أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 800

جلسة 16 من يونيو سنة 1980

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري؛ وفوزي المملوك، وفوزي أسعد، وهاشم قراعة.

(154)
الطعن رقم 532 لسنة 50 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". "اعتراف". إكراه. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاعتراف. يجب أن يكون اختيارياً.
الاعتراف وليد الإكراه. لا يعول عليه. ولو كان صادقاً.
(2) إثبات "بوجه عام". "اعتراف". إكراه.
وجوب بحث الصلة بين الاعتراف وبين الإصابات المقول بحصولها لإكراه الطاعن عليه.
(3) إثبات "بوجه عام". "اعتراف". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
ثبوت أنه كان يوجد بالطاعن إصابات. تعاصر وقت ضبطه. إطراح دفاعه ببطلان اعترافه. استناداً إلى مجرد القول باطمئنان المحكمة إليه وإلى شهادة المجني عليه. قصور مبطل. لا يعصم منه وجود أدلة أخرى.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
1 - من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره.
2 - الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإصابات المقول بحصولها لإكراه الطاعن عليه، ونفي قيامها في استدلال سائغ.
3 - متى كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه كان يوجد بالطاعن إصابات أشار التقرير الطبي الشرعي الذي قدمه إلى معاصرتها لوقت ضبطه، وقد أطرحت المحكمة دفاع الطاعن ببطلان اعترافه في محضر الضبط استناداً إلى مجرد القول باطمئنانها إليه وإلى شهادة المجني عليه دون أن تعرض للصلة بين هذا الاعتراف وما وجد بالطاعن من إصابات فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور المبطل له، ولا يعصمه من البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر ومنها متجمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: سرق الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لـ....... من إحدى وسائل النقل البرية (سيارته). وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قسم النزهة قضت حضورياً عملاً بالمادة 316/ 1 مكرر ثالث من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس ستة أشهر مع الشغل والنفاذ فاستأنف، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة فقد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن من بين ما قام عليه دفاع الطاعن أن الاعتراف المنسوب إليه في محضر الشرطة كان وليد إكراه وقع عليه من رجال الشرطة واستدل على ذلك بما أثبته الطبيب الشرعي في تقريره من وجود إصابات به تعاصر تاريخ ضبطه، إلا أن الحكم المطعون فيه عول في إدانة الطاعن على هذا الاعتراف وأطرح دفاعه استناداً على مجرد القول بأن اعترافه يتفق مع أقوال المجني عليه، وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفاع الجوهري، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته أن المدافع عن الطاعن دفع بأنه تعرض للإيذاء من رجال الشرطة، وإن اعترافه المثبت بمحضر الضبط كان وليد إكراه، وأنه قدم صورة من تقرير الطبيب الشرعي المتضمن وجود إصابات به يتفق تاريخ حدوثها وتاريخ ضبطه، ثم أصدرت المحكمة حكمها بإدانة الطاعن مستندة - فيما استندت إليه - على اعترافه بمحضر الضبط واقتصرت في الرد على دفاعه المشار إليه بأن المحكمة تطمئن إلى أقوال الطاعن في محضر الضبط وإلى شهادة المجني عليه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره، ولما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإصابات المقول بحصولها لإكراه الطاعن عليه، ونفي قيامها في استدلال سائغ، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه كان يوجد بالطاعن إصابات أشار التقرير الطبي الشرعي الذي قدمه إلى معاصرتها لوقت ضبطه، وقد أطرحت المحكمة دفاع الطاعن ببطلان اعترافه في محضر الضبط استناداً إلى مجرد القول باطمئنانها إليه وإلى شهادة المجني عليه دون أن تعرض للصلة بين هذا الاعتراف، وما وجد بالطاعن من إصابات فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور المبطل له، ولا يعصمه من البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر ومنها متجمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.