أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 941

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1980

برياسة السيد المستشار الدكتور أحمد رفعت خفاجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعة؛ وأحمد محمود هيكل؛ ومحمد عبد الخالق النادي، ومصطفى عبد الرازق.

(183)
الطعن رقم 842 لسنة 50 القضائية

(1) نقض. "إجراءات الطعن".
أسباب الطعن بالنقض المقدم من النيابة العامة. وجوب التوقيع عليها من رئيس نيابة على الأقل. التوقيع عليها من وكيل أول النيابة. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إحالة. إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محاكم عسكرية. قانون.
إحالة القضايا المنظورة أمام محاكم أمن الدولة العليا والجزئية العسكرية بحالتها إلى محاكم أمن الدولة والمحاكم العادية المختصة حسب الأحوال. المادة الأولى من أمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976. هذه الإحالة. إدارية ليس مصدرها قانون الإجراءات الجنائية. الأصل أن كل إجراء تم صحيحاً في ظل قانون يظل صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون. مثال.
(3) إجراءات. محاكم عسكرية. قانون. طوارئ.
سلطة رئيس الجمهورية في التصديق على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة. القانون رقم 162 لسنة 1958.
تفويض نائب الحاكم العسكري العام في اختصاصات رئيس الجمهورية سالفة الذكر، أمر رئيس الجمهورية رقم 95 لسنة 1977. عدم امتداد ذلك إلى الأحكام الصادرة من غير محاكم أمن الدولة.
(4) قرار إداري. اختصاص. بطلان.
فصل القرار الإداري في منازعة لا يملك الفصل فيها. أثره. اعتباره معدوماً. مثال.
1 - لما كان القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد استلزم في الفقرة الثالثة من المادة 34 في حالة رفع الطعن من النيابة العامة أن يوقع أسبابه رئيس نيابة على الأقل، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة - إذ وقع أسبابه وكيل أول نيابة استئناف طنطا يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان يبين من مطالعة المفردات المضمومة أنه بتاريخ 27/ 3/ 1975 أمر رئيس نيابة شبين الكوم بإحالة الطاعن إلى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية بشبين الكوم لمعاقبته طبقاً لأحكام المادتين 234/ 1، 242/ 1 من قانون العقوبات وقت أن كانت هذه المحكمة مختصة بنظر الجرائم المنصوص عليها في المواد من 240 إلى 243 من قانون العقوبات إعمالاً لأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 3 لسنة 1973 المعدل بالأمر رقم 7 لسنة 1974 - إلا أن الأمرين المذكورين قد ألغيا بأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 1 لسنة 1976 الصادر في 29/ 6/ 1976 - أي بعد إحالة الطاعن من النيابة العامة في 27/ 3/ 1975 للمحاكمة وقبل صدور الحكم بإدانته في 23/ 4/ 1977 ثم صدر أمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976 والمعمول به من تاريخ نشره في 11/ 7/ 1976 ونصت المادة الأولى على أنه "تلغى أوامر رئيس الجمهورية أرقام 81، 83، 84، 85 لسنة 1975 بتعيينات بمحاكم أمن الدولة العليا والجزئية العسكرية وتحال القضايا المنظورة أمام هذه المحاكم بحالتها إلى محاكم أمن الدولة والمحاكم العادية المختصة حسب الأحوال". وقد آثر الشارع بمقتضى هذا النص أن تحال تلك القضايا القائمة أمام محاكم أمن الدولة العليا والجزئية العسكرية إدارياً بحالتها التي بلغتها بعد دخولها حوزتها إلى نظيرتها في النظام القضائي العام وهي المحاكم العادية دون عودتها إلى سلطات التحقيق ما دام أن تلك القضايا كانت قد تعدت مرحلتي التحقيق والإحالة وتجاوزتهما إلى مرحلة المحاكمة التي بلغتها فعلاً أمام محاكم أمن الدولة العليا الجزئية العسكرية وسعت إليها بإجراءات صحيحة في ظل القانون المعمول به وقتذاك وليس من شأن إلغائه نقض هذه الإجراءات أو إهدار ما تم منها عبر المرحلة السابقة على المحاكمة، ذلك أن الأصل أن كل إجراء تم صحيحاً في ظل قانون يظل صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون وليس في قانون الإجراءات الجنائية ما يقضي بإبطال إجراء تم وانتهى صحيحاً وفقاً للتشريع الذي حصل الإجراء في ظله، وإذ كانت الدعوى المطروحة قد أضحت بين يدي القضاء وغدت منظورة أمام إحدى جهات الحكم المختصة بنظرها وفقاً للقانون المعمول به فإنها تكون قد خرجت من ولاية سلطات التحقيق التي لا تملك بعد انحسار سلطتها عليها بتقديمها للقضاء - حق التصرف فيها على وجه آخر، ومن ثم فلا محل للقول بعودة هذه التحقيقات وتلك الدعاوى إلى سلطة التحقيق في النظام القضائي العام ولا يسوغ الاحتجاج بعدم التزام الأحكام المقررة بقانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى إحالة القضايا في مواد الجنايات إلى محكمة الجنايات ذلك أن الإحالة المنصوص عليها في أمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976 ليس مصدرها قانون الإجراءات الجنائية حتى يتعين التقيد بإجراءات الإحالة التي رسمها القانون في مختلف نصوصه وإنما هي إحالة إدارية عبر عنها الشارع في المادة الأولى من هذا الأمر بقوله "تحال القضايا...... بحالتها.....". لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية في القضية موضوع الطعن قد أحيلت فعلاً من النيابة العامة إلى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية - قبل صدور أمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976 الذي ألغى هذا النوع من المحاكم - فإنها تكون قد أصبحت بين يدي القضاء وخرجت من ولاية سلطة التحقيق وتكون إحالتها إدارياً وبحالتها إلى محكمة الموضوع المختصة وهي محكمة الجنايات، ومن ثم لا يسوغ القول بوجوب إعادتها إلى النيابة العامة أو عرضها على مستشار الإحالة.
3 - القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد أعطى رئيس الجمهورية سلطات استثنائية فيما يتعلق بالتصديق على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة على نحو ما هو مبين بالمواد 12، 13، 14، 15 من القانون المذكور، وأمر رئيس الجمهورية رقم 95 لسنة 1977 المعمول به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 3 من نوفمبر سنة 1977 قد فوض نائب الحاكم العسكري العام في اختصاصاته المذكورة، وهي لا تمتد إلى الأحكام الصادرة من غير هذا النوع من المحاكم - محاكم أمن الدولة.
4 - من المقرر أن القرار الإداري إذا فصل في منازعة لا يملك الفصل فيها فإنه يكون قد اغتصب بذلك سلطة القضاء ويكون قراره في هذا الشأن معدوماً لا أثر له، وإذ كان الحكم الصادر في 23/ 4/ 1977 بإدانة الطاعن هو حكم صادر من محكمة جنايات عادية. ولا يغير من ذلك، ما ورد بصدر محضره إضافة عبارة "أمن دولة عسكرية" إلى اسم محكمة الجنايات إذ فضلاً عن مخالفته لحقيقة الواقع فإنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً. من ثم فهو لا يخضع لإجراءات التصديق المنصوص عليها في مواد القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليها. ويكون بالتالي أمر نائب الحاكم العسكري العام الصادر في 4/ 5/ 1978 بإلغاء الحكم المذكور وإعادة المحاكمة قراراً معدوماً لا أثر له ولا يجوز إعادة نظر الدعوى بعد صدور الحكم الصادر في 23/ 4/ 1977 وذلك إعمالاً لنص المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المحكوم عليه بأنه (أولاً) قتل...... عمداً بأن طعنه في عينه بمدية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثانياً) أحدث عمداً بـ....... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وأحالته النيابة العامة إلى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية بشبين الكوم لمعاقبته بالمادتين 234/ 1، 242 من قانون العقوبات والمادتين 1، 2 من الأمر العسكري رقم 3 لسنة 1973 م المعدلتين بالأمر العسكري رقم 7 لسنة 1974. ومحكمة جنايات شبين الكوم بعد أن عدلت وصف التهمة إلى أنه (أولاً) أحدث عمداً بـ........ الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. (ثانياً) أحدث بـ....... عمداً الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. قضت حضورياً عملاً بالمواد 336/ 1، 242/ 1، 30، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات ومصادرة المضبوطات. وبتاريخ 4 من مايو سنة 1978 م أمر نائب الحاكم العسكري العام بإلغاء الحكم وإعادة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. فأمرت بإرسال القضية إلى محكمة استئناف طنطا لنظرها أمام دائرة عادية. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الحكم فيها. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعنت فيه النيابة العامة بذات الطريق... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1978 فقرر رئيس نيابة شبين الكوم الطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 2 من يناير سنة 1979 وقدمت أسباب الطعن في ذات اليوم موقعاً عليها من وكيل أول نيابة استئناف طنطا. لما كان ذلك وكان القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد استلزم في الفقرة الثالثة من المادة 34 في حالة رفع الطعن من النيابة العامة أن يوقع أسبابه رئيس نيابة على الأقل فإن الطعن المقدم من النيابة العامة - إذ وقع أسبابه وكيل أول نيابة استئناف طنطا - يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها قد شابه بطلان في الإجراءات وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم إذ اعتبر المحكمة التي سبق أن نظرت الدعوى وقضت بإدانته بتاريخ 23/ 4/ 1977 محكمة جنايات مما كان يتعين أن يقضي بعدم قبول الدعوى لعدم عرضها على مستشار الإحالة. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أهدر حجية أمر نائب الحاكم العسكري العام بإلغاء الحكم السابق وإعادة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها على الرغم من أن الدعوى أحيلت منها إلى محكمة أمن دولة تخضع أحكامها للتصديق فضلاً عن انحسار سلطة محكمة الجنايات عن التعرض لذلك، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض الإجراءات والمراحل التي سلكتها الدعوى خلص إلى القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الحكم فيها بتاريخ 23 من إبريل سنة 1977 وذلك في قوله "وحيث إن الأمر العسكري رقم 1 لسنة 1976 المعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 29/ 6/ 1976 قد ألغى الأمرين العسكريين رقمي 3 سنة 1973، 7 سنة 1974 الذي نشأ بمقتضاهما اختصاص محكمة أمن الدولة العليا العسكرية بالفصل في الجرائم محل الاتهام الماثل مما يعني إعادة الاختصاص بالفصل فيها إلى المحاكم العادية - أي إلى محكمة الجنايات - وقد ألغى أمر رئيس الجمهورية رقم 86 سنة 1976 محاكم أمن الدولة العسكرية العليا ونص على إحالة الجرائم المنظورة أمامها بحالتها إلى المحاكم العادية وتكون الدعوى التي نظرت بجلسة 23/ 4/ 1977 وصدر فيها الحكم حضورياً ضد المتهم قد نظرت أمام محكمة جنايات عادية حيث لا اختصاص لمحكمة أمن الدولة العليا بنظرها. وكانت الهيئة التي نظرت الدعوى في وقت لاحق لتاريخ إلغاء الأمرين العسكريين المشار إليهما وفي تاريخ لاحق لصدور أمر رئيس الجمهورية رقم 86 سنة 1976 والعمل بأحكامه مشكلة من ثلاثة مستشارين بناء على أمر إحالة صحيح صادر ممن يملكه قانوناً وقتئذ إذ الإجراء يحكمه القانون الساري وقت مباشرته. لما كان ذلك فقد ثبتت الصلاحية الموضوعية لمحكمة الجنايات العادية بالفصل في وقائع الاتهام دون غيرها ولا عبرة في إضافة عبارة "أمن دولة عسكرية" خطأ بمحضر جلسة يوم 23/ 4/ 1977 ما دام أن العبرة في وصف المحاكمة هي بحقيقة الواقع لا بما توصف به خطأ بمحضر الجلسة ولا يملك الحاكم العسكري العام إلغاء الحكم الصادر بتاريخ 23/ 4/ 1977 وعلى ذلك فقد امتنع إثارة الاتهام بدعوى جديدة تنبني على تصوير مختلف للوقائع أو خاطئ للصلاحية الموضوعية وحق وضع حد له بتقرير حجية الأمر المقضي ومن ثم القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الحكم فيها عملاً بالمادة 454 إجراءات جنائية. لما كان ذلك وكان يبين من مطالعة المفردات المضمومة أنه بتاريخ 27/ 3/ 1975 أمر رئيس نيابة شبين الكوم بإحالة الطاعن إلى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية بشبين الكوم لمعاقبته طبقاً لأحكام المادتين 234/ 1، 242/ 1 من قانون العقوبات وقت أن كانت هذه المحكمة مختصة بنظر الجرائم المنصوص عليها في المواد من 240 إلى 243 من قانون العقوبات إعمالاً لأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 3 لسنة 1973 المعدل بالأمر رقم 7 لسنة 1974 - إلا أن الأمرين المذكورين قد ألغيا بأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 1 لسنة 1976 الصادر في 29/ 6/ 1976 - أي بعد إحالة الطاعن من النيابة العامة في 27/ 3/ 1975 للمحاكمة وقبل صدور الحكم بإدانته في 23/ 4/ 1977 ثم صدر أمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976 والمعمول به من تاريخ نشره في 11/ 7/ 1976 ونصت المادة الأولى على أنه "تلغى أوامر رئيس الجمهورية أرقام 81، 83، 84، 85 لسنة 1975 بتعيينات بمحاكم أمن الدولة العليا والجزئية العسكرية وتحال القضايا المنظورة أمام هذه المحاكم بحالتها إلى محاكم أمن الدولة والمحاكم العادية المختصة حسب الأحوال" وقد آثر الشارع بمقتضى هذا النص أن تحال القضايا القائمة أمام محاكم أمن الدولة العليا والجزئية العسكرية إدارياً بحالتها التي بلغتها بعد دخولها حوزتها إلى نظيرتها في النظام القضائي العام وهي المحاكم العادية دون عودتها إلى سلطات التحقيق ما دام أن تلك القضايا قد تعدت مرحلتي التحقيق والإحالة وتجاوزتهما إلى مرحلة المحاكمة التي بلغتها فعلاً أمام محاكم أمن الدولة العليا والجزئية العسكرية وسعت إليها بإجراءات صحيحة في ظل القانون المعمول به وقتذاك وليس من شأن إلغائه نقض هذه الإجراءات أو إهدار ما تم منها عبر المرحلة السابقة على المحاكمة ذلك أن الأصل أن كل إجراء تم صحيحاً في ظل قانون يظل صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون وليس في قانون الإجراءات الجنائية ما يقضي بإبطال إجراء تم وانتهى صحيحاً وفقاً للتشريع الذي حصل الإجراء في ظله، وإذ كانت الدعوى المطروحة قد أضحت بين يدي القضاء وغدت منظورة أمام إحدى جهات الحكم المختصة بنظرها وفقاً للقانون المعمول به فإنها تكون قد خرجت من ولاية سلطات التحقيق التي لا تملك - بعد انحسار سلطتها عليها بتقديمها للقضاء - حق التصرف فيها على وجه آخر ومن ثم فلا محل للقول بعودة هذه التحقيقات وتلك الدعاوى إلى سلطة التحقيق في النظام القضائي العام ولا يسوغ الاحتجاج بعدم التزام الأحكام المقررة بقانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى إحالة القضايا في مواد الجنايات إلى محكمة الجنايات ذلك أن الإحالة المنصوص عليها في أمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976 ليس مصدرها قانون الإجراءات الجنائية حتى يتعين التقيد بإجراءات الإحالة التي رسمها القانون في مختلف نصوصه وإنما هي إحالة إدارية عبر عنها الشارع في المادة الأولى من هذا الأمر بقوله "تحال القضايا...... بحالتها......" لما كان ذلك وكانت الدعوى الجنائية في القضية موضوع الطعن قد أحيلت فعلاً من النيابة العامة إلى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية - قبل صدور أمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976 الذي ألغى هذا النوع من المحاكم - فإنها تكون قد أصبحت بين يدي القضاء وخرجت من ولاية سلطة التحقيق وتكون إحالتها إدارياً وبحالتها إلى محكمة الموضوع المختصة وهي محكمة الجنايات ومن ثم لا يسوغ القول بوجوب إعادتها إلى النيابة العامة أو عرضها على مستشار الإحالة ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد أعطى رئيس الجمهورية سلطات استثنائية فيما يتعلق بالتصديق على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة على نحو ما هو مبين بالمواد 12، 13، 14، 15 من القانون المذكور وكان أمر رئيس الجمهورية رقم 95 لسنة 1977 المعمول به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 3 من نوفمبر سنة 1977 قد فوض نائب الحاكم العسكري العام في اختصاصاته المذكورة، وهي لا تمتد إلى الأحكام الصادرة من غير هذا النوع من المحاكم - محاكم أمن الدولة، وكان من المقرر أن القرار الإداري إذا فصل في منازعة لا يملك الفصل فيها فإنه يكون قد اغتصب بذلك سلطة القضاء ويكون قراره في هذا الشأن معدوماً لا أثر له، وإذ كان الحكم الصادر في 23/ 4/ 1977 بإدانة الطاعن هو حكم صادر من محكمة جنايات عادية. ولا يغير من ذلك ما ورد بصدر جلسة المرافعة من إضافة عبارة "أمن دولة عسكرية" إلى اسم محكمة الجنايات إذ فضلاً عن مخالفته لحقيقة الواقع فإنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من كاتب الجلسة، ومن ثم فهو لا يخضع لإجراءات التصديق المنصوص عليها في مواد القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليها ويكون بالتالي أمر نائب الحاكم العسكري العام الصادر في 4/ 5/ 1978 بإلغاء الحكم المذكور وإعادة المحاكمة قراراً معدوماً لا أثر له ولا يجوز إعادة نظر الدعوى بعد صدور الحكم الصادر في 23/ 4/ 1977 وذلك إعمالاً لنص المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.