أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 491

جلسة 8 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ حسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري والصاوي يوسف سليمان.

(108)
الطعن رقم 7250 لسنة 53 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم انسحاب أثر تقدير المحكمة لدليل في دعوى. إلى دعوى أخرى.
(2) حكم "حجية الأحكام". إثبات "بوجه عام" "قوة الأمر المقضي". هتك عرض.
الحجية لا ترد إلا على المنطوق. شرط امتداد أثرها إلى الأسباب؟
ما تستنتجه المحكمة من واقعة مطروحة عليها. عدم حيازته حجية.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها".
عدم تقيد القاضي بما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم.
1 - من المقرر أن تقدير المحكمة لدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى ما دامت لم تطمئن إلى الدليل المقدم فيها.
2- الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به، أما إذا استنتجت المحكمة استنتاجاً ما من واقعة مطروحة عليها فإن هذا الاستنتاج لا يجوز حجية ولا يمنع محكمة أخرى من أن تستنبط من واقعة مماثلة ما تراه متفقاً وملابسات الدعوى المطروحة عليها، لانتفاء الحجية بين حكمين في دعويين مختلفتين موضوعاً وسبباً.
3 - من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة، غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض كل من الصبيتين.... و..... والتي لم تبلغ كل منهما الثامنة عشر من عمرها بغير قوة أو تهديد بأن خلع عن كل منهما سروالها وهتك عرضها على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه طبقاً للمادة 269 من قانون العقوبات.
وادعت..... بصفتها وصية على ابنتها القاصر (.....) مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح..... قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام أولاً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ثانياً: بحبس المتهم شهراً مع إيقاف التنفيذ الشامل ثالثاً: بإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمته بالمصروفات.
استأنف.
ومحكمة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض أنثتين لم تبلغا الثامنة عشر من عمرهما بغير قوة أو تهديد قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه أرفق ضمن مستنداته المقدمة لمحكمة أول درجة صورة من الحكم الصادر في الدعوى رقم..... جنح مستأنفة.... القاضي ببراءته من تهمة حيازة صور منافية للآداب ولم تلتفت المحكمة بدرجتيها إلى أن محضر تلك الدعوى التي لم يطمئن قاضيها إلى أدلة الاتهام القائمة بها - هو صورة منسوخة من المحضر المخصص لجريمة هتك العرض التي صدر بها الحكم المطعون فيه ولو فطنت المحكمة إلى هذا المستند المقدم من الطاعن إثباتاً لصحة دفاعه ومحصت دلالته وبقية المستندات في نفي التهمة وصولاً إلى غاية الأمر فيها، وتنبهت إلى دفاع الطاعن وغايته من تقديم تلك المستندات لتغير وجه رأيها في الدعوى وفقاً لما انتهى إليه الحكم في الدعوى الأخرى المقضى فيها بالبراءة، وإذ هي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها ثم أطرح دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بما يتفق وصحيح القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير المحكمة لدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى ما دامت لم تطمئن إلى الدليل المقدم فيها، ذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التي تطرح على المحكمة على بساط البحث بالجلسة ويقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته مستقلاً في تكوين عقيدته بنفسه. كما أن الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ ولا يكون للمنطوق قوام إلا به، أما إذا استنتجت المحكمة استنتاجاً ما من واقعة مطروحة عليها فإن هذا الاستنتاج لا يجوز حجية ولا يمنع محكمة أخرى من أن تستنبط من واقعة مماثلة ما تراه متفقاً وملابسات الدعوى المطروحة عليها، لانتفاء الحجية بين حكمين في دعويين مختلفتين موضوعاً وسبباً. كما أن من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة، غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر. لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة - في يقين - مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن النعي يكون في غير محله، ويتعين رفض الطعن موضوعاً.