أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 472

جلسة 24 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم نافع ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري والصاوي يوسف سليمان.

(104)
الطعن رقم 6988 لسنة 53 القضائية

(1) قتل خطأ. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية الشك للقضاء بالبراءة. شرط ذلك؟
(2) محكمة استئنافية. محكمة ثاني درجة. استئناف "نظره. والحكم فيه".
عدم التزام المحكمة الاستئنافية بالرد على كل أسباب حكم الإدانة المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام. متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم. ما دام قضاؤها قد بني على أساس سليم.
(3) خطأ. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" قتل خطأ. كفالة.
إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه بالبراءة على ما مؤداه أن الخطأ كله قد وقع في جانب المجني عليه. وعدم إقامته ذلك القضاء على أن خطأ المجني عليه يجب الخطأ المشترك الذي وقع فيه المطعون ضده: لا محل للنعي عليه بشيء في هذا الصدد. مصادر الكفالة. المادة 36/ 2 قانون 57 لسنة 1959 مثال.
1 - من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام.
2 - من المقرر أن ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائياً بإدانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام ما دام قضاؤها قد بني على أساس سليم.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يقم قضاؤه بالبراءة على أن خطأ المجني عليه يجب الخطأ المشترك الذي وقع فيه المطعون ضده بما تنتفي به مسئوليته وإنما خلص إلى القول بأنه "لو لم ينحرف المجني عليه لما كان الحادث" بما مؤداه أن الخطأ كله قد وقع في جانب المجني عليه ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم بشيء في هذا الصدد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه مع ما يستتبعه ذلك من مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36/ 2 من القانون رقم 57 لسنة 59 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه (1) تسبب خطأ في موت..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين والقرارات بأن قاد سيارة (أتوبيس) بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته (2) قاد سيارة (أتوبيس) بحالة خطرة. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات والقانون رقم 66 لسنة 1973.
وادعت..... مدنياً قبل المتهم بمبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثون جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية مبلغ خمسمائة جنيه تعويضاً نهائياً والمصروفات ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعية بالحق المدني.
ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها المصروفات عن الدرجتين.
فطعنت المدعية بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقام من المدعية بالحقوق المدنية أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمتي القتل الخطأ وقيادة سيارة بحالة تعرض الأشخاص والأموال للخطر وبرفض الدعوى المدنية - فقد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون - ذلك أنه أطرح أقوال شاهد الإثبات بأسباب غير سائغة مبناها أن المحقق لم يثبت في محضر المعاينة تواجده بمكان الحادث حال وقوعه وأنه أدلى بشهادته بعد أسبوعين من تاريخ الواقعة وبدعوة من ذوي المجني عليه - فضلاً عن أنه قد التفت عما عول عليه حكم محكمة أول درجة بإدانة المطعون ضده ودفاع الطاعنة المؤيد بالتقرير الطبي والمعاينة في هذا الشأن - هذا إلى الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن خطأ المجني عليه - بفرض وقوعه - ينفي خطأ المتهم ورتب على ذلك انتفاء مسئولية المطعون ضده. وكل ذلك مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة الحكم المطعون فيه، أنه بعد أن أورد أقوال المتهم (المطعون ضده) ومحصل السيارة العامة، وشاهد الإثبات، وما أسفرت عنه المعاينة خلص إلى القول "حيث إنه من جماع ما تقدم فإن المحكمة ترى أنه قد أثبت محرر المحضر عند انتقاله للمعاينة أنه لم يجد أحداً لسؤاله عن الواقعة فضلاً عن حضور الشاهد بعد قرابة أسبوعين كما قرر عند سؤاله أمام النيابة - ولو كان صادقاً في قوله لكان تقدم من تلقاء نفسه ولما انتظر حضور أقارب المجني عليه لإحضاره لتأدية الشهادة فإن المحكمة تطرح أقوال هذا الشاهد جانباً ولا تعتد بشهادته بالإضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى دفاع وأقوال المتهم ومحصل الأتوبيس فيما انتهيا إليه من أنه لو لم ينحرف المجني عليه ما كان الحادث". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي بالبراءة ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام، وكانت المحكمة قد خلصت في أسباب سائغة إلى ارتيابها في أقوال شاهد الإثبات وعدم الاطمئنان إليها ورجحت دفاع المتهم - على ما سلف بيانه - وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض - فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائياً بإدانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام ما دام قضاؤها قد بني على أساس سليم - كما هو الحال في الدعوى القائمة - لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يقم قضاؤه بالبراءة على أن خطأ المجني عليه يجب الخطأ المشترك الذي وقع فيه المطعون ضده بما تنتفي به مسئوليته وإنما خلص إلى القول بأنه. "لو لم ينحرف المجني عليه لما كان الحادث بما مؤداه أن الخطأ كله قد وقع في جانب المجني عليه ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم بشيء في هذا الصدد لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه مع ما يستتبعه ذلك من مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36/ 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.