أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 555

جلسة 28 من إبريل سنة 1980

برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، ومصطفى جميل مرسي، وفوزي أسعد، وهاشم قراعه.

(106)
الطعن رقم 2437 لسنة 49 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة. اطمئنانها لأقوال الشاهد يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(2) دفوع "الدفع بتعذر الرؤية". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفاع المبني على تعذر الرؤية. موضوعي. كفاية الرد عليه بالأخذ بأدلة الثبوت في الدعوى.
(3) ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". قتل عمد. ضرب. "ضرب بسيط". إثبات "بوجه عام". نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". محكمة النقض "سلطة محكمة النقض". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الارتباط بين الجرائم. تقديره، في الأصل لمحكمة الموضوع. حد ذلك؟
كون الواقعة. كما أثبتها الحكم تخالف ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط. خطأ قانوني. يوجب تدخل محكمة النقض.
معاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل جريمة بالرغم مما تنبئ عنه الواقعة. كما أثبتها الحكم من قيام الارتباط الوارد بالمادة 32/ 2 بينهما. خطأ. وجوب نقضه وتصحيحه بالقضاء بعقوبة الجريمة الأولى الأشد.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما يرتاح إليه منها وفي اطمئنانها لأقوال شهود الإثبات ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك.
2 - متى كان الأصل أن الدفاع المبني على تعذر الرؤية بسبب الظلام حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى، وكان الحكم - مع هذا - قد عرض لهذا الدفاع ولطلب إجراء تجربة وأطرحهما في قوله: "والإضافة كانت كافية للرؤية بشهادة..... زوجة...... صاحب المنزل الذي وقعت أمامه الحادثة والمواجه لمنزل المجني عليه فقد كانت حجرتها مضاءة بلمبة كبيرة وشباكها المطل على الشارع مفتوحاً بما يسمح على وجه التأكيد للمار بالشارع في هذا المكان أن يرى جيداً ما حوله ثم أخيراً ما ظهر برقبة المتهم ووجهه من إصابات ظفرية لم يستطع تعليل سببها وما بالشاهد الأول من إصابة بالسكين في ساعده الأيسر لدى محاولته القبض على المتهم يزيد من اطمئنان المحكمة إلى صحة نسبة الواقعة إلى المتهم......" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ويرتكز على أسانيده التي لم ينازع الطاعن في صحة معينها من الأوراق، وكان من المستقر عليه أنه وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أن المحكمة إذا وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة عدم إجابتها هذا الطلب، ومن ثم فإنه وقد بان أن المنازعة في إمكان الرؤية تستهدف إثارة الشبهة في الأدلة المستمدة من أقوال شهود الإثبات وهو ما أعرضت المحكمة عنه اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها وأوضحت علة رفضها له، فإن ما ينعاه الطاعن من إخلال بحقه في الدفاع يكون غير سديد - ويتعين رفض الطعن موضوعاً.
3 - من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى - على النحو الذي حصله الحكم - لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي القتل العمد والضرب البسيط اللتين دانه بهما رغم ما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها في أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس المقضى بها عن الجريمة الثانية عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً - قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك آلة صلبة حادة (سكين) وترصده في طريق عودته إلى منزله وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً. أحدث عمداً بـ...... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. وادعى....... عن نفسه وبصفته ولياً على أولاد ابنه القصر.....، ..... والسيدة...... والدة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232، 242/ 1 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم أولاً - بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت عن التهمة الأولى. ثانياً - بحبسه ستة أشهر مع الشغل عن التهمة الثانية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والضرب البسيط قد عاره فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم استدل على ثبوت الجريمتين في حق الطاعن بأقوال المجني عليه الثاني وشهود الإثبات على الرغم من تعذر الرؤية واستحالة تعرفهم عليه وقت الحادث الذي وقع ليلاً - على ضوء مصباح غازي لا يمكن نفاذه من الحجرة لينير الطريق بسبب شدة خفوته حيث وصفته زوجة المجني عليه بأنه كان "وناسه" ولم تستجب المحكمة لما طلبه الدفاع من إجراء تجربة في ظروف تماثل ظروف الحادث وأطرحته بما لا يسوغ رداً عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليه الثاني وشهود الإثبات الآخرين وما أسفرت عنه تحريات المباحث وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية والكشف الطبي على المجني عليه الثاني والطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وفي اطمئنانها لأقوال شهود الإثبات ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، وكان الأصل أن الدفاع المبني على تعذر الرؤية بسبب الظلام حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى، وكان الحكم - مع هذا - قد عرض لهذا الدفاع ولطلب إجراء تجربة وأطرحهما في قوله. "والإضاءة كانت كافية للرؤية بشهادة....... زوجة....... صاحب المنزل الذي وقعت أمامه الحادثة والمواجه لمنزل المجني عليه فقد كانت حجرتها مضاءة بلمبة كبيرة وشباكها المطل على الشارع مفتوحاً بما يسمح على وجه التأكيد للمار بالشارع في هذا المكان أن يرى جيداً ما حوله ثم أخيراً ما ظهر برقبة المتهم ووجهه من إصابات ظفرية لم يستطع تعليل سببها وما بالشاهد الأول من إصابة بالسكين في ساعده الأيسر لدى محاولته القبض على المتهم يزيد من اطمئنان المحكمة إلى صحة نسبة الواقعة إلى المتهم...." وإذ كان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ويرتكز على أسانيده التي لم ينازع الطاعن في صحة معينها من الأوراق، وكان من المستقر عليه أنه وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أن المحكمة إذا وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة عدم إجابتها هذا الطلب، ومن ثم فإنه وقد بأن أن المنازعة في إمكان الرؤية تستهدف إثارة الشبهة في الأدلة المستمدة من أقوال شهود الإثبات وهو ما أعرضت المحكمة عنه اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها وأوضحت علة رفضها له، فإن ما ينعاه الطاعن من إخلال بحقه في الدفاع يكون غير سديد - ويتعين رفض الطعن موضوعاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى - على النحو الذي حصله الحكم - لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي القتل العمد والضرب البسيط اللتين دانه بهما رغم ما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها من أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس المقضى بها عن الجريمة الثانية عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.