أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 507

جلسة 15 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك - نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري والصاوي يوسف.

(112)
الطعن رقم 2798 لسنة 53 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد. حد ذلك؟
(2) مسئولية جنائية. فاعل أصلي. شريك. وكالة. محاماة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بلاغ كاذب.
عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره. وجوب أن يكون ممن ساهم في القيام بالعمل المعاقب عليه.
الموكل. وإن كان لا يكتب للمحامي صحيفة الدعوى إلا أنه يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابتها. أثر ذلك؟
1 - لا يعيب الحكم ما ينعاه الطاعن عليه من أنه أغفل ما جاء في أقواله من أن المطعون ضده استلم الجهاز عن طريق الشرطة - وذلك لما هو مقرر من حق قاضي الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها.
2 - من القواعد المقررة عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره فلا بد لمساءلته أن يكون ممن ساهم في القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً فإذا كان حقيقة أن الموكل (الطاعن) لا يكتب للمحامي صحيفة الدعوى - التي تضمنت واقعة السرقة التي نسبت للمطعون ضده - إلا أنه بالقطع يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة هذه الصحيفة التي يبدو عمل المحامي فيها هو صياغتها صياغة قانونية تتفق وصالح الموكل في الأساس ولا يمكن أن يقال أن المحامي يبتدع الوقائع فيها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم مسئوليته عما ورد بصحيفة الجنحة المباشرة يكون غير سديد.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أبلغ ضده كذباً وبقصد الإشهار بالجريمة المبينة بمحضر الجنحة رقم 5389 لسنة 1979 بيلا، وطلب عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح بيلا قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتعديل العقوبة بجعلها مائة جنيه وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة البلاغ الكاذب فقد شابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب. ذلك بأن عول في إدانته على ما نسبه إليه من أنه قرر في محضر الشكوى رقم 1129 لسنة 1979 إداري بيلا أن جهاز "التليفزيون المبلغ بسرقته" كان مودعاً لدى (زوجته) أخت المطعون ضده - في حين أن أقواله التي أدلى بها في هذا المحضر لم تتضمن شيئاً من ذلك، كما نسب إليه الحكم أيضاً أنه أبلغ بارتكاب المطعون ضده السرقة - وهو ما لم يقع منه كذلك فلم يورد الحكم في مدوناته ما قرره من أن المطعون ضده قد تسلم الجهاز المشار إليه عن طريق الشرطة هذا إلى أنه أثار في مذكرته أمام المحكمة أن الوقائع التي أبلغ بها محاميه لا تحمل في مضمونها بلاغاً بالسرقة وأن محاميه هو الذي أسبغ عليها هذا الوصف وهو ما لا يمكن مساءلته عنه، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يورده أو يرد عليه. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه. قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) أقام دعواه قبل الطاعن بطريق الادعاء المباشر طالباً معاقبته طبقاً للمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بالتعويض - لإبلاغه ضده كذباً وبقصد التشهير أنه سرق جهاز تليفزيون في المحضر رقم 1129 سنة 1979 إداري بيلا ثم تحريكه دعوى الجنحة المباشرة رقم 5389 سنة 1979 بيلا رامياً إياه بالسرقة أيضاً حيث قضى بتبرئته من هذا الاتهام. ثم أثبت الحكم إطلاعه على الصورتين الرسميتين للشكوى والجنحة آنفتي الذكر، وخلص إلى إدانة الطاعن بجريمة البلاغ الكاذب تأسيساً على أنه قام برفع الدعوى رقم 5389 سنة 1979 جنح بيلا بطريق الادعاء المباشر متهماً المطعون ضده بالسرقة وهو يعلم يقيناً كذب دعواه لما هو ثابت من أقواله بمحضر الشكوى 1129 سنة 1979 إداري بيلا أن هذا الجهاز كان مودعاً لدى زوجته شقيقة المطعون ضده وأبدى استعداده لتسليمه إليه - لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها - تحقيقاً لوجه الطعن - أن ما نقله الحكم المطعون فيه - من أقوال الطاعن بالمحضر 1129 سنة 1979 إداري بيلا وما أثبته نقلاً عن صحيفة الجنحة رقم 5389 سنة 1979 بيلا - له أصله الثابت فيهما - فإن ما يدعيه الطاعن من قالة مخالفة الحكم في تحصيله لأقواله لما هو ثابت بالأوراق ونعيه عليه بالخطأ في الإسناد يكون غير صحيح، هذا إلى أنه لا يعيب الحكم ما ينعاه الطاعن عليه من أنه أغفل ما جاء في أقواله من أن المطعون ضده استلم الجهاز عن طريق الشرطة - وذلك لما هو مقرر من حق قاضي الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه وإطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها. لما كان ذلك، وكان من القواعد المقررة عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره فلابد لمساءلته أن يكون ممن ساهم في القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً فإذا كان حقيقة أن الموكل (الطاعن) لا يكتب للمحامي صحيفة الدعوى - التي تضمنت واقعة السرقة التي نسبت للمطعون ضده - إلا أنه بالقطع يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة هذه الصحيفة التي يبدو عمل المحامي فيها هو صياغتها صياغة قانونية تتفق وصالح الموكل في الأساس ولا يمكن أن يقال أن المحامي يبتدع الوقائع فيها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم مسئوليته عما ورد بصحيفة الجنحة المباشرة في الدعوى رقم 5389 سنة 1979 جنح بيلا - يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.