أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 513

جلسة 21 من مايو 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ قيس الرأي عطية ومحمد أحمد حمدي نائبي رئيس المحكمة ومحمد عبد المنعم البنا ومقبل شاكر.

(114)
الطعن رقم 6008 لسنة 53 القضائية

(1) مواقعة أنثى بغير رضاها. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النقص العقلي الخفي وأثره على الإرادة والإدراك؟.
متى لا يجدي دفاع الطاعن بجهله إصابة المجني عليها بعاهة عقلية؟.
عدم إقامة الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يقف على حالة المجني عليها. أثره؟
(2) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم لزوم مطابقة أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني في كل جزئية. قالة التناقض بينهما لا يثار لأول مرة أمام النقض - علة ذلك؟
1 - لما كانت المحكمة قد اقتنعت من الدليل الفني بأن المجني عليها وقت وقوع الجريمة كانت مصابة بالنقص العقلي سالف الذكر فلا يجدي الطاعن قوله بجهله إصابة المجني عليها بهذه العاهة العقلية لما كانت فيه من ظروف تدل على أنها كانت تمارس الجنس بوعي وإدراك لما تأتيه، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقوم على فعلته فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب عن الجريمة التي تتكون منها ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يقضي على الحقيقة. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يقف على حالة المجني عليها فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم بالإدانة أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه، بل يكفي - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما لا يكون له محل. وفضلاً عن ذلك، فإن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثر هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي لا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك أمامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه واقع....... بغير رضاها حالة كونها تعاني من نقص عقلي "تخلف عقلي" وأحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام.
ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمادة 267 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع واعتوره التناقض، ذلك أنه عول على التقرير الطبي الشرعي رغم قصوره في استظهار طبيعة المرض العقلي الذي تعاني منه المجني عليها وهل يعدم إرادتها دوماً أم ينتابها على فترات متقطعة بحيث تكون في غيرها مكتملة الإرادة ويكون إتيان الطاعن لها أثناءها - بفرض صحة الاتهام - قد حدث بمحض إرادتها وكامل إدراكها وترتب على الأخذ بالتقرير الطبي الشرعي سالف الذكر على علاته أن افترض الحكم علم الطاعن بحالة المجني عليها العقلية دون أن يعرض لما أثاره بتحقيقات النيابة من انتفاء علمه بحالة المجني عليها رغم جوهرية هذا الدفاع واتصاله بالأركان القانونية للجريمة خاصة وأن المجني عليها طبقاً لأقوال الشاهدين كانت تمارس الجنس بوعي لما تأتيه الأمر الذي لم تساور معه الطاعن أية ريبة في أمرها، هذا إلى أن الطبيب الشرعي لم يساير شاهدي الإثبات فيما قرراه من أن الطاعن كان يواقع المجني عليها حالة الضبط إذ اقتصر تقريره في هذا الشأن على المجني عليها متكررة الاستعمال من تاريخ قديم لا يمكن تحديده بدقة ولم يعن الحكم برفع هذا التناقض بين الدليلين, كل ذلك يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن التقرير الطبي الشرعي - بما لا يماري الطاعن في أن له أصله الصحيح في أوراق الدعوى - إن المجني عليها تعاني من نقص عقلي خلقي (حالة بله في قواها العقلية) وكان يبين من مطالعة المفردات المضمومة أن الطبيب الشرعي قد أثبت في تقرير تكميلي مرفق أنه بناء على طلب محكمة الجنايات قد أطلع على ملف الدعوى لبيان ما إذا كانت المجني عليها تعتبر بحالتها العقلية معدومة الإرادة والإدراك من عدمه وخلص في هذا التقرير إلى أن المجني عليها مبروكة السيد قاسم تعاني من حالة عقلية ذهنية تجعلها معدومة الإرادة والإدراك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في اعتبار مواقعة الطاعن للمجني عليها قد حصلت بغير رضاء صحيح منها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اقتنعت من الدليل الفني بأن المجني عليها كانت وقت وقوع الجريمة عليها مصابة بالنقص العقلي سالف الذكر فلا يجدي الطاعن قوله بجهله إصابة المجني عليها بهذه العاهة العقلية لما كانت فيه من ظروف تدل على أنها كانت تمارس الجنس بوعي وإدراك لما تأتيه، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعلته فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب عن الجريمة التي تتكون منها ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يقف على الحقيقة. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يقف على حالة المجني عليها فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون غير سديد فضلاً عن أن محضر الجلسة جاء خلواً من أي دفاع له بصدد هذه المسألة مما يكون معه منعاه بالإخلال بدفاعه بصددها لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم بالإدانة أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه، بل يكفي - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما لا يكون له محل. وفضلاً عن ذلك، فإن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي لا يقبل معه النعي على المحكمة بإغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك به أمامها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.