أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 845

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد يونس ثابت نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ محمد حمدي، أحمد هيكل نائبي رئيس المحكمة ومحمد عبد المنعم البنا، ومحمد حسين لبيب.

(188)
الطعن رقم 241 لسنة 54 القضائية

صحافة. جريمة "جرائم الصحف" مسئولية جنائية. حكم "بياناته. تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
من هم المسئولين مسئولية جنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحفي؟
مسئولية رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم. مسئولية افتراضية استثنائية. لا يجوز التوسع فيها أو العقاب عليها.
إثبات الحكم المطعون فيه أن محرر المقال هو شخص آخر خلاف الطاعنين دون بيان صفة كل من هذين الأخيرين والوظيفة التي يشغلها كل منهما في الجريدة. قصور.
لما كانت المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحف تقع طبقاً للفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات على عاتق محرر المقال بالإضافة إلى رئيس تحرير الجريدة أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر إذا لم يكن ثمة رئيس للتحرير، وكانت مسئولية رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم هي مسئولية افتراضية جاءت على خلاف المبادئ العامة التي تقضي بأن الإنسان لا يكون مسئولاً إلا عن العمل الذي يثبت بالدليل المباشر أنه قام به فعلاً، فهي مسئولية استثنائية رتبها القانون لتسهيل الإثبات في جرائم النشر ولا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها، وبل يجب قصرها على من نص عليهم القانون لا تتعداهم إلى سواهم من العاملين في الجريدة، ومن ثم وجب أن يعني الحكم الصادر بالإدانة في جرائم النشر ببيان صفة المتهم - إذا لم يكن هو محرر المقال - بما يتحقق به قيام تلك المسئولية الفرضية في حقه، وإذ كان الحكم المطعون فيه - على الرغم مما أثبته من أن محرر المقال المشتمل على الواقعة المعتبرة قذفاً هو شخص آخر خلاف الطاعنين قد خلا من بيان صفة كل من هذين الآخرين والوظيفة التي يشغلها كل منهما في الجريدة استجلاء لمسئوليتهما عما ينشر فيها، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع

أقام المدعيان بالحق المدني دعواهما بالطريق المباشر أمام محكمة جنح أسيوط ضد الطاعنين وآخرين بوصف أنهم شاركوا ونشروا في مجلة يشرفون عليها ويديرونها ويعملون فيها مقالاً حوى قذف وسب في حق المدعين بالحق المدني على الوجه المبين بهذا المقال - وطلبا معاقبتهم بمواد الاتهام وإلزام الثلاثة الأول منهم بأن يدفعوا لهما متضامنين مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين عدا الأول عشرين جنيهاً وإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة أسيوط الابتدائية.
عارض الطاعن الأول وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القذف قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم لم يعرض لما تمسك به أولهما من أنه يستفيد من الإعفاء المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 195 من قانون العقوبات إذ أن المقال الذي اعتبره المدعيان بالحقوق المدنية قذفاً في حقهما قد نشر بدون علمه وكان اسم كاتبه مبيناً فيه، كما أغفل الحكم ما أثاره الطاعن الثاني من أنه ليس إلا مديراً للتحرير وغير مسئول عما في الجريدة، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الغيابي الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى - نقلاً عن صحيفة الادعاء المباشر - بما يجمل في أن المتهم الثالث كتب مقالاً نشر في جريدة الجمهورية بموافقة الطاعنين يتضمن اتهاماً للمدعي الأول بالحقوق المدنية بقتل شقيقه المدعي الثاني طمعاً في ثروته وبعد أن أشار الحكم إلي تقديم المدعيين بالحقوق المدنية لعدد من جريدة الجمهورية يحتوي على مقال يتضمن المعنى سالف البيان خلص إلي إدانة الطاعنين والمتهم الثالث في قوله وحيث إن الاتهام المسند إلي المتهمين ثابت في حقهم أخذاً بما جاء بالمقال المنشور بالجريدة المذكورة وحضور المدعي الثاني بالجلسة مما ينفي صحة ما ورد بالمقال من أنه قتل. وعدم حضور المتهمين لدفع الاتهام بثمة دفع أو دفاع مقبول، ومن ثم يتعين معاقبتهم طبقاً لمواد الاتهام لما كان ذلك, وكانت المسئولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحف تقع طبقاً للفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات على عاتق محرر المقال بالإضافة إلى رئيس تحرير الجريدة أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر إذا لم يكن ثمة رئيس للتحرير، وكانت مسئولية رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم هي مسئولية افتراضية جاءت على خلاف المبادئ العامة التي تقضي بأن الإنسان لا يكون مسئولاً إلا عن العمل الذي يثبت بالدليل المباشر أنه قام به فعلاً، فهي مسئولية استثنائية رتبها القانون لتسهيل الإثبات في جرائم النشر ولا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها، وبل يجب قصرها على من نص عليهم القانون لا تتعداهم إلى سواهم من العاملين في الجريدة، ومن ثم وجب أن يعني الحكم الصادر بالإدانة في جرائم النشر ببيان صفة المتهم - إذا لم يكن هو محرر المقال - بما يتحقق به قيام تلك المسئولية الفرضية في حقه، وإذ كان الحكم المطعون فيه - على الرغم مما أثبته من أن محرر المقال المشتمل على الواقعة المعتبرة قذفاً هو شخص آخر خلاف الطاعنين قد خلا من بيان صفة كل من هذين الآخرين والوظيفة التي يشغلها كل منهما في الجريدة استجلاء لمسئوليتهما عما ينشر فيها، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلي بحث سائر أوجه الطعن.