أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 585

جلسة 14 من يونيه سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر نائب رئيس المحكمة وأحمد أبو زيد وحسن عميره وصلاح البرجي.

(132)
الطعن رقم 2370 لسنة 54 القضائية

(1) مؤسسات عامة. أشخاص اعتبارية. موظفون عموميون. اختلاس "أموال أميرية".
نطاق سريان المادة 112 عقوبات؟
(2) هيئات عامة "الهيئة العامة للإصلاح الزراعي". موظفون عموميون. أشخاص اعتبارية. مرافق عامة.
الهيئة العامة للإصلاح الزراعي من أشخاص القانون العام. مالها مال عام. العاملون بها من الموظفين العموميين.
(3) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحقق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات بتسليم المال إلى الموظف العام ووجوده في عهدته بسبب وظيفته. يستوي أن يكون المال عاماً مملوكاً للدولة أو خاصاً مملوكاً للأفراد.
(4) حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
(5) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. عقوبة "تطبيقها" فاعل أصلي. اشتراك.
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات طبيعتها: من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 عقوبات. تضامن المتهمين في الالتزام بها. فاعلين كانوا أو شركاء ما لم ينص الحكم على خلاف ذلك.
(6) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم ما يدل على تحقق قصد الاختلاس.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(8) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
أخذ المحكمة بتقرير الخبير. مفاده: أن ما وجه إليه من مطاعن لا يستحق الالتفات إليها.
(9) نقض "أسباب الطعن. إيداعها. ما لا يقبل منها"
خلو تقرير الأسباب التكميلي من التاريخ وثبوت عدم قيده في السجل المعد لذلك وجوب الالتفات عنه.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 - يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمه ممن نصت عليهم المادة 111 من قانون العقوبات يختلس ما لا تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية من مال مسلم إليه أو وجد في عهدته بسبب وظيفته.
2 - لما كانت المادة 12 من القانون رقم 178 سنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 82 سنة 1963 قد نصت على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزارة الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي ويصدر بتنظيمها قرار من رئيس الجمهورية ويكون لها ميزانية خاصة تلحق بالميزانية العامة للدولة.. ويكون للهيئة الإشراف على الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي وتوجيهها في حدود القانون "ونصت المادة 14 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1587 سنة 1963 في شأن تنظيم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على أنه (تسري على العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي أحكام التشريعات واللوائح المنظمة للوظائف العامة فيما لم يرد في شأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة). ويبين من هذه النصوص في صريح عباراتها وواضح دلالتها أن هيئة الإصلاح الزراعي هيئة عامة من أشخاص القانون العام تقوم على مرفق الدولة وتتمتع بقسط من اختصاصات السلطة العامة ولها الإشراف على الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي الخاضعة لها وتوجيهها في حدود القانون، كما أن مالها مال عام ولها ميزانية تلحق بالميزانية العامة للدولة والعاملون فيها من الموظفين العموميين لأن العلاقة التي تربطهم بالدولة علاقة تنظيمية لائحية إذ تسري عليهم القوانين واللوائح المنظمة للوظائف العامة.
3 - من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان الشيء المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111، 119 من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالاً عاماً مملوكاً للدولة أو مالاً خاصاً مملوكاً.. للأفراد لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته.
4 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
5 - لما كانت الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من هذا القانون وإن كان الشارع ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه يقضى بها على كل من يساهم في الجريمة - فاعلاً كان أم شريكاً - فإذا تعدد الجناة كانوا جميعاً متضامنين في الالتزام بها.
6 - يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
7 - لما كان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا يعيب الحكم عدم إيراده مضمون أقوال الوكيل المالي التعاوني بمنطقة الإصلاح الزراعي ومراجع الحسابات بها.
8 - من المقرر أن تقرير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه.
9 - لما كان الطاعن قد قدم تقريراً تكميلياً لأسباب طعنه، وإذا كان هذا التقرير لا يحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعه بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب، وكان يبين أيضاً من إفادة نيابة كفر الشيخ الكلية أن أسباب هذا التقرير لم تثبت في دفتر إثبات التاريخ ومن ثم فلا يلتفت إلى سبب الطعن الوارد بهذا التقرير.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في قضية الجناية.... المقيدة بالجدول الكلي.... بأنهم: المتهم الأول الطاعن أولاًً: بصفته موظفاً عمومياً مدير جمعية أبو مصطفى التعاونية الزراعية اختلس مبلغ 3949.389 (ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعة وأربعون جنيهاً وثلاثمائة وتسعة وثمانون مليماً) من الجمعية سالفة البيان والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من مأموري التحصيل.
ثانياً: بصفته سالفة البيان ارتكب تزويراً في محررات إحدى الجمعيات التعاونية (سراكى صرف السلف النقدية لجمعية أبو مصطفى التعاونية الزراعية) حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بطريق التغيير وبجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن قام بتعديل الأرقام الثابتة بتلك السراكي والخاصة لمساحات الأراضي وقيمة السلف النقدية التي تم الصرف على أساسها وأثبت قيامه وباقي المتهمين بصرف مبالغ تزيد على المبالغ التي تم صرفها فعلاً على النحو الموضح بالتحقيقات.
ثالثاً: استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر بأن قدمها إلى مراجع الحسابات المختص ولجنة الجرد بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي مع علمه بتزويرها.
المتهمون الباقون الثاني والثالث والرابع: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين الأولى والثانية المسندتين له بأن اتفقوا وإياه على اختلاس المبالغ المبينة بوصف التهمة الأولى وعلى إجراء تعديل في البيانات الثابتة بأصول سراكى صرف السلف النقدية على النحو المبين بوصف التهمة الثانية وساعدوه على ذلك باعتمادهم لمستندات صرف تلك المبالغ المختلفة وإجراء التسويات الحسابية اللازمة لتغطيتها فتمت الجريمتين بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
وطلبت من السيد مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك.
ومحكمة أمن الدولة العليا قضت غيابياً للثاني وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 112، 118، 211، 212، 214/ 1 مكرر من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون وإعمالاً للمادة 17 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وعزله من وظيفته وبتغريمه مبلغ 1499.810 (ألف وأربعمائة وتسعة وتسعين جنيهاً وثمانمائة وعشرة مليمات) ثانياً: بمعاقبة المتهم...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزله من وظيفته عما أسند إليه.
ثالثاً: بتغريم المتهم الأول (الطاعن) والثاني متضامنين مبلغ 1525.130 (ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون جنيهاً ومائة وثلاثون مليماً).
فطعن الأستاذ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول (الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الاختلاس والتزوير في محررات إحدى الجمعيات التعاونية الزراعية واستعمالها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه تناقض وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم طبق على واقعة الدعوى المادة 112 من قانون العقوبات مع أن المادة 113 مكرراً من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 120 سنة 1962 هي المنطبقة عليها لأن المال المقول باختلاسه مملوك لإحدى الجمعيات التعاونية, كما قضى الحكم بتغريم الطاعن مبلغ 1499.810 جنيه ثم عاد وقضى ثانية بتغريمه والمتهم الثاني متضامنين مبلغ 1525,130 جنيه بما يصمه بالتناقض فضلاً عن خطئه في الحكم بالتضامن في الالتزام بالغرامة, هذا إلى أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية الاختلاس في حق الطاعن وفاته ما قرره الوكيل المالي التعاوني بمنطقة الإصلاح الزراعي ومراجع الحسابات بها في التحقيقات بأن العجز في العهدة يرجع إلى سوء نظام العمل وحداثة عهد الموظفين بالعمل في الجمعيات التعاونية الزراعية يضاف إلى ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان تقريري لجنة الجرد لعدم حلف أعضائهما اليمين غير أن الحكم وإن لم يعول عليهما إلا أنه أخذ بتقريري الخبير اللذين استندا إلى تقريري لجنة الجرد الباطلين. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن - وهو موظف. بالهيئة العامة بالإصلاح الزراعي ويعمل مديراً لجمعية أبو مصطفى الزراعية بمركز كفر الشيخ التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي - اختلس مبلغ 1499.810 جنيه من أموال الجمعية. كما اشترك معه المتهم الثاني - كاتب حسابات الجمعية المحكوم عليه غيابياً - في اختلاس مبلغ 1525.130 جنيه واستخدم الطاعن في جريمته عدة وسائل منها أنه حرر شيكاً بمبلغ ألف جنيه أثبت في كعبه أن قيمته واحد وعشرون جنيهاً وصرف قيمته وقام باختلاس الفرق كما حرر شيكاً آخر بمبلغ خمسمائة جنيه ونزع كعبه من دفتر الشيكات وقام بصرفه واختلس قيمته لنفسه كما قام بإثبات مبالغ في التسويات تزيد عن مستندات المصروفات المرفقة بالتسوية أو بدون مستندات أو بإضافة سراكى مزورة إلى سراكى السلفة أو بتعديل بيانات السراكى بما يخالف الحقيقة وتقدم بهذه المحررات المزورة إلى مراجع الحسابات المختص ولجنة المراجعة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي للعمل بمقتضاها مع علمه بتزويرها وقد اتفق معه المتهم الثاني على اختلاس هذه المبالغ النقدية وإجراء تعديل في البيانات الثابتة بأصول سراكى صرف السلف النقدية وساعده على ذلك باعتماده مستندات صرف المبالغ المختلسة وإجراء التسويات الحسابية اللازمة لتغطية الاختلاس. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال وكيل إدارة البحوث المالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات بارتكابه جرائم الاختلاس والتزوير المنسوبة إليه من تقريري مكتب خبراء وزارة العدل ببيان المبلغ الذي انفرد الطاعن باختلاسه وذلك الذي اشترك معه المتهم الثاني في اختلاسه وطرق التزوير في المحررات التي لجأ إليها الطاعن والمتهم الثاني لتغطية وقائع الاختلاس وهي أدلة سائغة تتوافر بها كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وتؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك , وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن وقائع الاختلاس تمت عامي 1965، 1966 وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 - يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمه ممن نصت عليهم المادة 111 من قانون العقوبات يختلس ما لا تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية من مال مسلم إليه أو وجد في عهدته بسبب وظيفته. ولما كانت المادة 12 من القانون رقم 178 سنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 82 سنة 1963 قد نصت على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزارة الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي ويصدر بتنظيمها قرار من رئيس الجمهورية ويكون لها ميزانية خاصة تلحق بالميزانية العامة للدولة.. ويكون للهيئة الإشراف على الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي وتوجيهها في حدود القانون" ونصت المادة 14 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1587 سنة 1963 في شأن تنظيم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على أنه (تسري على العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي أحكام التشريعات واللوائح المنظمة للوظائف العامة فيما لم يرد في شأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة). ويبين من هذه النصوص في صريح عباراتها وواضح دلالتها أن هيئة الإصلاح الزراعي هيئة عامة من أشخاص القانون العام تقوم على مرفق الدولة وتتمتع بقسط من اختصاصات السلطة العامة ولها الإشراف على الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي الخاضعة لها وتوجيهها في حدود القانون، كما أن مالها مال عام ولها ميزانية تلحق بالميزانية العامة للدولة والعاملون فيها من الموظفين العموميين لأن العلاقة التي تربطهم بالدولة علاقة تنظيمية لائحية إذ تسري عليهم القوانين واللوائح المنظمة للوظائف العامة. وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن موظف بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومعين بالدرجة التاسعة ويعمل مديراً لجمعية أبو مصطفى التعاونية الزراعية التابعة للإصلاح الزراعي كما جاء بكتاب وزارة الإصلاح الزراعي المؤرخ..... وهو ما لم يجادل فيه الطاعن.
ومن ثم فإن الطاعن يعد موظفاً عمومياً باعتباره من العاملين بهذه الهيئة كما أن أموال الجمعية التعاونية الزراعية التي يعمل بها من المال العام لتبعية الجمعية لهذه الهيئة وخضوعها لها، ولا محل لما يثيره الطاعن من انطباق المادة 113 مكرراً على واقعة الدعوى ذلك لأن هذه المادة التي أضيفت بالقانون رقم 120 سنة 1962 لتوافق تطور المجتمع الجديد ولتوائم مقتضياته إنما تنطبق على كل عضو مجلس إدارة أو مدير أو مستخدم في مشروعات "خاصة" وردت فيها على سبيل الحصر لا تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بأية صفة كانت ومن ثم فإن الهيئات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها والتي تملك أموالها أو تساهم في مالها بنصيب ما - كشأن الجمعية التعاونية الزراعية التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي في الدعوى المطروحة - تخرج بطبيعة تكوينها عن نطاق تطبيق هذه المادة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد طبق على الواقعة حكم المادة 112 من قانون العقوبات ودان الطاعن بموجبها فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، وفضلاً عن ذلك فإنه من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان الشيء المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111، 119 من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالاً عاماً مملوكاً للدولة أو مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته، فلا مصلحة لما أثاره الطاعن في هذا الصدد ولا وجه لما نعاه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وإذ كان البين من مدونات الحكم أن جملة المبلغ الذي اختلسه الطاعن - من واقع تقريري مكتب خبراء وزارة العدل - هو مبلغ 3024.940 جنيه منه مبلغ 1499.810 جنيه انفرد الطاعن باختلاسه واشترك معه المتهم الثاني في اختلاس الباقي وقدره 1525.130 جنيه فإن الحكم إذ أوقع على الطاعن عقوبة الغرامة النسبية بما يساوي لقيمة ما اختلسه بمفرده وبما يساوي لقيمة المبلغ الذي اشترك معه المتهم الثاني في اختلاسه لا يكون قد وقع في تناقض أو أخطأ في شيء. لما كان ذلك، وكانت الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من هذا القانون وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه يقضي بها على كل من يساهم في الجريمة - فاعلاً كان أم شريكاً - فإذا تعدد الجناة كانوا جميعاً متضامنين في الالتزام بها. وإذ لزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك. وكان يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاًً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله, ومع ذلك فإن الحكم عرض لنية الاختلاس لدى الطاعن فأثبتها في حقه بقوله "وحيث إن نية الاختلاس متوافرة في حق المتهم الأول من قيامه بصرف الشيكين المشار إليهما والاستيلاء على قيمة أحدهما بالكامل وإخفاء الكعب الخاص به وكذا الاستيلاء على مبلغ 979 جنيه من قيمة الشيك الآخر بالإضافة إلى المبالغ الأخرى المشار إليها بتقريري مكتب الخبراء وإضافة هذه المبالغ إلى ماله الخاص وقيامه بتغطية هذا الاختلاس بالتزوير في المحررات الرسمية الخاصة بالجمعية "وهذا الذي أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد الاختلاس. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا يعيب الحكم عدم إيراده مضمون أقوال الوكيل المالي التعاوني بمنطقة الإصلاح الزراعي ومراجع الحسابات بها، وإذ كان الطاعن لم يزعم أن العجز يرجع إلى سوء نظام العمل أو لخطأ حسابي ولم يكن نتيجة اختلاس, بل البين من الحكم أنه أورد على ثبوت مقارفته لجريمة الاختلاس أدلة سائغة من بينها اعترافه في التحقيقات فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه على تقريري لجنة الجرد بل استند في قضائه إلى تقريري مكتب خبراء وزارة العدل, وكان من المقرر أن تقرير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد قدم تقريراً تكميلياً لأسباب طعنه، وإذ كان هذا التقرير لا يحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعه بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب، وكان يبين أيضاً من إفادة نيابة كفر الشيخ الكلية أن أسباب هذا التقرير لم تثبت في دفتر إثبات التاريخ ومن ثم فلا يلتفت إلى سبب الطعن الوارد بهذا التقرير لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.