أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 529

جلسة 29 من مايو سنة 1984

برياسة المستشار/ محمد عبد الرحيم نافع - نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: حسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري والصاوي يوسف.

(119)
الطعن رقم 6143 لسنة 53 القضائية

تموين. توقف عن الإنتاج. مسئولية جنائية. مخابز. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إثبات "بوجه عام". محكمة أول درجة. محكمة ثاني درجة.
مفهوم العذر الجدي أو المبرر المشروع للتوقف عن الاتجار في مجال تطبيق المادة 3 مكرر من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 المعدل؟. تقدم العذر الجدي إلي وزارة التموين أو الدفع به أمام محكمة الموضوع. أثره؟.
إثارة الطاعن في دفاعه أن سبب توقف العمل بالمخبز هو قيامه بإصلاحه عقب حريق شب فيه. دفاع جوهري. يترتب عليه لو صح أن تندمغ مسئوليته. إبداء ذلك الدفاع أمام محكمة الدرجة الأولى. يوجب على محكمة الدرجة الثانية إبداء الرأي بشأنه وإن لم يعاود المستأنف إثارته. أساس ذلك؟
لما كان الشارع قد أوجب في المادة 3 مكرر من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 - بعد تعديلها بالقانون رقم 250 لسنة 1952 - أن يثبت التاجر قيام العذر الجدي أو المبرر المشروع لتوقفه عن الاتجار على الوجه المعتاد، وعبر عن إفساحه في مجال العذر بما يتسع لغير القوة القاهرة من الأعذار أو المبررات أو المواقف المشروعة، ومتى وجد إحداها بصورة جدية، كان الامتناع بعيداً عن دائرة التجريم، وإذا قدم العذر الجدي إلى وزارة التموين وانتهت إلى سلامته تعين عليها قبوله، وإذا دفع به أمام محكمة الموضوع تعين عليها النظر فيه وتحقيقه حتى إذا ما صح لديها قيامه وجب عليها تبرئة الممتنع، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة الرابع من ديسمبر سنة 1980 أن الطاعن أثار في دفاعه أن سبب توقف العمل بالمخبز هو قيامه بإصلاحه عقب حريق شب فيه وهو دفاع جوهري يترتب عليه - لو صح - أن تندمغ مسئولية الطاعن عن التهمة المسندة إليه بما كان ينبغي على المحكمة تحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو الرد عليه بما يفنده أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون فوق إخلاله بحق الدفاع مشوباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه توقف عن إنتاج الخبز بدون ترخيص. وطلبت عقابه بالمواد 3، 45، 56، 57، 58، 61 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 109 لسنة 1980.
ومحكمة جنح الصف قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وتغريمه ثلاثمائة جنيه.
فاستأنف.
ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
عارض وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التوقف عن العمل بالمخبز قبل الحصول على ترخيص بذلك قد شابه قصور في التسبيب وانطوي على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أقام دفاعه على أن توقفه عن العمل كان عارضاً ولظرف قهري هو ما شب من حريق بالمخبز حال دون تشغيله فترة إصلاحه إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع الجوهري ولم يحققه بلوغاً لغاية الأمر فيه أو يرد عليه بما يطرحه، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن تمسك بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1980 بدفاع مؤداه أن عدم تشغيل المخبز كان لإجراء إصلاحات به عقب حريق شب فيه. ويبين من الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه أنه حصل واقعة الدعوى في قوله: "أن النيابة العامة أسندت إلي المتهم أنه بتاريخ 24 / 8 / 1980 بدائرة مركز الصف توقف عن إنتاج الخبز بدون ترخيص من الجهة المختصة". ثم خلص الحكم إلي إدانة الطاعن في قوله: "وحيث إن الاتهام ثابت قبل المتهم ثبوتاً كافياً بما جاء بمحضر ضبط الواقعة وهو حسبه بما فيه إذ أثبت محرره أن المتهم صاحب مخبز ينتج الخبز وبالمرور عليه بتاريخ 9 / 8 / 1980 بناحية الكداية وجد المخبز مغلق ومتوقف عن الإنتاج بدون إذن من إدارة التموين ولم يدفع المتهم الاتهام بدفاع مقبول.
لما كان ذلك وكان الشارع قد أوجب في المادة 3 مكرر من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 - بعد تعديلها بالقانون رقم 250 لسنة 1952 - أن يثبت التاجر قيام العذر الجدي أو المبرر المشروع لتوقفه عن الاتجار على الوجه المعتاد، وعبر عن إفساحه في مجال العذر بما يتسع لغير القوة القاهرة من الأعذار أو المبررات أو المواقف المشروعة، ومتى وجد إحداها بصورة جدية، كان الامتناع بعيداً عن دائرة التجريم، وإذا قدم العذر الجدي إلى وزارة التموين وانتهت إلى سلامته تعين عليها قبوله، وإذا دفع به أمام محكمة الموضوع تعين عليها النظر فيه وتحقيقه حتى إذا ما صح لديها قيامه وجب عليها تبرئة الممتنع، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة الرابع من ديسمبر سنة 1980 أن الطاعن أثار في دفاعه أن سبب توقف العمل بالمخبز هو قيامه بإصلاحه عقب حريق شب فيه وهو دفاع جوهري يترتب عليه - لو صح - أن تندمغ مسئولية الطاعن عن التهمة المسندة إليه بما كان ينبغي على المحكمة تحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو الرد عليه بما يفنده أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون فوق إخلاله بحق الدفاع مشوباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى، بما يتعين معه نقضه والإحالة. ولا يمنع من ذلك أن يكون الطاعن قد وقف في إبداء دفاعه ذاك عند محكمة الدرجة الأولى، لأنه وقد أورده في دفاعه وأثبته بمحضر الجلسة أمامها، فقد أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى قائماً ومطروحاً على محكمة الدرجة الثانية عند نظر استئنافه وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه، وإن لم يعاود المستأنف إثارته بحسبانه مقصوداً به نفي أحد أركان الجريمة التي دين بها.