مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1957) - صـ 1098

جلسة أول يونيه سنة 1957
(114)

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1405 لسنة 2 القضائية

معادلات دراسية - القانون رقم 371 لسنة 1953 - قرارات الإنصاف التي أغفل هذا القانون النص على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا لا يمكن إهدارها بأثر رجعي إلا بنص خاص - خلو قانون المعادلات من مثل هذا النص بالنسبة لها.
إن قرارات مجلس الوزراء التي أغفل القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية النص على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين، وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية، فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك. ولما كان القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه قد خلا من مثل هذا النص على إلغاء تلك القرارات، فإنها تظل قائمة ونافذة منتجة آثارها في مجال تطبيقها؛ يؤكد ذلك أن القانون المذكور لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة، وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها دون التصريح بإلغاء قرارات الإنصاف السابقة لها.


إجراءات الطعن

في 26 من إبريل سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1405 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة أول مارس سنة 1956 في الدعوى رقم 8023 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة الأوقاف ضد محمد عبد السلام أحمد قلفط، القاضي "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، ورفض التظلم، وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من تسوية حالة المطعون لصالحه طبقاً لقواعد الإنصاف، مع ما يترتب على ذلك من آثار عدا الفروق المالية فتكون من 7 من فبراير سنة 1952، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الأوقاف في 2 من يوليه سنة 1956 وإلى المطعون لصالحه في 10 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 25 من مايو سنة 1957. وقد أودعت وزارة الأوقاف في 11 من مارس سنة 1957 مذكرة بملاحظاتها انتهت فيها إلى طلب "تأييد الحكم المطعون فيه القاضي بإلغاء قرار اللجنة القضائية ورفض التظلم مع تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من ديسمبر سنة 1954 الخاص بخدمة المساجد الخارجين عن الهيئة". ولم يقدم المطعون لصالحه أية مذكرة بملاحظاته في الميعاد القانوني. وفي 12 من مايو سنة 1957 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة التي عينت لنظر الطعن، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارات الأوقاف والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي التظلم رقم 1492 لسنة 1 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 12 من يوليه سنة 1953 ذكر فيها أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1931، وعين خادماً لزاوية في 16 من يناير سنة 1941 بمرتب قدره جنيه واحد شهرياً بلغ ثلاثة جنيهات وقت رفع التظلم، وأنه يطلب تسوية حالته برفع مرتبه إلى خمسة جنيهات شهرياً بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944، وصرف الفروق إليه من تاريخ تعيينه. وقد ردت وزارة الأوقاف على هذا التظلم بأن المتظلم التحق بخدمتها بوظيفة خادم مسجد من 11 من يناير سنة 1941 بمرتب جنيه شهرياً، تدرج إلى أن وصل إلى ثلاثة جنيهات شهرياً اعتباراً من 7 من فبراير سنة 1952، وأن الوظيفة التي يشغلها ذات مرتب ثابت ولا يحتاج شاغلها لأي مؤهل. وبجلسة 31 من أغسطس سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "استحقاق المتظلم للدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات من تاريخ دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق اعتباراً من تاريخ تطبيق قواعد إنصاف سنة 1944". وقد طعنت وزارة الأوقاف في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 8023 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 27 من مايو سنة 1954 طلبت فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه والقاضي بأحقية المطعون ضده في تسوية حالته تطبيقاً لقواعد الإنصاف مع صرف الفروق المستحقة، وما يترتب على ذلك من آثار، وذلك كله مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". واستندت في ذلك إلى أن المطعون عليه ليس معيناً على درجة مقررة بكادر الخدمة السايرة، فضلاً عن أن قواعد إنصاف حملة الشهادات الأزهرية الصادرة في سنة 1944 لم تنص على إنصاف حملة شهادات أقل من شهادة العالمية. وبجلسة أول مارس سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، ورفض التظلم، وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قد نسخ قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 وألغاها ضمناً فيما لم ينص على إلغائه صراحة من أحكامها، وأن هذا القانون مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955 لا يسري على المدعى عليه لكونه من المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 26 من إبريل سنة 1956 طلب فيها "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من تسوية حالة المطعون لصالحه طبقاً لقواعد الإنصاف، مع ما يترتب على ذلك من آثار عدا الفروق المالية فتكون من 7 من فبراير سنة 1952، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قد خلا من نص خاص بإلغاء قواعد إنصاف ذوي المؤهلات؛ ولذا فإن هذه القواعد تظل قائمة ونافذة ومنتجة لآثارها في مجال تطبيقها، وقد تحقق للمطعون لصالحه في ظلها مركز قانوني ذاتي بوضعه في الدرجة التاسعة من تاريخ التحاقه بالخدمة براتب شهري قدره خمسة جنيهات وما يترتب على ذلك من آثار، على ألا ينفذ ذلك من حيث صرف الفروق إلا من 7 فبراير سنة 1952 تاريخ الموافقة على الاعتماد المالي اللازم لذلك بوزارة الأوقاف؛ وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وقامت له إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وفي 11 من مارس سنة 1957 أودعت وزارة الأوقاف مذكرة بملاحظاتها خلصت فيها إلى طلب "تأييد الحكم المطعون فيه القاضي بإلغاء قرار اللجنة القضائية ورفض التظلم مع تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من ديسمبر سنة 1954 الخاص بخدم المساجد الخارجين عن الهيئة". وقالت إن قواعد الإنصاف لا تنتج أثرها بالنسبة إلى خدم المساجد إلا من تاريخ فتح الاعتماد المالي لمواجهة نفقات إنصاف هذه الطائفة، على أن هذا الإنصاف إنما قصد به خدمة المساجد كطائفة لا بوصفهم حملة مؤهلات دراسية؛ إذ أنهم بهذا الوصف لا يفيدون من القواعد المذكورة لعدم فتح الاعتماد المالي لصيرورتها ممكنة وجائزة قانوناً من هذه الناحية.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن قرارات مجلس الوزراء التي أغفل القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية النص على إلغائها هي قرارات تنظيمية عامة تتضمن مزايا مالية وأدبية للموظفين، وقد تحققت لهم في ظلها مراكز قانونية ذاتية، فلا يمكن إهدارها بأثر رجعي من وقت صدور القرارات التنظيمية العامة التي تحققت في ظلها تلك المراكز القانونية إلا بنص خاص في قانون يقرر ذلك. ولما كان القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه قد خلا من مثل هذا النص الخاص على إلغاء تلك القرارات، فإنها تظل قائمة ونافذة منتجة آثارها في مجال تطبيقها؛ يؤكد ذلك أن القانون المذكور لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة، وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها دون التصريح بإلغاء قرارات الإنصاف السابقة لها.
ومن حيث إنه ولو أن الاعتماد المالي لإنصاف خدم المساجد لم يفتح إلا في 7 من فبراير سنة 1952 بالنسبة لمن كانوا معينين قبل 30 من يناير سنة 1944، مما كان يستتبع عدم إفادة المدعي من الإنصاف إلا من هذا التاريخ، إلا أنه بعد ذلك أصدر مجلس الوزراء في 8 من ديسمبر سنة 1954 قراراً بشأن التصالح مع الخدم والمؤذنين بناء على مذكرة وزارة الأوقاف، مفاده التصالح معهم على أساس 3 ج شهرياً مع صرف إعانة غلاء لهم. وبناء على ذلك دبرت وزارة الأوقاف من ميزانيتها مبلغ 250.000 جنيه لتنفيذ ذلك، وقد طلبت الوزارة من مذكرتها المؤرخة 10 من مارس سنة 1957 تطبيق هذا القرار على حالته، فيتعين إلغاء الحكم والقضاء بذلك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية المنازعة على أساس قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من ديسمبر سنة 1954، وأمرت بجعل المصاريف مناصفة بين الطرفين.