مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 476

(54)
جلسة 9 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1704 لسنة 2 القضائية

( أ ) معادلات دراسية - القانون رقم 371 لسنة 1953 - نصه صراحة على إلغاء القرارات الصادرة في 8/ 10/ 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951 - عدم مساسه بقرارات تنظيمية عامة لم يقصد إلى إلغائها أو تعديلها - إذا تضمن هذا القانون أية مزايا عما تضمنته القرارات التنظيمية السابقة على صدوره لحملة المؤهلات الواردة بالجدول الملحق به فإن أصحابها يفيدون منه ولو كانوا ممن تسري عليهم هذه القرارات - سريان هذه الإفادة من التاريخ المعين في القانون وبالشروط التي نص عليها.
(ب) معادلات دراسية - الدرجات الجامعية والدبلومات العالية المصرية التي وردت بالبند 64 من الجدول المرفق للقانون رقم 371 لسنة 1953 - ورودها على سبيل التخصيص - لا يدخل فيها شهادات أخرى، ولو أجاز المرسوم الصادر في 10/ 8/ 1953 اعتماد صلاحية حاملها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي.
(جـ) معادلات دراسية - الشهادات العالية الواردة بالمرسوم الصادر في 10/ 8/ 1953 - قصد المشرع من هذا المرسوم - بيان صلاحية حامليها للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي على سبيل الجواز - جواز تعيينهم في درجات أقل وبمرتبات أدنى - عدم انصراف قصده إلى اعتبار هذه الشهادات خاضعة لحكم البند 64 المحلق بقانون المعادلات الدراسية.
(د) معادلات دراسية - القانون رقم 371 لسنة 1953 - تقديره مرتباً أدنى من مرتب الدرجة السادسة بالنسبة لبعض الشهادات التي ينص مرسوم 10/ 8/ 1953 على جواز ترشيح حامليها في وظائف الكادر الإداري والفني العالي - أمثلة.
1 - إن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية له مجاله الخاص في التطبيق، سواء من حيث الموظفين الذين تنطبق عليهم أحكامه أو المؤهلات التي اتخذت أساساً لتقدير الدرجة أو المرتب وفقاً للأحكام التي قررها ومن التاريخ الذي عينه لنفاذها سواء في الحال أو بأثر رجعي، وغني عن البيان أن نطاق القانون المذكور في التطبيق على مقتضى ما تقدم ذكره لا يعني المساس بقرارات تنظيمية عامة لم يقصد إلى إلغائها أو تعديلها أو إهدار المراكز القانونية التي ترتبت عليها, بل تظل هذه قائمة منتجة آثارها في مجال تطبيقها؛ يؤكد ذلك أن القانون المذكور لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول من يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951, وهي بذاتها التي استعرضها في مذكراته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها. ومع ذلك فإذا كان قانون المعادلات الدراسية المشار إليه قد تضمن رفعها في تقدير المؤهلات أو زيادة في المرتب أو في أية مزايا أخرى عما تضمنته القرارات التنظيمية السابقة فإن حملة المؤهلات يفيدون منها ولو كانوا ممن تسري عليهم هذه القرارات, ولكن لا تسري هذه الإفادة إلا من التاريخ المعين في قانون المعادلات وبالشروط التي نص عليها. كما أن المناط في هذا الخصوص أن يكون المؤهل يدخل حقاً ضمن المؤهلات التي عينها قانون المعادلات المشار إليه.
2 - إن الدرجات الجامعية المصرية والدبلومات العالية المصرية وهي التي وردت على التخصيص في البند (64) من الجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية لها تقديرها الخاص من الناحية العلمية أو الفنية، تقديراً لا يمكن معه التجوز بحيث يدخل فيها شهادات أخرى, حتى ولو أجاز المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 اعتماد صلاحية حامليها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي؛ ذلك أن مجال تطبيق هذا المرسوم هو غير مجال تطبيق قانون المعادلات الدراسية؛ ومن ثم فإن شهادة الهندسة التطبيقية العليا لا تعتبر من الدرجات الجامعية المصرية والدبلومات العالية في حكم البند 64 السالف الذكر.
3 - إن المرسوم الصادر في 10/ 8/ 1953 قد ذكر الدرجات الجامعية المصرية تحت بند (1) من المادة الثالثة منه، وذكر الدبلومات العالية المصرية تحت بند (2), وعنى هذه بأنها هي التي تمنحها الدولة المصرية إثر النجاح في معهد دراسي عال تكون مدة الدراسة فيه أربع سنوات على الأقل للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) أو ما يعادلها من الوجهة العلمية حسب ما يقرره وزير المعارف العمومية بالاتفاق مع رئيس ديوان الموظفين بشأن هذا التعادل. ثم استطرد بعد ذلك فذكر شهادات أخرى في اثنين وعشرين بنداً وجميعها تجيز التعيين في الكادر الإداري والفني العالي، فلو أن هذه الشهادات جميعها تعتبر في التقدير الفني أو العلمي مندرجة في الدرجات الجامعية أو الدبلومات العالية لما كان ثمة محل للنص عليها على سبيل الحصر، مما لا يترك مجالاً للشك في أن قصده من هذا المرسوم - بالتطبيق للمواد 9 فقرة أولى و11 و15 و19 من قانون نظام موظفي الدولة - لا يعدو أن يكون اعتمادها في غرض معين, هو صلاحية حامليها للتقدم للترشيح في وظائف الكادر الإداري والفني العالي, لا على سبيل الإلزام بتعيينهم فيها وإنما على سبيل الجواز, بل ويجوز التعيين في درجات أقل وبمرتبات أدنى, ولم يذهب في قصده هذا إلى أبعد من ذلك، وكأن تعتبر تلك الشهادات جميعها من الدرجات الجامعية أو الدبلومات العالية المصرية في مقام تطبيق قانون المعادلات الدراسية على مقتضى البند (64) من الجدول المرافق له.
4 - إن الجدول المرافق لقانون المعادلات ذكر شهادات يعتبرها المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 تجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي، ومع ذلك قدر لها قانون المعادلات الدراسية مرتباً أدنى من مرتب الدرجة السادسة في حكم قانون موظفي الدولة. ومن ذلك دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية للبنات الوارد تحت البند (45) من الجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية وقد قدر له 10.5 ج في الدرجة السادسة, بينما ورد تحت البند (5) من المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 باعتباره مؤهلاً يجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي التي تجيز التعيين في الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً بحسب الجدول المرافق لهذا القانون، وكذلك الشهادة العالية للكليات الأزهرية الثلاث وقدر لها 10.5 ج في الدرجة السادسة في قانون المعدلات الدراسية, بينما وردت تحت البند (6) من المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 باعتبارها من المؤهلات التي تجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي في الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً شهرياً، وكدبلوم معهد التربية للمعلمين ودبلوم المعهد العالي للفنون الطرزية. مما يقطع في أن مجال تطبيق قانون المعادلات الدراسية هو غير مجال تطبيق المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953.


إجراءات الطعن

في 31 من يوليه سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 11 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 6774 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزارة التربية والتعليم ضد محمد مختار طه أحمد حسن، القاضي: "بإلغاء قرار اللجنة القضائية, وإلزام المدعى عليه بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين, للأسباب المبينة بصحيفة الطعن, الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, ورفض دعوى الحكومة, مع إلزامها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 20 من أغسطس سنة 1956 وإلى الخصم في 27 منه, وعين لنظره جلسة 12 من يناير سنة 1957 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات. وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون لصالحه قدم تظلماً في 13 من أغسطس سنة 1953 إلى اللجنة القضائية المختصة بمنازعات موظفي وزارة التربية والتعليم قيد بجدولها تحت رقم 11100 لسنة 1 القضائية طلب فيه تسوية حالته على أساس اعتباره في الدرجة السادسة بمرتب قدره 12 ج شهرياً من تاريخ تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لذلك؛ إنه حصل على شهادة الدراسة الابتدائية في سنة 1937، وعلى شهادة الهندسة التطبيقية العليا في سنة 1946, والتحق بخدمة الحكومة في 23 من ديسمبر سنة 1949 في الدرجة السادسة بمرتب قدره 500 م و10 ج شهرياً، وهو المقدر لهذا المؤهل في قواعد الإنصاف لمن يحصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية, أما من كان حاصلاً على هذه الشهادة فيمنح الدرجة السادسة 12 جنية شهرياً، إلا أنه صدر بعد ذلك القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وقدر لحملة الشهادات العالية الدرجة السادسة بمرتب 12 جنيه شهرياً وقد اعتبر المؤهل الحاصل عليه شهادة عالية بموجب المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 بتحديد المؤهلات العلمية التي يصلح حاملوها للتعيين في وظائف الكادر الفني والإداري العالي، وذلك تنفيذاً للمادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة. وفي 16 من فبراير سنة 1954 قررت اللجنة القضائية أحقيته في تسوية حالته على أساس منحه راتباً قدره 12 ج في الدرجة الساسة من تاريخ تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار, على أن لا يصرف فروق ماليه عن هذه التسوية إلا من 22 من يوليه سنة 1953 عملاً بالقانون رقم 371 لسنة 1953. وقد طعنت الوزارة في هذا القرار بعريضة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 21 من إبريل سنة 1954 طالبة إلغاءه لمخالفته للقانون, وقالت إن المطعون لصالحه عين في الدرجة السادسة بمرتب قدره 500 م و10 ج شهرياً لأنه غير حاصل على شهادة الدراسة الثانوية, وقد تم هذا التعيين طبقاً لأحكام قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 التي قدرت للحاصلين على شهادة الهندسة التطبيقية غير المسبوقة بشهادة الدراسة الثانوية الدرجة السادسة بمرتب 500 م و10 ج شهرياً, ولم يعدل هذا التقدير بالجدول الملحق بالقانون رقم 371 لسنة 1953. ولا وجه للاستناد إلى الفقرة 64 من الجدول المذكور (التي تنص على أن حملة الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية يعينون بمرتب 12 ج في الدرجة السادسة من بدء التعيين) - لا وجه لذلك؛ لأن المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 عرف الدبلومات المصرية بأنها تلك المصحوبة بشهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص). وفي 11 من يونيه سنة 1956 حكمت المحكمة بإلغاء قرار اللجنة القضائية, وإلزام المدعى عليه بالمصروفات؛ وأسست قضاءها على أن القانون رقم 371 لسنة 1953 السالف الذكر, قد صدر استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة لتقدير المؤهلات الدراسية المبينة في الجدول المرفق له, ولم يرد به ذكر لشهادة الهندسة التطبيقية العليا, وفقط ورد في البند 64 من هذا الجدول أن حملة الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية يعينون بمرتب 12 ج شهرياً في الدرجة السادسة من بدء التعيين, وقد حددت الدبلومات المصرية العالية في مرسوم 10 من أغسطس سنة 1953 - الخاص بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في بعض الدرجات - بما لا يدع مجالاً للبس بأنها الدبلومات التي تمنح من معهد دراسي عال تكون مدة الدراسة فيه أربع سنوات على الأقل للحاصلين على شهادة الثانوية (القسم الخاص) أو ما يعادلها، أما ما ورد في البند (21) من المادة الثالثة من المرسوم المذكور المتضمن شهادة الهندسة التطبيقية العليا؛ فيقصد به صلاحية حاملي هذه الشهادة في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي، ولا يعني تقدير المرتب بأي حال؛ إذ لا تعارض بين الاثنين، وليس أدل على ذلك مما ورد في المادة (7) من هذا المرسوم بأنه يجوز لحملة هذه الشهادات التقدم للترشيح لوظائف درجتها أقل من الدرجة المبينة قرين كل منها. واستطرد الحكم فقال: إن ورود الشهادة المشار إليها في البند (21) لا يكفي لاعتبارها شهادة عالية؛ ذلك لأنه ورد في نفس المرسوم تحت البند (6) الشهادة العالية للكليات الأزهرية، وهذه الشهادة مقدر لها في الجدول المرافق للقانون 371 لسنة 1953 مرتب 500 م و10 ج شهرياً في الدرجة السادسة و12 ج في السادسة لمن يعين في درجة فنية أو في إحدى وظائف التدريس في وزارة المعارف وفقاً للقانون رقم 26 لسنة 1936، والذي نص بالمادة 115 منه على أن شهادة العالمية مع الإجازة أو من درجة أستاذ تعتبر من الشهادات العليا من حيث الحقوق التي تخولها لحاملها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه ولئن كان الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 قد شمل جميع المؤهلات الدراسية وتقدير قيمتها ولم يرد به ذكر لدبلوم الهندسة التطبيقية، إلا أنه ورد بالبند 64 منه أن الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية مقرر لها مرتب شهري قدره 12 ج في الدرجة السادسة من بدء التعيين. ويستدل من ذلك أن هذا الدبلوم تشمله عبارة: "الدبلومات العالية المصرية", والقول بغير هذا يؤدي إلى أن حملة هذا الدبلوم لا يشملهم تطبيق هذا القانون إطلاقاً؛ إذ أن أحكامه - كما هو منصوص عليه في المادة الأولى منه - بقصد تطبيقها على حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق له فقط، وهذه نتيجة مستساغة. ومن ثم فإن إغفال ذكر هذا الدبلوم على وجه التحديد يدل على أن المشروع قد تعمد اعتباره ضمن الدبلومات العالية حتى يشمله التغيير الذي صدر من أجله القانون؛ ويؤيد ذلك أن مرسوم أغسطس سنة 1953 السالف ذكره نص في الفقرة 21 من المادة الثالثة منه على أن شهادة الهندسة التطبيقية العليا هي من بين المؤهلات التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي الإداري، وهو وإن كان قد صدر تنفيذاً للقانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة إلا أنه يكشف عن قيمة هذا المؤهل في نظر الحكومة بتقرير صلاحية حامله للتعيين في الدرجة السادسة، وهذا لا يتحقق إلا على أساس اعتباره دبلوماً عالياً، وأن قانون المعادلات الدراسية إذ أطلق اعتبار حامل هذا المؤهل في الدرجة السادسة بمرتب 12 ج شهرياً باعتباره دبلوماً عالياً على الوجه السابق بيانه فإن الأصل أن يجرى المطلق على إطلاقه ما لم يقيد. وإذا قيل بغير ذلك لكان من يعين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951، من حملة هذا الدبلوم غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص أو ما يعادلها), يعين في الدرجة السادسة بمرتب قدره 15 ج شهرياً استناداً إلى ما ورد بمرسوم أغسطس سنة 1952 فيصبح أحسن حالاً ومركزاً من الموظف القديم المعين قبل نفاذ القانون المنوه عنه, وهي نتيجة لا يمكن أن يكون المشرع قد قصدها بحال. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار النزاع في الخصومة هو ما إذا كان دبلوم الهندسة التطبيقية العالية يعتبر من الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية بالمعنى الوارد في البند (64) من الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية, وبهذه المثابة تسوى حالة حامله بالتطبيق لأحكام هذا القانون في الدرجة السادسة وبمرتب 12 ج من بدء التعيين, وتحدد أقدميته في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على هذا المؤهل أيهما أقرب تاريخاً, أم أن المؤهل المذكور لا يعتبر من الدبلومات العالية المصرية أو الدرجات الجامعية المصرية في حكم البند (64) المشار إليه, وبهذه المثابة لا تسوى حالته بالتطبيق لأحكام هذا القانون.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلى أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية له مجاله الخاص في التطبيق سواء من حيث الموظفين الذين تنطبق عليهم أحكامه أو المؤهلات التي اتخذت أساساً لتقدير الدرجة أو المرتب وفقاً للأحكام التي قررها, ومن التاريخ الذي عينه لنفاذها، سواء في الحال أو بأثر رجعي، وغني عن البيان أن نطاق القانون المذكور في التطبيق على مقتضى ما تقدم ذكره لا يعني المساس بقرارات تنظيمية عامة لم يقصد إلغائها أو تعديلها أو إهدار المراكز القانونية التي ترتبت عليها، بل تظل هذه قائمة منتجة آثارها في مجال تطبيقها؛ يؤكد ذلك أن القانون المذكور لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951, وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها.
ومع ذلك فإذا كان قانون المعادلات الدراسية المشار إليه قد تضمن رفعاً في تقدير المؤهلات أو زيادة في المرتب أو في أية مزايا أخرى عما تضمنته القرارات التنظيمية السابقة فإن حملة هذه المؤهلات يفيدون منها ولو كانوا ممن تسري عليهم هذه القرارات. ولكن لا تسري هذه الإفادة إلا من التاريخ المعين في قانون المعادلات وبالشروط التي نص عليها. كما أن المناط في هذا الخصوص أن يكون المؤهل يدخل حقاً ضمن المؤهلات التي عينها قانون المعادلات المشار إليه.
ومن حيث إن الجدول المرافق للقانون المذكور لم يتضمن ذكراً لدبلوم الهندسة التطبيقية العالية كما فعل بالنسبة إلى مؤهلات أخرى عينها في ثلاثة وستين بنداً في الجدول المرافق له بخلاف جدول الشهادات الأزهرية، وإنما يستند المطعون لصالحه في دعواه إلى أن المؤهل المذكور يعتبر من الدبلومات العالية المصرية فيندرج تحت البند الرابع والستين من الجدول المذكور؛ لأن المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 قد اعتبره في البند (21) من المادة الثالثة منه من الشهادات والمؤهلات التي تعتمد لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي في تطبيق المواد 9 فقرة 1 و11 و15 و19 من قانون نظام موظفي الدولة. وأنه لما كانت وظائف الكادر الإداري والفني العالي بحسب الجدول المرافق لهذا القانون تبدأ, من الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً شهرياً، فمفاد ذلك أن يعتبر دبلوماً عالياً في حكم البند (64) من الجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية. وبهذه المثابة تسوى حالته بالتطبيق لأحكامه.
ومن حيث إن الدرجات الجامعية المصرية والدبلومات العالية المصرية وهي التي وردت على التخصيص في البند (64) السالف الذكر لها تقديرها الخاص من الناحية العلمية أو الفنية تقديراً لا يمكن معه التجوز بحيث يدخل فيها شهادات أخرى حتى ولو أجاز المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 اعتماد صلاحية حامليها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي؛ ذلك أن مجال تطبيق هذا المرسوم هو غير مجال تطبيق قانون المعادلات الدراسية، وقد أفصح المرسوم المذكور عن ذلك حينما حدد هذا الغرض في المادة الثالثة, وبأن المقصود هو اعتماد صلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي دون أن يكون قد قصد إلى اعتبار جميع الشهادات الواردة في المادة الثالثة منه هي درجات جامعية أو دبلومات عالية. وأكد ذلك في المادة السابعة منه حينما نص على أن "الدرجات المشار إليها في المواد الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة من هذا المرسوم هي أكبر درجة يمكن لأصحاب الشهادات المبينة في كل مادة منها التقدم للترشيح في وظائفها. ويجوز لحملة الشهادات التقدم للترشيح لوظائف درجتها أقل من الدرجة المبينة قرين كل منها". كما نص في المادة الثامنة منه على أنه "لا يخل هذا المرسوم بتطبيق حكم المادتين السادسة والسابعة من القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية". بينما مفاد أحكام القانون الأخير أن تتم تسوية المراكز القانونية لحملة المؤهلات التي ذكرها على سبيل الوجوب وبصفة حتمية وإلزامية. كما أنه مما يقطع في أن الدرجات الجامعية والدبلومات العالية المصرية تلك التي ذكرها القانون المذكور في البند (64) هي غير سائر الشهادات التي ذكرتها المادة الثالثة من المرسوم المشار إليه، أن هذا المرسوم ذكر الدرجات الجامعية تحت بند (1) من المادة المذكورة, وذكر الدبلومات العالية المصرية تحت بند (2) وعنى هذه بأنها هي التي تمنحها الدولة المصرية إثر النجاح في معهد دراسي عال تكون مدة الدراسة فيه أربع سنوات على الأقل للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) أو ما يعادلها من الوجهة العلمية حسب ما يقرره وزير المعارف العمومية بالاتفاق مع رئيس ديوان الموظفين بشأن هذا التعادل. ثم استطرد بعد ذلك فذكر شهادات أخرى في اثنين وعشرين بنداً من بينها شهادة الهندسة التطبيقية العالية وجميعها تجيز التعيين في الكادر الإداري والفني العالي, فلو أن هذه الشهادات جميعها تعتبر في التقدير الفني أو العلمي مندرجة في الدرجات الجامعية أو الدبلومات العالية لما كان ثمة محل للنص عليها على سبيل الحصر مما لا يترك مجالاً للشك في أن قصده من هذا المرسوم بالتطبيق للمواد 9 فقره أولى و11 و15 و19 من قانون نظام موظفي الدولة لا يعدو أن يكون اعتمادها في غرض معين هو صلاحية حامليها للتقدم للترشيح في وظائف الكادر الإداري والفني العالي, لا على سبيل الإلزام بتعيينهم فيها, وإنما على سبيل الجواز, بل ويجوز التعيين في درجات أقل وبمرتبات أدنى, ولم يذهب في قصده هذا إلى أبعد من ذلك, كأن تعتبر تلك الشهادات جميعاً من الدرجات الجامعية أو الدبلومات العالية المصرية في مقام تطبيق قانون المعادلات الدراسية على مقتضى البند (64) من الجدول المرافق له. ويؤكد ما تقدم جميعه أن الجدول المرافق لقانون المعادلات ذكر شهادات يعتبرها المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 تجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي، ومع ذلك قدر لها قانون المعادلات الدراسية مرتباً أدنى من مرتب الدرجة السادسة في حكم قانون موظفي الدولة. ومن ذلك دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية للبنات الوارد تحت البند (45) من الجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية وقد قدر له 500 م و10 ج في السادسة بينما ورد تحت البند (5) من المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 باعتباره مؤهلاً يجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي التي تجيز التعيين في الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً بحسب الجدول المرافق لهذا القانون, وكذلك الشهادة العالية للكليات الأزهرية الثلاث وقد قدر لها 10.5 ج في الدرجة السادسة في قانون المعادلات الدراسية, بينما وردت تحت البند (6) من المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 باعتبارها من المؤهلات التي تجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي في الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً شهرياً, وكدبلوم معهد التربية للمعلمين ودبلوم المعهد العالي للفنون الطرزية. وكل ذلك يقطع في أن مجال تطبيق قانون المعادلات الدراسية هو غير مجال تطبيق المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953.
ومن حيث إن المطعون لصالحه باعتباره حاملاً لشهادة الهندسة التطبيقية العالية قد عين في 23 من ديسمبر سنة 1946 في الدرجة السادسة المخفضة بمرتب قدره 10.5 ج شهرياً على مقتضى التقدير الوارد لشهادته في قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944, وما دام قانون المعادلات الدراسية لم يتضمن تسوية خاصة لمثل هذا المؤهل, حسبما تقدم, فيكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن - والحالة هذه - على غير أساس سليم من القانون، وهذا مع عدم الإخلال بما يجيزه القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة والمرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 بالتطبيق لأحكام المواد 9 فقرة أولى و11 و15 و19 منه من وضعه في الدرجة السادسة وبمرتب خمسة عشر جنيهاً شهرياً ابتداء من تاريخ العمل بهذا القانون، وقد تم ذلك فعلاً في حقه كما يبين من ملف خدمته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.