أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 651

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ قيس الرأي عطية ومحمد أحمد حمدي وأحمد محمود هيكل نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد المنعم البنا.

(142)
الطعن رقم 258 سنة 54 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". سرقة. إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى":
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(2) سرقة. اختلاس. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
السرقة. اختلاس منقول مملوك للغير.
المنقول. كل ما له. قيمة مالية ويمكن تملكه وحيازته ونقله.
(3) سرقة بإكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن الإكراه في السرقة. تتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل المقاومة أو إعدامها تسهيلاً للسرقة. يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على الجسم ويصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح. مثال.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود موضوعي.
مفاد الأخذ بأقوال شاهد؟.
(5) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تأخر المجني عليه في الإبلاغ. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله. مادامت قد اطمأنت إليها.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
(7) إثبات "اعتراف". محضر الجلسة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". بطلان.
الدفع بحصول الاعتراف نتيجة إكراه لا يقبل لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عنه.
(9) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استعداد المدافع أو عدم استعداده. موكول إلى تقديره وضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - المنقول الذي تتحقق باختلاسه جريمة السرقة هو كل ما له قيمة مالية ويمكن تملكه وحيازته ونقله.
3 - لما كان من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة وأنه كما يصح أن يكون تعطيل مقاومة المجني عليه بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسمه فإنه يصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه للواقعة وفي تحصيله لأقوال المجني عليه أن الإكراه تمثل في التهديد باستعمال السلاح ولم تتبع فيه الوسائل المادية التي تقع مباشرة على الجسم والتي يمكن أن تتخلف عنها آثار جروح فإنه لا يكون هناك محل لما يثيره الطاعنان من خلو جسم المجني عليه من الإصابات.
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها.
6 - تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاًً سائغاً لا تناقض فيه.
7 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بأن اعترافاتهما كانت وليدة إكراه أو تهديد فإنه لا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
8 - لما كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعنان في أسباب الطعن - قد استغنى صراحة عن سماع الشهود فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.
لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محامياً لكل من الطاعنين اللذين لم يبديا اعتراضاً على ذلك، كما أثبت بالمحضر أن المحكمة أعطت الدفاع الوقت الكافي للإطلاع، وقد ترافع المحاميان في الدعوى على الوجه المثبت بمحضر الجلسة دون أن يطلب أيهما أجلاً للإطلاع، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية: سرقا النقود والأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة.... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن شهرا في وجهه آلات حادة "مدية وسيفاً" وهدداه بهما بقصد إدخال الرعب في نفسه وشل مقاومته وقد تمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة والفرار بالمسروقات. وطلبت إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة السرقة بالإكراه قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم صور الواقعة باعتبارها سرقة بالإكراه في حين أنها لا تعدو أن تكون مزاحاً بين أصدقاء، وأن الأشياء المدعى بسرقتها هي خواتم ودبل فضية لا قيمة لها أهداها المجني عليه إلى الطاعنين وهو ما يؤيده جلوسه معهما بعد ذلك بأحد المقاهي دون أن يستغيث برواد المقهى وخلو جسمه من الإصابات مما ينبئ عن عدم استعمال العنف معه، وقد عول الحكم في قضائه على أقوال المجني عليه على الرغم من عدم إبلاغه بالواقعة إلا بعد يومين من وقوعها فضلاً عن تضارب أقواله وتناقضها مع أقوال باقي الشهود، كما عول الحكم على اعترافات الطاعنين على الرغم من أنهما أدليا بها تحت تأثير رجال الشرطة مخافة أن يلصقوا بهما تهماً أخرى, ولم تعن المحكمة بسماع الشهود في الجلسة ومواجهتهم بالطاعنين، ولم تستجب لطلبات الدفاع في هذا الخصوص، كما أن مهمة الدفاع عن الطاعنين قد تولاها محاميان منتدبان لم ينفسح الوقت أمامها للإلمام الكافي بالتحقيقات الطويلة التي أجريت في الدعوى, وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة بما يجمل في أن الطاعنين التقيا في الطريق بالمجني عليه الذي كان يسأل عن عنوان مسكن أحد أقاربه واستدرجاه بعيداً عن العمران بزعم إرشاده عن ذلك العنوان، وهناك شهرا في وجهه سيفاً ومدي هدداه بها فتعطلت بذلك مقاومته وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على نقوده وعلى سوار معدني وسلسلة وأربعة خواتم فضية كانت معه كما أخذا حذاءه ثم تركاه وانصرفا بعد أن هدداه بالأذى إن هو أبلغ بالواقعة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن اعترافات الطاعنين، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, ولا ينازع الطاعنان في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق فإن ما يثيرانه من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون مزاحاً بين أصدقاء وأن المسروقات أهديت إليهما من المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان المنقول الذي تتحقق باختلاسه جريمة السرقة هو كل ما له قيمة مالية ويمكن تملكه وحيازته ونقله. وكان الحكم قد أثبت اختلاس الطاعنين لمبالغ من النقود فضلاً عن سوار معدني، وبعض المشغولات الفضية, وحذاء, وجميعها من الأشياء ذات القيمة المالية, وينطبق عليها وصف المنقول بالمعنى سالف البيان فإن ما يثيره الطاعنان من أن المسروقات عديمة القيمة يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة وأنه كما يصح أن يكون تعطيل مقاومة المجني عليه بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسمه فإنه يصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه للواقعة وفي تحصيله لأقوال المجني عليه أن الإكراه تمثل في التهديد باستعمال السلاح ولم تتبع فيه الوسائل المادية التي تقع مباشرة على الجسم والتي يمكن أن تتخلف عنها آثار جروح فإنه لا يكون هناك محل لما يثيره الطاعنان من خلو جسم المجني عليه من الإصابات. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بأن اعترافاتهما كانت وليدة إكراه أو تهديد فإنه لا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك, وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعنان في أسباب الطعن - قد استغنى صراحة عن سماع الشهود فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بقالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين أيضاً من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محامياً لكل من الطاعنين اللذين لم يبديا اعتراضاً على ذلك، كما أثبت بالمحضر أن المحكمة أعطت الدفاع الوقت الكافي للإطلاع، وقد ترافع المحاميان في الدعوى على الوجه المثبت بمحضر الجلسة دون أن يطلب أيهما أجلاً للاطلاع، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.