مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 881

(92)
جلسة 13 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 759 لسنة 2 القضائية

معادلات دراسية - القانون رقم 271 لسنة 1953 - القول بأنه قد صفى جميع الأوضاع القديمة الخاصة بالإنصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية وغيرها التي صدرت بها قرارات من مجلس الوزراء - في غير محله - عدم نصه إلا على إلغاء القرارات الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1901.
لا وجه للقول بأن القانون رقم 371 لسنة 1953 في شأن المعادلات الدراسية قد صفى جميع الأوضاع القديمة الخاصة بالإنصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية وغيرها التي صدرت بها قرارات من مجلس الوزراء - لا وجه لذلك؛ لأن القانون المشار إليه إنما استهدف إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم القواعد السابقة بالإنصاف، سواء في ذلك من عينوا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن الدرجات المقررة لمؤهلاتهم، أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً، أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات ورواتب دون قيمتها، وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالتهم، كما أن هذا القانون لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951، وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها، دون التصريح بإلغاء قرارات الإنصاف السابقة عليها. والواقع من الأمر أن قرارات مجلس الوزراء التي لم ينص القانون سالف الذكر على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين، وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية، فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك، وقد خلا القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه من مثل هذا النص الخاص بإلغاء تلك القرارات؛ ومن ثم تظل قائمة نافذة منتجة آثارها في مجال تطبيقها.


إجراءات الطعن

في 8 من مارس سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 11 من يناير سنة 1956 في الدعوى رقم 5862 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزارة المواصلات ضد السيد/ محمود عبد اللطيف أحمد قطايا، والقاضي "برفض الطعن، وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, وإلزام الحكومة بالمصروفات"، وطلب رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي أبداها بعريضة الطعن الحكم، "بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء كل من الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية، والقضاء برفض التظلم، وإلزام الوزارة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده في 7 من يونيه سنة 1956. وإلى الحكومة في 24 منه, وعين لنظره جلسة 16 من مارس سنة 1957, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر, وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المتظلم قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية الإضافية لجميع مصالح الحكومة بالإسكندرية في 27 من مارس سنة 1953، قال فيه إنه حصل على دبلوم الفنون والصناعات في عام 1941، وعين باليومية بخدمة مصلحة المواني والمنائر في 21 من فبراير سنة 1942، ثم منح الدرجة السابعة في أول مايو سنة 1947، واعتبرت أقدميته فيها من 11 من أكتوبر سنة 1942، وأوفد في بعثة إلى انجلترا في سنة 1950، وحصل على شهادة 2nd. Engineer B.O.T التي تعطيه الحق في الدرجة السادسة بمرتب 12 ج شهرياً من تاريخ حصوله عليها وذلك وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945، ولذلك فهو يطلب تسوية حالته بوضعه في الدرجة السادسة اعتباراً من 2 من يوليه سنة 1952 تاريخ حصوله على هذا المؤهل مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد ردت الحكومة وقتئذ بأن هذا القرار ينطبق على حالة المتظلم، إلا أنه لا توجد درجات سادسة خالية حتى يمكن ترقيته عليها. وفي 5 من يونيه سنة 1953 صدرت اللجنة القضائية قرراها بإجابة المتظلم إلى طلبه؛ واستندت في ذلك إلى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر، وإلى أن هذا القرار لم يعلق استحقاق حامل هذا المؤهل للدرجة السادسة على وجود درجات خالية. فطعنت الوزارة في هذا القرار في 25 من مارس سنة 1953 طالبة إلغاءه؛ مؤسسة طعنها على أن المتظلم حصل على مؤهله أثناء الخدمة. وأنه ليست هناك قاعدة قانونية ملزمة تحتم على الحكومة تعيينه في الدرجة الساسة إلا إذا وجدت درجات سادسة فنية خالية بالمصلحة ولم تكن هناك درجات خالية وقتئذ, ومع ذلك فإن المتظلم ستسوى حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953. وفي 11 من يونيه سنة 1956 قضت المحكمة برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة القضائية، وألزمت الحكومة بالمصروفات. وأسست قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 بتقدير المؤهل الذي حصل عليه المدعي، وإن كان قد صدر بمناسبة حالة فردية، إلا أنه قرر مبدأً عاماً ووضع قاعدة تنظيمية لتطبق مستقبلاً على كل حالة مماثلة، بخلاف قواعد الإنصاف التي وضعت لإنصاف الموظفين الذين حصلوا على مؤهلهم قبل الدخول في الخدمة وقبل تاريخ تطبيق تلك القواعد، ولا يبين من قرار مجلس الوزراء المذكور أن تنفيذه معلق على الحصول على المؤهل قبل الدخول في الخدمة، ومن ناحية أخرى فإن الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية لم يتضمن المؤهل الذي حصل عليه المتظلم، ولم يصدر - بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المذكور - قرار من رئيس ديوان الموظفين بتعيين الدرجة تحديد المرتب والأقدمية المناسبة لهذا المؤهل؛ ومن ثم فإن حق هذا الأخير يبقى قائماً مستنداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد فاته أن المشرع قصد بإصدار القانون رقم 371 لسنة 1953 في شأن المعادلات الدراسية أن يصفي الأوضاع القديمة الخاصة بالإنصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية وغيرها من المسميات التي صدرت بها قرارات من مجلس الوزراء تصفية نهائية لا رجعة فيها، فضمن جميع لأحكام الخاصة بتقدير المؤهلات الدراسية في قانون موحد يكون هو, دون غيره من القواعد السابقة، القانون الواجب التطبيق، وأوضح المشرع مراده بالنص في المادة التاسعة منه على سريان أحكامه على الدعاوى المنظورة أمام اللجان القضائية أو أمام محكمة القضاء الإداري. ومن ثم فلا يقبل القول بعد ذلك بتطبيق قواعد سابقة قضى عليها التنظيم الجديد الذي صدر ليحل محلها مستهدفاً تصفية الوضع الشاذ المترتب عليها، وأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945 بتقدير الدرجة والراتب لحملة شهادة B.O.T. 2nd. Engineer من وزارة النقل البريطانية يدخل في عداد القرارات التي قضى عليها التشريع الجديد بأثر رجعي. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا، فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، للأسباب التي استند إليها. ولا وجه لما يستند إليه الطعن من أن القانون رقم 371 لسنة 1953 في شأن المعادلات الدراسية قد صفى جميع الأوضاع القديمة الخاصة بالإنصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية وغيرها التي صدرت بها قرارات من مجلس الوزراء - لا وجه لذلك؛ لأن القانون المشار إليه إنما استهدف إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم القواعد السابقة بالإنصاف، سواء في ذلك من عينوا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن الدرجات المقررة لمؤهلاتهم، أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة، فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً، أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات ورواتب دون قيمتها، وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالتهم، كما أن هذا القانون لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951، وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها، دون التصريح بإلغاء قرارات الإنصاف السابقة عليها. والواقع من الأمر أن قرارات مجلس الوزراء التي لم ينص القانون سالف الذكر على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين، وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية، فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك، وقد خلا القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه من مثل هذا النص الخاص بإلغاء تلك القرارات؛ ومن ثم تظل قائمة نافذة منتجة آثارها في مجال تطبيقها. كما لا وجه لما تذهب إليه المصلحة من أن المتظلم وهو في كادر فني متوسط لا يستحق الترقية إلى الدرجة السادسة في الكادر الفني العالي، بل تكون ترقيته في حدود الكادر الذي هو فيه - لا وجه لذلك لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1945، وهو القرار الواجب التطبيق في خصوصية هذا النزاع، إنما صدر في حالة مماثلة لحالة المتظلم فوضع في درجة سادسة في الكادر الفني العالي كانت خالية وقتذاك في نفس المصلحة، وأنصف في الوقت ذاته باعتباره من حملة الشهادات العليا، ورأى مجلس الوزراء، بالقرار سالف الذكر، اعتبار هذه الحالة كمبدأ يطبق على الحالات المماثلة. ومن ثم يكون من حق المتظلم أن تسوى حالته، بأن يوضع في أول درجة سادسة خلت في الكادر الفني العالي بهذه المصلحة، ويكون الطعن، والحالة هذه، قد بني على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.