص على الإجماع في الحكم فإنه يكون صحيحاً فيما قضى به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما قتلا - وآخرون سبق الحكم عليهم..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك آلتين حادتين (مشط ومطواة) وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه بهما قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في القانون، ذلك أن الحكم لم يبين فيما دان الطاعن به الفعل المادي الذي أتاه وأدلة إسناده إليه فاستند إلى أقوال المتهمين..... و...... جملة دون بيان مؤدى أقوال كل منها على حدة ورغم تناقض أقوالهما في كيفية وترتيب موضع المتهمين والمجني عليه أثناء سيرهم وكيفية وقوع الحادث ووصف آلة الاعتداء واتهام أولهما لثانيهما بالاشتراك مع الطاعن في ارتكاب الحادث، كما لم يورد من أقوال..... ما قرره من مشاهدته لتلوث ملابس المتهم....... بدماء المجني عليه واتهامه له بالاشتراك في الحادث واعترافه له باتفاق الطاعن والمتهم...... على قتل المجني عليه، واستدل بأقوال...... و...... والتي لا تفيد تدليلاً على مقارفة الطاعن لما أسند إليه إذ كذبت أقوال....... ما قرره المتهم..... من المبيت لديه في اليوم السابق على الحادث. كما لم يورد الحكم مضمون التحريات التي استند إليها، وعول على اعتراف الطاعن ورغم أنه وليد الإكراه الذي دفع به محاميه موضحاً أن مبناه التفاخر والوعد والوعيد من باقي المتهمين. كذلك لم يعن الحكم ببيان رابطة السببية بين إصابات المجني عليه ووفاته مع واقع دليل فني بعد ما دفع الطاعن بحدوثها من أفعال غيره من المتهمين مدللاً على ذلك بتعدد الإصابات واختلافها شكلاً وسبباً. كما أخطأ الحكم في القانون حين أنزل بالطاعن عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة عن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دانه بها معملاً في حقه المادة 17 من قانون العقوبات. وكان مقتضى أعماله لها النزول بالعقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن طالما أن المحكمة لم تجمع رأياً على الإعدام كعقوبة للجريمة التي دانته بها من قبل النزول إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي قضت بها، وكل هذا يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها مستقاة من أقوال..... و..... و..... و...... و..... ومن اعتراف المتهم في التحقيقات ومما ورد في تحريات المباحث وثبت من تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص أن الطاعن استعمل في الجريمة بقصد القتل آلة حادة - تزود بها في اليوم السابق على الحادث وهي وسيلة على الصورة التي أوردها الحكم تحدث الموت - بل وتحقق بها القتل فعلاً، وقد أورد الحكم في بيان ذلك بعد أن أوضح تصميم الطاعن على التخلص من المجني عليه بقتله وتزوده لهذا بآلة حادة قوله "وفي يوم 8/ 2/ 1974 قصدا عزبة أبو صلاح مركز أشمون زعماً بأنه يرغب في زيارة بعض ذوي قرباه فيها وبقيا بهذه البلدة حتى مساء اليوم التالي 9/ 2/ 1974 ثم خرجا منها بقوله إنه يريد التوجه إلى عزبة الشيخ إبراهيم المجاورة لرؤية أحد أصدقائه رغم أنه لا يعرف أحد فيها وفي الطريق إليها كان المجني عليه يتقدمه وقد أسدل الليل ستار الظلام وخلت الأماكن المجاورة من غاد أو رائح فأيقن المتهم أنه قد ظفر بغريمه وحان وقت الإجهاز عليه وفقاً لما انتواه من الخلاص منه بقتله وإعداد الوسيلة لذلك واختيار الوقت الملائم فحمل آلة الشر التي اشتراها من القاهرة وبادر المجني عليه بالضرب بها على رأسه ورقيته كما طعنه بمطواة في صدره حتى أحدث تسعة عشر جرحاً قطعياً بيسار ومؤخر فروة الرأس ويمين الجبهة وهما من إصابات قطعية بالعضد والمرفق الأيسر واليدين وجرحين طعنيين نافذين بمقدم يمين الصدر وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الوفاة نجمت عن هذه الإصابات مجتمعة بما أحدثته من كسور بعظام الرأس وتهتك ونزيف بالمخ وكسور بعظام العضد والمرفق الأيسر وعظام اليدين وكسور بغضروف إحدى الأوضاع اليمنى وقطع بالرئة اليمنى ونزيف بالصدر وقد اعترف المتهم في التحقيقات بأنه قارف ما ثبت في حقه. لما كان ذلك وكان ما فصله الحكم على نحو ما سلف تنحصر به عنه قالة القصور في بيان الركن المادي للجريمة التي دين الطاعن بها فإن منعاه في هذا الصدد يكون على غير أساس متعين الرفض. لما كان ذلك، وكان الحكم في مجال استدلاله بأقوال الشهود وبيان مؤداها ساق قوله "وقد قرر كل من....... و....... بالتحقيقات بأنه كان على مسرح الواقعة وقت حدوثها وشاهد المتهم (الطاعن) وهو يعتدي على المجني عليه بساطور في رأسه وجميع أجزاء جسمه حتى قضى عليه" لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على المحكمة إن هي أوردت مؤدى شهادتهم جملة ثم نسبته إليهم جميعاً تفادياً للتكرار الذي لا موجب له ولا ينال من سلامة الحكم ما عدده الطاعن من مواضع خلاف في أقوال الشاهدين بفرض حصوله - طالما أنه لم يورد شيئاً من تلك الوقائع محل الخلاف وأنه استخلص الإدانة من أقوالهما استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وإذ كان اختلاف الشهود في تحديد أوصاف آلة الاعتداء واعتماد الحكم على شهادتهم بالرغم من هذا الاختلاف لا يعيب الحكم ما دام قد أخذ من أقوالهم بما رآه من صورة صحيحة للواقعة وهي أن المجني عليه قتل بآلة حادة إذ ليست آلة القتل من الأركان الجوهرية في الجريمة فلا يجدي الطاعن تعييبه للحكم لعدم إبرازه أقوال كل من الشاهدين على حدة وجمعه بينهما بإسناد واحد رغم ما عدده من اختلاف بينها - بفرض حصوله - طالما أنه لا يدعي اختلاف أقوالهما فيما استند إليه الحكم منها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين مؤدى الدليل المستمد من أقوال...... بياناً كافياً لا قصور فيه وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وفي إغفالها إيراد تفصيلات معينة للدليل ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها، فإن منعى الطاعن بإيثار الحكم لأقوال ذلك الشاهد لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يقتصر في إثبات التهمة قبل الطاعن على مجرد أقوال....... و...... وما أورده من مؤداها من أن الطاعن والمجني عليه قدما..... و...... إلى قرية..... يوم 8/ 2/ 1974 وبقوا بها حتى مساء 9/ 2/ 1974 ثم وقعت الجريمة وعلم أن الطاعن قتل المجني عليه وإنما استند إلى أدلة الثبوت التي أوردها في مجموعها، وإذ كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم إلى أقوال هذين الشاهدين على الرغم من أنها لا تفيد تدليلاً على مقارفته لما أسند إليه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد من تحريات المباحث مؤدى ما استند إليه منها في قوله "وورد في تحريات الشرطة أن المتهم أجهز على المجني عليه وقد عثر بجوار الجثة على مطواة" فإن منعى الطاعن على الحكم بعدم إيراد مؤدى التحريات يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل ما أثاره دفاع الطاعن عن أمر اعترافه على نحو يطابق ما ورد على لسانه بمحضر جلسة المحاكمة وذلك في قوله "كما أن اعترافه في التحقيقات كاذب لا يتفق مع المنطق والمعقول ويخالف واقع الحال في الدعوى سيما وهو ضعيف البنية ولا يتسنى له الإجهاز على المجني عليه وحده...... ورد الحكم على هذا الدفاع بقوله عن ذاك الاعتراف أن الطاعن "أدلى به في تحقيقات النيابة وظل مصراً عليه في جلسات سماع الأقوال أيام 14/ 2/ 1974، 17/ 3/ 1974 وهو اعتراف سليم صدر منه عن طواعية واختيار بصريح عباراته في هذا الخصوص وليس في الأوراق ما يدل على أنه قد تعرض لأي نوع من أنواع الإكراه المادي أو النفسي حتى يدلي به ولم يذكر هو أو محاميه شيئاً في هذا المجال يمكن تمحيصه وبيان مدى تأثيره على ما أبداه من أقوال تفصيلية تنم عن اقترافه الإثم الذي ثبت في حقه على النهج المتقادم وهو أن جنح في ختام تحقيقات النيابة العامة إلى الزج بغيره في هذا المضمار بغير سند أو دليل إلا أنه لم ينف عن نفسه مقارفة الجرم وإنما رمى بهذه المحاولة إلى التخفيف عن كاهله من تحمل كامل المسئولية عن الواقعة. وقد تأيد هذا الاعتراف بأدلة الثبوت الأخرى التي بسطتها المحكمة وفقاً للصراط المتقدم وأخصها أقوال الشهود ومن كان برفقته وقت ارتكاب الجريمة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية الذي صادق اعترافه وأيد روايته لكيفية وقوع الحادث من أجل ذلك تطمئن المحكمة إلى هذا الاعتراف المؤيد بأدلة الثبوت الأخرى وتأخذه بما خلصت إليه هذه الأدلة المتساندة المتكاملة مجتمعة". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على ما أثير بشأن تعييب اعتراف الطاعن سائغاً في تفنيده وفي نفي أي صلة له بأي نوع من الإكراه وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها - بهذه المثابة - أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير قوله "وتعزي الوفاة إلى الإصابات السابقة مجتمعة بما أحدثته من كسور بعظام الرأس وتهتك ونزيف بالمخ وكسور بعظام العضد والمرفق الأيسر وعظام اليدين وكسور بغضروف إحدى الأضلاع اليمنى وقطوع بالرئة اليمنى ونزيف بالصدر" فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار واستظهر توافره في قوله "ومن حيث إن نية القتل وظرف سبق الإصرار متوافران في حق المتهم وآية ذلك وجود النزاع السابق بين الطرفين الذي ملأ نفس المتهم حقداً على غريمه فأضمر الخلاص منه بعد أن أعمل الفكر في هدوء وروية طوال أيام عديدة سابقة وأعد عدته للإجهاز عليه باستدراجه إلى قريته ثم إلى بلدة بعض أقاربه ليتسنى له ارتكاب جريمته بعيداً عن العمران واشترى آلة القتل وعندما ظفر به في مكان قصي انهال عليه ضرباً وطعناً بتلك الآلة التي تحدث القتل على أجزاء متعددة قاتلة من جسمه مثل رقبته وعنقه ورأسه وصدره وظل سادراً في غيه لا تأخذه به رحمة ولا تعتوره ذكرى من سابق صلة بينهما حتى أجهز عليه وتركه جثة هامدة وهو الأمر الذي ابتغاه من قبل المضي في تنفيذ خطته". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغاً وسديداً ويستقيم به التدليل على تحقق قيام ظرف سبق الإصرار كما هو معروف به في القانون وهو ما يرتب بين الطاعن وبين من يدعي بإسهامهم في ارتكاب الفعل معه تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه إذ يكفي ظهورهم معاً على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وإسهامهم في الاعتداء على المجني عليه فإذا ما أخذت المحكمة الطاعن عن النتيجة التي لحقت بالمجني عليه تنفيذاً لهذا القصد والتصميم الذي انتواه دون تحديد لفعله وفعل من كانوا معه ومحدث الإصابات التي أدت إلى وفاته بناء على ما اقتنعت به للأسباب السائغة التي أوردتها من أن تدبيره قد أنتج النتيجة إلى قصد إحداثها وهي الوفاة فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعدد محدثي إصابات المجني عليه التي سببت الوفاة نظراً لتعددها واختلافها شكلاً وسبباً يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وأنزل في حقه عنها عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بمقتضى المادتين 230، 231 من قانون العقوبات بعد إعماله للمادة 17 من القانون المذكور فيما نزل به للعقوبة التي أوقعها، فإن ما ينعيه الطاعن من خطأ الحكم لوجوب نزوله بالعقوبة التي أوقعها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن طالما أن المحكمة لم تجمع رأياً على الإعدام كعقوبة للجريمة التي دانته بها وقبل النزول إلى العقوبة التي أوقعتها عليه يكون على غير أساس ذلك أن النص على وجوب الإجماع عند إصدار الحكم بالإعدام الذي استحدثه الشارع بتعديل الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 107 لسنة 1962، لا يعدو أن يكون إجراء من الإجراءات المنظمة لإصدار الحكم بالإعدام وقد أصبح النص عليه في الحكم شرطاً لصحته ولكنه لا يمس أساس الحق في توقيع عقوبة الإعدام ذاتها ولا ينال الجرائم التي يعاقب عليها القانون بهذه العقوبة بالإلغاء أو التعديل ولا ينشئ لمقارفها أعذاراً وظروفاً تغير من طبيعة تلك الجرائم أو العقوبة المقررة لها بل اقتصر على تنظيم الحكم بهذه العقوبة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون إذ قضى بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها بعد إعماله للمادة 17 من قانون العقوبات بدلاً من عقوبة الإعدام المقررة لهذه الجريمة دون النص على الإجماع في الحكم - فإنه يكون صحيحاً فيما قضى به وما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون لإنزاله عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة به دون إجماع على عقوبة الإعدام التي نزل منها إلى العقوبة المقضى بها يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.