مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 810

(82)
جلسة 30 من مارس سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1767 لسنة 2 القضائية

( أ ) أثر مباشر - المجال الزمني لتطبيق القانون على الوقائع والمراكز القانونية من حيث تكوينها ومن حيث آثارها المستقبلة.
(ب) أثر مباشر - القاعدة التي استحدثتها المادة 10 من قانون الجنسية رقم 160 لسنة 1950 من عدم تمتع مكتسب الجنسية المصرية بالحقوق الخاصة بالمصريين قبل انقضاء خمس سنوات على كسبه الجنسية - الأجنبي الذي اكتسب الجنسية وكان موظفاً بالحكومة قبل العمل بهذا القانون، لا يجوز فصله استناداً إلى عدم إتمامه السنوات الخمس المنصوص عليها بتلك المادة - الأجنبي الذي يلحق بالوظيفة بعد العمل بهذا القانون، يسري عليه حكمه ولو اكتسب الجنسية المصرية قبل العمل به.
(جـ) أثر رجعي - أجنبي - توظفه بالحكومة المصرية - اكتسابه المركز القانوني للموظف المصري بمجرد حصوله على الجنسية المصرية - صدور القانون رقم 160 لسنة 1950 بعد ذلك - عدم مساسه بهذا المركز القانوني.
1 - إن القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز القانونية التي تتم تحت سلطانه، أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه، وهذا هو مجال تطبيقه الزمني، فيسري القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم بعد نفاذه، ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع والمراكز القانونية السابقة عليه إلا بنص خاص يقرر الأثر الرجعي، ومن ناحية أخرى لا يسري القانون القديم على الوقائع والمراكز القانونية التي تتم بعد إلغائه إلا إذا مد العمل به بالنص، وهذا كله يصدق على الوقائع والمراكز القانونية من حيث تكوينها، أما الآثار المستقبلة المترتبة عليها فتخضع للقانون الجديد بحكم أثره المباشر، وبالنسبة لآثار التصرفات القانونية فتظل خاضعة للقانون القديم حتى ما تولد منها بعد العمل بالقانون الجديد.
2 - إن المادة العاشرة من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية نصت على أنه "لا يكون للأجنبي الذي كسب الجنسية المصرية عملاً بأحكام المواد 4 و5 و6 و8 و9 حق التمتع بالحقوق الخاصة بالمصريين أو مباشرة حقوقهم السياسية قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ كسبه لهذه الجنسية..."، وهذا الحكم قد استحدثه القانون المشار إليه الذي أصبح معمولاً به منذ نشره في الجريدة الرسمية في 18 من سبتمبر سنة 1950، ولم يكن وارداً بالمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية؛ ومن ثم فإن الأجنبي الذي كان قد اكتسب الجنسية المصرية وكان بالفعل موظفاً بالحكومة المصرية قبل 18 من سبتمبر سنة 1950 تاريخ العمل بالقانون رقم 160 لسنة 1950 لا يلحقه حكم المادة 10 من هذا القانون، وبالتالي لا يحق فصله استناداً إلى عدم انقضاء خمس سنوات على اكتسابه الجنسية، بينما هو يلحق الأجنبي الذي اكتسب الجنسية المصرية ولو كان اكتسابه إياها سابقاً على تاريخ العمل بهذا القانون، ما دام إنشاء الصلة الوظيفية بالحكومة المصرية تم بعد هذا التاريخ؛ لأن هذا من آثار مركزه القانوني كأجنبي اكتسب الجنسية المصرية، فيخضع هذا الأثر للقانون الجديد بحكمه المباشر.
3 - إن التوظف في خدمة الحكومة المصرية، وإن كان الأصل فيه أن يكون من حقوق المصريين، إلا أنه يجوز توظيف الأجانب في خدمتها طبقاً للقوانين الخاصة بذلك، فالمركز القانوني في التوظف إما أن يكون مركز المصري أو مركز الأجنبي بحسب الأحوال. وقد كان الوضع في ظل قانون الجنسية السابق أن الأجنبي الموظف بالحكومة المصرية بمجرد اكتسابه الجنسية المصرية يصبح مركزه القانوني مركز الموظف المصري وينسلخ عنه مركز الموظف الأجنبي في الوظيفة؛ ومن ثم إذا ثبت أنه قد منح هذه الجنسية في 20/ 2/ 1950 فإن هذا المركز القانوني الذي اكتسبه في ظل قانون كان يسمح بذلك لا يخضع للحكم الجديد الذي استحدثه القانون رقم 160 لسنة 1950 المعمول به منذ 18 من سبتمبر سنة 1950، وإلا كان ذلك تطبيقاً للقانون الجديد بأثر رجعي بغير نص خاص على مركز قانوني كان قد تم واستقر لصاحبه في ظل قانون سابق.


إجراءات الطعن

في يوم 19 من أغسطس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 20 من يونيه سنة 1956 في القضية رقم 3696 لسنة 9 القضائية المرفوعة من الشيخ عبد الله علي البطران ضد صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر، والقاضي "بإلغاء القرار الصادر من الجامع الأزهر بتاريخ 13 من مارس سنة 1955 بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجامع الأزهر بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، الحكم "بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلنت صحيفة الطعن إلى المدعى عليه في 28 من أغسطس سنة 1956، وإلى المدعي في 29 منه، وعين لنظره جلسة 2 من مارس سنة 1957 أمام هذه المحكمة وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 3696 لسنة 9 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 18 من يوليه سنة 1955، قال فيها إنه حصل على شهادة العالمية مع إجازة التدريس وشهادة إجازة القراءات سنة 1928، وفي عام 1946 احتاج الأزهر لمدرسين لفن القراءات في المعاهد وفي قسم القراءات التابع لكلية اللغة العربية، ولما لم ينجح في المسابقة التي أجراها لهذا الغرض عدد كاف من المتقدمين لها، شغلها بالعلماء الحائزين لشهادة إجازة القراءات وكان هو من بينهم، وباشر عمله اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1946، ثم صدر قرار بتعيينهم مدرسين للقراءات، وقد اشترط في هذا القرار أن يقدم المدعي ما يثبت تجنسه بالجنسية المصرية، وكان بالفعل قد قدم طلباً للتجنس بالجنسية المصرية، ولما أخطرت رياسة مجلس الوزراء الأزهر في 12 من مارس سنة 1947 بأن مجلس الوزراء أرجأ النظر في موضوع الجنسية قامت إدارة الأزهر برفع الأمر إلى مجلس الأزهر الأعلى الذي قرر إحالة الأمر إلى لجنة الموظفين الأجانب بوزارة المالية التي قررت الموافقة على تعيين المدعي بمكافأة شهرية قدرها 15 ج بعقد لمدة سنة، ووافق مجلس الوزراء على ذلك بجلسة 20 من يوليه سنة 1947. وفي 2 من فبراير سنة 1950 صدر مرسوم بمنحه الجنسية المصرية استناداً إلى المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929، فأحيل إلى القومسيون الطبي لتقرير لياقته طبياً للخدمة، ثم قررت لجنة شئون الموظفين تعيينه في وظيفة من الدرجة السادسة، ووافق مجلس الأزهر الأعلى على ذلك وعلى اعتباره شاغلاً للدرجة السادسة من أول ديسمبر سنة 1946، ثم رقي إلى الدرجة الخامسة بالأقدمية في أغسطس سنة 1952، واستمر يباشر أعمال وظيفته إلى أن فوجئ في 13 من مارس سنة 1955 بقرار من الأزهر يقضي بفصله وتعيينه بمكافأة قدرها 15 ج شهرياً على البند الثاني، مستنداً في ذلك إلى قرار من ديوان الموظفين بفصله من الخدمة إلى أن تنقضي الخمس السنوات التي يشترطها القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية. ثم استطرد بقوله إنه اكتسب الجنسية المصرية في ظل المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 الذي لم يكن يقيم أية تفرقة بين المصري الأصيل والأجنبي المتجنس بالجنسية المصرية الذي يصبح مصرياً من جميع الوجوه من الوقت الذي يكتسب فيه الجنسية المصرية ويستطيع أن يمارس كافة الحقوق العامة التي يمارسها المصريون، فاستقر مركزه القانوني في ظله وما كان يجوز بعد ذلك أن ينسحب عليه حكم المادة العاشرة من القانون رقم 160 لسنة 1950 الذي لا ينطبق بداهة إلا على أجنبي حصل على الجنسية المصرية في ظل قانون سنة 1950، الذي عمل به اعتباراً من 18 من سبتمبر سنة 1950، في حين أنه اكتسب الجنسية المصرية في فبراير سنة 1950 فأصبح مستوفياً لكافة شروط التعيين باعتباره مصرياً، فما كان يجوز بعد ذلك اعتباره أجنبياً حاصلاً على الجنسية المصرية في ظل القانون الجديد ويتعين أن تمضي خمس سنوات من تاريخ التجنس لكي يلي وظيفة عامة، وليس في هذا القانون ما يوحي بانسحاب أحكامه على الماضي بأثر رجعي، وحتى بفرض سريانه عليه فإن قرار ديوان الموظفين صريح في أن يفصل حتى تتم مدة الخمس سنوات، وهذه المدة تعتبر مكتملة في 2 من فبراير سنة 1955 مع أن فصله تم في 13 من مارس سنة 1955 أي بعد تمام مدة الخمس سنوات، وهذا فضلاً عن أن معظم شراح القانون الدولي الخاص يتجه إلى تفسير المادة العاشرة من القانون رقم 160 السالف الذكر على نحو يخالف ما تفسرها به المذكرة الإيضاحية، فإذا كانت هذه المادة قد حرمت الأجنبي الذي تجنس بالجنسية المصرية من التمتع بالحقوق الخاصة بالمصريين فإن ذلك لا يشمل حق تقلد الوظائف العامة الذي يجوز للأجانب أن يشاركوا المصريين الأصلاء فيه، ولا يجوز أن يكون مركز المصريين المتجنسين أسوأ من مركز الأجانب. وخلص من ذلك إلى طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر في 13 من مارس سنة 1955 بفصله من وظيفته ودرجته وتعيينه على بند الإعانات، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، ومع حفظ كافة الحقوق، وبإلزام الجامع الأزهر بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد رد الأزهر على ذلك بأن تعيين المدعي في وظيفته في الدرجة السادسة وترقيته إلى الدرجة الخامسة قد تم في ظل القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية؛ ومن ثم يخضع لأحكامه ويكون قرارا تعيينه وترقيته معدومين؛ إذ يجب معاملته وفقاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1936 الخاص بشروط توظيف الأجانب إلى أن تنقضي الخمس السنوات في 20 من فبراير سنة 1955 المحظور فيها على الأجنبي المتجنس بالجنسية المصرية تولي الوظائف العامة. وفي 20 من يونيه سنة 1956 حكمت المحكمة بإلغاء القرار الصادر من الجامع الأزهر في 13 من مارس سنة 1955 بفصل المدعي من الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجامع الأزهر بالمصروفات؛ وأسست المحكمة قضاءها على أن نص المادة العاشرة من القانون رقم 160 لسنة 1950 السالف الذكر يسري على المدعي بالأثر المباشر للقانون، لأنه لم يكن قد اكتسب قبل صدور قرار تعيينه في سنة 1952 مركزاً قانونياً ثابتاً بتعيينه في إحدى الوظائف العامة، وأن تعيين المتجنسين بالجنسية المصرية في الوظائف العامة قبل مضي خمس سنوات على تجنسهم من المسائل التي تترخص فيها جهة الإدارة؛ ولذلك فلها أن تسحب قرارها في أي وقت متى تبين لها وجه مخالفته للقانون، ولكن نظراً لأن المدعي وقت إصدار القرار المطعون فيه كان قد استوفى الشرط الذي كان يعيب ذلك القرار إذ كان قد مضى على تجنسه بالجنسية المصرية مدة أكثر من خمس سنوات مما لا يجدي معه إصدار القرار المطعون فيه ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه اعتبر قرار فصل المدعي من وظيفته صادراً في 13 من مارس سنة 1955، في حين أن الثابت من ملف خدمته المضموم لملف الدعوى أن هذا القرار صدر من شيخ الأزهر في 15 من نوفمبر سنة 1954 تحت رقم 410، وأن مرسوم منحه الجنسية المصرية صدر في 20 من فبراير سنة 1950، ولذلك لم تكن مضت خمس سنوات على تجنسه بالجنسية المصرية مما يتعين معه اعتبار القرار المذكور مجدياً؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في استخلاص الوقائع من الأوراق مما انبنى عليه الخطأ في تطبيق القانون، ويتعين الطعن فيه أمام المحكمة العليا.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن مثار النزاع في الدعوى هو ما إذا كانت المادة العاشرة من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية فيما نصت عليه من أنه "لا يكون للأجنبي الذي كسب الجنسية المصرية عملاً بأحكام المواد 4 و5 و6 و8 و9 حق التمتع بالحقوق الخاصة بالمصريين أو مباشرة حقوقهم السياسية قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ كسبه لهذه الجنسية..." تسري على المدعي في خصوص علاقته الوظيفية في خدمة الحكومة، أم أنها لا تسري عليها.
ومن حيث إن هذا الحكم قد استحدثه القانون المشار إليه الذي أصبح معمولاً به منذ نشره في الجريدة الرسمية في 18 من سبتمبر سنة 1950، وما كان يتضمنه المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية الذي كان معمولاً به من 10 من مارس سنة 1929 لغاية 17 من سبتمبر سنة 1950.
ومن حيث إن القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز القانونية التي تتم تحت سلطانه، أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه، وهذا هو مجال تطبيقه الزمني، فيسري القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم بعد نفاذه، ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع والمراكز القانونية السابقة عليه إلا بنص خاص يقرر الأثر الرجعي، ومن ناحية أخرى لا يسري القانون القديم على الوقائع والمراكز القانونية التي تتم بعد إلغائه إلا إذا مد العمل به بالنص، وهذا كله يصدق على الوقائع والمراكز القانونية من حيث تكوينها، أما الآثار المستقبلة المترتبة عليها فتخضع للقانون الجديد بحكم أثره المباشر، وبالنسبة لآثار التصرفات القانونية فتظل خاضعة للقانون القديم حتى ما تولد منها بعد العمل بالقانون الجديد.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن الأجنبي الذي كان قد اكتسب الجنسية المصرية وكان بالفعل موظفاً بالحكومة المصرية قبل 18 من سبتمبر سنة 1950 تاريخ العمل بالقانون رقم 160 لسنة 1950 لا يلحقه حكم المادة 10 من هذا القانون، بينما هو يلحق الأجنبي الذي اكتسب الجنسية المصرية ولو كان اكتسابه إياها سابقاً على تاريخ العمل بهذا القانون، ما دام إنشاء الصلة الوظيفية بالحكومة المصرية تم بعد هذا التاريخ؛ لأن هذا من آثار مركزه القانوني كأجنبي اكتسب الجنسية المصرية، فيخضع هذا الأثر للقانون الجديد بحكمه المباشر.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المدعي أنه صدر أمر إداري في 21 من يناير سنة 1947 بتعيين المدعي - الحاصل على إجازة التدريس - مدرساً بقسم القراءات بمكافأة قدرها 15 ج شهرياً وندبه لمعهد أسيوط، على أن يؤخذ عليه تعهد بتقديم ما يثبت أنه متجنس بالجنسية المصرية في مدى شهرين من تاريخ هذا القرار وإلا أهمل تعيينه ولا يباشر عمله إلا بعد تقديم ما يدل على جنسيته المصرية، ولكنه كان قد تسلم عمله في المعهد اعتبار من أول ديسمبر سنة 1946 أي قبل صدور أمر التعيين. وفي يوليه سنة 1947 رفع وزير المالية بصفته رئيساً للجنة الموظفين الأجانب مذكرة إلى مجلس الوزراء طالباً الموافقة على تعيينه - بناء على طلب المجلس الأعلى للأزهر - بمكافأة قدرها 15 ج شهرياً بعقد لمدة سنة، نظراً لأن موضوع جنسيته لم يبت فيه وسبق أن قرر مجلس الوزراء في 13 من يونيه سنة 1946 عند عرضه عليه تأجيل نظره، وقد وافق مجلس الوزراء على مذكرة اللجنة المالية في 20 من يوليه سنة 1947، ثم عين مدرساً بمعهد القراءات بمكافأة شهرية قدرها 15 ج اعتباراً من 23 من نوفمبر سنة 1947، ثم حصل على الجنسية المصرية في 20 من فبراير سنة 1950، وفي 28 من مايو سنة 1952 وافق مجلس الأزهر الأعلى على أن يشغل درجة سادسة من الأربع عشرة درجة الخالية في قسم القراءات التي قرر شغلها بالأقدمية المطلقة بحسب تاريخ التعيين لتدريس القراءات اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1946، ثم رقي للدرجة الخامسة بالأقدمية اعتباراً من 28 من أغسطس سنة 1952، وفي 15 من نوفمبر سنة 1954 صدر القرار رقم 410 من شيخ الجامع الأزهر بفصله من الخدمة اعتباراً من تاريخ هذا القرار، وذلك بسبب عدم مضي مدة خمس سنوات من تاريخ منحه الجنسية المصرية في 20 من فبراير سنة 1950، ورفع اسمه من سجلات الأزهر اعتباراً من هذا التاريخ.
ومن حيث إن التوظف في خدمة الحكومة المصرية، وإن كان الأصل فيه أن يكون من حقوق المصريين، إلا أنه يجوز توظيف الأجانب في خدمتها طبقاً للقوانين الخاصة بذلك، فالمركز القانوني في التوظف، إما أن يكون مركز المصري أو مركز الأجنبي بحسب الأحوال، ويبين من العرض السابق أن المدعي، وإن بدأ صلته الوظيفية بالحكومة في أول ديسمبر سنة 1946، إلا أنه كان مفهوماً أن يعامل معاملة الموظف الأجنبي إلى أن يكتسب الجنسية المصرية فيعامل معاملة الموظف المصري. وغني عن البيان أنه بمجرد اكتسابه هذه الجنسية يصبح مركزه القانوني مركز الموظف المصري مذ اكتسابه الجنسية المصرية وينسلخ عنه مركز الموظف الأجنبي في الوظيفة، وهذا الفاصل الزمني قد تم في 20 من فبراير سنة 1950 تاريخ منحه الجنسية المصرية. وبهذه المثابة لا يخضع هذا المركز القانوني الذي اكتسبه في ظل قانون كان يسمح بذلك للحكم الجديد الذي استحدثه القانون رقم 160 لسنة 1950 المعمول به منذ 18 من سبتمبر سنة 1950، وإلا كان ذلك تطبيقاً للقانون الجديد بأثر رجعي بغير نص خاص على مركز قانوني كان قد تم واستقر لصاحبه في ظل قانون سابق.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في نتيجة قضائه، ويكون الطعن - والحالة هذه - في غير محله متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.