أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 441

جلسة 19 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ محمد يونس ثابت نائب رئيس المحكمة ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر.

(98)
الطعن رقم 6979 لسنة 53 القضائية

(1) دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة. جريمة "أركانها". حيازة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نظام عام.
الركن المادي في جريمة دخول منزل في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة. متى يتحقق؟
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". انتهاك حرمة ملك الغير.
كفاية الشك في ثبوت التهمة. سنداً للبراءة. حد ذلك؟
1 - لما كان قانون العقوبات إذ نص في المادتين 369، 370 منه على معاقبة كل من دخل عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيه إنما قصد أن يحمي حائز العقار من اعتداء الغير على هذه الحيازة. وكان الركن المادي لهذه الجريمة وهو "الدخول" يتم بكل فعل يعتبر تعرضاً مادياً للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية بنية الافتئات عليها بالقوة سواء أكانت هذه الحيازة شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن وسواء أكان الحائز مالكاً وغير ذلك تقريراً من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز العقار دون الالتجاء إلى الجهات القضائية المختصة ولو استناداً إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة العدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام.
2 - لئن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط أن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات.


الوقائع

أقامت المدعية بالحق المدني دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الدقي ضد المطعون ضدهم بوصف أنهم اقتحموا الشقة الخاصة بها والمبينة بالأوراق وكان ذلك بطريق الكسر. وطلبت عقابهم بالمادة 370 من قانون العقوبات وبإلزامهم بأن يدفعوا لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للباقين عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهم ورفض الدعوى المدنية. استأنفت المدعية بالحقوق المدنية.
ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة من المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من جريمة دخول مسكن بقصد منع حيازته بالقوة وبرفض الدعوى المدنية قبلهم قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم أسس قضاءه بالبراءة على صدور قرار من السيد النائب العام بتاريخ 14 من يناير سنة 1979 - بتمكين المطعون ضدهم من الشقة محل الاتهام ولم يفطن إلى أن ذلك القرار قد صدر بعد وقوع الفعل المسند إلى المطعون ضدهم وهو اقتحامهم الشقة كما أن المحكمة لم تعرض للمستندات التي قدمتها الطاعنة تدليلاً على ارتكاب المطعون ضدهم بالفعل المسند إليهم إيراداً ورداً كل ذلك، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المدعية بالحقوق المدنية أقامت الدعوى الجنائية بالطريق المباشر قبل المطعون ضدهم بوصف أنهم في يوم 3 من يناير سنة 1979 اقتحموا الشقة الخاصة بها بالعقار رقم 23 شارع التحرير وكان ذلك بطريق الكسر وطلبت عقابهم بالمادة 370 من قانون العقوبات مع إلزامهم بأداء مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، وبالجلسة قدمت مستنداتها وصممت على الطلبات. ثم خلص الحكم إلى تبرئة المطعون ضدهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم تبعاً لذلك وبرر قضاءه بقوله "وحيث إن الثابت أن المتهمين قد صدر لهم بتاريخ 14/ 1/ 1979 قرار من السيد النائب العام بتمكينهم من العين المؤجرة الأمر الذي يضحى سبباً ومبرراً لدخول العين وأن ما نسب إليهم من جرائم جاءت الأوراق خلواً من دليل يسانده". لما كان ذلك وكان قانون العقوبات إذ نص في المادتين 369، 370 منه على معاقبة كل من دخل عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيه إنما قصد أن يحمي حائز العقار من اعتداء الغير على هذه الحيازة. وكان الركن المادي لهذه الجريمة وهو "الدخول" يتم بكل فعل يعتبر تعرضاً مادياً للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية بنية الافتئات عليها بالقوة سواء أكانت هذه الحيازة شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن وسواء كان الحائز مالكاً أو غير ذلك تقريراً من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز العقار دون الالتجاء إلى الجهات القضائية المختصة ولو استنادا إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة العدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام. وكان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه ببراءة المطعون ضدهم من تهمة دخول عقار - على النحو السابق ذكره - بما لا يسوغه ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه ذلك أن قرار النائب العام الذي اتخذ منه سنداً لدخول المطعون ضدهم العين المؤجرة قد صدر في تاريخ لاحق لوقوع الفعل وذلك على ما يبين من مدوناته المشار إليها فيما تقدم. لما كان ذلك، وكان البين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعنة قدمت مستندات تمسكت بدلالتها على ثبوت الاتهام قبل المطعون ضدهم وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانها على قوله "إن المدعية بالحق المدعي قدمت مستنداتها وصممت على طلباتها". لما كان ذلك ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط أن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعنة ولو أنه عنى ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى. فإنه يكون مشوباً - فضلاً عن قصوره - بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة.