أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 487

جلسة 9 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي، وممدوح مصطفى حسن، ومحمد ممدوح سالم والدكتور كمال أنور.

(91)
الطعن رقم 2302 لسنة 49 القضائية

تجمهر. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
شروط قيام التجمهر: أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها.
مناط العقاب على التجمهر وتضامن المتجمهرين في المسئولية عما يقع من جرائم تنفيذاً للغرض منه: هو ثبوت علمهم بهذا الغرض.
متى كانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1964 في شأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاًَ للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض، وكان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذواً غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين - وآخرين - وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء عن ثبوتها في حقهما وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته على نحو ما سلف كافية لبيان أركان التجمهر على ما هو معرف به في القانون وعلى ثبوتها في حق الطاعنين وإذ ما كانت جناية السرقة بإكراه التي دانهما الحكم بها بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة وحال التجمهر ولم يستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف الذي يصح أن يفترض معه أن غيره من المشتركين في التجمهر قد توقعوه بحيث تسوغ محاسبتهم عليه باعتباره من النتائج المحتملة من الاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه وكان لا تثريب على الحكم إن هو ربط جناية السرقة بإكراه تلك بالغرض الذي قام من أجله هذا الحشد واجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون وما يثيره الطاعنان في هذا الصدد إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكب جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال حالة كونهم حاملين آلات (فئوس وعصي) من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة وقد وقعت منهم تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم بهذا الغرض - الجرائم الآتية: (أولاً) سرقوا الحقيبة الجلدية ومحتوياتها من النقود البالغ قدرها خمسة عشر ألف ومائة وخمسة وتسعين جنيهاً والأوراق المبينة بالتحقيقات المملوكة لـ..... وذلك بطريق الإكراه الواقع على....... بأن أمسكوا به وأوقعوه أرضاً معطلين بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من انتزاع الحقيبة من يده والفرار بها وسرقة محتوياتها (ثانياً) تعدوا على موظف عمومي أثناء وبسبب تأدية وظيفته بأن قذفوا أحجاراً صوب الملازم أول....... فأصابه إحداها وأحدث به الإصابات الموصوفة بالمحضر والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. (ثالثاً) أتلفوا عمداً أجزاء السيارات المبينة بالتحقيقات والمملوكة لكل من....... و....... و.......، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بمواد القانون رقم 10 لسنة 1964 والمواد 314/ 1، 136، 137/ 1، 361/ 4 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 منه بمعاقبة كل من المتهمين (الطاعنين) بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر، فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ اعتبرهما مشتركين في تجمهر وحملهما مسئولية ما وقع من جرائم السرقة بالإكراه والتعدي على موظف وإتلاف منقول قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يبين أركان جريمة التجمهر ومدى توافرها في واقعة الدعوى واعتبر أن الجريمة قد وقعت لمجرد تجمع أكثر من خمسة أشخاص مع أن التجمهر الذي وقع يعتبر جنحة إذ أنه كان لسبب مشروع ولم يكن يقصد العدوان أو جعل السلم العام في خطر فلا يسأل الطاعنان عن جرائم السرقة والتعدي والإتلاف التي وقعت من آخرين، هذا فضلاً عن أن ضابط النقطة قد شهد بعدم رؤيتهما بين المتجمهرين، كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم 4/ 6/ 1965 بدائرة مركز قويسنا وأثناء وجود كل من...... و...... فريق أول بائعين،...... و...... و...... و...... وكان الفريق الأول يقوم ببيع مساحة 77 فداناً لكل من....... عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده...... وأثناء تحرير العقود تجمهر المتهمون أمام عزبة جبارة يحملون فؤوساً وعصياً بقصد تهديد....... ومن معه لمنعه وإرغامه على عدم إتمام البيع لما توهموه من أن استلام المشتري للأرض قد يخليهم منها ويحرمون من ثمرة الانتفاع بها، وكانت سيارات البائعين والمشترين موجودة داخل فناء المبنى ومنها سيارة فولكس صغيرة ملك........ وكان........ قد ترك حقيبة بنية اللون بها حوالي ستة عشر ألف جنيه وأوراق رسالة دكتوراة في دواسة المقعد الخلفي لهذه السيارة وكان الخفير الخصوصي للعزبة يقف بجوار السيارة لحراستها وشاهد المتهمين الأول - والثاني وقد سرقا الحقيبة من السيارة فأمسك بهما وحاول منعهما فتمكنا بعد مقاومة طويلة من انتزاعها منه عنوة وكرهاً حتى انهارت مقاومته وتمكنا من الإفلات بالحقيبة وفي هذه الأثناء وكان البائعان والمشترون يجلسون بحجرة بالدور العلوي لمبنى العزبة سمعوا صياحاً وصراخاً فأطل الموجودون جميعاً عدا...... من النافذة لاستطلاع الأمر فشاهدوا الخفير المذكور ممسكاً بالحقيبة وشخصين يتجاذبانها معه حتى انفصلت يدها وتمكن هذان الشخصان من الفرار بها وباقي المتهمين يقومون بإتلاف السيارات بالعصي وقذف الحجارة حتى أحدثوا ما بها من إتلاف وكان ضابط النقطة قد حضر في هذه الأثناء وأثناء محاولته ورجال القوة المرافقين له منع هذا الاعتداء وتفريق المتجمهرين قذفه أحد المتجمهرين بحجر أحدث إصابة في أنفه وقد تتبع بعض المتجمهرين حاملي الحقيبة وأرادوا - استخلاصها منهما حتى كسرت وفتحت من شدها وجذبها بينهم وسقطت محتوياتها بالطريق وصار كل يخطف ما وصلت إليه يده من نقود وتمكن...... من سرقة حوالي ألفي جنيه أخفاها في حظيرة ببيت إحدى قريباته إلى أن قام رجال المباحث بالعثور عليها وضبطها بإرشاده. ودلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين بما ينتجها من وجوه الأدلة السائغة المستمدة من أقوال الشهود وأقوال المتهمين الثالث والرابع والسابع والثالث عشر والخامس عشر ومن تحريات المباحث. لما كان ذلك وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1964 في شأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاًَ للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض، وكان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذواً غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين - وآخرين وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء عن ثبوتها في حقهما وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته على نحو ما سلف كافية لبيان أركان التجمهر على ما هو معرف به في القانون وعلى ثبوتها في حق الطاعنين وإذ ما كانت جناية السرقة بإكراه التي دانهما الحكم بها بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة وحال التجمهر ولم يستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف الذي يصح أن يفترض معه أن غيره من المشتركين في التجمهر قد توقعوه بحيث تسوغ محاسبتهم عليه باعتباره من النتائج المحتملة من الاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه وكان لا تثريب على الحكم إن هو ربط جناية السرقة بإكراه تلك بالغرض الذي قام من أجله هذا الحشد واجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون وما يثيره الطاعنان في هذا الصدد إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البادي من مدونات الحكم أنه لم يعول في إدانة الطاعنين على أقوال ضابط النقطة بل استند في إدانتهما إلى ما شهد به شهود الإثبات من أنهما كانا من بين المتجمهرين وهو ما لا يجادل فيه الطاعنان ومن ثم فإن ما يثيرانه في هذا الشأن يكون في غير محله. ولما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.