مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 840

(86)
جلسة 6 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1510 لسنة 2 القضائية

موظف - تعريفه - خفير محصولات تستخدمه وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على بعض التفاتيش - علاقتها به ليست لائحية بل تعاقدية - عدم اعتباره موظفاً عاماً - عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر طلبه الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الخاص بإعانة غلاء المعيشة.
إن صفة الموظف العام لا تقوم بالشخص ولا تجرى عليه بالتالي أحكام الوظيفة العامة ويفيد من مزاياها إلا إذا كان معيناً بصفة مستقرة غير عارضة للمساهمة في عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر. ومن ثم إذا كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه يعمل خفير محصولات ويلحق بالعمل بتكليف من رئيس التفتيش المحلي شأنه في ذلك شأن أي أجير تستخدمه وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على الأوقاف التابعة لها هذه التفاتيش، فهو بهذه المثابة من الأجراء ولا يعدو أن يكون نشاط الوزارة بالنسبة إليه في علاقتها مع الغير كنشاط الأفراد في مجالات القانون الخاص، وليس بسلطة عامة مما يدخل في نطاق القانون العام؛ ذلك أن علاقة المطعون عليه بوزارة الأوقاف ليست علاقة لائحية بين موظف عمومي وجهة حكومية تدخل في نطاق روابط القانون العام وتحكمها القواعد التنظيمية العامة الصادرة في هذا الشأن، بل هي علاقة تعاقدية بين أجير وصاحب عمل أساسها عقد مدني بحث تعهد المطعون عليه بمقتضاه بأن يقوم بخدمة معينة (حراسة محصولات) لقاء أجر معلوم تحدد مقداره ضوابط مرسومة تساهم كل من الوزارة ومستأجرو أطيانها في دفعه مناصفة بينهما، وبالتالي لا يعتبر من الموظفين العامين الذين يحق لهم الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 بشأن إعانة غلاء المعيشة حتى يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات الخاصة بذلك.


إجراءات الطعن

في 23 من مايو سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأوقاف بجلسة 25 من مارس سنة 1956 في الدعوى رقم 1603 لسنة 2 القضائية المقامة من خليل إبراهيم خليل ضد وزارة الأوقاف، القاضي "باستحقاق المدعي لإعانة غلاء المعيشة وفق قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 وذلك اعتباراً من أول أغسطس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية ورفض ما عدا ذلك من الطلبات بلا مصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى". وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 14 من يوليه سنة 1956 وإلى وزارة الأوقاف في 11 من يوليه سنة 1956، وعين لنظره جلسة 29 من ديسمبر سنة 1956, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي تقدم بتظلم أبان فيه أنه يتقاضى مرتباً قدره ثلاثة جنيهات شهرياً دون أن تصرف له إعانة غلاء معيشة وطلب الحكم باستحقاقه لإعانة الغلاء، وردت الوزارة على المدعي بأنه ألحق بخدمة ديوان وزارة الأوقاف الخصوصية الملكية بوظيفة خفير حاصلات على اعتماد مؤقت ضمن مصروفات الأطيان الزراعية وبأجر شهري قدره 900 م خلاف إعانة الغلاء. وفي أول أغسطس سنة 1952 ضم إلى وزارة الأوقاف بمناسبة تنظرها على الأوقاف التي كانت تابعة لديوان الأوقاف الخصوصية الملكية ورفع مرتبه إلى ثلاثة جنيهات اعتباراً من 19 من ديسمبر سنة 1952 بصفة مكافأة على اعتماد مؤقت ورد بالبند 13 ميزانية (حراسة المحاصيل)، وهذا الاعتماد غير مقسم إلى وظائف، وبهذا الوضع فإنه لا يكتسب صفة الموظف العمومي. وتقول الوزارة إن المبلغ الذي يصرف للمدعي هو بصفة مكافأة لا يمنح عنها إعانة غلاء، وبالتالي تكون دعواه على غير أساس قانوني. وبمناسبة صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة أحيل التظلم إلى المحكمة الإدارية لوزارة الأوقاف. وبجلسة 25 من مارس سنة 1956 قضت المحكمة الإدارية "باستحقاق المدعي لإعانة غلاء المعيشة وفق قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 وذلك اعتباراً من أول أغسطس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية ورفض ما عدا ذلك من الطلبات بلا مصروفات". وأسست قضاءها على "أن الثابت أن المدعي من المستخدمين المعينين على اعتمادات مؤقتة، فهو والحال هذا يصدق عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 ويستحق إعانة الغلاء وفقاً لأحكامه"، وقالت في موضع آخر "ومن حيث إن المدعي كان بخدمة ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية ثم ألحق بالعمل بوزارة الأوقاف بعد تنظرها على الأوقاف التي كانت في نظر الملك السابق، وإلحاقه بالعمل بهذه الوزارة يعتبر تعييناً جديداً وبالتالي يستحق لإعانة الغلاء بعد سنة من تاريخ تتبعه للوزارة أي من أول أغسطس سنة 1953 باعتبار أن المدعي ليس من الموظفين بل من المستخدمين المؤقتين الذين لا يفيدون من قرارات مجلس الوزراء الخاصة بنقل موظفي ديوان الأوقاف للحكومة".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المدعي يعتبر أجيراً ولا يمكن إدخاله - في مفهوم قوانين التوظف - في عداد الموظفين العموميين، وبالتبعية فلا تسري في حقه القواعد اللائحية المنظمة لشئون الموظفين العموميين بما في ذلك قواعد إعانة الغلاء، وبهذه المثابة لا يدخل طلبه في عموم طلبات الموظفين العموميين التي يختص القضاء الإداري بنظرها.
ومن حيث إن هذه المنازعة تثير بادئ ذي بدء بحث ما إذا كان المطعون عليه يعتبر موظفاً عاماً فيحق له بهذه المثابة الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 بشأن إعانة غلاء المعيشة ويختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالمنازعة الخاصة بذلك طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955، أم أنه ليس كذلك ومن ثم لا تطبق في شأنه أحكام هذا القرار كما لا يختص المجلس بنظر المنازعات التي تقوم بينه وبين وزارة الأوقاف.
ومن حيث إن صفة الموظف العام لا تقوم بالشخص ولا تجرى عليه بالتالي أحكام الوظيفة العامة ويفيد من مزاياها إلا إذا كان معيناً بصفة مستقرة غير عارضة للمساهمة في عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون عليه يعمل خفير محصولات ويلحق بالعمل بتكليف من رئيس التفتيش المحلي شأنه في ذلك شأن أي أجير تستخدمه الوزارة بصفتها ناظرة على الأوقاف التابعة لها هذه التفاتيش، فهو بهذه المثابة من الأجراء، ولا يعدو أن يكون نشاط الوزارة بالنسبة إليه في علاقاتها مع الغير كنشاط الأفراد في مجالات القانون الخاص، وليس بسلطة عامة مما يدخل في نطاق القانون العام؛ ذلك أن علاقة المطعون عليه بوزارة الأوقاف ليست علاقة لائحية بين موظف عمومي وجهة حكومية تدخل في نطاق روابط القانون العام وتحكمها القواعد التنظيمية العامة الصادرة في هذا الشأن، بل هي علاقة تعاقدية بين أجير وصاحب عمل أساسها عقد مدني بحت تعهد المطعون عليه بمقتضاه بأن يقوم بخدمة معينة (حراسة محصولات) لقاء أجر معلوم تحدد مقداره ضوابط مرسومة تساهم كل من الوزارة ومستأجرو أطيانها في دفعة مناصفة بينهما، ومن ثم لا يعتبر المطعون عليه من الموظفين العامين الذين يحق لهم الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 حتى يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات الخاصة بذلك.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون، ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.