مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثاني (من أول فبراير إلى آخر مايو سنة 1957) - صـ 1028

(105)
جلسة 27 من إبريل سنة 1957

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 64 لسنة 3 القضائية

( أ ) معادلات دراسية - النص في المادة السادسة من القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية على أن تعتبر لحاملي الشهادة العالية أو المؤهل الجامعي أقدمية نسبية على ذوي المؤهلات التكميلية عند الترقية - لا يفيد منه سوى حملة المؤهل العالي أو الجامعيين - حملة المؤهل الأدنى لا يفيدون من هذا الحكم وإنما يكون الرجوع فيما بين هؤلاء وبين أصحاب المؤهلات التكميلية إلى ترتيب الأقدمية فيما بينهم.
(ب) أقدمية - الأقدمية الاعتبارية المنصوص عليها في المادة السادسة من قانون المعادلات الدراسية - أقدمية قانونية يترتب عليها ما يترتب على الأقدمية الأصلية من آثار - يستثنى من ذلك ما قضت به المادة الثامنة من قانون المعادلات من حظر الاستناد إليها للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات أو النقل أو غيرها التي صدرت لحين نفاذ ذلك القانون.
1 - يبين من الاطلاع على المادة السادسة من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 وما ورد في شأنها بمذكرته الإيضاحية أن هذا القانون، إذ وازن بين ذوي المؤهلات التكميلية وحاملي الشهادة العالية أو المؤهل الجامعي، أضاف مدة ثلاث سنوات لهؤلاء تحسب على أولئك عند الترقية. وغني عن البيان أنه لا يفيد من ذلك إلا حاملو الشهادة العالية والجامعيون عند التزاحم فيما بينهم وبين حاملي الشهادات التكميلية المذكورة، فلا يفيد منه من يحمل مؤهلاً أدنى، وإنما يكون المرجع فيما بين هؤلاء وبين أصحاب المؤهلات التكميلية إلى ترتيب الأقدمية فيما بينهم.
2 - إن الأقدمية الاعتبارية التي رتبتها المادة السادسة من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 لحاملي الشهادة العالية أو المؤهل الجامعي هي أقدمية قانونية رتب عليها القانون ما رتبه على الأقدمية الأصلية من آثار فيما عدا ما استثناه هذا القانون في مادته الثامنة من أنه "لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية أو الدرجة الرجعية التي يرتبها هذا القانون للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات أو النقل أو غيرها التي صدرت لحين نفاذ هذا القانون". وفيما عدا هذا الاستثناء يترتب على تلك الأقدمية ما يترتب على الأقدمية الأصلية من آثار، ومن ذلك الاعتداد بها في الترقيات التي تتم بعد نفاذ القانون المذكور.


إجراءات الطعن

في 22 من ديسمبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1956 في الدعوى رقم 2371 والدعوى رقم 2680 لسنة 9 القضائية المرفوعتين من محمد رضا وأحمد عباس أحمد ضد مجلس الشيوخ، القاضي: "بإرجاع أقدمية المدعيين في الدرجة الخامسة إلى 31 من يناير سنة 1954، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إرجاع أقدمية المدعي الثاني في الدعوى رقم 2680 لسنة 9 القضائية في الدرجة الخامسة إلى 31 من يناير سنة 1954 وتأييده في الشق الآخر والقضاء برفض الدعوى رقم 2680 لسنة 9 ق, وإلزام رافعها المصروفات، واحتياطياً إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعويين رقمي 2371 و2680 لسنة 9 ق وإلزام كل من المدعيين المصروفات". وقد أعلنت صحيفة هذا الطعن إلى الحكومة في 25 من فبراير سنة 1957 وإلى المطعون عليهما في 19 من يناير سنة 1957، وعين لنظره جلسة 30 من مارس سنة 1957 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن كلا من المدعيين أقام دعواه أمام اللجنة القضائية وأحيلت بعد ذلك إلى المحكمة الإدارية المختصة بعد إنشائها بالتطبيق للقانون رقم 147 لسنة 1954 بشأن إنشاء المحاكم الإدارية ثم إلى محكمة القضاء الإداري لاختصاصها بالتطبيق للقانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن مجلس الدولة، ثم قررت المحكمة ضم الدعويين إحداهما للأخرى للارتباط للحكم فيهما معاً، ويطلب المدعيان إلغاء القرار الصادر في 31 من يناير سنة 1954 من السيد/ وزير الدولة المتولي شئون سكرتيرية مجلس الشيوخ فيما تضمنه من تخطيهما في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الإداري وما يترتب على ذلك من آثار. وتخلص واقعة كل من الدعويين في أنه خلت بميزانية مجلس الشيوخ في السنة المالية 1953/ 1954 ثلاث درجات خامسة في الكادر الإداري، ورأت سكرتيرية المجلس شغلها بالترقية إليها بالأقدمية المطلقة بين الموظفين الذين تتوافر فيهم شروط الترقية وفقاً للقواعد المقررة وكان ترتيب أقدمية موظفي الدرجات السادسة في الكادر الإداري كالآتي؛ 1 - محمد رضا (المدعي في الدعوى الأولى)، 2 - أحمد عباس أحمد (المدعي في الدعوى الثانية) وكلاهما حاصل على دبلوم التجارة التكميلية العليا، 3 - إدوارد عبده سعد (مؤهل متوسط)، 4 - محمد سلطان السعدي (ليسانس حقوق)، 5 - أحمد السيد عبد اللطيف (بكالوريوس كلية التجارة). واستناداً إلى الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 371 لسنة 1953، واتباعاً لفتوى ديوان الموظفين التي شملها كتابه الدوري رقم 82 لسنة 1953 الصادر في 22 من نوفمبر سنة 1953، رتبت سكرتيرية المجلس أقدميات موظفي الدرجة السادسة، فوضعت الرابع والخامس في أقدمية نسبية سابقة على الأول والثاني مقدارها ثلاث سنوات، بحيث لا يتأثر به صاحب المؤهل المتوسط الثالث، وأجريت على هذا الأساس حركة الترقية التي صدر بها القرار الوزاري المؤرخ 31 من يناير سنة 1954 بترقية الثالث والرابع والخامس. ثم خلت بالميزانية بعد ذلك درجتان خامستان في الكادر الإداري، فصدر قرار وزاري في 29 من إبريل سنة 1954 بترقية محمد رضا عباس أحمد، ويقيم المدعيان طعنهما في قرار الترقية بالأوجه الآتية: (أولاً) أن قانون المعادلات الدراسية إذ قضى بإلغاء قرارات المعادلات السابقة بأثر رجعي قد اعتدى على حقوق اكتسبها الموظفون من تلك القرارات، وإذا كان ذلك يبرره حماية الخزانة فإنه لا يوجد ما يبرر إهدار مراكز قانونية مستقرة. (ثانياً) أن مجال تطبيق المادة السادسة من القانون رقم 371 لسنة 1953 مقصور على حالة الترقيات بالكادر العالي وأن الحكمة التي أوحت بذلك هي حالة التنافس القائمة بين حملة المؤهلات التي قدر لها 500 م و10 ج في الدرجة السادسة وبين حملة المؤهلات العالية والدرجات الجامعية، فإذا انعدم التنافس فلا يفيد من الأقدمية النسبية بطريق مباشر أو غير مباشر حملة المؤهلات المتوسطة، وأضاف كل من المدعيين أن ترقيته إلى الدرجة السادسة كانت ترقية عادية ومنح هذه الدرجة بأول مربوطها وهو خمسة عشر جنيهاً وأن أقدميته أرجعت إلى تاريخ حصوله على مؤهله الدراسي بمقتضى أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 وأن وضعه على الدرجة السادسة لم يكن نتيجة لتطبيق قرار إنصاف مؤهله وبالتالي لم يكن بناء على أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 فلا تمتد أحكام هذا القانون إلى حالته بأي حال. وفي 25 من أكتوبر سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري في الدعويين: "بإرجاع أقدمية المدعيين في الدرجة الخامسة إلى 31 من يناير سنة 1954، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات"؛ وأسست قضاءها على أن: "مفهوم القانون رقم 371 لسنة 1953 ومذكرته الإيضاحية أن المشرع رأى أنه وقد قرر منح حملة المؤهلات التكميلية الدرجة السادسة من تاريخ حصولهم عليها فإنهم سيسبقون زملاؤهم الذين ظلوا يتابعون التعليم العالي بما لا يقل عن ثلاث سنوات، إذ أن التعليم العالي والجامعي يستغرق أربع سنوات أو خمس في حين أنه يمكن لحاملي التوجيهية الحصول على التكميلية في مدى سنة أو سنتين على الأكثر، فكان بين أمرين عند وضع القانون رقم 371 لسنة 1953 أولهما أن يعتبرهم في الكادر المتوسط أو أن يرفع الغبن عن حملة المؤهلات العالية بإعطائهم أقدمية اعتبارية نسبية على حملة المؤهلات التكميلية مقدارها ثلاث سنوات ففضل الطريقة الأخيرة وضعتها المادة 6/ 2 منه. ومعنى قول المشرع إن الأقدمية نسبة أي ليست مطلقة هي قاصرة التطبيق وقت المفاضلة بين حامل التكميلي وحامل المؤهل العالي فلا ينصرف إلى حامل المؤهل المتوسط؛ وآية ذلك أن حامل المؤهل المتوسط إذا كان في الدرجة السادسة، فإنه لم يصلها استناداً إلى حصوله على أي مؤهل - كما هو الحال بالنسبة لحملة المؤهلات التكميلية الذين يمنحون أقدمية في الدرجة السادسة من تاريخ حصولهم على المؤهل - بل وصل إليها بأقدميته في الدرجة السابعة وقد يظل فيها طويلاً فلا يعقل أن يكون المشرع قصد أن يشمله وأن يقدم عليه ذوي المؤهلات العالية؛ ومن ثم فلا مجال لتطبيق هذا النص استثناء من قواعد الترقية المنصوص عليها في القانون رقم 210 لسنة 1951 والذي لا يجوز التوسع فيه إطلاقاً إلا حيث يكون التنافس قائماً بين حامل مؤهل تكميلي وحامل مؤهل عال وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الجامعي تالياً مباشرة في الأقدمية لحامل المؤهل التكميلي فإذا توسط بينهما حامل مؤهل متوسط فلا محل لإعمال تلك الأقدمية الاعتبارية؛ لأنه في هذه الحالة يكون التنافس بين حامل التكميلية وحامل المؤهل المتوسط".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المسألة خاصة بتحديد أقدميات وقد رسم لها القانون طريقاً معيناً لا يخرج عن رأيين: أما الرأي الأول، فيقوم على فكرة التمشي حرفياً مع الطريق المرسوم بالقاعدة القانونية الواردة في المادة السادسة. ومن ثم فلا يجوز ترقية حامل المؤهل التكميلي وهو في أقدميته العادية بالدرجة السادسة إلا بعد مضي ثلاث سنوات من اعتباره في الدرجة السادسة بماهية 500 م و10 ج وإعطاء أصحاب المؤهلات العالية أقدمية اعتبارية نسبية قدرها ثلاث سنوات؛ ونتيجة ذلك أن يكون ترتيب المدعي الأول هو الثالث عند إجراء حركة الترقية في 30 من يناير سنة 1954 ويدركه الدور في الترقية؛ ومن ثم يستحق رد أقدميته في الدرجة الخامسة إلى تاريخ صدورها. ويكون ترتيب المدعي الثاني هو الرابع عند إجراء هذه الحركة، وبذلك تقوم الترقية في هذه الحالة على اعتبار ذوي المؤهلات العالية أسبق من ذوي المؤهلات التكميلية دون غيرهم مع إبقاء من عداهم في أقدميتهم الأصلية دون تعديل، إعمالاً لقاعدة النسبية في نطاقها بين ذوي المؤهلات العالية والتكميلية دون سواهم. وأما الرأي الثاني، فهو ترتيب الأقدمية النسبية لمدة ثلاث سنوات على نحو ما رسم نص المادة السادسة على ألا يؤثر ذلك على صاحب المؤهل المتوسط السابق على صاحب المؤهل العالي، ويقوم هذا الوجه من النظر على استظهار الفكرة التي أملت على المشرع نص المادة السادسة المذكورة، من اعتبار أصحاب المؤهلات المقرر لها مرتب 500 م و10 ج في الدرجة السادسة المخفضة لمدة ثلاث سنوات، ويقصد بذلك أنهم ليسوا في الدرجة الأصلية، أو بمعنى آخر خارج كادر الدرجات لمدة ثلاث سنوات يحرمون خلالها من الترقية وبعدئذ ينطلقون فيها وهذا الرأي أيده ديوان الموظفين بكتابه رقم 82 في 22 من نوفمبر سنة 1953 وصدرت على مقتضاه حركة الترقيات المطعون فيها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، ويكون قد جاء مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية نصت على أن "تعتبر لحاملي الشهادة العالية أو المؤهل الجامعي من شاغلي الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري أقدمية نسبية مقدارها ثلاث سنوات على أصحاب المؤهلات المقدر لها عند التعيين أو فترة محددة منه الدرجة السادسة بماهية 10 ج و500 م شهرياً"، كما أشارت المذكرة الإيضاحية بالنسبة إلى النص سالف الذكر "أن المادة السادسة من مشروع القانون تتضمن حكماً خاصاً يعالج حالة بعض الموظفين الذين اعتبروا - عند تعيينهم - في درجة مالية واحدة، مع اختلاف في مستوى مؤهلاتهم كما هو الحال في شهادات التجارة التكميلية والزراعة التكميلية، والشهادات الصناعية، عند مقارنتها ببكالوريوس الجامعة في التجارة أو بليسانس الحقوق أو الآداب، أو ببكالوريوس الزراعة أو ببكالوريوس الهندسة على التوالي، وقد رؤي بدلاً من اعتبار أصحاب الشهادات الأقل خاضعين للكادر المتوسط (كتابي أو فني) أن تعطي لحملة الشهادات العالية والمؤهلات الجامعية أقدمية اعتبارية نسبية على أصحاب المؤهلات الأقل الذين تقررت لهم الدرجة السادسة المخفضة، ومقدار هذه الأقدمية ثلاث سنوات، ينطلقون بعدها في الترقية في الكادر الفني العالي والإداري، وهذا الحل يوفق بين مطالب الناحيتين".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن القانون إذ وازن بين ذوي المؤهلات التكميلية وحاملي الشهادة العالية أو المؤهل الجامعي أضاف مدة ثلاث سنوات لهؤلاء تحسب على أولئك عند الترقية. وغني عن البيان أنه لا يفيد من ذلك إلا حاملو الشهادة العالية والجامعيون عند التزاحم فيما بينهم وبين حاملي الشهادات التكميلية المذكورة فلا يفيد منه من يحمل مؤهلاً أدنى وإنما يكون المرجع فيما بين هؤلاء وبين أصحاب المؤهلات التكميلية إلى ترتيب الأقدمية فيما بينهم.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يعتبر محمد سلطان السعدي وأحمد السيد عبد اللطيف، وهما من حملة المؤهلات الجامعية، في خصوص الترقية، أقدم من محمد رضا وأحمد عباس أحمد الذين كانا الأول والثاني في ترتيب الأقدمية الأصلية وذلك بعد إضافة الثلاث السنوات التي ميزهما بها القانون، ويكونان والحالة هذه أحق بالترقية قبلهما ولكن لا وجه لترقية إدوارد عبده سعد وهو من حملة شهادة الدراسة الثانوية قسم أول (الكفاءة) قبل المدعيين مع أنه يليهما في الأقدمية الأصلية؛ إذ ليس له أن يفيد من النص سالف الذكر وهو خاص بحملة الشهادات العالية والجامعيين، ولا غناء فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لا محل لتطبيق هذا النص إذا توسط بين ذوي المؤهلات التكميلية وحملة الشهادات العالية والجامعيين من يحمل مؤهلاً متوسطاً بمقولة إن هذا الأخير وصل إلى هذه الدرجة بأقدميته في الدرجة السابقة وليس بمؤهله، وأن الأقدمية التي حسبت لذوي المؤهلات العالية هي أقدمية اعتبارية - لا غناء في ذلك؛ لأن هذه الأقدمية هي أقدمية قانونية رتب عليها القانون ما رتبه على الأقدمية الأصلية من آثار فيما عدا ما استثناه قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 في مادته الثامنة من أنه "لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية أو الرجعية التي يرتبها هذا القانون للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات أو النقل أو غيرها التي صدرت لحين نفاذ هذا القانون". وفيما عدا هذا الاستثناء يترتب على تلك الأقدمية ما يترتب على الأقدمية الأصلية من آثار، ومن ذلك الاعتداد بها في الترقيات التي تتم بعد نفاذ القانون المذكور. كما لا غناء كذلك فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه "لا يعقل أن يكون المشرع قد قصد أن يقدم عليه (أي ذي المؤهل المتوسط) - ذوي المؤهلات العالية"، بل المعقول، بحكم اللزوم، أن يقدم صاحب المؤهل العالي أو الجامعي على ذي المؤهل المتوسط عند النظر في الترقية ما دام الشارع قد قدمه على صاحب المؤهل التكميلي الذي هو بدوره أقدم من صاحب المؤهل المتوسط، وإذا صح في الجدل ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قصر تطبيق هذا النص عند التزاحم فيما بين ذوي المؤهلات العالية والجامعية وذوي المؤهلات التكميلية فقط، فإنه لا يكون ثمة معدى عند التزاحم ما بين ذوي المؤهلات التكميلية وذوي المؤهلات المتوسطة من التزام دور الأقدمية الأصلية، وبهذه المثابة ما كان يجوز ترقية إدوارد عبده سعد قبل المدعيين اللذين هما أسبق منه في ترتيب الأقدمية الأصلية. وهنا يجب التنبيه إلى أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يرتكز في تنظيمه للوظائف والدرجات على كادرين أساسيين يعلو أحدهما على الآخر، الأول هو الكادر الفني العالي والإداري والثاني هو الكادر الفني المتوسط والكتابي، وأن التعيين في الكادر الأول طبقاً لهذا القانون يتطلب بصفة أصلية مؤهلاً عالياً، فما كان يخطر ببال الشارع عند وضع النص المشار إليه في القانون رقم 371 لسنة 1953 أن يعطل تطبيقه لمجرد وجود حامل مؤهل متوسط في الكادر العالي نتيجة أوضاع سابقة على هذا القانون، بل الذي يتفق مع منطق التشريع ويتسق مع المصلحة العامة، ألا يكون وجوده معطلاً لتطبيق هذا النص، وألا يؤدي إلى تلك النتيجة الشاذة وهي أن يسبق ذوي المؤهلات التكميلية وهم أعلى منه مؤهلاً وأسبق منه في ترتيب الأقدمية الأصلية.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيتعين إلغاؤه. وإذ رقي ذوو الشأن جميعاً إلى الدرجة الخامسة فقد أصبح النزاع محصوراً في ترتيب الأقدمية فيها. ووضعاً للأمر في نصابه القانوني الصحيح يتعين القضاء باعتبار أقدمية المدعي الأول محمد رضا في الدرجة الخامسة راجعة إلى القرار الأول الصادر في 31 من يناير سنة 1954 وأقدمية المدعي الثاني أحمد عباس راجعة إلى تاريخ القرار التالي الصادر في 29 من إبريل سنة 1954 وسابقة على أقدمية إدوارد عبده سعد.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار أقدمية المدعي الأول (محمد رضا) في الدرجة الخامسة راجعة إلى 31 من يناير سنة 1954، وباعتبار أقدمية المدعي الثاني (أحمد عباس أحمد) في هذه الدرجة راجعة إلى 29 من إبريل سنة 1954 قبل إدوارد عبده سعد، وألزمت الحكومة المصروفات، ورفضت ما عدا ذلك.