أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 745

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوه نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ جمال الدين منصور والدكتور/ كمال أنور وصلاح الدين خاطر ومحمد عباس مهران.

(164)
الطعن رقم 1010 لسنة 54 القضائية

(1) قتل عمد. شروع. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تميز القتل العمد والشروع فيه بنية خاصة. هي إزهاق الروح. وجوب استظهار الحكم له وإيراد ما يدل على توافره.
الحديث عن الأفعال المادية. لا ينبئ بذاته عن توافره.
خلاف المتهم مع المجني عليه وتهديده إياه بإطلاق النار عليه ثم إطلاق النار عليه. لا ينبئ بذاته على توافر قصد إزهاق الروح.
(2) عقوبة "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. شروع.
التزام المحكمة الحد الأدنى لعقوبة جناية الشروع في قتل المرفوع بها الدعوى ابتداء رغم استعمالها المادة 17 من قانون العقوبات لا يعتبر عقوبة مبررة لتهمة إحراز سلاح ناري وطلقات مما تستعمل في السلاح. أساس ذلك؟
1 - لما كانت جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعني الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول بأنه "ومن حيث إنه بالنسبة لنية القتل فهي متوافرة في الدعوى وذلك على الخلاف الذي حدث بين المتهم والمجني عليه وتهديده إياه بإطلاق النار عليه ثم إطلاق النار عليه من سلاح قاتل بطبيعته وعلى مسافة يسيرة من المجني عليه ولم يتركه إلا بعد أن سقط فاقد الحركة". وكان ذلك لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها الطاعن والتي لا تنبئ بذاتها على توافر هذا القصد لديه مما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائي الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه.
2 - لما كان لا محل - في خصوصية هذه الدعوى - لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن العقوبة المقضى بها وهي السجن ثلاث سنوات تدخل في العقوبة المقررة لجنايتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وإحراز طلقات مما تستعمل في السلاح الناري اللتين دين بهما الطاعن كذلك، ذلك لأن الواضح من الحكم أن المحكمة مع استعمال الرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات قد التزمت الحد الأدنى لجناية الشروع في القتل العمد، وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد الأمر الذي يحتمل معه أنها كانت تنزل بالعقوبة عما حكمت به لولا هذا القيد القانوني. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في قتل...... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى إنه في الزمان والمكان سالفي الذكر سرق مبلغ النقود المبين بالتحقيقات والمملوك للمجني عليه سالف الذكر حالة كونه يحمل سلاحاً نارياً وقد وقعت السرقة ليلاً وفي الطريق العام. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد صناعة محلية). ثالثاً: أحرز ذخيرة (طلقة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حمل السلاح أو حيازته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 334/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 24 و4 و5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958، 26 لسنة 1978 والجدول رقم 2 الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات ببراءته عن تهمة السرقة المرتبطة المسندة إليه وبمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن التهم الثلاث الباقية المسندة إليه المصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في القتل قد شابه الفساد في الاستدلال ذلك بأنه انتهى إلى توافر نية القتل لدى الطاعن من تهديده للمجني عليه ثم إطلاق عيار ناري من سلاح قاتل بطبيعته وعلى مسافة قريبة في حين إن هذه النية منتفية تماماً بدليل أن الجاني لم يعاود الإطلاق كما وإن الإصابة ليست في مقتل. مما يعيب الحكم وبمستوجب نقضه.
وحيث إن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعني الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول بأنه "ومن حيث إنه بالنسبة لنية القتل فهي متوافرة في الدعوى وذلك على الخلاف الذي حدث بين المتهم والمجني عليه وتهديده إياه بإطلاق النار عليه ثم إطلاق النار عليه من سلاح قاتل بطبيعته وعلى مسافة يسيرة من المجني عليه ولم يتركه إلا بعد أن سقط فاقد الحركة". وكان ذلك لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها الطاعن والتي لا تنبئ بذاتها على توافر هذا القصد لديه مما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائي الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه. لما كان ذلك، وكان لا محل - في خصوصية هذه الدعوى - لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن العقوبة المقضى بها وهي السجن ثلاث سنوات تدخل في العقوبة المقررة لجنايتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وإحراز طلقات مما تستعمل في السلاح الناري اللتين دين بها الطاعن كذلك، ذلك لأن الواضح من الحكم أن المحكمة مع استعمال الرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات قد التزمت الحد الأدنى لجناية الشروع في القتل العمد، وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد الأمر الذي يحتمل معه أنها كانت تنزل بالعقوبة عما حكمت به لولا هذا القيد القانوني. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي سائر أوجه الطعن.