أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 476

جلسة 24 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ حسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري والصاوي يوسف سليمان.

(105)
الطعن رقم 6992 لسنة 53 القضائية

(1) إثبات "شهود" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشهود. أو تضاربهم في أقوالهم لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً.
تقدير الأدلة. موضوعي.
حسب المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. لها تجزئتها دون بيان العلة أو موضع الدليل من أوراق الدعوى.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "قرائن" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الأخذ برواية شخص ينقلها عن آخر. متى رأت أنها صدرت منه حقيقة وأنها تمثل واقع الدعوى.
صحة الأخذ بأقوال الشاهد. ولو تأخر في الإبلاغ. ما دامت المحكمة على بينه من ذلك.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية. ضمائم متساندة. مناقشتها فرادى غير جائزة.
(4) نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط.
اعتبار المحكمة الجريمتين المسندتين إلى الطاعن الأول جريمة واحدة. ومعاقبته والطاعن الثاني بالعقوبة المقررة لأشدهما. وهي الجريمة المسندة إليهما معاً - لا عيب.
تقدير العقوبة. من سلطة محكمة الموضوع.
(5) دعوى مدنية "نظرها والفصل فيها". نقض "المصلحة في الطعن" "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام".
تخلي الحكم المطعون فيه عن الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 إجراءات. النعي عليه في ذلك غير جائز، ولا مصلحة فيه.
1 - من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم، أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد أستخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته، كما أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها، وهي غير ملزمة بسرد روايات الشاهد المتعددة وبحسبها أن تورد من أقواله ما تطمئن إليه في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة كما أنها غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة، أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
2 - ليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى. كما أن تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها.
3 - لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
4 - لما كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعن الأول جريمة واحدة وعاقبه والطاعن الثاني بالعقوبة المقررة لأشدهما - وهي الجريمة المسندة إليهما معاً - وإذ كان تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم - في هذا الشأن - بالخطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل.
5 - لما كان الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية - بشقيها - بل تخلى عنها، بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن منعى الطاعنين على الحكم سواء بإغفاله إيراداً ورداً دفعهما بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه، أو بعدم إثبات ترك النقابة الفرعية للمحامين بالإسكندرية لدعواها يكون مردوداً بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحتهما فيه منعدمة إذ أن الحكم لم يفصل في تلك الدعوى أصلاً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد ويكون طعنهما - برمته جديراً برفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما. أولاً بصفتهما موظفان عموميان ضابطان بقسم مكافحة السرقات بمديرية أمن الإسكندرية استعملا القسوة مع المجني عليه اعتماداً على سلطة وظيفتهما فأحدثا به آلاماً بدنية وذلك على النحو الوارد بالأوراق. ثانياً: المتهم الأول أيضا قذف المجني عليه المذكور بأن وجه إليه العبارات الواردة بالمحضر مما يخدش شرفه وينال من اعتباره.
وطلب معاقبتها بالمواد 129، 133/ 2، 242/ 1 من قانون العقوبات والمادة 98 من القانون 61 لسنة 1986.
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائة ألف جنيه كما ادعت نقابة المحامين الفرعين بالإسكندرية مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً قبل المتهمين ووزير الداخلية بصفته.
ومحكمة جنح الدخيلة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام أولاً: في الدعوى الجنائية بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لكل منها لإيقاف التنفيذ. ثانياً: في الدعوى المدنية المرفوعة من نقيب المحامين عن النقابة الفرعية للمحاميين بالإسكندرية بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وألزمتهم المصروفات ومبلغ جنيهين مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات. ثالثاً: الدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه بإلزام المدعى عليهم الثلاثة متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض وألزمتهم المصاريف ومبلغ جنيهان مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنف الطاعنان. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول استئنافهما شكلاً وفي موضوع الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل من المتهمين خمسين جنيهاً وفي الدعويين المدنيتين بإلغاء الحكم المستأنف وبإحالة الدعويين إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه إذ دانهما كليهما بجريمة استعمال القسوة ودان أولهما أيضاً بجريمة القذف قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في الإدانة على أقوال المجني عليه بالرغم من تعدد رواياته وتناقضها دون أن يفصح الحكم عن الرواية التي أخذ بها من بين هذه الروايات هذا إلى تناقض روايات شهود الإثبات الذين عول الحكم على أقوالهم كذلك فقد عول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال الشاهد.... التي ردد فيها رواية منقولة عن المجني عليه، كما أخذ بشهادة.... مع تأخره في الإدلاء بها ومع أنه لم ير واقعة الاعتداء ولم يعرف محدث إصابات المجني عليه إذ هو لم يرافقه إلى داخل مبنى قسم الشرطة هذا إلى أن ما نقله الحكم عن أقوال الشرطي...... من أن الضابط صفع المجني عليه، لا يؤدي إلي ثبوت الخطأ في حق الطاعنين، كما لا يفصح عن أن ما أتاه الطاعن الأول - وفق هذه الرواية قد أحدث إصابات المجني عليه وقد أنزل الحكم لكلا الطاعنين ذات العقوبة بالرغم من أن ثمة جريمتين قد أسندت لأولهما في حين أن ما أسند إلى الثاني جريمة واحدة فقط، وفضلاً عن ذلك فقد سكت الحكم عن إثبات ترك الدعوى المدنية المرفوعة من النقابة الفرعية للمحامين بالإسكندرية بالرغم من ثبوت هذا الترك بمحاضر جلسات المحاكمة، وأغفل إيراداً ورداً دفع الطاعنين بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه لسبق تنازله عن الحق في التعويض، وقضي بإحالة الدعويين المدنيتين إلى المحكمة المدنية المختصة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي استعمال القسوة والقذف اللتين دان الطاعنين بأولاهما ودان الطاعن الأول أيضاً بالأخرى وأورد على ثبوت الجريمتين في حق الطاعن الأول وثبوت أولاهما في حق الطاعن الثاني أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وما شهد به كل من...، .... فضلاً عما ثبت من التقرير الطبي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تناقض كل من الشهود أو تضاربهم في أقوالهم، أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته، كما أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها، وهي غير ملزمة بسرد روايات الشاهد المتعددة وبحسبها أن تورد من أقواله ما تطمئن إليه في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة كما أنها غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة، أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها. وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، كما أن تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه عول في قضائه على أقوال شهود الإثبات رغم تضاربها وتعدد روايات المجني عليه وورود شهادة.... نقلاً عن المجني عليه وتأخر الشاهد..... في الإدلاء بشهادته، لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. وأما ما نعاه الطاعنان على الحكم من تعويل على أقوال الشرطي...... التي لا تكشف - وحدها - عن ثبوت الخطأ في جانبهما فهو مردود بأنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو - بدوره - كونه جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعن الأول جريمة واحدة وعاقبه والطاعن الثاني بالعقوبة المقررة لأشدهما - وهي الجريمة المسندة إليهما معاً - وإذ كان تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم - في هذا الشأن - بالخطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل، وعما نعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه بشأن الإدعاء المدني، فإنه لما كان الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية - بشقيها - بل تخلى عنها، بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن منعى الطاعنين على الحكم سواء بإغفاله إيراداً ورداً دفعهما بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه، أو بعدم إثبات النقابة الفرعية للمحامين بالإسكندرية لدعواها يكون مردوداً بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحتهما فيه منعدمة إذ أن الحكم لم يفصل في تلك الدعوى أصلاً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد ويكون طعنهما - برمته جديراً برفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.