أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 683

جلسة 28 من مايو سنة 1980

برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد رفعت خفاجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي، وممدوح مصطفى حسن، وإبراهيم حسين رضوان، والدكتور كمال أنور.

(133)
الطعن رقم 288 لسنة 50 القضائية

(1) جريمة "أركانها". حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الواقعة بما تتوافر به عناصر الجريمة وأدلة الثبوت. المادة 310 إجراءات.
(2) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها" قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم ما يدل على تحقق قصد الاختلاس.
(3) إثبات "خبرة".
خبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير. التحقق من كفايتهم وصلاحيتهم يتم قبل التعيين. النعي على عمل الخبير بانعدام خبرته في تحقيق الخطوط. جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) اختلاس أموال أميرية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء. موضوعي. الرد على ما يوجه إليها من مطاعن عند الأخذ بها. عدم لزومه. أساس ذلك؟
(5) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
مجرد تغيير الحقيقة في المحرر الرسمي. بطريق الغش. بوسيلة مما نص عليه القانون تحقق به جريمة التزوير في المحررات الرسمية. توقيع المتهم باسم الغير على المحرر الرسمي. تتوافر به جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. لا يغير من ذلك قول المتهم أن المجني عليهما قاصران وأنه يستوي أن يوقع هو عنهما أو والديهما. إذ لا سند له من القانون.
(6) تزوير "أوراق رسمية".
التزوير المعاقب عليه. عدم اشتراط أن يكون قد تم خفية أو أن يستلزم لكشفه دراية خاصة. يستوي أن يكون تزويراً واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن. ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالتين يجوز أن ينخدع فيه بعض الناس.
(7) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "إخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
الطلب الجازم. ماهيته؟
(8) عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
معاقبة المتهم بالأشغال الشاقة وعزله من وظيفته دون تحديد مدة العزل. يتفق ونص المادة 27 عقوبات. توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس.
1 - إذ كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس والتزوير والاشتراك فيه والاستعمال التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ومستنداتها ولا محل له.
2 - متى كان ما أورده الحكم في مدوناته كاف وسائغ في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد غير سديد.
3 - متى كان الثابت من مدونات الحكم أن من قام بالمضاهاة من خبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وكان هؤلاء الخبراء لا يعينون إلا بعد التحقق من كفايتهم وصلاحيتهم لأعمال القسم الذي يعينون به وذلك طبقاً لما تقضي به المادتان 18، 35 من المرسوم بقانون 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام القضاء، وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى تقرير هذا الخبير فإن منعى الطاعن بعدم خبرته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
4 - قول الطاعن أن الخبير لم يطلع على الاستمارات والمستندات فمردود بما هو مقرر من أن الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، فيكون هذا النعي بدوره جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به.
5 - المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصاً يعينه من وقوعها لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة، يترتب على العبث بالورقة الرسمية الغض مما لها من القيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيها وكان الثابت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير - سالف الذكر - أن التوقيع المنسوب للمجني عليهما هو للطاعن، فإن ما يثيره الأخير من أن المجني عليهما قاصران وأنه يستوي أن يوقع هو أو والدهما نيابة عنهما لا سند له من القانون.
6 - قول الطاعن بأن ما حدث من تزوير في الاستمارات موضوع التهمة الثانية بتغيير الأرقام هو من قبيل التزوير المفضوح مردود بما هو مقرر من أنه لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم بطريقة خفية أو أن يستلزم كشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون واضحاً ولا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن، ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الأفراد مما يكون معه هذا الدفاع بشقيه ظاهر البطلان لا يستلزم رداً خاصاً من الحكم المطعون فيه.
7 - متى كان البين من مطالعة محاضر الجلسات أنه بجلسة 25/ 6/ 1972 طلبت المحكمة من الخبير السابق ندبه فحص اعتراضات الطاعن على تقريره سواء ما ورد منها بمذكراته وما أبدي بالجلسة كما طلبت منه الاطلاع على المستندات المقدمة وتقديم تقرير تكميلي، وإذ قدم الخبير التقرير سالف الذكر، لم يبد الطاعن أو محاميه أي اعتراضات عليه أو الطلبات محل النعي بجلسات المرافعة السابقة على حجز الدعوى للحكم بل الثابت من محاضر هذه الجلسات أن المدافع عن الطاعن تنازل عن سماع شهود الإثبات اكتفاء بقراءة أقوالهم في التحقيقات فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها إذ الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من إخلال بحق الدفاع في هذا الشأن يكون غير سديد.
8 - متى كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وقضى بعزله من وظيفته فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل - الذي يثيره الطاعن - لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً) بصفته موظفاً عمومياً مدير جمعية..... ارتكب تزويراً في الأوراق الرسمية أثناء تأدية وظيفته بأن وضع إمضاءات مزورة لكل من....... و....... بالسركي رقم...... واختلس المبالغ الخاصة بهما. (ثانياً) اشترك مع مجهول في ارتكاب تزوير أوراق أميرية بأن كان ذلك بزيادة كلمات بجملة المساحات والمبالغ المنصرفة مقابل لها تزيد عن الحد المقرر لكل منتفع بالسركي واختلس هذه الزيادة لنفسه (ثالثاً) اختلس مبلغ ثمانية آلاف وثلاثمائة وأربعة وأربعين جنيهاً وأربعمائة وخمسة وعشرين مليماً والمسلمة إليه بسبب وظيفته بصفته مدير الجمعية لتسليمه إلى المنتفعين. (رابعاً) استعمل المحررات الرسمية المزورة الموضحة بوصف التهمة الأولى بأن قدمها للجنة مراجعة أعماله لتغطية المبالغ المختلسة موضوع التهمة الثالثة مع علمه بذلك وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 111/ 6، 112، 118، 211، 214/ 1 - 2 مكرراً، من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 17، 32 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ستة آلاف وثمانمائة واثنين وسبعين جنيهاً ومائتين وثمانية وخمسين مليماً وبإلزامه بأن يرد مبلغ ستة آلاف وثمانمائة واثنين وسبعين جنيهاً ومائتين وثمانية وخمسين مليماً وبعزله من وظيفته وذلك عن التهمة المسندة إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجرائم الاختلاس وتزوير أوراق رسمية واستعمالها، قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ومستنداتها، كما لم يستظهر نية الاختلاس وهي القصد الخاص في الجريمة الأولى. وفضلاً عن ذلك فإنه أخذ بتقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير مع أنه ليس خبيراً في الخطوط ولم يطلع على الدفاتر والسجلات كما أن الشخصين اللذين نسب إليه تزوير توقيعهما قاصران فلا غرابة في أن يوقع عنهما الطاعن أو والدهما، وأن ما حدث من تزوير في الاستمارات كان بإضافة أرقام لا حروف مما يدخله في نطاق التزوير المفضوح. هذا إلى أنه طلب سماع شهادة المجني عليهم كما طلب استكتاب كل من....... و....... ومضاهاة خطوطهما بالإضافات التي حدثت وكذا تمكين الخبير الاستشاري من الاطلاع على الأوراق إلا أن المحكمة التفتت عن هذه الطلبات إيراداً ورداً - وأخيراً فإن الحكم لم يؤقت العزل من الوظيفة بل نص عليه مطلقاً، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنه "بجرد عهدة المتهم...... وهو مدير جمعية....... عن عامي 1964، 1965 فظهر أنه اختلس مبلغ 872 ج و258 م كان مسلماً إليه بسبب وظيفته لتسليمه إلى المنتفعين بالجمعية وأن ذلك الاختلاس كان نتيجة ارتكابه تزويراً في أوراق رسمية أثناء تأديته وظيفته بأن وضع إمضاءات مزورة لكل من...... و...... بالسركي رقم...... واختلس المبالغ الخاصة بهما كما أن ذلك الاختلاس كان نتيجة اشتراكه مع مجهول في ارتكاب تزوير في أوراق أميرية بأن كان ذلك بزيادة كلمات بجعله المساحات والمبالغ المنصرفة مقابل لها تزيد عن الحد المقرر لكل منتفع بالسركي واختلس هذه الزيادة لنفسه - وقد قام المتهم بتقديم تلك المحررات المزورة للجنة التي شكلت لمراجعة أعماله وذلك لتغطية المبالغ التي اختلسها لنفسه. وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعن أدلة استقاها من أقوال أعضاء اللجنة المشكلة لمراجعة أعماله ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي ومن تقريري مكتب - خبراء وزارة العدل ببني سويف المؤرخين 28/ 4/ 1970، 21/ 11/ 1973. لما كان ذلك وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس والتزوير والاشتراك فيه والاستعمال التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى ومستنداتها ولا محل له. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كاف وسائغ في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أن من قام بالمضاهاة من خبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وكان هؤلاء الخبراء لا يعينون إلا بعد التحقق من كفايتهم وصلاحيتهم لأعمال القسم الذي يعينون به وذلك طبقاً لما تقضي به المادتان 18، 35 من المرسوم بقانون 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام القضاء، وإذا كان الحكم قد اطمأن إلى تقرير هذا الخبير فإن منعى الطاعن بعدم خبرته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض. كما أن قول الطاعن أن الخبير لم يطلع على الاستمارات والمستندات فمردود بما هو مقرر من أن الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، فيكون هذا النعي بدوره جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصاً بعينه من وقوعها لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة إذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية الغض مما لها من القيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيه وكان الثابت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير - سالف الذكر - أن التوقيع المنسوب للمجني عليهما هو الطاعن، فإن ما يثيره الأخير من أن المجني عليهما قاصران وأنه يستوي أن يوقع هو أو والدهما نيابة عنهما لا سند له من القانون. لما كان ذلك، وكان قول الطاعن بأن ما حدث من تزوير في الاستمارات موضوع التهمة الثانية بتغيير الأرقام هو من قبيل التزوير المفضوح مردود بما هو مقرر من أنه لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم بطريقة خفية أو أن يستلزم كشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون واضحاً ولا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن، ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الأفراد مما يكون هذا الدفاع بشقيه ظاهر البطلان لا يستلزم رداً خاصاً من الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر الجلسات أنه بجلسة 25/ 6/ 1972 طلبت المحكمة من الخبير السابق ندبه فحص اعتراضات الطاعن على تقريره سواء ما ورد منها بمذكراته وما أبدي بالجلسة كما طلبت منه الاطلاع على المستندات المقدمة وتقديم تقرير تكميلي، وإذ قدم الخبير التقرير سالف الذكر، لم يبد الطاعن أو محاميه أي اعتراضات عليه أو الطلبات محل النعي بجلسات المرافعة السابقة على حجز الدعوى للحكم بل الثابت من محاضر هذه الجلسات أن المدافع عن الطاعن تنازل عن سماع شهود الإثبات اكتفاء بقراءة أقوالهم في التحقيقات فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها إذ الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من إخلال بحق الدفاع في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وقضى بعزله من وظيفته فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل - الذي يثيره الطاعن - لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.