مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 454

(52)
جلسة 9 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 106 لسنة 2 القضائية

( أ ) أقدمية - القانون رقم 210 لسنة 1951 - حق مجلس الوزراء في تحديد أقدمية الموظف الذي قضى فترة بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال التي يفيد منها خبرة - لمجلس الوزراء هذا الحق بالنسبة للموظفين الذين اكتسبوا خبرة في عملهم بالحكومة.
(ب) موظفون منسبون - قرارا مجلس الوزراء في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 باحتساب أقدمية اعتبارية لموظفي الدرجة الثامنة الفنية بشروط معينة - عدم احتساب هذه الأقدمية الاعتبارية عند تطبيق المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 - إعمال أثر الأقدميات الاعتبارية عند تطبيق هذه المادة منوط بالمركز القانوني الذي تحدده القوانين أو القرارات التنظيمية التي تصدر ممن يملكها في هذا الخصوص - أمثلة.
(ج) موظفون منسيون - قرار مجلس الوزراء في 15/ 10/ 1950 بشأن قواعد التيسير - نصه على اعتبار مدد الخدمة التي قضيت بالدرجة الثانية وما فوقها في سلك الخارجين عن الهيئة كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة - سريان هذا التفسير على من ينطبق عليه حكم المادة 40 مكرراً من قانون الموظفين - أساس ذلك.
1 - يبين من مطالعة المادتين 23 و24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أن المشرع عني بتحديد أقدمية الموظف إذا كان قد أمضى الفترة التي قضاها خارج الحكومة مشتغلاً بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة التي يفيد منها خبرة، وفوض مجلس الوزراء - بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين - في تحديد الشروط والأوضاع التي يراها لتقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة لهذا الموظف بمراعاة مدة خدمته في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة المشار إليها، فمن باب أولى وبحكم اللزوم يكون لمجلس الوزراء هذا الحق بالنسبة إلى الموظفين الذين اكتسبوا خبرة من ممارسة عملهم داخل الحكومة بتوجيهها وتحت إشرافها ورقابتها, وبهذه المثابة يكونون أولى بالتقدير في هذا الخصوص. ويؤكد هذا النظر ما نصت عليه المادة 12 من القانون سالف الذكر حيث جازت المرشح لوظيفة من الدرجة الثامنة الفنية من شرط الحصول على المؤهل العلمي إذا كان قد مارس بنجاح مدة سبع سنوات على الأقل في المصالح الحكومية أعمالاً فنية مماثلة لأعمال الوظيفة المرشح لها.
2 - إن مجلس الوزراء وافق بجلستيه المنعقدتين في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 على تعديل أقدمية موظفي الدرجة الثامنة الفنية الموجودين في الخدمة وقت صدور هذين القرارين من ذوي المؤهلات الدراسية التي لا تجيز التعيين في هذه الدرجة وغير ذوي المؤهلات، بحيث تعتبر أقدمية كل منهم في الدرجة المذكورة من التاريخ التالي لمضي سبع سنوات على تاريخ تعيينهم لأول مرة, سواء كان هذا التعيين في وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو بمكافأة أو بمربوط ثابت أو على درجة تاسعة، إذا كانت مدة العمل بتلك الوظائف غير منقطعة, وكانت أعمالهم فيها مماثلة لأعمال وظائفهم بالدرجة الثامنة الفنية. وقد حرص مجلس الوزراء على أن يؤكد في صراحة أنه "لا يترتب على تعديل الأقدمية أية زيادة في الماهية". ولما كان تطبيق المادة 40 مكرراً نتيجة لتعديل الأقدمية يترتب عليه زيادة في الماهية, فلا تحسب هذه الأقدمية الاعتبارية ضمن المدد التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام هذه المادة. وقد كشف مجلس الوزراء - وهو المنشئ للمركز القانوني - عن نيته في وضوح؛ فأصدر تفسيراً لهذين القرارين بقراره الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 مؤكداً المعنى سالف الذكر. وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين لا يفيد منه الموظف المنسي إلا إذا كان قد قضى فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية - أي الفعلية - خمس عشرة سنة؛ وآية ذلك أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف, وذلك بخلاف الموظفين الذين يفيدون من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية فإنهم يفيدون من أحكام المادة 40 مكرراً بعد أن أكدت ذلك المذكرة الإيضاحية لهذا القانون. ومرد ذلك كله إلى أن إعمال أثر الأقدميات الاعتبارية في خصوص ترقية قدامى الموظفين منوط بالمركز القانوني الذي تحدده القوانين أو القرارات التنظيمية التي تصدر ممن يملكها في هذا الخصوص حسب الشروط التي يعينها وبالمدى الذي يحدده. ولما كان مجلس الوزراء هو المنشئ للمركز القانوني حسب التفويض المخول له بمقتضى القانون, فإن له أن يحدد هذا المركز، ويعتبر آثاره على الوجه الذي يقدره.
3 - في 15 من أكتوبر سنة 1950 صدر قراران من مجلس الوزراء أحدهما خاص بحساب مدد الخدمة السابقة التي يقضيها الموظفون والمستخدمون من حملة المؤهلات الدراسية على اعتمادات في وزارات الحكومة ومصالحها في درجة أو على غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو باليومية, والآخر خاص باعتبار المدد التي قضيت في وظائف من الدرجة الثانية وما فوقها في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة كأنها مدد خدمة قضيت بالدرجة التاسعة. وقد استهدف مجلس الوزراء بهذا القرار الأخير مواجهة مشكلة بعض المستخدمين في الوظائف الخارجة عن هيئة العمال الذين نقلوا إلى الدرجتين التاسعة والثامنة فيما يتعلق بحساب مدد خدمتهم السابقة على هاتين الدرجتين ضمن المدد المنصوص عليها في قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 من مايو و25 من يونيه سنة 1950 الخاصين بتيسير الترقيات والعلاوات العادية والذين تضمنا تحديداً لنسب الترقية في مختلف الدرجات والكادرات وبياناً لأقصى مدد البقاء في الدرجات من التاسعة إلى الخامسة ولاستحقاق العلاوات بالشروط والأوضاع التي نصا عليها. وقد جاء في مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء بقراره المذكور "وبمناسبة صدور قواعد التيسير المشار إليها تستطلع بعض الوزارات والمصالح الرأي فيما إذا كان يجوز اعتبار المدد التي قضاها بعض المستخدمين في الوظائف الخارجة عن الهيئة ثم نقلوا بعد ذلك إلى الدرجتين التاسعة والثامنة ضمن المدد المنصوص عليها في قواعد تيسير الترقيات والعلاوات العادية حتى يمكنهم الانتفاع بعلاوة الثلاثين سنة وكذلك ينتفعون بالأقدمية التي اكتسبوها في تلك الوظائف الخارجة عن الهيئة ليتسنى ترقيتهم إلى الدرجات الأعلى وفقاً لحكم المدد التي نص عليها قرارا مجلس الوزراء الصادران في 17 من مايو و25 من يونيه سنة 1950 بترقيتهم ترقية عادية إلى الدرجة الثامنة مع احتساب مدة الدرجة التاسعة والدرجات الموازية لها - وتلاحظ وزارة المالية أنه بما أن الدرجة الثانية هي أقل درجات الوظائف الخارجية عن الهيئة التي متوسط ربطها يعادل متوسط ربط الدرجة التاسعة - ولما كان المقصود من قواعد الترقيات والعلاوات العادية هو التيسير على الموظفين؛ لذلك ترى اعتبار المدد التي قضيت في سلك الوظائف الخارجة عن الهيئة من الدرجة الثانية السايرة فما فوقها كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة، أي يجوز حسابها ضمن المدد المنصوص عليها بقواعد تيسير الترقيات والعلاوات العادية المشار إليها في صدر هذه المذكرة - بحثت اللجنة المالية هذا الرأي ورأت الموافقة على اعتبار المدد التي قضيت في تلك الوظائف الخارجة عن الهيئة من الدرجة الثانية السايرة فما فوقها كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة". ولما كان قرار مجلس الوزراء المتقدم ذكره قد استهدف بحكمه أن يطبق في خصوص المدد التي تحسب عند الترقية تيسيراً طبقاً لقرارات سنة 1950 الصادرة في هذا الشأن, ولما كانت المادة 40 مكرراً التي أضيفت إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ولم تخرج عن أن تكون تقنيناً مجمعاً لقواعد التيسير التي صدر في شأنها قرار مجلس الوزراء المشار إليه؛ إذ جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 94 لسنة 1953 الذي أضيفت بمقتضاه هذه المادة: "وقد أضيفت مادة جديدة برقم 40 مكرراً لعلاج حالة قدامى الموظفين", فإن التفسير الوارد في قرار 15 من أكتوبر سنة 1950 يصدق على كل من ينطبق عليه حكم هذه المادة. ويكفي في ذلك أن يكون الموظف الذي يصدق عليه هذا الحكم قد تحققت فيه وقت تطبيق المادة المذكورة صفة الموظف الداخل في الهيئة, تلك الصفة التي هي شرط إعمال النص بحكم وروده في الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 متى توافرت باقي الشروط المتطلبة لإمكان الإفادة من هذا النص.


إجراءات الطعن

في 19 من يناير سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 106 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 242 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد إبراهيم عبد الكريم ضد مصلحة السكك الحديدية، القاضي: "بتعديل أقدمية المدعي في الدرجة السابعة الفنية واعتباره مرقى إليها بصفة شخصية منذ يوم 7 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين, للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه, "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة المواصلات في 24 من يناير سنة 1956, وإلى المطعون عليه في 28 منه, وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 5 من يناير سنة 1957. وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 25 من نوفمبر سنة 1956 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق, تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 242 لسنة 2 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 30 من إبريل سنة 1955, طلب فيها "الحكم له بتسوية حالته بمنحه الدرجة السابعة الفنية اعتباراً من 7 مارس سنة 1953 تطبيقاً لأحكام المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 وما يترتب عليها من آثار وفروق مالية". وذكر, شرحاً لدعواه, أنه عين بتفتيش القسم الميكانيكي بمصلحة السكك الحديدية في وظيفة إشراق منذ عام 1911، ثم رقي إلى وظيفة كهربائي, وفي سنة 1923 نقل إلى قسم عموم الإشارات التابع لتفتيش هندسة السكة والأشغال بعد إذ اتضحت لياقته لوظيفة كهربائي وميكانيكي على إثر أدائه امتحاناً فنياً, ثم نقل من اليومية إلى الماهية الشهرية بالدرجة الممتازة في سنة 1924, ورقي إلى الدرجة الثامنة في سنة 1938. وقد صدر في 15 من أكتوبر سنة 1950 قرار من مجلس الوزراء باعتبار المدد التي قضيت في الدرجة الثانية خارج الهيئة وما فوقها في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة كأنها قضيت في الدرجة التاسعة. ولما كان قد رقي إلى الدرجة الثامنة في سنة 1938 أو في سنة 1946 كما تقرر المصلحة فإنه بهذا يكون قد قضى في درجتين متتاليتين هما التاسعة والثامنة 29 سنة أي أكثر من 25 سنة, وبذا يكون مستحقاً للترقية إلى الدرجة السابعة بصفة حتمية اعتباراً من 7 من مارس سنة 1953 بالتطبيق لحكم المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. وقد ردت المصلحة على هذه الدعوى بأن المدعي غير حاصل على مؤهلات دراسية, وأنه ألحق بخدمتها بوظيفة إشراق اعتباراً من أول يناير سنة 1911, ثم نقل إلى الماهية بوظيفة كهربائي في درجة خارجة عن الهيئة اعتباراً من أول إبريل سنة 1924, ورقي إلى وظيفة رئيس كهربائيين من 6 من مارس سنة 1943, وإلى الدرجة الثامنة الفنية من 2 مارس سنة 1946 وإلى الدرجة السابعة المخصصة لوظيفة رئيس كهربائيين من 10 من يناير سنة 1955. ومن ثم فلا تنطبق على حالته أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 في شأن تعديل أقدمية موظفي الدرجة الثامنة الفنية المؤهلين وغير المؤهلين الموجودين في الخدمة وقت صدور هذين القرارين. هذا إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 يقضي بعدم حساب الأقدمية الاعتبارية المترتبة على تطبيق القرارين سالفي الذكر ضمن المدد التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951. وقد جاء هذا القرار الأخير مفسراً لأحكام القرارين السابقين. أما قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب المدة التي يقضيها الموظف في درجة أقل من الدرجة المقررة لمؤهله في أقدمية الدرجة المقررة لمؤهله فإنه لا ينطبق على حالة المدعي؛ لكونه غير حاصل على مؤهلات دراسية, وعلى هذا فإن المذكور لا يكون قد استوفى المدة القانونية للإفادة من أحكام المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951. وبجلسة 21 من نوفمبر سنة 1955 قضت المحكمة الإدارية في هذه الدعوى "بتعديل أقدمية المدعي في الدرجة السابعة الفنية واعتباره مرقى إليها بصفة شخصية منذ يوم 7 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 يقضيان باعتبار أقدمية موظفي الدرجة الثامنة الفنية الحاليين من ذوي المؤهلات الدراسية التي لا تجيز التعيين في هذه الدرجة وغير ذوي المؤهلات بعد مضي سبع سنوات من تاريخ تعيينهم في وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو بمكافأة أو بمربوط ثابت أو على درجة تاسعة إذا كانت مدة العمل بها غير منقطعة وكانت أعمالهم مماثلة لأعمال وظائفهم بالدرجة الثامنة الفنية, على ألا يترتب على تعديل الأقدمية أية زيادة في الماهية. ولما كانت هذه الشروط متوافرة لدى المدعي فإنه يفيد من أحكام قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر في اعتبار أقدميته في الدرجة الثامنة الفنية منسحبة إلى تاريخ انقضاء سبع سنوات على مزاولته العمل الفني المماثل لعمله بالدرجة الثامنة الفنية, وبالتالي يحق له الإفادة من حكم المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951. ولا يؤثر في هذا الحق كون قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 قضى بعدم حساب الأقدمية الاعتبارية المقررة بمقتضى قراري 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 ضمن المدة التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام المادة 40 مكرراً المشار إليها؛ لأن هذا الحكم جاء عاماً دون تفرقة بين الأقدمية الفعلية والأقدمية الاعتبارية التي قررتها قواعد الإنصاف, ولأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 لا يمكن إعمال حكمه إلا من تاريخ صدوره, ولا سيما أن المدعي كان قد كسب بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من مايو سنة 1953 حقاً في اعتباره مرقى إلى الدرجة السابعة بصفة شخصية بالتطبيق لنص المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 لاستيفائه الشروط المتطلبة في هذه المادة يوم صدور ذلك القرار. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 19 من يناير سنة 1956, واستند في أسباب طعنه إلى أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 نصا على تعديل أقدمية الموظفين بالدرجة الثامنة الفنية طبقاً للقواعد التي وضعاها, ونظراً إلى أن هذه الأقدمية كانت مثار خلاف في التطبيق فقد رأى المجلس - إيضاحاً لمدلولها ودفعاً لكل لبس - أن يقرر صراحة عدم حساب هذه الأقدمية الاعتبارية ضمن المدد التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام المادة 40 مكرراً من قانون نظام موظفي الدولة, وأصدر قراره بذلك في 24 من نوفمبر سنة 1954. وقد صدرت القرارات المشار إليها بالاستناد إلى التفويض المخول لمجلس الوزراء في المادة 24 من هذا القانون. ولما كانت حدود هذا التفويض إنما ترتسم دائرتها حول مدة الخدمة خارج الحكومة التي تقضي في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة, فإن القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء بقصد تنظيم ضم مدد الخدمة الحكومية في حساب أقدمية الدرجة الثامنة تكون قد صدرت خارج حدود هذا التفويض, فضلاً عن مخالفتها لأحكام المادة 25 من القانون آنف الذكر الخاصة بتحديد الأقدمية في الدرجة, الأمر الذي لا يملكه مجلس الوزراء. على أنه بفرض التسليم بصحة هذه القرارات فإنها إذ نصت على ألا يترتب على تنفيذها أية زيادة في مهايا الموظفين الذين تشملهم أحكامها, يتعين إعمالها في حدود نصوصها في مجال الأقدمية المعتبرة في الترقيات العادية دون أن يكون لذلك أدنى أثر في حسابها في تطبيق المادة 40 مكرراً، إذ من شأن ذلك زيادة ماهية الموظف وهو ما يخرج عن أهداف تلك القرارات. وليس يجدي المدعي بعد هذا الاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 باعتبار المدد التي قضيت في الدرجة الثانية خارج الهيئة وما فوقها كأنها مدد قضيت في الدرجة التاسعة؛ ذلك أن هذا القرار إنما استهدف حساب المدد المذكورة ضمن المدد المنصوص عليها في قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 من مايو و25 من يونيه سنة 1950 بتيسير الترقيات والعلاوات, أو في مجال ترقية من تسري في حقهم ترقية عادية, وذلك بالنسبة إلى المستخدمين المشار إليهم بهما ممن نقلوا إلى وظائف الدرجة التاسعة, وليس هذا هو حال المدعي؛ ومن ثم فلا يجوز بسط القرار المشار إليه إلى حالات أخرى تخرج عن نطاق تطبيقه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, وتكون قد قامت به حالة من أحوال الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وانتهي السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة من هذا إلى طلب "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وإلزام المدعي المصروفات".
ومن حيث إنه يختص مما تقدم أن مثار النزاع ينحصر في تحديد مدى إفادة أو عدم إفادة المطعون عليه من أحكام المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, على أساس الوضع الذي قد يستمده من قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 6 من مايو سنة 1953 و17 من أغسطس سنة 1953 و24 من نوفمبر سنة 1954, أو في 15 من أكتوبر سنة 1950 الخاصة بتعديل أقدمية الموظفين في الدرجة الثامنة الفنية, وباعتبار المدد التي قضيت في الدرجة الثانية خارج الهيئة وما فوقها كأنها مدد قضيت في الدرجة التاسعة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة المادتين 23 و24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أن المشرع عني بتحديد أقدمية الموظف إذا كان قد أمضى الفترة التي قضاها خارج الحكومة مشتغلاً بإحدى الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة التي يفيد منها خبرة, وفوض مجلس الوزراء - بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين - في تحديد الشروط والأوضاع التي يراها لتقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة لهذا الموظف بمراعاة مدة خدمته في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة المشار إليها. فمن باب أولى وبحكم اللزوم يكون لمجلس الوزراء هذا الحق بالنسبة إلى الموظفين الذين اكتسبوا خبرة من ممارسة عملهم داخل الحكومة بتوجيهها وتحت إشرافها ورقابتها, وبهذه المثابة يكونون أولى بالتقدير في هذا الخصوص؛ ويؤكد هذا النظر ما نصت عليه المادة 12 من القانون سالف الذكر حيث أجازت إعفاء المرشح لوظيفة من الدرجة الثامنة الفنية من شروط الحصول على المؤهل العلمي إذا كان قد مارس بنجاح مدة سبع سنوات على الأقل في المصالح الحكومية أعمالاً فنية مماثلة لأعمال الوظيفة المرشح لها.
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلستيه المنعقدتين في 6 من مايو و17 من أغسطس سنة 1953 على تعديل أقدمية موظفي الدرجة الثامنة الفنية الموجودين في الخدمة وقت صدور هذين القرارين من ذوي المؤهلات الدراسية التي لا تجيز التعيين في هذه الدرجة وغير ذوي المؤهلات بحيث تعتبر أقدمية كل منهم في الدرجة المذكورة من التاريخ التالي لمضي سبع سنوات على تاريخ تعيينهم لأول مرة, سواء كان هذا التعيين في وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو بمكافأة أو بمربوط ثابت أو على درجة تاسعة, إذا كانت مدة العمل بتلك الوظائف غير منقطعة, وكانت أعمالهم فيها مماثلة لأعمال وظائفهم بالدرجة الثامنة الفنية. وقد حرص مجلس الوزراء على أن يؤكد في صراحة أنه "لا يترتب على تعديل الأقدمية أية زيادة في الماهية". وغني عن البيان أن تطبيق المادة 40 مكرراً نتيجة لتعديل الأقدمية يترتب عليه زيادة في الماهية. وقد كشف مجلس الوزراء - وهو المنشئ للمركز القانوني - عن نيته في وضوح, فأصدر تفسيراً لهذين القرارين بقراره الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1954 مؤكداً عدم حساب الأقدمية الاعتبارية ضمن المدد التي يجوز إدخالها في تطبيق أحكام المادة 40 مكرراً. وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين لا يفيد المنسي إلا إذا كان قد قضى فعلاً قبل 30 من يونيه سنة 1943 في درجته الحالية - أي الفعلية - خمس عشرة سنة؛ وآية ذلك أن الأقدميات الاعتبارية لم يكن لها وجود عند صدور هذا القرار وغيره من قرارات الإنصاف, وذلك بخلاف الموظفين الذين يفيدون من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية فإنهم يفيدون من أحكام المادة 40 مكرراً بعد أن أكدت ذلك المذكرة الإيضاحية لهذا القانون؛ ومرد ذلك كله إلى أن إعمال أثر الأقدميات الاعتبارية في خصوص ترقية قدامى الموظفين منوط بالمركز القانوني الذي تحدده القوانين أو القرارات التنظيمية التي تصدر ممن يملكها في هذا الخصوص حسب الشروط التي يعينها وبالمدى الذي يحدده. ولما كان مجلس الوزراء هو المنشئ للمركز القانوني حسب التفويض المخول له بمقتضى القانون فإن له أن يحدد هذا المركز ويعتبر آثاره على الوجه الذي يقدره.
ومن حيث إنه في 15 من أكتوبر سنة 1950 صدر قراران من مجلس الوزراء أحدهما خاص بحساب مدة الخدمة السابقة التي يقضيها الموظفون والمستخدمون من حملة المؤهلات الدراسية على اعتمادات في وزارات الحكومة ومصالحها في درجة أو على غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو باليومية, والآخر خاص باعتبار المدد التي قضيت في وظائف من الدرجة الثانية وما فوقها في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة. وقد استهدف مجلس الوزراء بهذا القرار الأخير مواجهة مشكلة بعض المستخدمين في الوظائف الخارجة عن هيئة العمال الذين نقلوا على الدرجتين التاسعة والثامنة فيما يتعلق بحساب مدة خدمتهم السابقة على هاتين الدرجتين ضمن المدد المنصوص عليها في قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 من مايو و25 من يونيه سنة 1950، الخاصين بتيسير الترقيات والعلاوات العادية، واللذين تضمنا تحديداً لنسب الترقية في مختلف الدرجات والكادرات وبياناً لأقصى مدد البقاء في الدرجات من التاسعة إلى الخامسة ولاستحقاق العلاوات بالشروط والأوضاع التي نصا عليها. وقد جاء في مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء بقراره المذكور "وبمناسبة صدور قواعد التيسير المشار إليها تستطلع بعض الوزارات والمصالح الرأي فيما إذا كان يجوز اعتبار المدد التي قضاها بعض المستخدمين في الوظائف الخارجة عن الهيئة ثم نقلوا بعد ذلك إلى الدرجتين التاسعة والثامنة ضمن المدد المنصوص عليها في قواعد تيسير الترقيات والعلاوات العادية حتى يمكنهم الانتفاع بعلاوة الثلاثين سنة, وكذلك ينتفعون بالأقدمية التي اكتسبوها في تلك الوظائف الخارجة عن الهيئة ليتسنى ترقيتهم إلى الدرجات الأعلى وفقاً لحكم المدد التي نص عليها قرارا مجلس الوزراء الصادران في 17 من مايو و25 من يونيه سنة 1950 بترقيهم ترقية عادية إلى الدرجة الثامنة مع احتساب مدة الدرجة التاسعة والدرجات الموازية لها. وتلاحظ وزارة المالية أنه بما أن الدرجة الثانية هي أقل درجات الوظائف الخارجة عن الهيئة التي متوسط ربطها يعادل متوسط ربط الدرجة التاسعة. ولما كان المقصود من قواعد الترقيات والعلاوات العادية هو التيسير على الموظفين، لذلك ترى اعتبار المدد التي قضيت في سلك الوظائف الخارجة عن الهيئة من الدرجة الثانية السايرة فما فوقها كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة, أي يجوز حسابها ضمن المدد المنصوص عليها بقواعد تيسير الترقيات والعلاوات العادية المشار إليها في صدر هذه المذكرة. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الرأي ورأت الموافقة على اعتبار المدد التي قضيت في تلك الوظائف الخارجة عن الهيئة من الدرجة الثانية السايرة فما فوقها كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة".
ومن حيث إنه لما كان قرار مجلس الوزراء المتقدم ذكره قد استهدف بحكمه أن يطبق في خصوص المدد التي تحسب عند الترقية تيسيراً طبقاً لقرارات سنة 1950 الصادرة في هذا الشأن, ولما كانت المادة 40 مكرراً التي أضيفت إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لم تخرج عن أن تكون تقنيناً مجمعاً لقواعد التيسير التي صدر في شأنها قرار مجلس الوزراء المشار إليه؛ إذ جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 94 لسنة 1953 الذي أضيفت بمقتضاه هذه المادة "وقد أضيفت مادة جديدة برقم 40 مكرراً لعلاج حالة قدامى الموظفين", فإن التفسير الوارد في قرار 15 من أكتوبر سنة 1950 يصدق على كل من ينطبق عليه حكم هذه المادة. ويكفي في ذلك أن يكون الموظف الذي يصدق عليه هذا الحكم قد تحققت فيه وقت تطبيق المادة المذكورة صفة الموظف الداخل في الهيئة, تلك الصفة التي هي شرط إعمال النص بحكم وروده في الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 متى توافرت باقي الشروط المتطلبة لإمكان الإفادة من هذا النص.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم لا يكون ثمة سند من القانون لحرمان المدعي من المزية التي قررتها المادة 40 مكرراً من قانون نظام موظفي الدولة لقدامى الموظفين؛ ذلك أنه نقل إلى وظيفة كهربائي بالماهية الشهرية في الدرجة الثانية (60/ 87) منذ أول إبريل سنة 1924, ورقي إلى الدرجة الأولى خارج الهيئة (78/ 90) من أول إبريل سنة 1930, وإلى الدرجة "أ" خارج الهيئة المخصصة لوظيفة كهربائي درجة أولى (96/ 120) من أول سبتمبر سنة 1937, وإلى الدرجة الثامنة اعتباراً من 3 من مارس سنة 1946. وقد جاء التقرير السنوي الوحيد المودع بملف خدمته عن سنة 1953 محدداً كفايته بدرجة جيد, ثم رقي إلى الدرجة السابعة بالكادر الفني المتوسط اعتباراً من 10 من يناير سنة 1955, فتكون شروط انطباق المادة 40 مكرراً من قانون نظام موظفي الدولة قد توافرت في حقه وانطبقت على حالته؛ ومن ثم فإنه يكون من حقه أن تعتبر أقدميته في الدرجة السابعة من التاريخ الذي يكمل فيه المدد المعينة في الفقرة الأولى من المادة 40 مكرراً سالفة الذكر؛ إذ يعتبر مرقى بحكم القانون من اليوم التالي لانقضاء هذه المدة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة السابعة في الكادر الفني المتوسط من اليوم الثاني لانقضاء المدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة وذلك على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الحكومة بالمصروفات.