أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 706

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد ممدوح سالم نائب رئيس المحكمة ومحمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة ومحمود بهي الدين عبد الله وفتحي خليفة.

(155)
الطعن رقم 279 لسنة 54 القضائية

(1) سرقة "من إحدى وسائل النقل المائي". إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استظهار الحكم حصول الشروع في السرقة من إحدى وسائل النقل المائي من جناة متعددين يحمل أحدهم سلاحاً. لا جدوى معه من النعي عليه في شأن ركن الإكراه في السرقة. عرف حامل السلاح أم لم يعرف. أخطأ الحكم في تحديد حامله أم لم يخطئ. أساس ذلك؟
(2) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي. مثال لتسبيب مؤداه. رفض الحكم إجابة الدفاع إلى طلبه عرض المتهمين على الطب الشرعي على دعامتين إحداهما اطمئنانه إلى التقارير الطبية المرفقة بالأوراق.
(3) نقض "وضوح وتحديد وجه الطعن".
وجوب وضوح وتحديد وجه الطعن.
مثال عدم بيان أوجه التناقض بين رواية الشهود والتقرير الفني.
(4) إثبات "بوجه عام" "خبرة".
عدم لزوم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني.
(5) إثبات "بوجه عام" "خبرة" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم مضمون التقارير الطبية التي عول عليها في قضائه. عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه. لا قصور.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الشروع في السرقة من إحدى وسائل النقل المائية من شخصين فأكثر يحمل أحدهم سلاحاً، وآخذهما بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لهذه الجريمة عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات بعد تطبيق المادة 17 من ذات القانون - وبعد أن استظهر في مدوناته أركانها وأورد عليها أدلة سائغة لا يمارى الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان في شأن ركن الإكراه في السرقة، ما دام أن الحكم قد استظهر حصول الشروع في السرقة من وسيلة من وسائل النقل المائي من جناة متعددين يحمل أحدهم سلاحاً، عرف حامل السلاح أم لم يعرف، أخطأ الحكم في تحديد حامله أم لم يخطئ، لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة ظرف مادي متصل بالفعل الإجرامي يسري على كل من قارف الجريمة فاعلاً كان أم شريكاً ولو لم يعلم به، وكانت المحكمة قد استظهرت في حدود سلطتها التقديرية أن حمل المطواة كان لمناسبة السرقة، فإن مناعي الطاعنين في هذا الصدد تكون غير ذات أثر في النتيجة التي خلص إليها الحكم.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الدفاع عرض المتهمين على الطب الشرعي لبيان إصابة كل منهما وكيفية حدوثها، فأطرحه بقوله "إنه بالنسبة لإصابة المتهم الأول، فإن المذكور لم يطلب به وهو صاحب المصلحة فيه، وفضلاً عن ذلك وبالنسبة للمتهمين فإن المحكمة باعتبارها الخبير الأعلى في الدعوى فإنها تطمئن إلى التقارير الطبية الموجودة بالأوراق ولا يكون هناك داع إلى إجابة الدفاع لطلب عرض المتهمين على الطب الشرعي، وكان مؤدى ذلك أن الحكم رفض إجابة الدفاع إلى طلبه على دعامتين مستقلتين إحداهما هي اطمئنانه إلى التقارير الطبية المرفقة بالأوراق فهذا حسبه كيما يستقيم قضاءه. لما هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن، مرجعه محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بالتقارير الطبية واستندت إلى الرأي الفني الذي تضمنته عن إصابات الشاهد والطاعنين، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة بإجابة طلب الدفاع ندب الطب الشرعي لإعادة الكشف على المتهمين، ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
3 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنان لم يبينا في طعنهما أوجه التناقض بين رواية الشهود والتقرير الفني المبين لإصابات المتهمين، فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
4 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان ما أورده الحكم - على ما سطره بمدوناته - بريئاً من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون التقارير الطبية التي عول عليها في قضائه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما شرعا وآخرين مجهولين في سرقة البضائع المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة...... في إحدى وسائل النقل المائية (الباخرة نيل بو) وبطريق الإكراه الواقع على أحد بحارتها حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً (مطواة) وكان ذلك بأن صعدوا على الباخرة أثناء تراكيها بغاطس السويس وقاموا بكسر أحد الصناديق المخصصة لتخزين البضائع وأخرج بعض منها للاستيلاء عليه ولما اعترضهم البحري المجني عليه..... تعدى عليه أحدهم بالضرب بمطواة فترك ذلك الإكراه به أثر الجرح الموصوف بالتقرير الطبي المرفق وخاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو فرارهم خشية ضبطهم بعد افتضاح أمرهم. وأحالتهما إلى محكمة جنايات السويس. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 314، 315 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته كل منهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في سرقة بإكراه من إحدى وسائل النقل المائية حالة كون أحد المشتركين معهما يحمل سلاحاً، قد شابه الخطأ في الإسناد وفي القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه نسب للشاهد... أنه قرر أن المتهم الأول (الطاعن الأول) هو الذي اعتدى عليه بالمدية بقصد الفرار بالمسروقات على الرغم من أن الشاهد لم يقرر ذلك، ونسب أيضاً للشهود من ضباط الشرطة أن ذلك الشاهد قرر لهم أنه تصدى للمتهمين عند رؤيتهم، لمنعهم من السرقة فتعدى عليه المتهم الأول بأن ألقى عليه بصندوق من المستولى عليها ثم هاجمه بمدية وأصابه في إبهام يده اليسرى، رغم أن رواياتهم في التحريات وأمام النيابة العامة خلت من مقولة أن المتهم الأول هو الذي فعل ذلك، ورد الحكم على ما أثار الدفاع من انتفاء ركن الإكراه في السرقة بما لا يسوغه, هذا إلى أنه طلب عرض المتهمين على الطبيب الشرعي لبيان إصابة كل منهما وكيفية حدوثها، وذلك بغية إثبات التناقض بين شهادة الشهود والتقرير الفني لأن رواياتهم لا تتفق مع الإصابات التي بالمتهمين، إلا أن الحكم أطرح ذلك الدفاع بقالة أن المتهم الأول لم يطلبه بوصفه صاحب المصلحة، وبقالة أنها هي الخبير الأعلى, بالرغم من فنية المسألة المطلوبة, كما لم يورد فحوى التقارير الطبية التي استند إليها, كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما استخلصها من الأوراق بقوله إنها تتحصل في أنه أثناء قيام البحري...... بالحراسة على ظهر الباخرة (نايل يو) التي يعمل عليها في حوالي الساعة الثانية والنصف من صباح 24/ 12/ 1981 سمع صوت موتور يتوقف بجوار الباخرة حراسته فاستغاث البحريين... و.... لمصاحبته تجاه مصدر صوت الموتور خشية أن يكن هناك من صعد على سطح الباخرة ابتغاء السرقة، حيث سلك البحري.... الجانب الأيسر من الباخرة وسلك من استغاث بهما الجانب الأيمن الذي كان مشغولاً بكميات من المواسير، وبوصول الأول إلى مقدمة الباخرة حيث توقف صوت الموتور، شاهد خمسة أشخاص وقد استولوا على عشر صناديق أخرجوها من إحدى الحاويات الموجودة على ظهر الباخرة بعد أن حطموا قفلها، وعند محاولته التصدي لهم لمنعهم من الفرار بالمسروقات تعدى عليه المتهم الأول....، بأن ألقى عليه صندوقاً من الصناديق المسروقة أعقبه بضربة من مطواة بيده أصابت إبهام يده اليسرى لشل حركته وتعطيل مقاومته تمكيناً لشركائه من الفرار بالمسروقات، إلا أن البحري المذكور لم يمكنه من ذلك، إذ اندفع اتجاهه شاهراً مدية أخرجها من جيبه فولوا الإدبار عائدين إلى الفلوكة التي كانت تنتظرهم أسفل الباخرة مخلفين الصناديق التي شرعوا في سرقتها, عن طريق السلم الحبلي للباخرة وكذا الحبل المدلى منها، حتى أدرك المتهم الأول متدلياً على السلم الحبلي وطعنه طعنتين إحداهما في الرأس والثانية في الصدر، إلا أن المتهم المذكور تمكن من الهرب رغم إصابته، وأنه في ذات لحظة هروب المتهم الأول كان أحد المشتركين في السرقة يهرب عن طريق الحبل المدلى من الباخرة وسقط منه إلى الفلوكة في الوقت الذي وصل فيه البحريان..... إلى مقدمة الباخرة بسبب عوائق المواسير التي كانت بالجانب الأيمن، وأخبرهما بما حدث، حيث شاهد البحري..... الفلوكة التي أقلت اللصوص على مسافة عشرين متراً من الباخرة، ثم بادر البحري... بإخبار الضابط البحري.... الباخرة في تلك الليلة - "ثم تناهى الحكم إلى ثبوت الواقعة قبل الطاعنين من شهادة الشهود. وأقوال مأموري الضبط القضائي وما ورد بتحرياتهم من أن المتهمين هما مرتكبا الحادث بالاشتراك مع آخرين، ومن تقارير الكشف الطبي على كل من الشاهد.... والطاعنين. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الشروع في السرقة من إحدى وسائل النقل المائية من شخصين فأكثر يحمل أحدهم سلاحاً، وآخذهما بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لهذه الجريمة عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات بعد تطبيق المادة 17 من ذات القانون - وبعد إذ استظهر في مدوناته أركانها وأورد عليها أدلة سائغة لا يمارى الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان في شأن ركن الإكراه في السرقة، ما دام أن الحكم قد استظهر حصول الشروع في السرقة من وسيلة من وسائل النقل المائي من جناة متعددين يحمل أحدهم سلاحاً، عرف حامل السلاح أم لم يعرف، أخطأ الحكم في تحديد حامله أم لم يخطئ، لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة ظرف مادي متصل بالفعل الإجرامي يسري على كل من قارف الجريمة فاعلاً كان أم شريكاً ولو لم يعلم به، وكانت المحكمة قد استظهرت في حدود سلطتها التقديرية أن حمل المطواة كان لمناسبة السرقة، فإن مناعى الطاعنين في هذا الصدد تكون غير ذات أثر في النتيجة التي خلص إليها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الدفاع عرض المتهمين على الطب الشرعي لبيان إصابة كل منهما وكيفية حدوثها، فأطرحه بقوله "إنه بالنسبة لإصابة المتهم الأول، فإن المذكور لم يطالب به وهو صاحب المصلحة فيه، وفضلاً عن ذلك وبالنسبة للمتهمين فإن المحكمة باعتبارها الخبير الأعلى في الدعوى فإنها تطمئن إلى التقارير الطبية الموجودة بالأوراق ولا يكون هناك داع إلى إجابة الدفاع لطلب عرض المتهمين على الطب الشرعي، وكان مؤدى ذلك أن الحكم رفض إجابة الدفاع إلى طلبه على دعامتين مستقلتين إحداهما هي اطمئنانه إلى التقارير الطبية المرفقة بالأوراق فهذا حسبه كيما يستقيم قضاءه. لما هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن، مرجعه محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بالتقارير الطبية واستندت إلى الرأي الفني الذي تضمنته عن إصابات الشاهد والطاعنين، فإنه لا تجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة بإجابة طلب الدفاع ندب الطب الشرعي لإعادة الكشف على المتهمين، ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنان لم يبينا في طعنهما أوجه التناقض بين رواية الشهود والتقرير الفني المبين لإصابات المتهمين، فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً، هذا فضلاً عن أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان ما أورده الحكم - على ما سطره بمدوناته - بريئاً من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون التقارير الطبية التي عول عليها في قضائه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.