مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 574

(64)
جلسة 23 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1544 لسنة 2 القضائية

( أ ) إجراءات - بطلان إعلان عريضة الدعوى في المنازعة الإدارية، لا يبطل العريضة نفسها ما دامت قد تمت صحيحة - القياس في ذلك على المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات الخاصة بالاستئناف - قياس مع الفارق - الأثر الذي يترتب على بطلان هذا الإعلان.
(ب) مرتب الإقامة - المناطق التي تفيد منه محددة على سبيل الحصر - ليس من بينها منطقتي العامرية والعلمين.
1 - إن بطلان إعلان العريضة ومرفقاتها إلى أي من ذوي الشأن ليس مبطلاً لإقامة الدعوى ذاتها، ما دامت قد تمت صحيحة في الميعاد القانوني بإجراء سابق حسبما حدده قانون مجلس الدولة، وإنما البطلان لا ينصب إلا على الإعلان وحده، إن كان لذلك وجه، ولا يترتب على البطلان أثر إلا في الحدود وبالقدر الذي استهدفه الشارع. والقياس في هذا المقام على المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات المدنية والتجارية هو قياس مع الفارق لاختلاف الإجراءات والأوضاع، وما يترتب عليها من آثار في هذا الشأن بين النظامين؛ إذ الاستئناف ذاته - سواء بدأ بتقرير أو بصحيفة - لا تنعقد خصومته في النظام المدني إلا بإعلان الطرف الآخر به إعلاناً صحيحاً، بينما تقوم المنازعة الإدارية وتنعقد - أياً كان نوعها - بإيداع عريضتها سكرتيرية المحكمة. أما إعلان ذوي الشأن بها وبمرفقاتها، فهو إجراء آخر مستقل بذاته له أغراضه وله آثاره، وهي إعلام ذوي الشأن بقيام المنازعة الإدارية، وإيذانهم بافتتاح المواعيد القانونية لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم خلالها كل في دوره، وذلك بالإيداع في سكرتيرية المحكمة. فإذا كان هذا الإعلان قد وقع باطلاً - بالنسبة لأي من ذوي الشأن - فإنه لا ينتج أثره قبله في خصوص ما سبقت الإشارة إليه إلا من اليوم الذي يتم فيه إعلانه إعلاناً صحيحاً بعد ذلك، ويكون من حقه إذا طلب تمكينه من تقديم مذكراته ومستنداته أن يمنح المواعيد المقررة لهذا الغرض، وأن يجاب إلى طلبه في أية حالة كانت عليها الدعوى وذلك لحين الفصل فيها. أما إذا كان الثابت أنه تقدم في المواعيد الأصلية بناء على الإعلان الباطل بمذكراته ومستنداته، فيكون الأثر المقصود من الإعلان وهو الإعلام بقيام المنازعة الإدارية والإيذان بافتتاح المواعيد القانونية وتقديم المذكرات والمستندات خلالها، قد تحقق فعلاً، ويكون صاحب الشأن قد رتب عليه - ولو أنه وقع باطلاً - الأثر المقصود من الإعلان الصحيح مما لا مندوحة معه من اعتبار ما تم من جانبه، محققاً هذا الأثر، مزيلاً لعيب البطلان، ما دام قد تحقق المراد من الإعلان الصحيح، وهذا أصل من الأصول الطبعية، منعاً لتكرار الإجراءات وتعقيد سير الخصومة بدون مقتض، وتلمح ترديد هذا الأصل فيما نصت عليه المادة 26 من قانون المرافعات المدنية والتجارية من أنه يزول البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته، أو إذا رد الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحاً، أو قام بعمل أو إجراء آخر باعتباره كذلك، وفيما نصت عليه المادة 140 من القانون المذكور من أن بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان، أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أو من عدم مراعاة مواعيد الحضور يزول بحضور المعلن إليه، وذلك بغير إخلال بحقه في التأجيل لاستكمال ميعاد الحضور؛ إذ لا حكمة - والحالة هذه - في التمسك ببطلان إجراء رتب عليه صاحب الشأن أثر الإعلان الصحيح، وإنما تعالج الضرورة بقدرها فلا يخل بحقه في استكمال المواعيد.
2 - إن منطقتي العامرية والعلمين لم تكونا من بين المناطق التي حددها قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من فبراير سنة 1925 في شأن مرتب الإقامة، وأن القرار الصادر من مجلس الوزراء في 2 من مايو سنة 1951 بالموافقة على طلب وزارة العدل منح مرتب إقامة لقاضيين شرعيين وبعض الكتّاب والمحضرين في العريش والقصير ومرسى مطروح والواحات الخارجة والداخلة والبحرية والدر (عنيبة) وإن كان قد تضمن نصاً يقضي بأن يفيد من هذا المرتب جميع موظفي الدولة الذين يعملون في هذه المناطق، إلا أن المدعي ليس له أن يفيد منه؛ لأن منطقتي العامرية والعلمين لم تكونا من بين المناطق التي يسري عليها. وقد عاد مجلس الوزراء في قراراه الصادر في 4 من يونيه سنة 1952 فألغي التعميم الذي كان قد قرره في قراره الصادر في 2 من مايو سنة 1951، وعدل في مرتبات الإقامة بحسب الجهات المختلفة وفقاً للتفصيل الوارد في قراره المشار إليه، ولم تكن العامرية والعلمين من بين تلك الجهات.


إجراءات الطعن

في يوم 6 من يونيه سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 11 من إبريل سنة 1956 في الدعوى رقم 7997 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزارة المواصلات ضد كامل يوسف تادرس، والقاضي ببطلان صحيفة الطعن المقدم من وزارة المواصلات في قرار اللجنة القضائية الصادر في أول إبريل سنة 1954، وبإلزام الحكومة بالمصروفات. وطلب رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن، الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدفع ببطلان صحيفة الطعن، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها". وقد أعلن الطعن للحكومة في 11 من أغسطس سنة 1956، وإلى المدعي في 27 من نوفمبر سنة 1956، وعين لنظر الدعوى جلسة 26 من يناير سنة 1957، وفيها دفع المدعي بعدم جواز الطعن وكذلك بعدم قبوله، ثم أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم، مع الترخيص في تقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
عن الدفع بعدم جواز الطعن:
من حيث إن مبنى هذا الدفع أنه لا يجوز الطعن أمام هذه المحكمة في حكم صادر من محكمة القضاء الإداري في طعن رفع إليها في قرار لجنة قضائية؛ ذلك أن تلك اللجنة بطبيعتها هيئة قضائية فيعتبر الطعن في قرارها في الواقع بمثابة عرض الأمر على هيئة قضائية هي درجة ثانية أعلى من الدرجة السابقة كي تؤيد القرار الصادر من الدرجة الأولى أو تلغيه أو تعدله؛ ومن ثم فلا يجوز الطعن لثالث مرة في الحكم الذي يصدر من محكمة القضاء الإداري؛ لأن حق الطعن في الأحكام التي تصدر من المحكمة المذكورة لا يكون إلا في الأحكام التي تصدرها في حدود اختصاصها المبين في المادة 14 من القانون رقم 165 لسنة 1955، أي كهيئة قضائية تنظر النزاع لأول مرة وبالقيود الموضحة في المادة 15.
ومن حيث إن المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بمجلس الدولة قد خولت رئيس هيئة المفوضين، ومن تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن، الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية، وذلك في الأحوال المنصوص عليها في تلك المادة.
ومن حيث إن نص المادة المذكورة لم يخصص الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بتلك التي تصدرها تلك المحكمة في دعاوى مرفوعة إليها ابتداء دون الأحكام التي تصدرها في دعاوى مرفوعة إليها طعناً في قرار لجنة قضائية أو حكم لمحكمة إدارية، بل المناط في ذلك هو كون الحكم المطعون فيه صدر من أيهما وقامت به حالة أو أكثر من حالات الطعن المنصوص عليها في المادة المذكورة [(1)]. فالدفع والحالة هذه يقوم على تخصيص بغير مخصص من النص.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
عن الدفع ببطلان صحيفة الطعن أمام محكمة القضاء الإداري:
ومن حيث إن هذا الدفع يقوم على أن عريضة الطعن لم تعلن إلى المدعي إلا في الساعة السادسة من مساء يوم 13 من يونيه سنة 1954، مع أنه لا يجوز إجراء أي إعلان أو تنفيذ بعد الساعة الخامسة مساءً طبقاً لنص المادة 8 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وإلا كان باطلاً بالتطبيق لنص المادة 24 من هذا القانون، ويقول المدعي إن هذا البطلان يلحق الطعن ذاته، فلا يترتب عليه أي أثر قياساً على حكم المادة 406 مكرراً من القانون المشار إليه باعتبار أن الطعن في قرار اللجنة القضائية أمام محكمة القضاء الإداري هو بمثابة استئنافه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان صحيفة الطعن أخذاً بهذا النظر.
ومن حيث إن الإجراء لا يكون باطلاً إلا إذا نص القانون على بطلانه، أو شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم؛ وأن البطلان يزول إذا نزل عنه من شرع لمصلحته أو إذا رد على الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحاً أو قام بأي عمل أو إجراء آخر باعتباره كذلك، فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام، وذلك طبقاً للمادتين 25 و26 من القانون سالف الذكر [(1)].
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلي أن إجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية أو أحكامه لا تطبق أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص في قانون مجلس الدولة [(1)]، وبالقدر الذي لا يتعارض أساساً مع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة به.
ومن حيث إنه على مقتضى الإجراءات والأوضاع الخاصة بنظام التداعي أمام القضاء الإداري تجب التفرقة بين الإجراء الذي يقيم المنازعة الإدارية أمامه سواء أكانت طعناً بالإلغاء أم غيره، وما يترتب على هذا الإجراء من آثار، وبين ما يتلو ذلك من إجراءات وما يترتب عليها. فإذا كانت إقامة المنازعة الإدارية بحسب هذا النظام تتم بإجراء معين وقع صحيحاً؛ فإنه ينتج آثاره في هذا الشأن، وبهذه المثابة لا يلحقه بطلان إجراء تالٍ وإنما ينصب البطلان على هذا الإجراء التالي وحده في الحدود وبالقيود وبالقدر الذي قرره الشارع [(1)].
ومن حيث إن إقامة المنازعة الإدارية يتم طبقاً للمادة 13 من القانون رقم 9 لسنة 1949 وللمادة 20 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بإجراء معين يقوم به أحد طرفي المنازعة هو إيداع عريضتها سكرتيرية المحكمة، وبه تنعقد هذه المنازعة، وتكون مقامة في الميعاد القانوني ما دام الإيداع قد تم خلاله، وتقع صحيحة ما دامت العريضة قد استوفيت البيانات الجوهرية التي تضمنتها المادة 14 من القانون الأول والمادة 20 من القانون الثاني، أما إعلان العريضة ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية وإلى ذوي الشأن فليس ركناً من أركان إقامة المنازعة الإدارية أو شرطاً لصحتها، وإنما هو إجراء مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة، وإنما تتولاه المحكمة من تلقاء نفسها، والمقصود منه هو إعلان الطرف الآخر بإقامة المنازعة الإدارية ودعوة ذوي الشأن جميعاً لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم في المواعيد المقررة بطريق الإيداع في سكرتيرية المحكمة وذلك تحضيراً للدعوى ولتهيئتها للمرافعة. فإذا تمت هذه المرحلة عين رئيس المحكمة تاريخ الجلسة التي تنظر فيها وتبلغ سكرتيرية المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن، كل ذلك طبقاً للإجراءات والأوضاع التي نص عليها قانون مجلس الدولة وهي تتميز بأن دور المحكمة في تحريك المنازعة والسير فهيا هو دور إيجابي وليس سلبياً معقوداً زمامه برغبة الخصوم [(1)].
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم لا يكون بطلان إعلان العريضة ومرفقاتها إلى أي من ذوي الشأن مبطلاً لإقامة الدعوى ذاتها ما دامت قد تمت صحيحة في الميعاد القانوني بإجراء سابق حسبما حدده قانون مجلس الدولة، وإنما البطلان لا ينصب إلا على الإعلان وحده، إن كان لذلك وجه، ولا يترتب على البطلان أثر إلا في الحدود وبالقدر الذي استهدفه الشارع. والقياس في هذا المقام على المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات المدنية والتجارية هو قياس مع الفارق لاختلاف الإجراءات والأوضاع، وما يترتب عليها من آثار في هذا الشأن بين النظامين؛ إذ الاستئناف ذاته، سواء بدأ بتقرير أو بصحيفة، لا تنعقد خصومته في النظام المدني إلا بإعلان الطرف الآخر به إعلاناً صحيحاً، بينما تقوم المنازعة الإدارية وتنعقد، أياً كان نوعها، بإيداع عريضتها سكرتيرية المحكمة، أما إعلان ذوي الشأن بها وبمرفقاتها، فهو إجراء آخر مستقل بذاته له أغراضه وله آثاره حسبما سلف إيضاحه، وهي إعلام ذوي الشأن بقيام المنازعة الإدارية، وإيذانهم بافتتاح المواعيد القانونية لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم خلالها كل في دوره، وذلك بالإيداع في سكرتيرية المحكمة.
ومن حيث إنه إذا كان هذا الإعلان قد وقع باطلاً بالنسبة لأي من ذوي الشأن فإنه لا ينتج أثره قبله في خصوص ما سبقت الإشارة إليه، إلا من اليوم الذي يتم فيه إعلانه إعلاناً صحيحاً بعد ذلك، ويكون من حقه إذا طلب تمكينه من تقديم مذكراته ومستنداته أن يمنح المواعيد المقررة لهذا الغرض وأن يجاب إلى طلبه في أية حالة كانت عليها الدعوى؛ وذلك لحين الفصل فيها. أما إذا كان الثابت أنه تقدم في المواعيد الأصلية بناء على الإعلان الباطل بمذكراته ومستنداته فيكون الأثر المقصود من الإعلان وهو الإعلام بقيام المنازعة الإدارية والإيذان بافتتاح المواعيد القانونية وتقديم المذكرات والمستندات خلالها قد تحقق فعلاً، ويكون صاحب الشأن قد رتب عليه - ولو أنه وقع باطلاً - الأثر المقصود من الإعلان الصحيح مما لا مندوحة معه من اعتبار ما تم من جانبه محققاً هذا الأثر، مزيلاً لعيب البطلان؛ ما دام قد تحقق المراد من الإعلان الصحيح، وهذا أصل من الأصول الطبعية، منعاً لتكرار الإجراءات وتعقيد سير الخصومة بدون مقتض، وتلمح ترديد هذا الأصل فيما نصت عليه المادة 26 من قانون المرافعات المدنية والتجارية من أنه يزول البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته أو إذا رد على الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحاً أو قام بعمل أو إجراء آخر باعتباره كذلك، وفيما نصت عليه المادة 140 من القانون المذكور من أن بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان، أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أو عن عدم مراعاة مواعيد الحضور يزول بحضور المعلن إليه، وذلك بغير إخلال بحقه في التأجيل لاستكمال ميعاد الحضور؛ إذ لا حكمة والحالة هذه في التمسك ببطلان إجراء رتب عليه صاحب الشأن أثر الإعلان الصحيح، وإنما تعالج الضرورة بقدرها فلا يخل بحقه في استكمال المواعيد.
ومن حيث إن المدعي قدم مذكراته ومستنداته في 28 من يونيه سنة 1954 أي خلال الميعاد الأصلي المقرر له ترتيباً على الإعلان محل النزاع الذي وقع في 13 من الشهر ذاته بعد الساعة الخامسة مساء.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون هذا الدفع غير قائم على أساس سليم من القانون فيتعين رفضه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه، حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي تقدم إلى اللجنة القضائية لمصالح الحكومة بالإسكندرية بتظلم قيد بالجدول برقم 97 لسنة 2 القضائية، ذكر فيه أنه عين موظفاً بمصلحة السكك الحديدية في الدرجة السابعة في عام 1950، وقد عمل في المدة من 2 من مايو سنة 1951 إلى 30 من يونيه سنة 1952 بمحطات السكك الحديدية ببرج العرب والعلمين في وظيفة معاون محطة، ولذلك يستحق بدل صحراء بواقع 100% من مرتبه عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951. وفي يوم 26 من نوفمبر سنة 1952 قررت اللجنة "استحقاق المتظلم بدل صحراء من المدة من 2 من مايو سنة 1951 لغاية 30 من يونيه سنة 1952 عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من مايو سنة 1951 بالفئات الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من نوفمبر سنة 1945". وبنت قرارها على أن قرار 2 من مايو سنة 1951 لم يقصر استحقاق هذا البدل على جهة معينة من الصحراء ولكنه ينصب على الصحراء بأكملها. وقد طعنت الحكومة في هذا القرار بعريضة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 26 من مايو سنة 1954 طالبة إلغاءه. واستندت إلى أن قرار مجلس الوزراء السالف الذكر منح المرتب لجميع موظفي الدولة الذين يعملون في الصحراء، ولكنه لم يحدد المناطق التي يصرف فيها هذا المرتب، فأصدر ديوان الموظفين كتاباً دورياً في 9 من ديسمبر سنة 1953 نص فيه على أن الجهات التي يصرف فيها هي الجهات التي حددها قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من مايو سنة 1925، مع مراعاة ما دخل عليها من إضافات وما حذف منها بقرارات لاحقة. وبالرجوع إلى هذا القرار والتعديلات التي طرأت عليه يبين أن الجهات التي يصرف فيها مرتب الصحراء هي: "مرسى مطروح والفنارة وغيرها"، ولم يرد ذكر لمحطة إيكنجي مريوط ولا محطات خط الصحراء الغربية. وقد طعن المدعي أمام حكمة القضاء الإداري ببطلان صحيفة الطعن لإعلانه به في الساعة السادسة من مساء يوم 13 من يونيه سنة 1954؛ إذ كان يجب أن يعلن به في ميعاد أقصاه الساعة الخامسة على الأكثر، وقد قبلت المحكمة هذا الدفع وقضت بجلستها المنعقدة في 11 من إبريل سنة 1956 ببطلان صحيفة الطعن، وألزمت الحكومة بالمصروفات. فطعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم؛ مؤسساً طعنه على أن الدعوى تعتبر مقامة بإيداع صحيفتها سكرتيرية المحكمة طبقاً لنص المادة 13 من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، والتي تنص على أن كل دعوى ترفع إلى المحكمة يجب أن تقدم إلى السكرتيرية موقعاً عليها من محام مقيد بجدول المحامين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو محكمة النقض والإبرام. أما الإجراءات التي تتم بعد ذلك فلا تؤثر على اعتبار الدعوى مرفوعة فعلاً عند إيداع صحيفتها. وعلى كل حال فإن البطلان الناشئ عن عيب في إعلان ورقة التكليف بالحضور يزول وفقاً للمادة 140 من قانون المرافعات بحضور المعلن إليه. وقد حضر المطعون ضده بالفعل في جلسات المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري. وطلب رئيس هيئة المفوضين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدفع ببطلان صحيفة الطعن، وإعادة القضية لمحكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة قرارات مجلس الوزراء في شأن مرتبات الإقامة في الصحراء أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من فبراير سنة 1925 حدد الجهات التي يمنح فيها مرتب إقامة لفئات معينة للموظفين الدائمين والمؤقتين المعينين في جهة من الجهات المبينة به مع تخويل وزارة المالية سلطة تعديل الجدول الخاص بهذه الجهات مستقبلاً كلما تراءى لها ضرورة ذلك، ثم وافق المجلس بجلسته المنعقدة في 16 من ديسمبر سنة 1945 على منح الموظفين والمستخدمين بمصلحة المناجم والمحاجر ومصلحة المساحة الذين يندبون للعمل بالجهات الصحراوية بعض مكافآت وتسهيلات معينة، ومنح من يعمل منهم في الصحراء بصفة مستديمة مرتباً إضافياً بفئات معينة بحيث لا يزيد عن الماهية الأصلية، على ألا يصرف لهم بدل إقامة، وألا يجمعوا بين هذا المرتب وبدل السفر القانوني، بل يصرف إليهم أيهما أزيد. وفي 2 من مايو سنة 1951 وافق مجلس الوزراء على تطبيق قراره السالف الذكر على موظفي ومستخدمي المحاكم الابتدائية والشرعية من جميع الدرجات الذين يعملون أو يندبون للعمل ببعض مناطق الصحراء وبلاد النوبة المحددة بالكشفين اللذين ألحقتهما وزارة العدل بمذكرتها، وقرر المجلس أيضاً أن يسري هذا على جميع موظفي الدولة في تلك المناطق.
ومن حيث إن منطقتي العامرية والعلمين لم تكونا من بين المناطق التي حددها قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من فبراير سنة 1925، وأن القرار الصادر من مجلس الوزراء في 2 من مايو سنة 1951 بالموافقة على طلب وزارة العدل منح مرتب إقامة لقاضيين شرعيين وبعض الكتاب والمحضرين في العريش والقصير ومرسى مطروح والواحات الخارجة والداخلة والبحرية والدر (عنيبة) وإن كان قد تضمن نصاً يقضي بأن يفيد من هذا المرتب جميع موظفي الدولة الذين يعملون في هذه المناطق، إلا أن المدعي ليس له أن يفيد منه؛ لأن منطقتي العامرية والعلمين لم تكونا من بين المناطق التي يسري عليها. وقد عاد مجلس الوزراء في قراره الصادر في 4 من يونيه سنة 1952 فألغي التعميم الذي كان قد قرره في قراره الصادر في 2 من مايو سنة 1951. وعدل في مرتبات الإقامة بحسب الجهات المختلفة وفقاً للتفصيل الوارد في قراره المشار إليه، ولم تكن العامرية والعلمين من بين تلك الجهات.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون دعوى المدعي على أساس غير سليم من القانون متعيناً رفضها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 9/ 3/ 1957 (بند 67 من هذه لمجموعة).