أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 425

جلسة 16 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ محمد الصوفي ومسعد الساعي وأحمد سعفان ومحمود البارودي.

(94)
الطعن رقم 6774 لسنة 53 القضائية

(1) حكم "إصداره". بطلان. استئناف. دعوى مدنية. محضر الجلسة.
اشتراط صدور الحكم بالإجماع معاصراً لصدور الحكم في الاستئناف بتشديد العقوبة المحكوم بها أو بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة. حكمة ذلك؟
إثبات صدور الحكم بالإجماع برول الجلسة وبمحضرها الموقع عليه من رئيس الهيئة. دليل على حصوله قرين النطق بالحكم. ولو جاء منطوق الحكم المطعون فيه خلواً من ذلك.
(2) قتل خطأ. نقض "أثر الطعن" "نظره والحكم فيه". دعوى مدنية "نظرها الحكم فيها" استئناف "نظره والحكم فيه".
عدم تقيد المحكمة. الاستئنافية عند نظرها الاستئناف المقام من المدعي بالحق المدني بالحكم الصادر في الشق الجنائي ولو كان حائز لقوة الأمر المقضي. أساس ذلك؟
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
وزن أقوال الشهود. وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم موضوعي.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة ثاني درجة. إجراءات.
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق.
الشهود الذين تلتزم بسماعهم؟
1 - متى كان يبين من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة أنه وإن جاء منطوق الحكم المطعون فيه خلواً مما يفيد صدوره بالإجماع إلا أن رول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة قد أثبت فيه هذا البيان كذلك نص بمحضر الجلسة الذي صدر فيها الحكم المطعون فيه على صدوره بإجماع الآراء لما كان ذلك وكان الشارع إذا استوجب صدور الحكم بالإجماع معاصراً لصدور الحكم في الاستئناف بتشديد العقوبة المحكوم بها أو بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة إنما دل على اتجاه مراده أن يكون الإجماع معاصراً لصدور الحكم وليس تالياً له لأن ذلك ما يتحقق به حكمة تشريعه ومن ثم فإن النعي على إجماع الآراء قرين النطق بالحكم بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة أو برفض الدعوى المدنية شرط لازم لصحة صدور الحكم بالإلغاء والقضاء بالإدانة أو بالتعويض وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى فإن إثبات هذا البيان برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة وبمحضر تلك الجلسة دليل على حصوله قرين النطق بالحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له.
2 - لما كان من المقرر أن للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعين بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقهم المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة - وقد استمر المدعون بالحقوق المدنية في السير في دعواهم المدنية المؤسسة على ذات الواقعة ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه إذ لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن في اطمئنان محكمة الموضوع إلى أقوال شاهد الإثبات ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى قاضي الموضوع ومن ثم كان هذا النعي ولا محل له إذ هو في حقيقته ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما رأت لزوماً لإجرائه ولا تلزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته القوانين واللوائح والقرارات والأنظمة بأن قاد مركبة آلية بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر دون أن يتأكد من خلو الطريق أمامه فاصطدم بالمجني عليه سالف الذكر وحدثت إصابته التي أودت بحياته.
2 - قاد مركبة آلية بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 3، 4، 63، 77 من القانون 66 لسنة 1973 وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح قويسنا قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنف المدعين بالحق المدني.
ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدعوى المدنية وإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وألزمت المتهم بالمصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
فقرر الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه.... الطعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وألزمه بالتعويض قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم ينص في الحكم على إجماع آراء القضاة الذين أصدروه كما أن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة قد أصبح نهائياً وتحول حجته دون مخالفته والحكم بالتعويض للمدعي بالحقوق المدنية مادامت النيابة العامة لم تستأنفه - هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على شهادة.... ملاحظ البلوك رغم وجوده بمكان يستحيل منه رؤية الحادث وأخيراً فإن المحكمة لم تجبه إلى طلب تحقيق الدعوى بمعرفته وعلى الأخص سماع شهادة أمين الشرطة المبلغ دون بيان علة ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة أنه وإن جاء منطوق الحكم المطعون فيه خلواً مما يفيد صدوره بالإجماع إلا أن رول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة قد أثبت فيه هذا البيان كذلك نص بمحضر الجلسة الذي صدر فيها الحكم المطعون فيه على صدوره بإجماع الآراء لما كان ذلك وكان الشارع إذ استوجب صدور الحكم بالإجماع معاصراً لصدور الحكم في الاستئناف بتشديد العقوبة المحكوم بها أو بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة إنما دل على اتجاه مراده أن يكون الإجماع معاصراً لصدور الحكم وليس تالياً له لأن ذلك ما يتحقق به حكمة تشريعه ومن ثم فإن النعي على إجماع الآراء قرين النطق بالحكم بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة أو برفض الدعوى المدنية شرط لازم لصحة صدور الحكم بالإلغاء والقضاء بالإدانة أو بالتعويض وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الأحكام هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى فإن إثبات هذا البيان برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة وبمحضر تلك الجلسة دليل على حصوله قرين النطق بالحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعين بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقهم المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة - وقد استمر المدعون بالحقوق المدنية في السير في دعواهم المدنية المؤسسة على ذات الواقعة ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه إذ لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد..... من "أن الطاعن ضرب المجني عليه بسيارته من الناحية اليسرى قبل انتهاء المجني عليه من عبور الطريق بحوال متر تقريباً وأن الطريق كان خالياً لحظة عبور المجني عليه وأن الطاعن لم يستعمل آلة التنبيه وكان يقود السيارة بسرعة جنونية حوال 150 ك في الساعة كما حصل من أقوال الشاهد.... من أنه أيد الشاهد الأول في قيادة الطاعن للسيارة بسرعة" ثم أبدى الحكم المطعون فيه من بعد اطمئنانه إلى هذه الأقوال. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فيما تقدم يتضمن الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية وبذلك يكون بريئاً من شائبة القصور في التسبيب ويكون منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه تعويله في قضاءه على شهادة لعدم إمكانه رؤية الحادث مردود بما هو مقرر من أن اطمئنان محكمة الموضوع إلى أقوال شاهد الإثبات ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى قاضي الموضوع ومن ثم كان هذا النعي ولا محل له إذ هو في حقيقته ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما رأت لزوماً لإجرائه ولا تلزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة. وإذ كان البين من محاضر الجلسات أمام درجتي التقاضي أن الطاعن لم يطلب سماع أحد من الشهود وكان ما قررته محكمة أول درجة من تلقاء نفسها من تأجيل الدعوى لإعلان أمين الشرطة المبلغ لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه قضى في الدعوى بغير سماع الشهود لا يكون سديداً. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف.