أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 595

جلسة 14 من يونيه سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر نائب رئيس المحكمة وأحمد أبو زيد وحسن عميره وصلاح البرجي.

(133)
الطعن رقم 3050 لسنة 54 القضائية

(1) وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون. شرط ذلك؟
2 – استئناف "نظره والحكم فيه". محكمة استئنافية "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". وصف التهمة.
فصل المحكمة الاستئنافية في الدعوى على أساس الوصف المعدل من محكمة أول درجة من تجريف إلى شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف بدون ترخيص. عدم جواز النعي عليه. طالما كان الطاعن على علم بهذا التعديل عند استئناف الحكم.
(3) نقض "الطعن بالنقض. المصلحة في الطعن. عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. إجراءات المحاكمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ما يثيره الطاعن من إدانته بجريمة شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف لم يتناولها الدفاع في مرافعته وجريمة تجريف أرض زراعية بدون ترخيص. لا جدوى منه. طالما أن المحكمة عاقبته من الجريمة الأخيرة فقط.
(4) حكم "حجيته". قوة الشيء المحكوم فيه.
متى تعتبر أحكام البراءة عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة؟ إذا بنيت على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم عليهم. بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً.
5 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بارتكاب الجريمة بمعرفة آخر موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفال بعض الوقائع. مفاده إطراحها لها.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب تحقيق قدم في مذكرة بعد حجز الدعوى للحكم أو الرد عليه.
(8) عقوبة "وقف التنفيذ". محكمة الموضوع "سلطتها".
الأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقضى بها. هو كتقدير نوعها ومقدارها يخضع لتقدير قاضي الموضوع.
1 - لما كان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم.
2 - متى كان الطاعن لا يماري في أن الواقعة المادية التي شملتها التحقيقات في القضية الأولى هي واقعة شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف وكانت محكمة أول درجة قد عدلت التهمة إلى الوصف الصحيح الذي أسبغته على الواقعة ونبهت المتهم إلى هذا التعديل فلا تكون قد أخطأت في شيء وكان الطاعن حين استأنف الحكم الابتدائي الصادر بإدانته على أساس التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة في التهمة كان على علم بهذا التعديل وكان استئناف الحكم الابتدائي منصباً على هذا التعديل الوارد به فلا وجه لما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه.
3 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة وهي العقوبة المقررة لجريمة التجريف موضوع القضية الثانية التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها ومن ثم فإن مصلحته في النعي على الحكم في شأن إدانته بجريمة شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف بغير ترخيص التي لم ترفع بها الدعوى عليه أو قصوره في التدليل على توافر القصد الجنائي لديه في هذه الجريمة تكون منتفية.
4 - لما كان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضاء ببراءة حائز الأرض بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم الذي جرت محاكمته استناداً إلى عدم ثبوت أنه هو الذي قام بعملية التجريف في الأرض ولا تتصل بذات واقعة التجريف التي ارتكبها الطاعن وثبتت في حقه، وكانت أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
6 - كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها.
7 - لما كان البين من الحكم أن المحكمة ندبت خبيراً في الدعوى ولم يباشر الخبير المأمورية لعدم حضور الطاعن أمامه بما تنتفي به دعوى الإخلال بحق الدفاع، هذا فضلاً عن أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه المتهم في مذكرته التي قدمت في فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى.
8 - الأمر بوقف تنفيذ العقوبة هو كتقرير نوعها ومقدارها من صميم عمل قاضي الموضوع ومن حقه أن يأمر أو لا يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها على المتهم وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن... بأنه قام بتجريف الأرض الزراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة.
وطلبت عقابه بالمواد 71 مكرر، 106 مكرر، 107 مكرر أ من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1978.
ومحكمة مركز بنها الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وتغريمه مائتي جنيه وكفالة عشرون جنيهاً لوقف التنفيذ.
فعارض المحكوم عليه، وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
كما اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم 2713 لسنة 1980 كفر شكر بأنه بدائرة مركز شكر محافظة القليوبية قام بتجريف أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة.
وطلبت عقابه بمواد القانون السالف ذكرها.
ومحكمة جنح مركز بنها الجزئية قضت حضورياً بتاريخ..... عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وغرامة خمسمائة جنيه.
فاستأنف المحكوم عليه الحكم في الدعوتين. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قررت ضم الاستئناف للارتباط بينهما وليصدر فيهما حكم واحد وقضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين المستأنفين ومعاقبة المتهم بالحبس لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه خمسمائة جنيه عما أسند إليه.
فطعن.. المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تجريف أرض زراعية بغير ترخيص وشراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف قد لحقه البطلان في الإجراءات والخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دان الطاعن بجريمة شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف وهي تهمة لم ترفع بها الدعوى ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه في هذه الجريمة، كما دانه بجريمة التجريف رغم سبق القضاء ببراءة مالك الأرض من هذه التهمة وهو ما يؤدي بطريق اللزوم إلى نفي ارتكاب الطاعن لفعل التجريف، فضلاً عن أن دفاع الطاعن قام على عدم ارتكابه الجريمة وأنه مجرد عامل بالمصنع الذي نقلت إليه الأتربة المجرفة وليس مالكاً أو شريكاً فيه وقدم مستندات دالة على صحة دفاعه غير أن الحكم أغفل هذا الدفاع واقتصر على إطراح هذه المستندات بغير مسوغ كما أغفل دلالة محضر إثبات الحالة المحرر بمعرفة رجال الزراعة والذي ينفي عنه الطاعن وقد عول الحكم على أقوال المشرف الزراعي رغم أنها اقتصرت على مشاهدته الأتربة محملة على جرار وهو ما لا يفيد ارتكاب الطاعن فعل التجريف كما أسند الحكم إلى أقوال هذا الشاهد أن الطاعن ارتكب جريمة التجريف وأنه شاهد الجرارات الخاصة بمصنعه بالأرض على خلاف الثابت بأقواله بمحضر جلسة المحاكمة وأخيراً فإن الطاعن طلب في مذكرته المقدمة في فترة حجز القضية للحكم ندب خبير لمعرفة الحائز للأرض غير أن المحكمة أعرضت عن هذا الطلب ولم ترد عليه مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما ربته الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم. إلا إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف على تغيير التهمة ذاتها بتحرير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني والاستعانة في ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى - وتكون قد شملتها التحقيقات - فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك عملاً بحكم المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية. وإذ كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت دعويين على الطاعن كلتاهما بجريمة تجريف أرض زراعية بغير ترخيص، وكانت الواقعة الجنائية التي رفعت بها الدعوى الأولى كما تبينتها محكمة أول درجة على حقيقتها من الأوراق تكون جريمة شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف بغير ترخيص مع علم الطاعن بذلك فعدلت المحكمة التهمة إلى هذا الوصف ولفتت نظر الدفاع إلى هذا التعديل وترافع على أساسه ثم قضت المحكمة بعقوبة في كل من الدعويين وعند نظر الاستئناف قررت محكمة ثاني درجة ضم القضيتين وقضت فيهما بعقوبة واحدة على أساس أن الفعلين كانا نتيجة نشاط إجرامي واحد يعاقب عنه الطاعن بعقوبة واحدة.
وإذ كان الطاعن لا يمارى في أن الواقعة المادية التي شملتها التحقيقات في القضية الأولى هي واقعة شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف وكانت محكمة أول درجة قد عدلت التهمة إلى الوصف الصحيح الذي أسبغته على الواقعة ونبهت المتهم إلى هذا التعديل فلا تكون قد أخطأت في شيء وكان الطاعن حين استأنف الحكم الابتدائي الصادر بإدانته على أساس التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة في التهمة كان على علم بهذا التعديل وكان استئناف الحكم الابتدائي منصباً على هذا التعديل الوارد به فلا وجه لما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالبطلان أو الخطأ في تطبيق القانون طالما أن المحكمة الاستئنافية لم تجر أي تعديل في التهمة. هذا إلى أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة وهي العقوبة المقررة لجريمة التجريف موضوع القضية الثانية التي ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها ومن ثم فإن مصلحته في النعي على الحكم في شأن إدانته بجريمة شراء أتربة ناتجة عن عملية تجريف بغير ترخيص التي لم ترفع بها الدعوى عليه أو قصوره في التدليل على توافر القصد الجنائي لديه في هذه الجريمة تكون منتفية. لما كان ذلك, وكان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضاء ببراءة حائز الأرض بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم الذي جرت محاكمته استناداً إلى عدم ثبوت أنه هو الذي قام بعملية التجريف في الأرض ولا تتصل بذات واقعة التجريف التي ارتكبها الطاعن وثبتت في حقه، وكانت أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها, هذا إلى أن الحكم عرض لعقد شركة التضامن لإنشاء مصنع الطوب الذي قدمه الطاعن تدليلاً على أنه ليس مالكاً أو شريكاً في المصنع الذي نقلت إليه الأتربة المجرفة وأطرح دفاعه المؤسس عليه استناداً إلى اطمئنانه لأقوال محرر المحضر شاهد الواقعة بأن الطاعن هو الذي ارتكب فعل التجريف وإلى أن عقد تأسيس الشركة قد تم شهره عام 1971 وخلوه من اسم الطاعن كأحد الشركاء لا ينفي أنه تملكه في تاريخ لاحق وهو ما يسوغ به إطراح دفاعه في هذا الشأن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ساقت في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها. وكان من المقرر أن أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله محضر إثبات الحالة المحرر بمعرفة رجال الزراعة والذي ينفي التهمة عنه. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم باعتماده على أقوال المشرف الزراعي رغم أنها لا تفيد ارتكاب الطاعن الجريمة لا يعدو أن يكون بدوره جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل في أقوال المهندس الزراعي..... محرر المحضر أن الطاعن هو الذي قام بتجريف الأرض وأنه شاهد بالأرض الجرارات الخاصة بمصنع الطوب المملوك له. وكان ما حصله الحكم من أقوال الشاهد له سنده الصحيح من أقواله بمحضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم أن المحكمة ندبت خبيراً في الدعوى ولم يباشر الخبير المأمورية لعدم حضور الطاعن أمامه بما تنتفي به دعوى الإخلال بحق الدفاع، هذا فضلاً عن أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه المتهم في مذكرته التي قدمت في فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. ولا وجه لما طلبته نيابة النقض في مذكرتها نقض الحكم حتى تتاح للطاعن فرصة محاكمته من جديد على ضوء أحكام القانون رقم 116 سنة 1983 باعتباره القانون الأصلح للمتهم ذلك بأن القانون المشار إليه الصادر بتاريخ 1/ 8/ 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 سنة 1966 وإن أجاز في المادة 154 وقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها وفقاً لأحكامه عن جريمتي تجريف الأرض الزراعية بغير ترخيص وشراء أتربة متخلفة عن عملية تجريف بغير ترخيص وهو ما لم يكن جائزاًً بحكم المادة 106 مكرر من قانون الزراعة - التي تحكم الواقعة - قبل تعديلها بالقانون المشار إليه, إلا أن ذلك لا يصلح سبباً يخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها باعتبار أن القانون الجديد أصلح للمتهم في هذا الخصوص. ذلك أن القانون سالف الذكر قد صدر قبل الحكم نهائياً في الدعوى بتاريخ 31/ 12/ 1983 وهو ما يشعر بأن المحكمة لو كانت قد رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها تقتضي وقف تنفيذ عقوبة الحبس لما منعها القانون الجديد من ذلك أما وهي لم تفعل ذلك فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها مع الواقعة التي أثبتتها ذلك بأن الأمر بوقف تنفيذ العقوبة هو كتقدير نوعها ومقدارها من صميم عمل قاضي الموضوع ومن حقه أن يأمر أو لا يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها على المتهم وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.