أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 598

جلسة 12 من مايو سنة 1980

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، ومصطفى جميل مرسي، وفوزي المملوك وفوزي أسعد.

(115)
الطعن رقم 1006 لسنة 49 القضائية

(1) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "بوجه عام". "خبرة". ضرب "أفضى إلى موت". "ضرب بسيط".
متى يبطل التناقض. الحكم؟ مثال لتسبيب لا تناقض فيه.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". ضرب "أفضى إلى موت" "ضرب بسيط".
الطلب الجازم. ماهيته؟
(3) إثبات "بوجه عام". "شهادة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب. "ضرب أفضى إلى موت". "ضرب بسيط".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(4) إثبات. "بوجه عام". "شهادة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب. "ضرب أفضى إلى موت". "ضرب بسيط".
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلاصه سائغاً.
تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع.
(5) نقض. "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب". "ميعاده". ضرب "أفضى إلى موت". "ضرب بسيط".
تقديم مذكرة إضافية بأسباب الطعن. بعد الميعاد. غير مقبول.
1 - لما كان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن الوفاة نشأت من فشل الكليتين في أداء وظيفتهما نتيجة لحالة مرضية مزمنة بها، وأنه وإن كانت هذه الإصابات في حد ذاتها سطحية ولا تكفي بمفردها لإحداث الوفاة في الشخص العادي إلا أنها قد ساهمت وعجلت بحدوث وفاة المجني عليه نتيجة للحالة المرضية المتقدمة به، وكان لا يبين مما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية وجود تعارض بين ما أثبت في مقدمات التقرير وبين النتيجة التي خلص إليها الطبيب الشرعي فيه، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة التناقض في التسبيب.
2 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته والرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه.
4 - متى كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات، فإن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
5 - الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة سواء من النيابة العامة أو من أي خصم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، فإن ما أثاره الطاعن في المذكرة المقدمة بتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1979 وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما ضربا...... عمداً بآلات صلبة راضة (عصى غليظة) فأحدثا به الإصابات الرضية الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بعد أن عدلت وصف التهمة إلى أن المتهمين أحدثا عمداً....... الإصابات المبينة بالتحقيقات والتي تحتاج لعلاج لمدة لا تزيد على عشرين يوماً وعملاً بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات، بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب البسيط قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه اعتمد في قضائه بإدانة الطاعن على تقرير الصفة التشريحية رغم ما شابه من تناقض، إذ تضمن أن المجني عليه كان مريضاً وأن حالته المرضية تكفي لإحداث الوفاة دون مؤثر خارجي ثم انتهى إلى أن إصابات المجني عليه قد ساهمت وعجلت بحدوث الوفاة نتيجة حالته المرضية، وقد طلب المدافع عن الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي في شأن هذا التناقض إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا لطلب، كما أن الحكم عول على أقوال الشهود رغم تعدد واختلاف رواياتهم بما يبعث على الشك فيها لعدة أمور من ضمنها عدم الإدلاء بالاسم الحقيقي للطاعن أو للمحكوم عليه الآخر والتأخر في الإبلاغ عن الحادث وما ثبت من أن وجود المجني عليه بالمستشفى قبيل وفاته كان لعلاجه من حالته المرضية، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب التي دان بها الطاعن، وأقام عليها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الشهود والتقارير الطبية وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن الوفاة نشأت عن فشل الكليتين في أداء وظيفتهما نتيجة لحالة مرضية مزمنة بهما، وأنه وإن كانت هذه الإصابات في حد ذاتها سطحية ولا تكفي بمفردها لإحداث الوفاة في الشخص العادي إلا أنها قد ساهمت وعجلت بحدوث وفاة المجني عليه نتيجة للحالة المرضية المتقدمة به، وكان لا يبين مما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية وجود تعارض بين ما أثبت في مقدمات التقرير وبين النتيجة التي خلص إليها الطبيب الشرعي فيه، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة التناقض في التسبيب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة 3 أكتوبر سنة 1977 دعوة الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة لمناقشته إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في ختام مرافعته والتي اقتصر فيها على طلب البراءة واحتياطياً أخذ الطاعن بالقدر المتيقن ولما كان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات، فإن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد وينحل الطعن برمته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن قدم مذكرة بتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1979 آثار فيها - ضمن ما آثاره - أن الحكم المطعون فيه دانه بإحداث إصابات المجني عليه بالقفص الصدري والتي لم ترد بتقرير الصفة التشريحية دون استظهار رابطة السببية بينها وبين وفاة المجني عليه، وأن المحكمة غيرت التهمة من جناية الضرب المفضي إلى الموت إلى جنحة الضرب البسيط دون تنبيه الطاعن إلى ذلك، كما أن الحكم أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وفي التدليل عليها بأقوال الشاهدين...... والطفل...... ما يفيد أنهما لم يشاهدا واقعة ضرب المجني عليه، وأسقط الحكم من أقوال أولهما أن أسرة المجني عليه استوطنت منطقة الحادث من زمن قريب وأسقط من أقوال الشاهد الثاني أن الجاني كان "بديناً" كما أن الحكم عول على تحريات الشرطة رغم خلو الأوراق مما يظاهرها، هذا إلى أن المحكمة بنت عقيدتها على أن الطاعن له اسم شهرة "......." في حين أن ذلك هو اسم شهرة المحكوم عليه الآخر، وكل أوجه النعي بهذه هي أسباب عديدة غير تلك التي سبق بيانها والمقدمة من الطاعن في 13 من نوفمبر سنة 1977 أما ما يثيره الطاعن في مذكرة الأسباب الثانية المقدمة في 13 من نوفمبر سنة 1979 من أن المحكمة أخذت في إدانته بأقوال الشاهدين الطفل...... و...... رغم تجهيلها وعدم عرض الطاعن عليهما فضلاً عن كون شهادتهما غير مقبولة لصغر سن أولهما ولأن الثاني هو زوج ابنه المجني عليه، فإنه يشكل أسباباً غير تلك الواردة بمذكرة الأسباب الأولى بشأن أقوال هذين الشاهدين والقائمة على أن أقوالهما مشوبة بالتناقض، كما أن باقي ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه الواردة بمذكرة الأسباب الثانية من عدم استجابة الحكم المطعون فيه لطلبه مناقشة الطبيب الشرعي بشأن إصابات المجني عليه بالقفص الصدري يغاير ما أورده الطاعن في مذكرة الأسباب الأولى من طلبه مناقشة الطبيب المذكور في شأن الحالة المرضية للمجني عليه، لما كان ذلك، وكان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو من أي خصم - غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، فإن ما أثاره الطاعن في المذكرة المقدمة بتاريخ 13 نوفمبر سنة 1979 وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً.