أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 647

جلسة 19 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، ومصطفى جميل مرسي، وفوزي المملوك، وفوزي أسعد.

(126)
الطعن رقم 226 لسنة 50 القضائية

(1) حكم. "بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
حكم البراءة. لا يشترط أن يتضمن أموراً أو بيانات معينة.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". استئناف. محكمة استئنافية. سرقة. دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة.
إحالة المحكمة الاستئنافية في ذكر وقائع الدعوى. كلها أو بعضها. إلى ما ورد بالحكم الابتدائي. حتى ولو خالفت وجهة نظره. سليم. ما دام التنافر منتفياً. مثال لتسبيب سائغ في تهمتي سرقة ودخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة. كي تقضي بالبراءة.
(4) حكم. "بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". محكمة استئنافية. استئناف.
المحكمة الاستئنافية. لا تلتزم. متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم. بالرد على أسباب الحكم المستأنف.
(5) دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة. سرقة. إثبات "بوجه عام" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "أركانها".
جريمة التعرض في الحيازة المنصوص عليها في المادة 369 ع. القوة فيها هي ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء.
لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة. ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي - وحدها - لحمله.
(6) تعويض. دعوة مدنية. "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". سرقة. دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة.
الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية في حالة الحكم بالبراءة. شرطه؟
1 - الأصل - على ما جرى قضاء محكمة النقض - أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن حكم البراءة - وبالتالي ما يترتب عليه من قضاء في الدعوى المدنية - أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة.
2 - لا جناح على المحكمة الاستئنافية إذا هي أحالت في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى في حالة مخالفتها في النهاية لوجهة نظر محكمة الدرجة الأولى ما دام التنافر منتفياً بين ما عولت عليه هي من الحكم الابتدائي من الوقائع الثابتة وبين ما استخلصته من هذه الوقائع مخالفاً لما استخلصته منها محكمة الدرجة الأولى.
3 - يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات.
4 - ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائياً بإدانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام، ما دام قضاؤها قد بني على أساس سليم.
5 - لما كان يجب في جريمة التعرض في الحيازة المنصوص عليها في المادة 369 من قانون العقوبات أن يكون قصد المتهم من دخول العقار هو منع واضع اليد بالقوة من الحيازة، وأن القوة في هذه الجريمة هي ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده على أنه لم يقع منه ما يعد استعمالاً للقوة ضد الأشخاص وأورد على ذلك تدليلاً سائغاً مستقى من أوراق الدعوى ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه الحكم في هذا الصدد فإنه لا يجدي الطاعن تخطئة الحكم في دعامته الأخرى بالنسبة لما قضى به في تلك التهمة من أنه أخطأ في نفي توفر الحيازة الفعلية لأن تعييب الحكم في ذلك على فرض صحته يكون غير منتج طالما أنه قد تساند إلى دعامة أخرى صحيحة تكفي لحمله إذ من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أن الحكم قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي وحدها لحمله.
6 - من المقرر أن شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة. بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة إسناده إلى المتهم المقامة عليه الدعوى المذكورة دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم ثبوت ارتكاب المطعون ضده للفعلين المسندين إليه، فإن ذلك يستلزم الحكم - صحيحاً - برفض الدعوى المدنية قبله مما يكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه (أولاً) سرق اللافتة الخشبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ....... وكان ذلك من أرضه الفضاء المسورة المملوكة له. (ثانياً) دخل العقار سالف الذكر المملوك لـ....... بقصد منع حيازته بالقوة، وطلبت عقابه بالمادتين 317/ 2، 369/ 1 من قانون العقوبات وادعى كل من...... و...... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم الرمل قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ عن التهمة الأولى وتغريمه عشرين جنيهاً عن التهمة الثانية وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية المقامة من....... وإلزام المتهم بأن يؤدي لكل من المدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببراءة المتهم فيما قضى به بالنسبة الدعوى الجنائية وبرفض الدعوى المدنية المقامة من....... وبعدم قبول الدعوى المدنية المقامة من....... فطعن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقام من المدعي بالحق المدني أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمتي السرقة ودخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة وبرفض الدعوى المدنية قبله - قد شابه القصور في التسبيب وخالف الثابت في الأوراق وأخطأ في تطبيق القانون - ذلك بأنه اقتصر في بيان الواقعة على الإحالة إلى الحكم المستأنف رغم أنه ألغاه ولم يورد بياناً لها وفق ما تتطلبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، كما سكت عن تفنيد الأدلة التي قام عليها ذلك الحكم الملغى الذي قضى بالإدانة، وابتنى قضاءه ببراءة المطعون ضده من تهمة السرقة على خلو الأوراق مما يفيد ثبوت الواقعة وعلى أن أقوال المجني عليه لم تتأيد بدليل في حين أن الثابت بالأوراق أنها تأيدت بأقوال شاهد وباعتراف المهتم، كما حجب الحكم نفسه في صدد التهمة الثانية عن استظهار الحيازة الفعلية على النحو المتطلب قانوناً واعتد في الحيازة الفعلية بالسيطرة المادية ولم ينف أن هذه الحيازة ثابتة للطاعن وتتحقق بها حيازته القانونية بنية التملك، كما أخذ في تصوير الواقعة بأنها تزاحم بين مالك ومشتر ورأى أن القوة التي تقع على الأشخاص معاصرة لمنع الحيازة متخلفة في الواقعة رغم قيام الدليل عليها وقد أدى به ذلك إلى تبرئة المطعون ضده من التهمة الثانية، كما انتهى إلى رفض الدعوى قبله في حين أن الواقعة المسندة إليه بفرض أنها لا تشكل جريمة دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة فإنها تكون فعلاً ضاراً يوجب التعويض، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الأصل - كما جرى قضاء محكمة النقض - أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم يشترط أن يتضمن حكم البراءة - وبالتالي ما يترتب عليه من قضاء في الدعوى المدنية - أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة وأنه يكفي لسلامة الحكم بالبراءة أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم - وأنه لا جناح على المحكمة الاستئنافية إذا هي أحالت في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى في حالة مخالفتها في النهاية لوجهة نظر محكمة الدرجة الأولى ما دام التنافر منتفياً بين ما عولت عليه هي من الحكم الابتدائي من الوقائع الثابتة وبين ما استخلصته من هذه الوقائع مخالفاً لما استخلصته منها محكمة الدرجة الأولى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أحال في بيان الواقعة إلى الحكم الابتدائي الذي أحاط بها ثم ابتنى قضاءه بالبراءة على أسباب مضمونها بالنسبة لتهمة السرقة المسندة إلى المطعون ضده أن المحكمة لا تطمئن لأقوال المجني عليه التي لم تتعزز بما يؤيدها وأنه ثبت وجود أشخاص عديدين بأرض النزاع ولا دليل على أن المتهم هو الذي ارتكب السرقة من بينهم وأنه نظراً لدخول المتهم أرض النزاع باعتباره مشتر لها فإن قيامه بنزع اللافتة محل الاتهام بفرض حدوثه لا يعد سرقة لأنه لم يثبت أنه فعل ذلك بنية تملكها وعرض الحكم لما أثبته المحقق نقلاً عن المتهم من أنه اعترف له بنزع اللافتة وأطرحه. وأخذ بإنكاره عند الإدلاء بأقواله تفصيلاً، كما أقام الحكم قضاءه بتبرئة المطعون ضده من تهمة دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة على أنه ليس في الأوراق ما يفيد أنه دخل عقاراً بقصد منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيه وإن الصورة الصحيحة للنزاع هي تزاحمه باعتباره مشتر مع مالك الأرض وأنه لم يثبت بالأوراق ما يفيد قيامه باستعمال القوة ضد شخص المجني عليه أو سواه وأن المناط في توافر الجريمة هو باستخدام القوة ضد الأشخاص ثم انتهى إلى رفض الدعوى المدنية، ولما كانت تلك الأسباب من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه عليها الحكم من براءة المطعون ضده من التهمتين المسندتين إليه ومفادها أن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها لم يطمئن وجدانها إلى أدلة الثبوت وأنها قد فطنت إلى أسباب الإدانة التي أخذ بها الحكم الابتدائي ووزنتها ولم تقتنع بها أو تطمئن إليها ورأتها غير صالحة للاستدلال بها على التهمة، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب لعدم بيانه مؤدى الواقعة أو الرد على أسباب الإدانة التي أخذ بها الحكم الابتدائي لا يكون له محل، لما هو مقرر من أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، ولما هو مقرر من أنه ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائياً بإدانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام، ما دام قضاؤها قد بني على أساس سليم. لما كان ذلك، وكان يجب في جريمة التعرض في الحيازة المنصوص عليها في المادة 369 من قانون العقوبات أن يكون قصد المتهم من دخول العقار هو منع واضع اليد بالقوة من الحيازة، وأن القوة في هذه الجريمة هي ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده على أنه لم يقع منه ما يعد استعمالاً للقوة ضد الأشخاص وأورد على ذلك تدليلاً سائغاً مستقى من أوراق الدعوى ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه الحكم في هذا الصدد فإنه لا يجدي الطاعن تخطئة الحكم في دعامته الأخرى بالنسبة لما قضى به في تلك التهمة من أنه أخطأ في نفي توفر الحيازة الفعلية لأن تعييب الحكم في ذلك على فرض صحته يكون غير منتج طالما أنه قد تساند إلى دعامة أخرى صحيحة تكفي لحمله إذ من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أن الحكم قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي وحدها لحمله. لما كان ذلك، وكان شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة - بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة إسناده إلى المتهم المقامة عليه الدعوى المذكورة دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم ثبوت ارتكاب المطعون ضده للفعلين المسندين إليه، فإن ذلك يستلزم الحكم - صحيحاً - برفض الدعوى المدنية قبله مما يكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة تطبيقاً للمادة 36/ 2 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وإلزام الطاعن المصاريف.