أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 795

جلسة 21 من نوفمبر 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة ومحمد ممدوح سالم نائب رئيس المحكمة ومحمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة - ومحمود بهي الدين عبد الله.

(179)
الطعن رقم 1493 لسنة 54 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة أمن الدولة "طوارئ". قانون "تفسيره".
المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة. محاكم أمن الدولة المنشأة طبقاً لقانون الطوارئ. استثنائية - إحالة بعض الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام إليها لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها بالفصل في هذه الجرائم.
(2) اختصاص. محكمة أمن الدولة "طوارئ". عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". ارتباط.
قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحكم اللزوم العقلي والمنطقي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها بموجب أثر الارتباط وليس العكس.
(3) مواد مخدرة. إجراءات "إجراءات التحريز". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز عمل تنظيمي للمحافظة على الدليل. مخالفتها لا يرتب البطلان".
(4) إثبات "خبرة" "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبب غير معيب".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون بيان العلة.
1 - لما كان أمر رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم "1" لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له، قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها - دون ما سواها - في جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 آنف البيان، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل.
2 - قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحكم اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات، وإذ كانت جريمة إحراز الجواهر المخدرة سالفة الذكر تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها، وهي المحكمة الأعلى درجة من محكمة أمن الدولة الجزئية (طوارئ) التي تشترك مع القضاء العام في الاختصاص بنظر جريمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص المسندة أيضاً إلى الطاعن، فإنه يتعين أن تتبع الجريمة الأخيرة الأولى في التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة، وهو ما يوجبه نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 170 لسنة 81 من إحالة الجرائم التي تختص بها محاكم من درجات مختلفة إلى المحكمة الأعلى درجة وهي قاعدة عامة واجبة الاتباع في المحاكمات الجنائية.
3 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وإذا كان مفاد ما أورده الحكم أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم تمتد إليه يد العبث، فإنه لا يقبل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن في شأن إغفال تقرير التحليل الكيماوي بيان قطعة المخدر التي أخذت منها العينة التي جرى تحليلها - بفرض صحته - غير مجد، لأنه لا يؤثر في مسئوليته الجنائية عن جريمة إحراز الجواهر المخدرة التي دين بها، وما دام هو لا ينازع في أن العينة التي حللت هي جزء من مجموع ما ضبط. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في مقولته حضور الطاعن إجراءات وزن المخدر - بفرض صحته لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من الحكم، لا أثر له في منطقه واستدلاله على إحراز الطاعن للمخدر، فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة، لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم، هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم والرد عليها رداً صريحاً وقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها، يفيد دلالة أنها أطرحت شهاداتهم ولم تر الأخذ بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه 1 - أحرز بقصد الاتجار جوهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2 - أحرز بدون ترخيص من الجهة المختصة قانوناً سلاحاً أبيض (مطواة) قرن غزال. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام.
ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 37، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون وقرار وزير الصحة والمادتين 1/ 1 و25 مكرر من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل والبند عاشراً من الجدول رقم 1 الملحق مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه عما أسند إليه والمصادرة باعتبار أن إحراز المخدر بدون قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً, وإحراز سلاح أبيض (مطواة قرن غزال) بغير ترخيص، قد شابه البطلان والخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، ذلك بأنه صدر من محكمة جنايات عادية حالة أن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ، وقد أثار الطاعن دفاعاً بقصد التشكيك في سلامة الإحراز ومحتوياتها وأختامها لعدم ذكر النيابة العامة في تحقيقها شيئاً عن سلامة الأختام الموضوعة على الإحراز, كما أثار الشك في تقرير التحليل الكيماوي لإغفاله بيان قطعة المخدر التي أخذت العينة منها إلا أن الحكم التفت عما أثاره بشأن العينة ونتيجة التحليل، ورد على ما أثاره في شأن التشكيك في سلامة الإحراز والعبث بها, بما لا يصلح رداً، هذا إلى أن الحكم لم يعرض البتة لأقوال شاهدي النفي التي من شأنها دفع المسئولية الجنائية عن الطاعن، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه في يوم 21 من أغسطس سنة 1982:
أولاً: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
ثانياً: أحرز بدون ترخيص من الجهة المختصة قانوناً سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) وطلبت عقابه بمواد القانون 182 لسنة 1960 المعدل، والقانون 394 لسنة 1954 المعدل, ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً بتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1983 بحبس الطاعن ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة والسلاح المضبوطين، عن التهمتين المسندتين إليه. لما كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم "1" لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له، قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على إفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها - دون ما سواها - في جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 آنف البيان، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، ومن ثم يكون دفاع الطاعن في هذا الصدد على غير سند.
هذا فضلاً عن أن جريمة إحراز المطواة قرن الغزال بدون ترخيص، المسندة إلى الطاعن والمنصوص عليها في القانون رقم 165 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، يعاقب عليها بعقوبة الجنحة, وتشترك في الاختصاص بنظرها مع القضاء العام، صاحب الولاية العامة الأصلية، محاكم أمن الدولة الجزئية المنصوص عليها في قانون الطوارئ، وذلك عملاً بالفقرة الثالثة من المادة الأولى من أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 والمادة السابعة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل, في حين أن جريمة إحراز الجواهر المخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، المسندة كذلك إلى الطاعن، معاقب عليها بعقوبة الجناية، وهي ليست من الجرائم التي تختص محاكم أمن الدولة العليا "طوارئ" بنظرها, وبالتالي فإن قالة اختصاص هذه المحاكم بها، لارتباطها بجريمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص, لا تتفق والتفسير الصحيح للمادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم "1" لسنة 1981 والتي يجرى نصها على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد, وكانت إحدى تلك الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات ذلك أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحكم اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات، وإذ كانت جريمة إحراز الجواهر المخدرة سالفة الذكر تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها، وهي المحكمة الأعلى درجة من محكمة أمن الدولة الجزئية (طوارئ) التي تشترك مع القضاء العام في الاختصاص بنظر جريمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص المسندة أيضاً إلى الطاعن، فإنه يتعين أن تتبع الجريمة الأخيرة الأولى في التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة، وهو ما يوجبه نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981من إحالة الجرائم التي تختص بها محاكم من درجات مختلفة، إلى المحكمة الأعلى درجة، وهي قاعدة عامة واجبة الاتباع في المحاكمات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من دفاع بقصد التشكيك في سلامة الإحراز وسلامة محتوياتها وأختامها, ورد عليه رداً سائغاً أوضح به اطمئنان المحكمة إلى سلامة الإحراز وأن يد العبث لم تمتد إليها, فهذا حسبه لأنه من الموضوع، الذي يستقل به قاضيه ولا يحوز مجادلته بشأنه أمام محكمة النقض فضلاً عما هو مقرر من أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وإذا كان مفاد ما أورده الحكم أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم تمتد إليه يد العبث، فإنه لا يقبل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن إغفال تقرير التحليل الكيماوي بيان قطعة المخدر التي أخذت منها العينة التي جرى تحليلها - بفرض صحته - غير مجد، لأنه لا يؤثر في مسئوليته الجنائية عن جريمة إحراز الجواهر المخدرة التي دين بها وما دام هو لا ينازع في أن العينة التي حللت هي جزء من مجموع ما ضبط. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في مقولته حضور الطاعن إجراءات وزن المخدر - بفرض صحته لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من الحكم، لا أثر له في منطقه واستدلاله على إحراز الطاعن للمخدر، فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة، لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم، هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم والرد عليها رداً صحيحاً وقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها، يفيد دلالة أنها أطرحت شهاداتهم ولم تر الأخذ بها. فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.