أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 636

جلسة 18 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد حلمي راغب، وجمال الدين منصور، وأحمد محمود هيكل؛ ومحمد محمود عمر.

(123)
الطعن رقم 2449 لسنة 49 القضائية

(1) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". هتك عرض.
جواز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين جواز الأخذ بأقوالهم على سبيل الاستدلال إذا أنس القاضي فيها الصدق.
تعييب الحكم باعتماده على أقوال المجني عليه بصفة أصلية بحجة عدم استطاعته التمييز لصغر سنه. جدل موضوعي في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" إثبات. خبرة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة الدفاع إلى طلب تقديم تقرير خبير استشاري ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها ما يدعو لاتخاذ هذا الإجراء.
(3) حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تزيد الحكم فيما لا يؤثر في منطقه. لا يعيبه.
1 - متى كان القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال، ولم يحرم الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه بحجة عدم استطاعته التمييز لصغر سنه ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ما أدلى به وركنت إلى أقواله على اعتبار أنه يدرك ما يقول ويعيه. وإذ كان الطاعن لا يدعي بأن الطفل المجني عليه لا يستطيع التمييز أصلاً ولم يطلب إلى المحكمة تحقيق عدم توافر التمييز لديه، بل اقتصر بجلسة المحاكمة على القول بأنه صغير، وعاب على الحكم بدعوى أنه ما كان يصح الاعتماد على أقوال المجني عليه بصفة أصلية لعدم استطاعته التمييز بسبب صغر سنه، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير.
من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة الدفاع إلى طلب تقديم تقرير استشاري ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى هذا الإجراء كما هي الحال في الدعوى.
3 - خطأ الحكم في القول بعدم وجود التناقض بين التقارير الطبية المقدمة في الدعوى - بفرض صحة هذا الخطأ - ليس إلا تزيداً لا أثر له في منطق الحكم ولا في تكوين عقيدة المحكمة في الدعوى ما دامت في استدلالها لم تجمع بين تلك التقارير، فإن ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه. هتك عرض الطفل...... الذي لم يبلغ السابعة من عمره بأن خلع عنه سرواله وأولج قضيبه في دبره. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمادة 269 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة جنيهاً على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة هتك العرض قد شابه فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك بأنه عول في قضائه على أقوال المجني عليه رغم أنه صبي غير مميز، واستند إلى ما جاء بالتقارير الطبية المقدمة في الدعوى مع تناقضها، ولم يستجب إلى طلب الدفاع التصريح له بتقديم تقرير طبي استشاري وأطرحه على سند من القول بانتفاء التناقض بين تلك التقارير على خلاف الواقع، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال، ولم يحرم الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه بحجة عدم استطاعته التمييز لصغر سنه ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ما أدلى به وركنت إلى أقواله على اعتبار أنه يدرك ما يقول ويعيبه. وإذ كان الطاعن لا يدعي بأن الطفل المجني عليه لا يستطيع التمييز أصلاً ولم يطلب إلى المحكمة تحقيق مدى توافر التمييز لديه، بل اقتصر بجلسة المحاكمة على القول بأنه صغير، وعاب على الحكم بدعوى أنه ما كان يصح الاعتماد على أقوال المجني عليه بصفة أصلية لعدم استطاعة التمييز بسبب صغر سنه، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقدير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تستند في قضائها إلى التقارير الطبية الثلاثة المقدمة في الدعوى، ولكن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية - اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني الذي أكده في شهادته بجلسة المحاكمة من أن إصابة الكدم الحلقي المشاهد حول فتحة شرج المجني عليه مع الكدم المشاهد بخلفية فتحة الشرج لا يتأتى حصولها إلا عن لواط بإيلاج في وقت قد يتفق وتاريخ الحادث، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح طلب تقديم تقرير استشاري بقوله "أنه فضلاً عن أنه لا يوجد أي تناقض بين التقارير الطبية المقدمة في الدعوى بشأن الإصابات التي وجدت بالمجني عليه بسبب الحادث فإنها ترى أن ما ورد بتقرير وأقوال الطبيب الشرعي قاطع وكاف لتكوين عقيدتها من أن الإصابات التي لحقت بدبر المجني عليه تشير إلى حصول لواط بإيلاج في وقت يتفق وتاريخ الحادث" وإذ كان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة الدفاع إلى طلب تقديم تقرير استشاري ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى هذا الإجراء كما هي الحال في الدعوى، وكان خطأ الحكم في القول بعدم وجود التناقض بين التقارير الطبية المقدمة في الدعوى - بفرض صحة هذا الخطأ - ليس إلا تزيداً لا أثر له في منطق الحكم ولا في تكوين عقيدة المحكمة في الدعوى ما دامت في استدلالها لم تجمع بين تلك التقارير. فإن ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.