أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 692

جلسة 29 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عثمان مهران الزيني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الخالق النادي، وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس، وصفوت خالد مؤمن.

(134)
الطعن رقم 294 لسنة 50 القضائية

(1) نقض. "التقرير بالطعن. وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن. أسباباً لطعنه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها غير جائز.
(3) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب تحقيق قدم في مذكرة، بعد حجز الدعوى للحكم أو الرد عليه.
(4) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الجازم. ماهيته؟
(5) تعذيب. إثبات. "بوجه عام". "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من سائر أدلتها وعناصرها موضوعي.
(6) قتل عمد. تعذيب. رابطة السببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يلزم لمساءلة الطاعن عن موت المجني عليه. أن يكون الموت قد ثبت بدليل معين.
(7) حكم. "تسبيبه. بيانات التسبيب". بطلان.
بيان تسبيب الأحكام. المادة 310 إجراءات.
بطلان حكم الإدانة - لعدم إشارته إلى نص القانون الذي حكم بموجبه مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعي دون قانون الإجراءات الجنائية.
(8) حكم. "وضعه والتوقيع عليه". "بطلان الحكم". بطلان.
قانون الإجراءات الجنائية لم ينص على البطلان إلا في حالة عدم التوقيع على الحكم في خلال ثلاثين يوماً. تأجيل النطق بالحكم عدة مرات ولمدة طويلة. لا عيب.
1 - من حيث إن الطاعنين الثاني والثالث وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 سنة 1959.
2 - حيث إنه يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق ما بشأن ما أثاره عن تواجد الطاعن بفرنسا في تأريخ الواقعة، كما لم يطلب عرض صورة سليمة للمجني عليه على الشهود، وإنما اقتصرت مرافعته على تعييب تحقيق النيابة بالقصور لعدم قيام النيابة بهذين الإجراءين، ومن ثم فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها قبل قفل باب المرافعة.
3 - من المقرر أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم فهي بعد، لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه المتهم في مذكرته التي قدمت في فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى ويكون النعي لذلك بقالة الإخلال بحق الدفاع والقصور في غير محله.
4 - لما كان الدفاع وإن طلب بجلسة........ ضم القضاياً التي أشار إليها بأسباب طعنه إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن هذا الطلب في ختام مرافعته التي استمرت إلى اليوم التالي والتي اقتصر فيها على طلب البراءة، وإذ كان الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته فإنه لا على المحكمة إن هي لم تجبه أو ترد عليه، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
5 - لمحكمة الموضوع أن تبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث لصورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه.
6 - لا يلزم لمساءلة الطاعن عن موت المجني عليه نتيجة التعذيب أن يكون الموت قد ثبت بدليل معين عن طريق الكشف على جثته وتشريحها.
7 - خطأ الحكم في ذكر مادة قانون الإجراءات الجنائية المنطبقة إذ أشار إلى الفقرة الأولى من المادة 304 الخاصة بحالة القضاء بالبراءة بدلاً من الفقرة الثانية الخاصة بالإدانة لا يعيبه ذلك بأنه فضلاً عن أنه على ما يبدو من قبيل الخطأ المادي ولم يكن له أثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها الحكم فإن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت في فقرتها الأخيرة على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه قد أبانت بوضوح أن البطلان مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعي على اعتبار أنه من البيانات الجوهرية التي تقتضيها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات، وأما إغفال الإشارة إلى نصوص قانون الإجراءات الجنائية أو الخطأ فيها فإنه لا يبطل الحكم.
8 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية لم ينص على البطلان إلا في حالة عدم التوقيع على الحكم في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النطق، فإن المحكمة إذ قررت تأجيل النطق بالحكم عدة مرات ولمدة طويلة لا تكون قد خالفت القانون في شيء ويكون نعي الطاعن في هذا الصدد في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بصفتهم موظفين عموميين أمر الأول الضابط بالقوات المسلحة المتهمين الثاني والثالث من صف الضابط والجنود بها بتعذيب........ فانهالوا وآخرون من الجنود عليه ضرباً بالسياط بعد شد وثاق يديه وقدميه إلى "فلقة" وكان ذلك بقصد حمله على الاعتراف بارتكاب جناية محاولة تغيير دستور الدولة وشكل الحكومة فيها بالقوة وقد مات المجني عليه من جراء ما أحدثه به هذا التعذيب من إصابات على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك، وادعى...... شقيق المجني عليه قبل المتهمين بالتضامن مع وزير الحربية بصفته بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 126 و1 - 2، 234/ 1 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة وبمعاقبة كل من الثاني والثالث بالأشغال الشاقة عشر سنوات. (ثانياً) بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الثاني والثالث وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 سنة 1959.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة الأمر بتعذيب متهم لحمله على الاعتراف - أدى إلى موته قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور وتناقض في التسبيب وخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون وبطلان في الإجراءات ذلك أن الطاعن أثار في دفاعه أن شهود الإثبات لا يعرفون شخصية المجني عليه واستدل على ذلك بأن الصورة التي عرضت عليهم كانت مشوهة وأن بعض الشهود تشكك في معرفة صاحبها وذكر البعض أنها تشبه المجني عليه، كما اختلف بعض الشهود مع شقيق المجني عليه في أوصاف المجني عليه وطلب تحقيقاً لذلك عرض صورة صحيحة على هؤلاء الشهود للتحقق من صحة روايتهم، كذلك أشار الدفاع إلى أن الطاعن كان في مهمة رسمية بفرنسا في تاريخ الحادث وأن بعض زملائه أيدوه في ذلك وقدم رسالة كان قد أرسلها لأسرته بمصر في تاريخ معاصر وطلب من المحكمة تحقيق ذلك بالاستعلام من سفارة فرنسا كما طلب ضم القضايا الخاصة....... و....... ومدرسة المشاة تحقيقاً لما أثاره من أن أقوال الشهود في هذه القضايا جاءت مناقضة لأقوالهم في الدعوى موضوع الطعن وأن الطبيب....... قرر بأن أحداً لم يمت بالسجن الحربي خلال فترة عمله به إلا أن المحكمة لم تستجب لطلباته سالفة الذكر ولم تعرض لها في حكمها إيراداً ورداً هذا وعلى الرغم من عدم وجود جثة المجني عليه وما يثبت دخوله المستشفى، وعدم تشريح الجثة وبيان الإصابات في حينها، فإن الحكم ساءل الطاعن عن وفاة المجني عليه دون أن يستظهر رابطة السببية بين فعل الطاعن والوفاة، ولا يصح لإثبات هذه الرابطة الاستناد إلى أقوال الشهود وهم غير فنيين، أو إلى أقوال الطبيب........ ما دام أنه تولى علاج المجني عليه وقد قرر أنه حاول إسعافه بالجلوكوز والمورفين والأكسوجين لاحتمال أن تكون الوفاة نتيجة خطئه في إجراء تلك الإسعافات فإذا أضيف إلى ذلك أن أقوال الشهود جاءت مناقضة لأقوال الطبيب إذ قرروا أن المجني عليه توفي بزنزانته بينما قرر الطبيب أنه توفي بالمستشفى بعد أن قام بإجراء بعض الإسعافات له. هذا إلى أن الحكم نسب إلى الطاعن - على خلاف الثابت بالأوراق - أنه يعمل بالسجن الحربي وأنه أقر بالتحقيقات أنه كان يجري التحقيق مع المتهمين. كما نسب الحكم إلى الدفاع عن الطاعن أنه طلب بمذكرته الحكم ببراءته على أساس أنه كان ينفذ أمر رؤسائه مع أن مذكرة الدفاع خلت من ذلك، فضلاً عن أن مؤداه أن الطاعن أقر بالواقعة وهو ما يخالف الواقع كذلك أخطأ الحكم في ذكر مادة قانون الإجراءات الجنائية المنطبقة إذ أشار إلى المادة 304/ 1 الخاصة بقضاء البراءة. وأخيراً فإن المحكمة بعد أن سمعت المرافعة بجلسة...... وقررت حجز الدعوى للحكم، مدت أجل النطق بالحكم عدة مرات إلى أن أصدرته بجلسة....... الأمر الذي قطع صلة المحكمة بما أحدثته المرافعة من تأثير.
وحيث إنه يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق ما بشأن ما أثاره عن تواجد الطاعن بفرنسا في تاريخ الواقعة، كما لم يطلب عرض صورة سليمة للمجني عليه على الشهود، وإنما اقتصرت مرافعته على تعييب تحقيق النيابة بالقصور لعدم قيام النيابة بهذين الإجراءين ومن ثم فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها قبل قفل باب المرافعة إذ أنه من المقرر أن المحكمة متى أمرت بإقفال باب المرافعة في الدعوى وحجزتها للحكم فهي بعد لا تكون ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه المتهم في مذكرته التي قدمت في فترة حجز القضية للحكم أو الرد عليه سواء قدمها بتصريح منها أو بغير تصريح ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى ويكون النعي لذلك بقالة الإخلال بحق الدفاع والقصور في غير محله لما كان ذلك، وكان الدفاع وإن طلب بجلسة 29/ 11/ 1977 ضم القضايا التي أشار إليها بأسباب طعنه إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن هذا الطلب في ختام مرافعته التي استمرت إلى اليوم التالي والتي اقتصر فيها على طلب البراءة، وإذ كان الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته فإنه لا على المحكمة إن هي لم تجبه أو ترد عليه ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث لصورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من الوقائع التي ثبتت لديه أن الطاعن أجرى التحقيق مع المجني عليه وطالبه بالاعتراف بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين ولما أنكر أمر المتهمين الثاني والثالث بتعذيبه لحمله على الاعتراف فانهال الأخيران عليه بالسياط مع شد وثاقه إلى ماسورة "فلقة" إلى أن نزفت الدماء من صدره وظهره وساقيه ونقل إلى زنزانته فاقد الوعي وتوفي بعد ذلك نتيجة هذا التعذيب. واستظهر الحكم هذه الصورة من أدلة استمدها من شهادة....... و...... و...... و...... الذين شهدوا بأن الطاعن أمر المتهمين الثاني والثالث وآخرين - في حضرتهم - بتعذيب المجني عليه كلما أصر على إنكار انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلين وأن هؤلاء انهالوا على المجني عليه ضرباً بالسياط مع شد وثاقه إلى ماسورة "فلقة" حتى نزفت الدماء من جسده ونقل إلى زنزانته فاقد الوعي. ومن شهادة...... و....... و...... وهم نزلاء مع المجني عليه بالزنزانة - الذين قرروا بأن المجني عليه استدعي للتحقيق ثم أعيد إلى الزنزانة محمولاً ومصاباً في جميع أنحاء جسمه وأخذت تنتابه حالات غيبوبة ويتفوه بعبارات مبهمة حتى فقد النطق تماماً في اليوم التالي وتوفي، ومما شهد به...... طبيب السجن من أنه حين مر على الزنزانة الجماعية التي كان بها المجني عليه وجده فاقد النطق الحركة بارد الجسد ومصاباً بإصابات جسيمة في جميع أنحاء جسمه من الضرب بسياط، وأنه أسرع بنقله إلى مستشفى السجن رغم أن مظهره كان يشير إلى موته وحاول إسعافه بالعلاج إلا أنه تحقق من موته نتيجة صدمة عصبية شديدة وهبوط حاد بالقلب بسبب إصاباته. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت مقارفة الطاعن لجنائية الأمر بتعذيب المجني عليه الذي نتج عنه وفاته بجميع عناصرها بما في ذلك رابطة السببية بن فعل التعذيب والموت، ولا يقدح في هذا الثبوت عدم العثور على جثة المجني عليه، كما لا يلزم لمساءلة الطاعن عن موت المجني عليه نتيجة التعذيب أن يكون الموت قد ثبت بدليل معين عن طريق الكشف على جثته وتشريحها. لما كان ذلك، وكان لا تعارض بين ما أورده الحكم عن أقوال الشهود وبين ما حصله عن أقوال الطبيب......، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن عن فساد الحكم في الاستدلال وتناقضه في التسبيب ينحل إلى جدل في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة واستنبطت منها معتقدها في الدعوى مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم لم ينسب إلى الطاعن أنه أقر بمباشرة التحقيق مع المتهمين - خلافاً لما يدعيه الطاعن بأسباب طعنه - وإنما عول فيما أثبته في تحصيله لواقعة الدعوى - من أن الطاعن يعمل بالسجن الحربي وأنه باشر التحقيق مع المتهمين - على أقوال الشهود...... و...... و...... و...... و...... والتي حصلها بما يتفق والثابت عنها بالتحقيقات - على ما يبين من المفردات المضمومة - فإن ما ينعاه الطاعن عن خطأ الحكم في الإسناد في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في معرض تحصيله لدفاع الطاعن من أن المدافع عنه دفع بمذكرته - أنه كان ينفذ أمر رؤسائه مثل....... - فإنه فضلاً عن أن ذلك له سنده في مرافعة الدفاع بالجلسة ومن ثم لا يعيب الحكم خطؤه في بيان مصدره - فإن البين من سياق الحكم أنه لم يتخذ من هذا الدفاع دليلاً على إقرار الطاعن بمقارفة الجريمة وإنما أورده - بعد أن أثبت إنكار الطاعن للتهمة - باعتباره دفعاً بانتفاء مسئوليته عنها وواجهه بالرد بما يفيد توافرها في حقه - بفرض انصياعه لأوامر رؤسائه ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان خطأ الحكم في ذكر مادة قانون الإجراءات الجنائية المنطقية إذ أشار إلى الفقرة الأولى من المادة 304 الخاصة بحالة القضاء بالبراءة بدلاً من الفقرة الثانية الخاصة بالإدانة لا يعيبه ذلك بأنه فضلاً عن أنه على ما يبدو من قبيل الخطأ المادي ولم يكن له أثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها الحكم فإن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت في فقرتها الأخيرة على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه قد أبانت بوضوح أن البطلان مقصور على عدم الإشارة إلى نص القانون الموضوعي على اعتبار أنه من البيانات الجوهرية التي تقتضيها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات، وأما إغفال الإشارة إلى نصوص قانون الإجراءات الجنائية أو الخطأ فيها فإنه لا يبطل الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بين مادتي العقاب اللتين أنزلهما في حق الطاعن وهما المادتان 126/ 1 - 2، 234/ 1 من قانون العقوبات فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية لم ينص على البطلان إلى في حالة عدم التوقيع على الحكم في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النطق، فإن المحكمة إذ قررت تأجيل النطق بالحكم عدة مرات ولمدة طويلة لا تكون قد خالفت القانون في شيء ويكون نعي الطاعن في هذا الصدد في غير محله، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.