أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 593

جلسة 8 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عثمان الزيني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار؛ حسن جمعة؛ محمد عبد الخالق النادي؛ ومحمد سالم يونس.

(114)
الطعن رقم 86 لسنة 50 القضائية

(1) دفوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إكراه.
الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه. هو الذي يبدى صراحة أمامها، إثارة الطاعنة في محضر الجلسة أمام محكمة أول درجة. وجود إصابات بها نتيجة اعتداء الشرطة عليها لا يعد في حقيقته دفعاً بالإكراه.
(2) محكمة الموضوع. "نظرها الدعوى والحكم فيها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
قرار المحكمة الذي يصدر في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. قرار تحضيري لا تتولد عنه أية حقوق للخصوم.
(3) دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "بيانات التسبيب". الدفع بتلفيق التهمة. دفاع موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم.
(4) دعارة. جريمة. "أركان الجريمة". إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تطلب القانون طريق إثبات معين لثبوت العادة في جريمة ممارسة الدعارة.
إثبات الحكم اعتياد الطاعنة ارتكاب الفحشاء مع الناس بغير تمييز لقاء أجر. كفايته إثباتاً لتوافر أركان الجريمة.
لا معقب على محكمة الموضوع في إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد على ممارسة الدعارة.
(5) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه.
1 - من المقرر أن الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه هو الذي يبدى صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل الذي لم يقصد به سوى مجرد التشكيك في مدى ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت. وكان ما أثارته الطاعنة بجلسة 11/ 11/ 1975 أمام محكمة أول درجة من وجود إصابات بها نتيجة اعتداء الشرطة عليها لا يعد في حقيقته دفعاً بالإكراه طالما أنها لم ترجع أقوالها في محضر جمع الاستدلالات إلى اعتداء الشرطة الذي تخلفت عنه الإصابات المبينة بمحضر الجلسة، ومن ثم فإن ما أثارته الطاعنة لا ينصرف إلا لمجرد التشكيك في الدليل المستمد من إقرارها توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه مما يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها.
2 - قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
3 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
4 - لما كان القانون لا يستلزم لثبوت العادة في جريمة ممارسة الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات، وكان ما أورده الحكم في مدوناته يكفي في إثبات أن الطاعنة قد اعتادت ارتكاب الفحشاء مع الناس بغير تمييز مقابل أجر بما تتوافر به أركان الجريمة المسندة إليها. وكان إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد على ممارسة الدعارة مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تدليل الحكم على ذلك سائغاً - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها دون أن تبين العلة في ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: اعتادت ممارسة الدعارة وطلبت عقابها بمواد القانون رقم 148 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح قسم سوهاج قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وغرامة خمسة وعشرين جنيهاً ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية للحكم وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. فاستأنفت. ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة اعتيادها ممارسة الدعارة قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب، ذلك أن الدفاع عن الطاعنة أثار بجلسة 16/ 11/ 1975 أمام محكمة أول درجة تعرضها لإكراه الشرطة وأحالتها المحكمة إلى مفتش الصحة لإثبات ما بها من إصابات لكنها فصلت في الدعوى قبل تنفيذ قرارها المشار إليه؛ ولم تبين سبب عدولها عن قرارها ودفع أيضاً بتلفيق التهمة لكن المحكمة أطرحت هذا الدفاع دون مسوغ، ولم تقم الدليل على ممارسة الطاعنة الدعارة مع الناس دون تمييز، ولم تستظهر ركن الاعتياد بما يوفره في حقها - هذا إلى أن الحكم عول في إدانتها على أقوال الشاهد....... رغم عدوله عنها أمام المحكمة - مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن ما أثارته الطاعنة بجلسة 16/ 11/ 1975 أمام محكمة أول درجة من وجود إصابات بها نتيجة اعتداء الشرطة عليها لا يعد في حقيقته دفعاً بالإكراه طالما أنها لم ترجع أقوالها في محضر جميع الاستدلالات إلى اعتداء الشرطة الذي تخلفت عنه الإصابات المبينة بمحضر الجلسة ومن ثم فإن ما أثارته الطاعنة لا ينصرف إلا لمجرد التشكيك في الدليل المستمد من إقرارها توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه مما يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها، ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة قد قررت بتلك الجلسة تأجيل نظر الدعوى لعرض الطاعنة على مفتش الصحة دون أن تنفذ القرار حتى فصلت فيها لما هو مقرر من أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه عول في إثبات ركن الاعتياد على ممارسة الدعارة على ما دلت عليه التحريات وعلى أقوال الشاهد....... الذي ضبط في حالة اتصال جنسي بالطاعنة فوق سطح المنزل - في محضر جمع الاستدلالات وفي تحقيق النيابة من سبق تردده على الطاعنة أربع مرات لممارسة الجنس لقاء خمسين قرشاً لكل مرة وكان يشاركه أحد أصدقائه، وعلى إقرار الطاعنة - في محضر الضبط - من أنها صعدت إلى سطح منزلها ففوجئت بالشاهد المذكور يطلب مواقعتها فوافقته وتم ضبطها ومعها المبلغ الذي دفعه الشاهد، ولما كان القانون لا يستلزم لثبوت العادة في جريمة ممارسة الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات، وكان ما أورده الحكم في مدوناته يكفي في إثبات أن الطاعنة قد اعتادت ارتكاب الفحشاء مع الناس بغير تمييز مقابل أجر بما تتوافر به أركان الجريمة المسندة إليها، وكان إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد على ممارسة الدعارة مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تدليل الحكم على ذلك سائغاً - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات حكم محكمة أول درجة - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه عول في إدانة الطاعنة - من بين ما عول عليه - على أوال الشاهد...... دون أن يسند هذه الأقوال إلى ما قرره الشاهد بمحضر الجلسة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها دون أن تبين العلة في ذلك، ولما كانت الطاعنة لا تنازع في صحة نسبة أقوال الشاهد المذكور - التي حصلها الحكم - إليه في محضر جمع الاستدلالات وتحقيق النيابة، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.