مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1957) - صـ 1103

جلسة 8 من يونيه سنة 1957
(115)

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 956 لسنة 2 القضائية

معادلات دراسية - القانون رقم 78 لسنة 1956 - احترامه التسويات النهائية التي أجرتها الإدارة تطبيقاً للقانون رقم 371 لسنة 1953 ولو تمت خطأ في شأن موظفين على غير وظيفة دائمة، أو مستخدمين خارج الهيئة أو باليومية.
إن القانون رقم 78 لسنة 1956 قد احترم التسويات النهائية التي تمت من جهات الإدارة المختلفة بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953، حتى ولو كانت تمت خطأ في شأن موظفين لم يكونوا على وظائف دائمة أو كانوا في درجات خارج الهيئة أو باليومية، للحكمة التشريعية التي أفصح عنها في مذكرته الإيضاحية، وهي الرغبة في تحقيق المساواة استقراراً للأوضاع.


إجراءات الطعن

في 25 من مارس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26 من يناير سنة 1956 في القضية رقم 7871 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزارة الأوقاف ضد عبد الرازق مصطفى، والقاضي "بإلغاء قرار اللجنة القضائية، وتسوية حالة المدعى عليه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، وإلزام الوزارة بالمصروفات". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية، ورفض التظلم، وإلزام المتظلم بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في أول يوليه سنة 1956 وإلى المتظلم في 8 منه، وعين لنظره جلسة 11 من مايو سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم، مع الترخيص في تقديم مذكرات ومستندات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المتظلم قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية في 12 من سبتمبر سنة 1953، قال فيه إنه أمضى في خدمة الوزارة سبع سنوات ونصف دون أن يمنح أية علاوة؛ ولذلك فهو يطالب باستحقاقه لعلاوتين دوريتين طبقاً لأحكام قانون التوظف. ثم طلب بجلسة اللجنة المنعقدة في 3 من نوفمبر سنة 1953 تطبيق قواعد الإنصاف على حالته، واستحقاقه للدرجة السادسة من أول مارس سنة 1946 تاريخ التحاقه بخدمة الوزارة. وقد ردت الوزارة على ذلك بأن المتظلم التحق بخدمتها اعتباراً من أول مارس سنة 1946 في وظيفة إمام وخطيب لمسجد تابع لوقف أهلي، ثم منح مرتباً قدره 12 ج شهرياً عندما نقل إلى مسجد تابع لوقف خيري في 13 من يونيه سنة 1948، ومنح الدرجة السادسة في أول فبراير سنة 1951 عندما أدرجت درجات سادسة في ميزانية 1950/ 1951، وقد اعتبرت أقديمته في هذه الدرجة من تاريخ دخوله الخدمة طبقاً لقواعد ضم المدد، كما أصبح مرتبه 15 ج من أول يوليه سنة 1952 طبقاً للقانون رقم 210 لسنة 1951، على أن تخصم قيمة الزيادة التي حصل عليها من إعانة الغلاء. وبجلسة 3 من نوفمبر سنة 1953 قررت اللجنة استحقاق المتظلم لمرتب قدره 12 ج شهرياً من تاريخ دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. وقد طعنت الوزارة في هذا القرار طالبة الحكم بإلغائه، استناداً إلى أن قواعد الإنصاف مقصورة الأثر على طائفة معينة من الموظفين، وهم الموجودون بالخدمة لغاية 9 من ديسمبر سنة 1944، في حين أن المتظلم عين بعد هذا التاريخ، كما وأن هذه القواعد قد خلت من تقرير قاعدة قانونية توجب منح درجة معينة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، وتركت الأمر للجهة الإدارية تترخص فيه بما تراه متفقاً مع الصالح العام وأوضاع الميزانية. وبجلسة 26 من يناير سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية، وتسوية حالة المتظلم بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، وألزمت الوزارة بالمصروفات؛ واستندت في ذلك إلى أن قواعد الإنصاف ألغيت ضمناً بالقانون المشار إليه، وأن هذا القانون يسري على المتظلم؛ لأنه دخل الخدمة قبل أول يوليه سنة 1952، وحصل قبل ذلك التاريخ على شهادة العالمية النظامية التي تعتبر من الدرجات الجامعية المصرية والدبلومات العالية المصرية طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1936 الخاص بإعادة تنظيم الأزهر.
ومن حيث إن طعن رئيس هيئة المفوضين يقوم على أنه قد صدر في 14 من مارس سنة 1956 القانون رقم 78 لسنة 1956 بتفسير المقصود بالموظفين الذين يفيدون من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، على أساس إيضاح أن الشارع إنما قصد إلى أن تسري أحكام قانون المعادلات الدراسية على جميع الموظفين الشاغلين لوظائف دائمة، سواء أكانوا معينين بصفة مؤقتة أم بصفة دائمة، وكذلك الموظفين المعينين على اعتمادات مقسمة إلى درجات. ولما كان المتظلم يشغل درجة سادسة موصوفة في الميزانية بأنها مؤقتة؛ فإنه لا يفيد من أحكام قانون المعادلات، كما أنه لا يفيد من قواعد الإنصاف؛ لأنه دخل الخدمة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب في تفسير قانون المعادلات الدراسية فيكون قد خالف القانون، وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المتظلم أنه من حملة العالمية النظامية، وعين في أول مارس سنة 1946 إماماً لمسجد تابع لوقف أهلي بمرتب قدره 2.5 ج شهرياً على غير درجة، ثم منح مرتباً قدره 8 ج شهرياً بلا درجة خارج الهيئة في 15 من إبريل سنة 1947، ونقل لمثل وظيفته بمسجد مصطفى نزلاوي الخيري بمرتب 12ج شهرياً اعتباراً من 13 من يونيه سنة 1948 بلا درجة خارج الهيئة. وفي 29 من يناير سنة 1951 صدر قرار من وزير الأوقاف بتعيين طائفة من الأئمة الخطباء المدرسين - من بينهم المدعي - في الدرجة السادسة المؤقتة اعتباراً من أول فبراير سنة 1951 بمرتبات قدرت على أساس مؤهلاتهم، وقدر للمدعي مرتب 12 ج شهرياً على هذا الأساس على أن يخصم بمرتباتهم في المدة من أول مارس سنة 1951 لغاية يناير سنة 1951 من ربط الدرجات السادسة المنشأة لهم في الميزانية، ثم صدر قرار في شأن المدعي وآخرين استند في ديباجته إلى كتاب المالية الدوري رقم 224 - 1/ 320 المؤرخ 25 من أكتوبر سنة 1950 بشأن المدد التي يقضيها الموظفون والمستخدمون على اعتمادات في درجة أو على غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، وسويت بمقتضاه حالة المدعي واعتبر في درجة السادسة اعتباراً من 13 من يونيه سنة 1948، ثم عدلت بعد ذلك وجعلت من أول مارس سنة 1946 تاريخ التحاقه بخدمة الوزارة، وذلك كله على أساس مؤهله وهو العالمية النظامية، ثم رفع مرتبه إلى 15ج شهرياً، وهو بدء الدرجة السادسة بالتطبيق للقانون رقم 210 لسنة 1951، وذلك اعتباراً من أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه لما كان المدعي لم يلحق بالخدمة إلا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، فلا ينطبق عليه قرار الإنصاف الصادر في 29 من أغسطس سنة 1944؛ ما دام هذا القرار رهيناً بأن يكون الموظف الذي ينطبق عليه موجوداً حتى 9 من ديسمبر سنة 1944، ولكن لما كان يبين مما سلف إيضاحه أنه قد تمت في حقه تسوية تلقائية على أساس الدرجات التي أنشئت في الميزانية للمدعي وأمثاله من أفراد طائفته واستقر بها وضعه على النحو المفصل آنفاً، فإنه يتعين لذلك احترام هذه التسوية وعدم المساس بها، ولأن القانون رقم 78 لسنة 1956 قد احترم التسويات النهائية التي تمت من جهات الإدارة المختلفة بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 حتى ولو كانت تمت خطأ في شأن موظفين لم يكونوا على وظائف دائمة أو كانوا في درجات خارج الهيئة أو باليومية للحكمة التشريعية التي أفصح عنها في مذكرته الإيضاحية وهي الرغبة في تحقيق المساواة استقراراً للأوضاع، وغني عن البيان أن هذا ينطبق من باب أولى على من كانت تمت في حقه تسوية تلقائية بمنح الدرجة والمرتب المقررين لمؤهله في درجات أنشئت في الميزانية، وذلك كله قبل نفاذ القانون رقم 371 لسنة 1953، ومما أغنى عن النظر في تطبيقه بطبيعة الحال.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى باستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية، ويكون الطعن إذ جادله في ذلك في حدود هذا النطاق وحده - يكون كلاهما قد جاوز مجال التطبيق القانوني الصحيح لمثار المنازعة الحقيقي؛ ومن أجل ذلك يتعين إلغاء الحكم، والقضاء باعتبار التسوية التي تمت في حق المدعي على الوجه المبين آنفاً نافذة قانوناً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار التسوية التي كانت قد تمت في حق المدعي على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم نافذة قانوناً، وألزمت الوزارة بالمصروفات.