مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 610

(67)
جلسة 9 من مارس سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 142 لسنة 2 القضائية

( أ ) محكمة إدارية عليا - الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري - لا يلزم أن ينصب على الأحكام الصادرة منها في دعاوى مرفوعة إليها ابتداء - جوازه بالنسبة للأحكام الصادرة منها في دعاوى مرفوعة إليها طعناً في قرار لجنة قضائية أو حكم محكمة إدارية.
(ب) إجراءات - بطلان الإجراء إذا نص القانون على ذلك أو شابه عيب جوهري أضر بالخصم - زوال البطلان، غير المتعلق بالنظام العام، إذا نزل عنه من شرع لمصلحته ولو ضمناً.
(جـ) إجراءات - قواعدها الواردة في قانون المرافعات - سريانها أمام القضاء الإداري فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة، وبالقدر الذي لا يتعارض أساساً مع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة.
(د) إجراءات - ثبوت صحة الإجراء اللازم لإقامة المنازعة الإدارية - وقوع بطلان في إجراء تالٍ - عدم مساسه بالإجراء الأول.
(هـ) إجراءات - قيام المنازعة الإدارية يتم بإيداع عريضتها سكرتيرية المحكمة - اعتبارها مرفوعة في الميعاد إذا أودعت العريضة في الميعاد - اعتبارها صحيحة إذا استوفيت العريضة البيانات الجوهرية التي تضمنتها المادة 20 من قانون مجلس الدولة - إعلان العريضة لطرفي الخصومة ليس ركناً من أركان إقامة المنازعة الإدارية، ولا شرطاً لصحتها.
(و) إجراءات - منازعة إدارية - بطلان إعلان عريضة دعواها أو توجيهه بعد ميعاد السبعة الأيام المشار إليه في المادة 22 من قانون مجلس الدولة - الآثار التي تترتب على ذلك - ليس من بينها بطلان عريضة الدعوى ومرفقاتها ما دامت قد تمت صحيحة.
(ز) مدة خدمة سابقة - ضمها - سرد لبعض المراحل التشريعية لتلك القواعد.
(ح) مدة خدمة سابقة - ضمها - شرط الإفادة من القرارات الصادرة في هذا الشأن أن يكون الموظف حاصلاً على مؤهل دراسي وموجوداً عند الضم على درجة داخل الهيئة.
1 - إن نص المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة لم يخصص الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بتلك التي تصدرها تلك المحكمة في دعاوى مرفوعة إليها ابتداء دون الأحكام التي تصدرها في دعاوى مرفوعة إليها طعناً في قرار لجنة قضائية أو حكم لمحكمة إدارية، بل المناط في ذلك هو كون الحكم المطعون فيه صدر في أيهما وقامت به حالة أو أكثر من حالات الطعن المنصوص عليها في المادة المذكورة.
2 - إن الإجراء لا يكون باطلاً إلا إذا نص القانون على بطلانه أو شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم، ويزول هذا البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته، أو إذا رد على هذا الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحاً، أو قام بأي عمل أو إجراء آخر باعتباره كذلك، فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام، وذلك طبقاً للمادتين 25 و26 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
3 - إن إجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية أو أحكامه لا تطبق أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة، وبالقدر الذي لا يتعارض أساساً مع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة به.
4 - على مقتضى الإجراءات والأوضاع الخاصة بنظام التداعي أمام القضاء الإداري تجب التفرقة بين الإجراء الذي يقيم المنازعة الإدارية أمامه سواء أكان طعناً بالإلغاء أم غيره، وما يترتب على هذا الإجراء من آثار، وبين ما يتلو ذلك من إجراءات وما يترتب عليها. فإذا كانت إقامة المنازعة الإدارية بحسب هذا النظام تتم بإجراء معين وقع صحيحاً، فإنه ينتج آثاره في هذا الشأن؛ وبهذه المثابة لا يلحقه بطلان إجراء تالٍ، وإنما ينصب البطلان على هذا الإجراء وحده في الحدود وبالقيود وبالقدر الذي قرره الشارع.
5 - إن إقامة المنازعة الإدارية تتم طبقاً للمادة 13 من القانون رقم 9 لسنة 1949 وللمادة 20 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بإجراء معين يقوم به أحد طرفي المنازعة هو إيداع عريضتها سكرتيرية المحكمة، وبه تنعقد هذه المنازعة وتكون مقامة في الميعاد القانوني ما دام الإيداع قد تم خلاله، وتقع صحيحة ما دامت العريضة قد استوفت البيانات الجوهرية التي تضمنتها المادة 14 من القانون الأول والمادة 20 من القانون الثاني. أما إعلان العريضة ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية وإلى ذوي الشأن فليس ركناً من أركان إقامة المنازعة الإدارية أو شرطاً لصحتها، وإنما هو إجراء مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة وإنما تتولاه المحكمة من تلقاء نفسها، والمقصود منه هو إعلان الطرف الآخر بإقامة المنازعة الإدارية ودعوة ذوي الشأن جميعاً لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم في المواعيد المقررة بطريق الإيداع في سكرتيرية المحكمة؛ وذلك تحضيراً للدعوى وتهيئتها للمرافعة، فإذا تمت هذه المرحلة عين رئيس المحكمة تاريخ الجلسة التي تنظر فيها وتبلغ سكرتيرية المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن، كل ذلك طبقاً للإجراءات والأوضاع التي نص عليها قانون مجلس الدولة، وهي تتميز بأن دور المحكمة في تحريك المنازعة والسير فيها هو دور إيجابي وليس سلبياً معقوداً زمامة برغبة الخصوم.
6 - إن بطلان إعلان عريضة الدعوى ومرفقاتها إلى أي من ذوي الشأن في المنازعة الإدارية لا يكون مبطلاً لإقامة الدعوى ذاتها ما دامت قد قامت صحيحة في الميعاد القانوني بإجراء سابق حسبما حدده قانون مجلس الدولة، وإنما البطلان لا ينصب إلا على الإعلان وحده إن كان لذلك وجه؛ ولا يترتب على البطلان أثر إلا في الحدود وبالقدر الذي استهدفه الشارع. ومن باب أولى لا وجه للبطلان إذا كان الإعلان قد وقع صحيحاً، ولكن بعد ميعاد السبعة الأيام المشار إليه في المادة 22 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. وغاية الأمر أنه إذا كان الإعلان قد وقع باطلاً فإنه لا ينتج أثره في خصوص ما سبقت الإشارة إليه إلا من اليوم الذي يتم فيه إعلان ذوي الشأن إعلاناً صحيحاً بعد ذلك، ويكون من حق أي منهم إذا طلب تمكينه من تقديم مذكراته أن يمنح المواعيد المقررة لهذا الغرض، وأن يجاب إلى طلبه في أي حالة كانت عليها الدعوى، وذلك لحين الفصل فيها، أما إذا كان الثابت أنه قد تقدم في المواعيد الأصلية، بناء على الإعلان الباطل، بمذكراته ومستنداته فيكون الأثر المقصود من الإعلان، وهو الإعلام بقيام المنازعة الإدارية والإيذان بافتتاح المواعيد القانونية وتقديم المذكرات والمستندات خلالها، قد تحقق فعلاً، ويكون صاحب الشأن قد رتب عليه الأثر المقصود من الإعلان الصحيح، مما لا مندوحة معه من اعتبار ما تم من جانبه محققاً هذا الأثر، أما إذا كان الإعلان قد وقع صحيحاً ولكن بعد السبعة الأيام المشار إليها آنفاً، فغني عن البيان أن المواعيد لا تبدأ إلا من تاريخ هذا الإعلان. وليست من تاريخ انتهاء السبعة الأيام المذكورة.
7 - يبين من استعراض قرارات مجلس الوزراء المختلفة الصادرة بحساب مدد الخدمة السابقة أنه في 18 من أكتوبر سنة 1930 وافق على وضع قواعد خاصة بحساب مدد الخدمة السابقة في تحديد الماهية الأولية عند التعيين المباشر في خدمة الحكومة المصرية بالشروط الآتية، وقد تضمنتها أحكام المنشور رقم 2 لسنة 1931 وهذه القواعد هي:
في الوظائف الفنية:
1 - يشترط أن يكون العمل في الخدمة السابقة من نوع عمل الوظيفة المطلوب التعيين فيها. 2 - أن تكون الخدمة السابقة في إحدى مصالح الحكومة أو الهيئات الآتي ذكرها: وزارة الأوقاف - حكومة السودان - الخاصة الملكية - الأوقاف الملكية الخصوصية - المعاهد الدينية - مجالس المديريات - المجالس البلدية والمحلية - مجلس الصحة البحرية والكورنتينات - الجمعية الزراعية - المدارس التي تحت إشراف وزارة المعارف - البنوك المعتمدة من الحكومة لإعطاء الكفالات بشرط أن يكون المرشح حاملاً لشهادة فنية.
3 - أقصى مدة خدمة سابقة يجوز حسابها هي ست سنوات فقط مهما بلغ طول هذه الخدمة، ولا تحسب أية مدة تقل عن سنتين كما لا يجوز أن تضم مدد تقل عن ستة أشهر بعضها إلى بعض لإدخالها في الحساب.
4 - يجوز منح المرشح في الدرجة المطلوب تعيينه فيها الماهية الأولية المقررة لمؤهلاته الدراسية مضافاً إليها علاوة أو أكثر من علاوات الدرجة بنسبة مدة الخدمة السابقة بحيث لا يتجاوز عدد العلاوات ثلاثاً.
5 - لا تحسب مدة الخدمة السابقة ولا التمرين بالعمل الفني في هيئة غير الهيئات المنصوص عليها في البند الثاني إلا بقرار من اللجنة المالية التي تقدر ظروف كل حالة. 6 - لا تدخل مدة الخدمة السابقة ولا مدة التمرين العملي الفني في حساب الأقدمية في الدرجة للترقية ولا في حساب المدة المقررة لمنح علاوة بل تبتدئ المدة القانونية للترقية أو العلاوة من تاريخ التعيين. 7 - لا تحسب مدة الخدمة السابقة بالشروط المتقدمة إلا عند التعيين المباشر في الدرجة السادسة وما يقل عنها. أما عند التعيين المباشر في الدرجة الخامسة فما فوق فلا تحسب تلك المدد السابقة إلا بقرار من اللجنة المالية ومجلس الوزراء. 8 - حساب المدد السابقة في تحديد الماهية الأولية جوازي لا إلزامي، أي أنه لا يتحتم على الوزارة المختصة منح علاوة ما فوق الماهية المقررة للمؤهلات الدراسية، بل لها أن تمنحها كلها أو بعضها أولاً تمنح العلاوة مطلقاً، ومتى تقررت الماهية على هذه القاعدة لا يجوز مطلقاً إدخال تعديل عليها.
في الوظائف الكتابية:
1 - تطبق الأحكام المتقدمة على الموظفين الكتابيين مع القيد الآتي: أقصى مدة خدمة سابقة يجوز حسابها أربع سنوات فقط مهما بلغ طول هذه المدة على أنه لا يجوز منح الموظف أو المستخدم أكثر من علاوتين من علاوات الدرجة المعين فيها.
قواعد عامة:
( أ ) القواعد المتقدمة لا تمس الأحكام المتعلقة بإعادة قدماء الموظفين إلى الخدمة.
(ب) يعمل بهذه القواعد من تاريخ صدروها أي أن الموظفين الذين سبق تعيينهم وربطت لهم ماهية لا يجوز لهم المطالبة بالمعاملة بها. (ج) جميع الأحكام المعمول بها الآن لحساب مدة الخدمة السابقة لتقدير الماهية في حساب الأقدمية في الدرجة تعتبر ملغاة من تاريخ صدور التعليمات المتقدمة. استمر العمل بالقواعد المشار إليها حتى 16 من يونيه سنة 1941 حيث صدر قرار من مجلس الوزراء يقضي بوقف العمل بقرار 18 من أكتوبر سنة 1930 ريثما تعيد وزارة المالية بحث الموضوع. ولما أتمته تقدمت به في 30 من يناير سنة 1944، وفيما يلي بيان القواعد التي أقرها المجلس في هذا التاريخ: تحسب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية والعلاوة بالنسبة لمن كانوا معينين على وظيفة دائمة أو مؤقتة أو على اعتماد أو بالمياومة أو بمكافأة أو في وظيفة خارج الهيئة بشرط أن يكون للخدمة السابقة صفة الاستقرار حسب الشروط الآتية: 1 - ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات. 2 - أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته. 3 - ألا تقل المؤهلات السابقة عن المؤهلات اللازمة للعمل الجديد. 4 - ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة. 5 - ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك. 6 - ألا تزيد مدة ترك العمل على سنتين. فإن انتفى شرط من هذه الشروط كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد، وإن توافرت وكانت الخدمة على وظيفة معينة في الميزانية أو على اعتماد، أعيد الموظف بدرجته وماهيته السابقتين على ألا تزيد الماهية على نهاية الدرجة واحتفظ له بما اكتسب من أقدمية للترقية والعلاوة في درجته السابقة قبل ترك الخدمة. وإذا كانت الخدمة السابقة باليومية أو بالمكافأة جازت إعادته بحالته السابقة. هذا إذا كانت الخدمتان متصلتين، أما إذا انفصلتا فلا يحسب إلا ثلاثة أرباعها، وإن تعذرت الإعادة إلى مثل درجته السابقة وأعيد إلى أقل منها حسب له في درجته الجديدة الأقدمية التي اكتسبها في درجاته السابقة ابتداء من تاريخ حصوله على الدرجة المعادلة للدرجة الجديدة. وإن كانت الخدمة السابقة في هيئة شبه حكومية تطبق نظم الحكومة حسب ثلاثة أرباع المدة وتقدر الدرجة والماهية على أساس المؤهل الدراسي ودرجة العمل الحكومي المماثل لعمله وافتراض حصول ترقية بعد كل ست سنوات من المدة المحسوبة بحيث لا يكون تعيينه في الحكومة في درجة أعلى من التي كان يشغلها في الهيئة الشبه الحكومية ولا بماهية أكبر من التي كان يتقاضاها إلا إذا كان مؤهله الدراسي يعطيه الحق في ماهية أو في درجة أعلى فيمنحها طبقاً لهذا المؤهل. وإن كانت الخدمة في هيئة شبه حكومية ولا تطبق نظم الحكومة أو في هيئة خاصة أو عمل حر حسب نصف المدة على الأساس المتقدم وتطبق هذه القواعد على الموجودين في الخدمة بحيث لا يصرف فرق إلا من 30 من يناير سنة 1944. وفي 26 من مارس سنة 1946 قررت وزارة المالية وقف العمل مؤقتاً بأحكام قرار مجلس الوزراء سالف الذكر ريثما تعيد الوزارة النظر في الأمر وتحدد الهيئات والبنوك والشركات التي يجوز ضم مدد الاشتغال فيها إلى الخدمة الحكومية. وفي 11 من مايو سنة 1947 وافق مجلس الوزراء على قواعد جديدة لحساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية لا تخرج في إجمالها عن قرار 30 من يناير سنة 1944، وحددت الهيئات التي يجوز ضم مدد الاشتغال فيها إلى الخدمة الحكومية بما يتفق وقرار 18 من أكتوبر سنة 1930 وزيدت عليها: 1 - الهيئات والجمعيات المهنية الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة كالاشتغال بالطب والمحاماة والهندسة إذ أن العمل في هذه المهن مقصور على من يكون حائزاً لبكالوريوس الطب أو ليسانس الحقوق أو لبكالوريوس الهندسة أو الشهادات الفنية الأخرى... 2 - الهيئات والجمعيات الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو أوامر ملكية كالجمعية الجغرافية وجمعية الإسعاف... 3 - بنك التسليف الزراعي وبنك التسليف العقاري والبنوك العقارية والشركات المساهمة الصادر بتأليفها مرسوم والجمعيات التعاونية والغرف التجارية. وتضمنت هذه القواعد أن "تقدر الدرجة والماهية عند حساب مدد الخدمة السابقة على أساس المؤهل الدراسي ودرجة العمل الحكومي المماثل لعمل الموظف". وفي 7 من نوفمبر سنة 1948 وافق مجلس الوزراء على القواعد التي تتبع لتسوية حالة المستخدمين الذين كانوا باليومية ثم وضعوا على درجات بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، وقد نص في هذا القرار على أن ذوي المؤهلات الدراسية التي تجيز التعيين في الدرجات الثامنة والسابعة والسادسة تحسب لهم نصف مدد خدمتهم الحكومية التي قضيت في سلك اليومية أو سلك الوظائف الخارجة عن الهيئة في أقدمية الدرجة التي وضع فيها كل منهم حسب مؤهله الدراسي سواء أكانت هذه المدد منفصلة أم متصلة، إذا كانت مدد الانفصال في كل مرة لا تزيد على خمس سنوات. وفي 11 من يونيه سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على ما طلبته وزارة الزراعة من ضم مدد الخدمة التي قضاها موظفون المؤهلون على اعتمادات أو في التمرين في أقدميتهم في الدرجات التي نقلوا إليها حتى لا يسبقهم في الأقدمية من التحقوا في الخدمة بعدهم وعينوا مباشرة في نفس الدرجات. وفي 20 من أغسطس سنة 1950 وافق المجلس أيضاً على القواعد الآتية: "أولاً - حساب مدة التطوع في جميع أسلحة الجيش المختلفة والبحرية والطيران كاملة في أقدمية الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي الذي يحمله المتطوع وذلك عند التحاقه في وظيفة مدنية على ألا يترتب على ذلك زيادة في الماهية. ثانياً - حساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي وعلى أن يسري هذا على المتطوعين ذوي المؤهلات الدراسية في جميع أسلحة الجيش.... ثالثاً - تطبيق البندين السابقين على حملة المؤهلات الدراسية الذين وضعوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم قبل 9 من ديسمبر سنة 1944 وكذلك الذين وضعوا أو يوضعون على تلك الدرجات بعد هذا التاريخ".
8 - إن قرارات حساب مدد الخدمة السابقة جميعاً قد استهدفت تسوية حالات خاصة بشروط معينة في فترة محددة، وهي حالات الموظفين المؤهلين الموجودين في الخدمة في سلك الدرجات، فشرط إفادة الموظف من أي من هذه القرارات - بالشروط الواردة بها - أن يكون حاصلاً على مؤهل دراسي وموجوداً عند الضم على درجة من درجات الداخلين في الهيئة، وقد رددت القرارات جميعاً هذين الشرطين الأساسيين؛ وبذلك يخرج من مجال تطبيق هذه القرارات غير ذوي المؤهلات ومن لم يكن منهم عند الضم في درجة داخل الهيئة، أما إذا كان مؤهلاً وكان عند الضم على درجة داخل الهيئة فيجوز ضم مدة خدمته السابقة في كادر العمال إن توافرت في حقه سائر الشروط الأخرى؛ ومن ثم إذا ثبت أن المدعي, وإن كان معيناً الآن في الدرجة الثامنة وهي من الدرجات الدائمة، إلا أنه تخلف في حقه شرط الحصول على المؤهل الدراسي؛ وبذلك لا يفيد من أحكام قرارات حساب مدد الخدمة السابقة، سواء في ذلك أعومل طبقاً لقرار 30 من يناير سنة 1944 أم طبقاً لقرار 11 من مايو سنة 1947.


إجراءات الطعن

في 28 من يناير سنة 1956 أودع رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة) بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 593 لسنة 8 ق المرفوعة من وزارة المالية ضد المندوه عبد المطلب قنديل، القاضي: "برفض الدعوى وإلزام الحكومة بالمصروفات" وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار اللجنة القضائية، والقضاء برفض التظلم، وإلزام المتظلم بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 2 من فبراير سنة 1956 وإلى الخصم في 16 من فبراير سنة 1956، وعين لنظره جلسة 19 من يناير سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم. وقد قدم محامي المدعى عليه مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن، ثم تناول الموضوع وطلب في نهاية المذكرة رفض الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
( أ ) عن الدفع بعدم قبول الطعن:
من حيث إن هذا الدفع يقوم على وجهين: الأول عدم جواز الطعن في حكم محكمة القضاء الإداري، إذ أن حكمها نهائي لا يجوز الطعن فيه إلا عن طريق التماس إعادة النظر، والثاني عدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد. ويتحصل الوجه الأول في أن المادة 14 من القانون رقم 165 لسنة 1955 تنص على أن "تختص محكمة القضاء الإداري بصفة نهائية بالفصل في الطلبات والمنازعات المنصوص عليها في المواد 8 و9 و10 و11 عدا ما تختص به المحاكم الإدارية... إلخ". ومدلول هذا النص أن محكمة القضاء الإداري إذ تختص في هذه المسائل فإن فصلها يكون غير قابل للطعن فيها بالنسبة لأحكام القضاء الإداري؛ إذ أن مدلول تعبير المشرع بكلمة "الفصل بصفة نهائية" هو عدم قبول هذه الأحكام للطعن فيها بطريق الطعن الذي ينظمه القانون كإجراء عادي من إجراءات الطعن، ولما كان موضوع النزاع المطروح على محكمة القضاء الإداري الذي صدر قضاؤها فيه، وقدم عنه هذا الطعن غير مندرج تحت المواد 8 و9 و10 و11، فإن هذا القضاء لا يجوز أن يطعن فيه إلا بطريق التماس إعادة النظر. ويتحصل الوجه الثاني في أن المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 تقضي بأن يرفع الطعن خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم، كما تقضي المادة 22 بأنه "تعلن عريضة الطعن ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية المختصة وإلى ذوي الشأن في ميعاد لا يجاوز سبعة أيام من تاريخ تقديمها". ومؤدى ذلك أنه لا يجوز بحال من الأحوال أن يجاوز ميعاد الطعن 67 يوماً من تاريخ صدور الحكم على أن يشمل هذا الميعاد إيداع العريضة وكذا إعلانها إلى ذوي الشأن. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 5 من ديسمبر سنة 1955، وطعنت فيه هيئة المفوضين بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة العليا في 28 من يناير سنة 1956، وأعلنت العريضة للمدعى عليه في 16 من فبراير سنة 1956، أي بعد إيداع الطعن بتسعة عشر يوماً، فإن الطعن يكون قد فات ميعاده.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول، فإن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 قد خولت رئيس هيئة المفوضين، من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن، الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية، وذلك في الأحوال المنصوص عليها في تلك المادة.
ومن حيث إن نص المادة المذكورة لم يخصص الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بتلك التي تصدرها تلك المحكمة في دعاوى مرفوعة إليها ابتداء دون الأحكام التي تصدرها في دعاوى مرفوعة إليها طعناً في قرار لجنة قضائية أو حكم لمحكمة إدارية، بل المناط في ذلك هو كون الحكم المطعون فيه صدر في أيهما وقامت به حالة أو أكثر من حالات الطعن المنصوص عليها في المادة المذكورة، فالدفع، والحالة هذه، يقوم على تخصيص بغير مخصص من النص.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني، ومفاده أن إعلان صحيفة الطعن للمدعي تم بعد تسعة عشر يوماً من إيداعها، أي بعد السبعة الأيام المنصوص عليها في المادة 22 من القانون رقم 165 لسنة 1955، ويقول إن من شأن ذلك بطلان الطعن ذاته.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن الإجراء لا يكون باطلاً إلا إذا نص القانون على بطلانه أو شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم، ويزول هذا البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته إذا رد على هذا الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحاً أو قام بأي عمل أو إجراء آخر باعتباره كذلك، فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام، وذلك طبقاً للمادتين 25 و26 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلى أن إجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية أو أحكامه لا تطبق أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة، وبالقدر الذي لا يتعارض أساساً مع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة به.
ومن حيث إنه على مقتضى الإجراءات والأوضاع الخاصة بنظام التداعي أمام القضاء الإداري يجب التفرقة بين الإجراء الذي يقيم المنازعة الإدارية أمامه سواء أكانت طعناً بالإلغاء أم غيره، وما يترتب على هذا الإجراء من آثار، وبين ما يتلو ذلك من إجراءات وما يترتب عليها، فإذا كانت إقامة المنازعة الإدارية، بحسب هذا النظام، تتم بإجراء معين وقع صحيحاً، فإنه ينتج آثاره في هذا الشأن، وبهذه المثابة لا يلحقه بطلان إجراء تالٍ، وإنما ينصب البطلان على هذا الإجراء التالي وحده في الحدود وبالقيود وبالقدر الذي قرره الشارع.
ومن حيث إن إقامة المنازعة الإدارية تتم طبقاً للمادة 13 من القانون رقم 9 لسنة 1949 وللمادة 20 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بإجراء معين يقوم به أحد طرفي المنازعة، هو إيداع عريضتها سكرتيرية المحكمة، وبه تنعقد هذه المنازعة وتكون مقامه في الميعاد القانوني ما دام الإيداع قد تم خلاله، وتقع صحيحة ما دامت العريضة قد استوفت البيانات الجوهرية التي تضمنتها المادة 14 من القانون الأول والمادة 20 من القانون الثاني. أما إعلان العريضة ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية وإلى ذوي الشأن فليس ركناً من أركان إقامة المنازعة الإدارية أو شرطاً لصحتها، وإنما هو إجراء مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة، وإنما تتولاه المحكمة من تلقاء نفسها. والمقصود منه هو إعلام الطرف الآخر بإقامة المنازعة الإدارية ودعوة ذوي الشأن جميعاً لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم في المواعيد المقررة بطريق الإيداع في سكرتارية المحكمة، وذلك تحضيراً للدعوى وتهيئتها للمرافعة، فإذا تمت هذه المرحلة عين رئيس المحكمة تاريخ الجلسة التي تنظر فيها وتبلغ سكرتارية المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن، كل ذلك طبقاً للإجراءات والأوضاع التي نص عليها قانون مجلس الدولة، وهي تتميز بأن دور المحكمة في تحريك المنازعة والسير فيها هو دور إيجابي وليس سلبياً معقوداً زمامه برغبة الخصوم.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم لا يكون بطلان إعلان العريضة ومرفقاتها إلى أي من ذوي الشأن مبطلاً لإقامة الدعوى ذاتها، ما دامت قد تمت صحيحة في الميعاد القانوني بإجراء سابق حسبما حدده قانون مجلس الدولة، وإنما البطلان لا ينصب إلا على الإعلان وحده إن كان لذلك وجه، ولا يترتب على البطلان أثر إلا في الحدود وبالقدر الذي استهدفه الشارع، ومن باب أولى لا وجه للبطلان إذا كان الإعلان قد وقع صحيحاً ولكن بعد ميعاد السبعة الأيام المشار إليه في المادة 22 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. وغاية الأمر أنه إذا كان الإعلان قد وقع باطلاً فإنه لا ينتج أثره في خصوص ما سبقت الإشارة إليه إلا من اليوم الذي يتم فيه إعلان ذوي الشأن إعلاناً صحيحاً بعد ذلك، ويكون من حق أي منهم إذا طلب تمكينه من تقديم مذكراته ومستنداته أن يمنح المواعيد المقررة لهذا الغرض، وأن يجاب إلى طلبه في أية حالة كانت عليها الدعوى وذلك لحين الفصل فيها. أما إذا كان الثابت أنه تقدم في المواعيد الأصلية بناء على الإعلان الباطل بمذكراته ومستنداته فيكون الأثر المقصود من الإعلان وهو الإعلام بقيام المنازعة الإدارية والإيذان بافتتاح المواعيد القانونية وتقديم المذكرات والمستندات خلالها، قد تحقق فعلاً، ويكون صاحب الشأن قد رتب عليه الأثر المقصود من الإعلان الصحيح مما لا مندوحة معه من اعتبار ما تم من جانبه محققاً هذا الأثر، أما إذا كان الإعلان قد وقع صحيحاً ولكن بعد السبعة الأيام المشار إليها آنفاً، فغني عن البيان أن المواعيد لا تبدأ إلا من تاريخ هذا الإعلان، وليست من تاريخ انتهاء السبعة الأيام المذكورة.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الدفع بشقيه غير قائم على أساس سليم من القانون فيتعين رفضه.
(ب) عن الموضوع:
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي فيها هو وبعض زملائه قدموا تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة المالية والاقتصاد وقيد برقم 1507 سنة 1 ق، طالبين ضم مدد خدمتهم السابقة استناداً إلى قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير سنة 1944 و11 من مايو سنة 1947. وقد ردت المطبعة الأميرية على التظلم بأنه عندما صدر قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 بضم مدد الخدمة السابقة قامت المطبعة بتطبيق أحكام هذا القرار على بعض عمالها. وفي فبراير سنة 1946 تقدم المتظلمون بطلبات لضم مدد الخدمة سابقة لهم، وبينما كانت المطبعة تقوم بفحص حالاتهم ورد إليها كتاب المالية رقم ف 234 - 1/ 68 في 26 من مارس سنة 1946 بوقف العمل مؤقتاً بأحكام قرار مجلس الوزراء سالف الذكر. وفي 11 من مايو سنة 1947 أصدر مجلس الوزراء قراراً جديداً بقواعد ضم مدد الخدمة السابقة، فطبقتها المطبعة على عمالها، وسوت حالاتهم على مقتضاها، وصرفت إليهم الفروق، إلا أن وزارة المالية لم توافق على إجراء هذه التسويات بمقولة إن قرار 11 من مايو سنة 1947 لا يطبق على عمال اليومية؛ ومن ثم حصلت المطبعة من العمال ما سبق أن صرفته لهم من الفروق. وبجلسة 27 من يونيه سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "استحقاق المتظلمين في حساب مدة خدمتهم السابقة على تعيينهم في خدمة المطبعة الأميرية، على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 وما يترتب على ذلك من آثار".. واستندت اللجنة إلى أن قرار 11 من مايو سنة 1947 ينطبق أيضاً على عمال اليومية؛ لأنه ليس فيه نص صريح يفيد منع تطبيقه؛ إذ أن كل ما فعله هذا القرار هو بيان الهيئات التي يجوز ضم مدة العمل فيها، وأنه إذا سلم جدلاً بعدم انطباق قرار 11 من مايو سنة 1947 على العمال فإنه رافعي التظلم قد اكتسبوا حالة قانونية في ظل أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944.. وبصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 4 من نوفمبر سنة 1953 طعنت الحكومة في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر، مؤسسة طعنها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 الذي استندت إليه اللجنة القضائية لا يسري على عمال اليومية. وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة "برفض الدعوى، وألزمت الحكومة بالمصروفات"، وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1947 الخاص بضم مدد الخدمة السابقة للموظفين والمستخدمين ينطبق أيضاً على عمال اليومية؛ لأنه ليس فيه نص صريح يفيد منع تطبيقه عليهم، ولأن كل ما قاله هذا القرار هو أنه ضيق نطاق الهيئات التي يجوز ضم مدة العمل فيها، فقصرها على المصالح والهيئات المبينة به بذات الشروط التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 مع تعديل طفيف فيها. ومع ذلك فحتى مع التسليم بأن قرار سنة 1947 قد أخرج من نطاق تطبيقه عمال اليومية فإن المطعون ضده قد اكتسب حالة قانونية في ظل أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 يعطي له الحق في حساب ضم مدة الخدمة السابقة في خدمة المصلحة".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يشترط للإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 أن يكون الموظف مؤهلاً ومعيناً على درجة داخل الهيئة سواء كان التعيين عليها على درجة أصلية أو على درجة شخصية عملاً بقواعد الإنصاف, ولم يغير قرار 11 من مايو سنة 1947 من هذا المبدأ، وإنما أجري تعديلاً طفيفاً في شروط انطباقه، كما حدد المصالح والهيئات التي يجوز ضم مدة العمل فيها. ولما كان المطعون عليه عين في 27 من يونيه سنة 1934 في كار العمال، ولم يعين في سلك الدرجات إلا في 17 من ديسمبر سنة 1950، ولم يثبت أنه مؤهل، فلا تتوافر فيه شرائط الضم المرسومة بأي من القرارين؛ ومن ثم لا يفيد من أحكامهما. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه لم يحصل على مؤهلات دراسية، وقد التحق عاملاً بالمطبعة الأميرية في 27 من يونيه سنة 1934 في كادر العمال بأجر يومي قدره 120 م، ثم تدرج في سلك هذا الكادر إلى أن رقي إلى درجة أسطى (380 - 600 م) في 16 من فبراير سنة 1950. وفي 17 من ديسمبر سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على تعيين 32 عاملاً من المطبعة الأميرية في الدرجات الثامنة الكتابية المنشأة بميزانية المطبعة الأميرية للسنة المالية 1949/ 1950 بماهيات تعادل أجورهم اليومية الحالية مضروبة في 25 يوماً ومن بينهم المدعى عليه. وقد قدم المذكور في 7 من مارس سنة 1947 طلباً إلى مدير المطبعة الأميرية يلتمس فيه ضم مدة خدمة سابقة كان قد قضاها في المطابع الكبرى كمطبعة بنك مصر ومطبعة دار الهلال للطبع والنشر تبلغ نحو العشر السنوات، وقدم تأييداً لذلك شهادة من مطبعة مصر مؤرخة 6 من سبتمبر سنة 1947 بأنه كان يعمل بها بقسم الجماعين في المدة ما بين 6 من مارس سنة 1927 و25 من سبتمبر سنة 1930.
ومن حيث إنه يبين من استعراض قرارات مجلس الوزراء المختلفة الصادرة بحساب مدد الخدمة السابقة أنه في 18 من أكتوبر سنة 1930 وافق المجلس على وضع قواعد خاصة بحساب مدد الخدمة السابقة في تحديد الماهية الأولية عند التعيين المباشر في خدمة الحكومة المصرية بالشروط الآتية، وقد تضمنتها أحكام المنشور رقم 2 لسنة 1931، وهذه القواعد هي:
في الوظائف الفنية:
1 - يشترط أن يكون العمل في الخدمة السابقة من نوع عمل الوظيفة المطلوب التعيين فيها.
2 - أن تكون الخدمة السابقة في إحدى مصالح الحكومة أو الهيئات الآتي ذكرها: وزارة الأوقاف - حكومة السودان - الخاصة الملكية - الأوقاف الملكية الخصوصية - المعاهد الدينية - مجالس المديريات - المجالس البلدية والمحلية - مجلس الصحة البحرية والكورنتينات - الجمعية الزراعية - المدارس التي تحت إشراف وزارة المعارف - البنوك المعتمدة من الحكومة لإعطاء الكفالات، بشرط أن يكون المرشح حاصلاً لشهادة فنية.
3 - أقصى مدة الخدمة سابقة يجوز حسابها هي ست سنوات فقط مهما بلغ طول هذه الخدمة، ولا تحسب أية مدة تقل عن سنتين، كما لا يجوز أن تضم مدد تقل عن ستة أشهر بعضها إلى بعض لإدخالها في الحساب.
4 - يجوز منح المرشح في الدرجة المطلوب تعيينه فيها الماهية الأولية المقررة لمؤهلاته الدراسية مضافاً إليها علاوة أو أكثر من علاوات الدرجة بنسبة مدة الخدمة السابقة بحيث لا يتجاوز عدد العلاوات ثلاثاً.
5 - لا تحسب مدة الخدمة السابقة ولا التمرين بالعمل الفني في هيئة غير الهيئات المنصوص عليها في البند الثاني إلا بقرار من اللجنة المالية التي تقدر ظروف كل حالة.
6 - لا تدخل مدة الخدمة السابقة ولا مدة التمرين العملي الفني في حساب الأقدمية في الدرجة للترقية ولا في حساب المدة المقررة لمنح علاوة، بل تبتدئ المدة القانونية للترقية أو العلاوة من تاريخ التعيين.
7 - لا تحسب مدة الخدمة السابقة بالشروط المتقدمة إلا عند التعيين المباشر في الدرجة السادسة وما يقل عنها. أما عند التعيين المباشر في الدرجة الخامسة فما فوق فلا تحسب تلك المدد السابقة إلا بقرار من اللجنة المالية ومجلس الوزراء.
8 - حساب المدد السابقة في تحديد الماهية الأولية جوازي لا إلزامي، أي أنه لا يتحتم على الوزارة المختصة منح علاوة ما فوق الماهية المقررة للمؤهلات الدراسية، بل لها أن تمنحها كلها أو بعضها أو لا تمنح العلاوة مطلقاً، ومتى تقررت الماهية على هذه القاعدة لا يجوز مطلقاً إدخال تعديل عليها.
في الوظائف الكتابية:
تطبق الأحكام المتقدمة على الموظفين الكتابيين مع القيد الآتي:
أقصى مدة خدمة سابقة يجوز حسابها أربع سنوات فقط مهما بلغ طول هذه المدة، على أنه لا يجوز منح الموظف أو المستخدم أكثر من علاوتين من علاوات الدرجة المعين فيها.
قواعد عامة:
( أ ) القواعد المتقدمة لا تمس الأحكام المتعلقة بإعادة قدماء الموظفين إلى الخدمة.
(ب) يعمل بهذه القواعد من تاريخ صدورها، أي أن الموظفين الذين سبق تعيينهم وربطت لهم ماهية لا يجوز لهم المطالبة بالمعاملة بها.
(جـ) جميع الأحكام المعمول بها الآن لحساب مدة الخدمة السابقة لتقدير الماهية في حساب الأقدمية في الدرجة تعتبر ملغاة من تاريخ صدور التعليمات المتقدمة. استمر العمل بالقواعد المشار إليها حتى 16 من يونيه سنة 1941 حيث صدر قرار من مجلس الوزراء يقتضي بوقف العمل بقرار 18 من أكتوبر سنة 1930 ريثما تعيد وزارة المالية بحث الموضوع. ولما أتمته تقدمت به في 30 من يناير سنة 1944، وفيما يلي بيان القواعد التي أقرها المجلس في هذا التاريخ:
1 - تحسب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية والعلاوة بالنسبة لمن كانوا معينين على وظيفة دائمة أو مؤقتة أو على اعتماد أو بالمياومة أو بمكافأة أو في وظيفة خارج الهيئة بشرط أن يكون للخدمة السابقة صفة الاستقرار حسب الشروط الآتية:
1 - ألا تقل مدد الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات.
2 - أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته.
3 - ألا تقل المؤهلات السابقة عن المؤهلات اللازمة للعمل الجديد.
4 - ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة.
5 - ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك.
6 - ألا تزيد مدة ترك العمل على سنتين.
فإن انتقى شرط من هذه الشروط كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد، وإن توافرت وكانت الخدمة على وظيفة معينة في الميزانية أو على اعتماد أعيد الموظف بدرجته وماهيته السابقتين، على ألا تزيد الماهية على نهاية الدرجة واحتفظ له بما اكتسب من أقدمية للترقية والعلاوة في درجته السابقة قبل ترك الخدمة. وإذا كانت الخدمة السابقة باليومية أو بالمكافأة جازت إعادته بحالته السابقة، هذا إذا كانت الخدمتان متصلتين. أما إذا انفصلتا فلا يحسب إلا ثلاثة أرباعها. وإن تعذرت الإعادة إلى مثل درجته السابقة وأعيد إلى أقل منها حسب له في درجته الجديدة الأقدمية التي اكتسبها في درجاته السابقة وابتداء من تاريخ حصوله على الدرجة المعادلة للدرجة الجديدة. وإن كانت الخدمة السابقة في هيئة شبه حكومية تطبق نظم الحكومة حسب ثلاثة أرباع المدة، وتقدر الدرجة والماهية على أساس المؤهل الدراسي ودرجة العمل الحكومي المماثل لعمله وافتراض حصول ترقية بعد كل ست سنوات من المدة المحسوبة بحيث لا يكون تعيينه في الحكومة في درجة أعلى من التي كان يشغلها في الهيئة الشبه الحكومية ولا بماهية أكبر من التي كان يتقاضاها إلا إذا كان مؤهله الدراسي يعطيه الحق في ماهية أو في درجة أعلى فيمنحها طبقاً لهذا المؤهل. وإن كانت الخدمة في هيئة شبه حكومية ولا تطبق نظم الحكومة أو في هيئة خاصة أو عمل حر حسب نصف المدة على الأساس المتقدم، وتطبق هذه القواعد على الموجودين في الخدمة بحيث لا يصرف فرق إلا من 30 من يناير سنة 1944. وفي 26 من مارس سنة 1946 قررت وزارة المالية وقف العمل مؤقتاً بأحكام قرار مجلس الوزراء سالف الذكر ريثما تعيد الوزارة النظر في الأمر وتحدد الهيئات والبنوك والشركات التي يجوز ضم مدد الاشتغال فيها إلى الخدمة الحكومية. وفي 11 من مايو سنة 1947 وافق مجلس الوزراء على قواعد جديدة لحساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية لا تخرج في إجمالها عن قرار 30 من يناير سنة 1944، وحددت الهيئات التي يجوز ضم مدد الاشتغال فيها إلى الخدمة الحكومية بما يتفق وقرار 18 من أكتوبر سنة 1930، وزيدت عليها: 1 - الهيئات والجمعيات المهنية الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة كالاشتغال بالطب والمحاماة والهندسة "إذ أن العمل في هذه المهن مقصور على من يكون حائزاً لبكالوريوس الطب أو ليسانس الحقوق أو لبكالوريوس الهندسة أو الشهادات الفنية الأخرى...". 2 - الهيئات والجمعيات الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو أوامر ملكية كالجمعية الجغرافية وجمعية الإسعاف.... 3 - بنك التسليف الزراعي وبنك التسليف العقاري والبنوك العقارية والشركات المساهمة الصادر بتأليفها مرسوم والجمعيات التعاونية والغرف التجارية. وتضمنت هذه القواعد أن "تقدر الدرجة والماهية عند حساب مدد الخدمة السابقة على أساس المؤهل الدراسي ودرجة العمل الحكومي المماثل لعمل الموظف". وفي 7 من نوفمبر سنة 1948 وافق مجلس الوزراء على القواعد التي تتبع لتسوية حالة المستخدمين الذين كانوا باليومية ثم وضعوا على درجات بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، وقد نص في هذا القرار على أن ذوي المؤهلات الدراسية التي تجيز التعيين في الدرجات الثامنة والسابعة والسادسة تحسب لهم نصف مدد خدمتهم الحكومية التي قضيت في سلك اليومية أو في سلك الوظائف الخارجية عن الهيئة في أقدمية الدرجة التي وضع فيها كل منهم حسب مؤهله الدراسي، سواء أكانت هذه المدد منفصلة أم متصلة إذا كانت مدة الانفصال في كل مرة لا تزيد على خمس سنوات". وفي 11 من يونيه سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على ما طلبته وزارة الزراعة من ضم مدد الخدمة التي قضاها موظفوها المؤهلون على اعتمادات أو في التمرين في أقدميتهم في الدرجات التي نقوا إليها حتى لا يسبقهم في الأقدمية من التحقوا في الخدمة بعدهم وعينوا مباشرة في نفس الدرجات. وفي 20 من أغطس سنة 1950 وافق المجلس أيضاً على القواعد الآتية: "أولاً - حساب مدة التطوع في جميع أسلحة الجيش المختلفة والبحرية والطيران كاملة في أقدمية الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي الذي يحمله المتطوع وذلك عند التحاقه في وظيفة مدنية، على ألا يترتب على ذلك زيادة في الماهية. ثانياً - حساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، وعلى أن يسري هذا على المتطوعين ذوي المؤهلات الدراسية في جميع أسلحة الجيش... ثالثاً - تطبيق البندين السابقين على حملة المؤهلات الدراسية الذين وضعوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم قبل 9 من ديسمبر سنة 1944، وكذلك الذين وضعوا أو يوضعون على تلك الدرجات بعد هذا التاريخ".
ومن حيث إنه واضح من هذا البيان أن قرارات حساب مدد الخدمة السابقة جميعاً قد استهدفت تسوية حالات خاصة بشروط معينة في فترة محدودة، وهي حالات الموظفين المؤهلين الموجودين في الخدمة في سلك الدرجات. فشرط إفادة الموظف من أي من هذه القرارات - بالشروط الواردة بها - أن يكون حاصلاً على مؤهل دراسي، وموجوداً عند الضم درجة من درجات الداخلين في الهيئة، وقد رددت القرارات جميعاً هذين الشرطين الأساسيين على ما سبق البيان. وبذلك يخرج من مجال تطبيق هذه القرارات غير ذوي المؤهلات، ومن لم يكن منهم عند الضم في درجة داخل الهيئة، أما إذا كان مؤهلاً وكان عند الضم على درجة داخل الهيئة فيجوز ضم مدة خدمته السابقة في كادر العمال إن توافرت في حقه سائر الشروط الأخرى.
ومن حيث إن المدعي وإن كان معيناً الآن في الدرجة الثامنة وهي من الدرجات الدائمة إلا أنه تخلف في حقه شرط الحصول على المؤهل الدراسي، وبذلك لا يفيد من أحكام قرارات حساب مدد الخدمة السابقة، سواء في ذلك أعومل طبقاً لقرار 30 من يناير سنة 1944 أم طبقاً لقرار 11 من مايو سنة 1947.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ما تقدم يكون قد وقع مخالفاً للقانون، ويكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.