أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 670

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار نائب رئيس المحكمة ومحمد الصوفي ومسعد الساعي وأحمد سعفان.

(146)
الطعن رقم 460 سنة 54 القضائية

(1) قصد جنائي. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر بل بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص نية القتل موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. مثال لاستخلاص سليم لنية القتل.
(2) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". طعن. قتل عمد. قصد جنائي.
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال أو القصور في استظهار نية القتل مادامت العقوبة المقضى بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
(3) سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر ظرف سبق الإصرار. موضوعي.
(4) قتل عمد. جريمة "أركانها". سبق إصرار. عقوبة "تقديرها".
قضاء الحكم بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار بجعل مجادلة الطاعن في مدى توافر الظرف المشدد على غير أساس.
(5) قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من كافة عناصرها. موضوعي.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". أعذار قانونية. زنا. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القياس في الأعذار القانونية غير جائز.
عذر الزوج في قتل زوجته خاص بحالة مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا.
1 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعن، وكان البين من مساق الحكم أن ما قاله في معرض هذا التدليل من أن الطاعن لم يكف عن طعن المجني عليها بالمطواة إلا بعد أن أصبحت جثة هامدة. قد عنى الحكم به - على ما يبين من مدوناته الكاملة - أن الطاعن لم يكف عن الاعتداء على المجني عليها إلا بعد أن أيقن أنه حقق قصده من الإجهاز عليها بما أحدثه بها من إصابات بمواضع قاتلة في الصدر والبطن والظهر من شأنها أن تؤدي إلى الوفاة وهو ما يتسق مع ما ذكره فيما أورده بياناً لواقعة الدعوى ونقلاً عن تقرير الصفة التشريحية من أنه لم يكف عن ضرب المجني عليها بالمطواة إلا بعد أن أحدث بها عديداً من الإصابات أودت بحياتها نتيجة ما أحدثته الإصابات الطعنية من تهتك بالأحشاء الصدرية والبطنية وما صاحب ذلك من نزيف، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد.
2 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال أو القصور في استظهار نية القتل ما دامت العقوبة المقضى بها عليه وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات - مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
3 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق الإصرار وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد. بغير سبق إصرار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - ولما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة والمخالف لتصويره ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة بالنقض.
6 - لما كان مفاد ما أورده الحكم فيما سلف أن الطاعن لم يكن قد فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا ولم يكن قتله لها حال تلبسها بالجريمة المذكورة فإذا ما كان الحكم قد أطرح ما دفع به الطاعن من تمسكه بإعمال المادة 237 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير قويم لما هو مقرر من أن الأعذار القانونية استثناء لا يقاس عليه وعذر الزوج في قتل زوجته خاص بحالة مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل زوجته...... عمداًً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها وأعد لذلك آلة حادة (مدية) وما أن انفرد بها حتى انهال عليها طعناً بتلك المدية قاصداً من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وأمرت بإحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمرها. وادعت...... والدة المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 17، 30 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم أقام قضاءه على أن شقيق المجني عليها شهد بأن الطاعن على خلاف دائم مع المجني عليها بسبب سلوكها المشين وعلى أن الطاعن اعترف بمحضر ضبط الواقعة وتحقيق النيابة بأنه قتل المجني عليها بسبب سوء سلوكها، في حين أن شقيق المجني عليها قد شهد بوجود واقعة خلاف - لا علاقة لها بالسلوك - بين الطاعن والمجني عليها وبأنها تمت صلحاً، كما أن الطاعن لم يعترف بقتل المجني عليها لسوء سلوكها وإنما تمسك بأنه ضربها بالمطواة بسبب مقارفتها لجريمة الزنا, ثم إن الحكم ذكر في معرض تدليله على توافر نية القتل في حق الطاعن أنه لم يكف عن طعن المجني عليها بالمطواة إلا بعد أن أصبحت جثة هامدة, في حين أن الطاعن لم يجهز على المجني عليها في الحال بل تركها بعد أن حل به التعب وقبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، هذا إلى أن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار ليس من شأنه أن يؤدي إلى ثبوتها، وأن ما ساقه في الرد على تصوير الطاعن للواقعة وتمسكه بالعذر المنصوص عليه في المادة 237 من قانون العقوبات غير سائغ ولا ينتفي به انطباق هذا النص، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها تخلص "في أن المتهم... (الطاعن) وهو متزوج من المجني عليها... لاحظ بعد زواجه منها أنها تسلك مسلكاً غير شريف وعلى علاقات آثمة بعديدين وأنها تغادر المسكن دون علمه وتعود إليه في ساعة متأخرة من الليل وقد انتشر نبأ تلك العلاقات المشينة وسط جيرانه في المسكن وكان يسمع منهم من حين لآخر كلمات عن زوجته تثير شعوره وتجرح كرامته فعقد العزم على التخلص من زوجته وقتلها وفي يوم..... وفي نحو الساعة الثانية صباحاً وكانت زوجته مستغرقة في النوم بالمسكن أحضر المتهم مطواة وتوجه حيث تنام المجني عليها وباغتها وهي مستغرقة في نومها وجثم فوقها وانهال عليها بالمطواة بطعنات عديدة في أجزاء متفرقة من جسمها حتى أجهز عليها بعد أن أحدث بها إصابات قطعية وطعنية عديدة بالصدر والبطن والظهر والكتفين والطرفين أحدثت تهتكاً بالأحشاء الصدرية والبطنية وما صاحب ذلك من نزيف كان من نتيجتها أن أسلمت المجني عليها الروح فلما تحقق للمتهم ما أراد رأى أن يصور رواية مؤداها أنه فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا فقتلها في الحال حتى يهون من شأن ما جنت يداه وأتى بنجله..... وطلب منه إبلاغ الشرطة وقد قدم ضابط الشرطة إلى مسكن المتهم حيث ضبطه بداخله ومعه المطواة المستعملة في الحادث واعترف تفصيلاً باقتراف الحادث وأن أصر على تصويره سالف البيان.
وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شقيق المجني عليها وولدي الطاعن بالتحقيقات ومن اعتراف الطاعن وتقرير الصفة التشريحية وتحريات الشرطة. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان المفهوم من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما حصله من أقوال شقيق المجني عليها لا يتضمن أن خلاف الطاعن مع المجني عليها كان بسبب سلوكها المشين - خلافاً لما ورد بأسباب الطعن -، وكان الحكم قد سجل في معرض تدليله على توافر نية القتل وسبق الإصرار أن الطاعن كان يعلم - باعترافه - بسوء سلوك المجني عليها من سنوات عديدة ولم ينازع الطاعن في صحة هذا الإسناد، فإن ما حصله الحكم من هذا الاعتراف يكن سليماً ومبنياً على فهم صحيح للواقع في الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعن، وكان البين من مساق الحكم أن ما قاله في معرض هذا التدليل من أن الطاعن لم يكف عن طعن المجني عليها بالمطواة إلا بعد أن أصبحت جثة هامدة. قد عنى الحكم به على ما يبين من مدوناته الكاملة أن الطاعن لم يكف عن الاعتداء على المجني عليها إلا بعد أن أيقن أنه حقق قصده من الإجهاز عليها بما أحدثه بها من إصابات بمواضع قاتلة في الصدر والبطن والظهر من شأنها أن تؤدي إلى الوفاة وهو ما يتسق مع ما ذكره فيما أورده بياناً لواقعة الدعوى ونقلاً عن تقرير الصفة التشريحية من أنه لم يكف عن ضرب المجني عليها بالمطواة إلا بعد أن أحدث بها عديداً من الإصابات أودت بحياتها نتيجة ما أحدثته الإصابات الطعنية من تهتك بالأحشاء الصدرية والبطنية وما صاحب ذلك من نزيف، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال أو القصور في استظهار نية القتل ما دامت العقوبة المقضى بها عليه - وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج. وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتصوير الطاعن للواقعة وأطرحه في قوله: "وحيث إنه عن التصوير الذي أراده المتهم - الطاعن - للواقعة فإن المحكمة لا تطمئن إليه للأسباب التالية: (أولاً) ليس من المستساغ عقلاً أن يقوم المتهم على حد قوله بجماع زوجته في حجرة أثناء نوم أنجاله فيها ومنهم..... وتبلغ من العمر نحو أربعة عشر عاماً و.... ويبلغ من العمر نحو اثني عشر عاماً في حين أن بالمسكن حجرة نوم أخرى ليس فيها أحد من أنجاله أو غيرهم ولو أن للزوج رغبة في جماع زوجته لفعل ذلك في الحجرة الأخرى بعيداً عن الأولاد. ثانياً) ليس من المستساغ في العقل كذلك أن يجامع المتهم زوجته في الساعة الثانية من صباح يوم الحادث ثم تتركه الزوجة عقب ذلك إلى الحجرة الأخرى بذات المسكن والمجاورة للحجرة التي تم فيها الجماع على حد قول المتهم لترتكب الفحشاء مع اثنين تسللا إلى المسكن لهذا الغرض. (ثالثاً) لا يتصور أن ترتكب الزوجة جريمة زنا في مسكن الزوجية وفي حجرة مجاورة للحجرة التي ينام فيها زوجها وأثناء نومه ثم يستيقظ الزوج وينادي زوجته ويحاول فتح باب الحجرة ويدفعه بشدة ويلوذ المتسللان بالفرار ثم يشعل نور صالة المسكن ولا تشعر زوجته بكل ما يجري وتظل في الغرفة الأخرى المفتوح بابها على حد ما قرره المتهم وتكون عارية تماماً من ثيابها وتظل مستلقية على الأرض دون ثياب ولا تحاول أن تغلق باب الحجرة أو أن تهم بارتداء ثيابها، (رابعاً) يدعي المتهم أنه وجد باب الحجرة التي كانت بها زوجته مفتوحاً وأنه وجد زوجته بداخلها مستلقية على الأرض عارية تماماً وفي حالة انسجام أو سكر وتحاول بصعوبة النهوض وهذا الادعاء قد كذبه ما تضمنه تقرير المعامل الكيماوية من أنه لم يعثر على أي شيء من القلويات المخدرة أو السامة بالأجزاء التشريحية ودماء المجني عليها الأمر الذي يثير الريبة والشك في صدق ما أراده المتهم تصويراً للواقعة. (خامساً) أن الثابت من أقوال المتهم أن صالة المسكن كانت مظلمة وقت استيقاظه من نومه ووصوله إليها فكيف يتسنى له التحقق من شخصية من تسللا إلى تلك الصالة الأمر الذي ترتاب معه المحكمة في صدق التصوير الذي صوره المتهم للواقعة". وإذ كان ما أورده الحكم فيما سلف سائغاً ويستقيم وإطراح تصوير الطاعن للواقعة المبني على أنه ضرب المجني عليها بالمطواة حال تلبسها بالزنا، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة والمخالف لتصويره ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة بالنقض. لما كان ذلك, وكان مفاد ما أورده الحكم فيما سلف أن الطاعن لم يكن قد فاجأ زوجته متلبسة بجريمة الزنا ولم يكن قتله لها حال تلبسها بالجريمة المذكورة فإذا ما كان الحكم قد أطرح ما دفع به الطاعن من تمسكه بإعمال المادة 237 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير قويم لما هو مقرر من أن الأعذار القانونية استثناء لا يقاس عليه وعذر الزوج في قتل زوجته خاص بحالة مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.