أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 849

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد الرحيم نافع - نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: حسن غلاب، محمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري والصاوي يوسف.

(189)
الطعن رقم 1017 لسنة 54 القضائية

إخفاء أشياء مسروقة. قصد جنائي. دفوع "الدفع بعدم العلم بأن المضبوطات متحصلة من جناية". اختلاس. إثبات "بوجه عام". نقض "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها" "نظرها الطعن والحكم فيه".
تقدير أدلة الدعوى. موضوعي. إفصاح المحكمة عن أسباب الأخذ بها أو إطراحها. أثره؟ التعاقد بالشراء عن المضبوطات الواردة في سيارة حكومية يمكن حمله على أنها مختلسة. وعلى نقيضه في تأكيد أنها مشتراة من مزاد عام. أثر ذلك على ثبوت تحقيق علم الطاعن بأحد الاحتمالين؟. الهرب أثر الضبط: لا يسلس إلى هذا العلم.
إغفال الحكم بيان فحوى الحديث الذي دار بين الطاعن والسائق. أثره؟
إذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وأدلتها عرض لدفاع الطاعن بانتفاء علمه بأن الأسلاك المضبوطة متحصلة من جناية اختلاس وأطرحه مثبتاً هذا العلم في حقه بما مضمونه، أن هذه الأسلاك قد نقلت إلى محل الطاعن في سيارة حكومية ودفع جانباً من ثمنها وكان ينبغي عليه الاطلاع على مستندات حصول البائع عليها من مزاد عام كما أن هربه أثر الضبط والحديث الذي دار بينه وبين سائق السيارة يدل على أنه يعلم بأن السائق موظف بهيئة حكومية. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى فلها أن تأخذ بها أو تطرحها دون بيان العلة - إلا أنها متى أفصحت عن الأسباب التي من أجلها أخذت بها أو أطرحتها فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً لما رتب عليها من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل ويكون لمحكمة النقض مراقبتها في ذلك. لما كان ذلك وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم تدليلاً على توافر علم الطاعن بأن الأسلاك متحصلة من جناية اختلاس - لا يؤدي في جملته أو تفصيله إلى ثبوت هذا العلم الذي يجب أن يكون يقينياً في حق الطاعن، ذلك أن تعاقده بالشراء على المضبوطات التي وردت في سيارة حكومية - كما يمكن حمله على أنها مختلسة يمكن حمله على نقيضه في تأكيد أنها مشتراة من مزاد عام بما لا يلزم عنه بالضرورة ثبوت تحقق علم الطاعن بأحد الاحتمالين، كما أن الهرب أثر الضبط لا يسلس إلى هذا العلم - هذا إلى أن إغفال الحكم بيان فحوى الحديث الذي دار بين الطاعن والسائق قد أوصد وجه استدلاله به في تحقق علم الطاعن على النحو المعتبر قانوناً. لما كان ذلك وكان ما استدل به الحكم لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون قد قصر استدلاله بما يعيبه ويوجب نقضه، وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أخفى الأشياء المختلسة والمتحصلة من جرائم اختلاس مع علمه بذلك وبأنها مملوكة لهيئة كهرباء مصر. وطلبت عقابه طبقاً لمواد الاتهام.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 44 مكرر، 112 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس مع علمه بذلك. فقد شابه الفساد في الاستدلال. ذلك بأن المدافع عنه تمسك بانتفاء ركن العلم بأن الأسلاك المضبوطة متحصلة من جناية اختلاس إذ أنه اشتراها ممن يتجر في مثلها وأفهمه البائع أنها مشتراة من مزاد عام فضلاً عن أنها لا تحوي علامات مميزة تفيد أنها مملوكة للدولة، وأطرح الحكم هذا الدفاع وأقام قضاءه بتوافره علم الطاعن على أدلة لا تؤدي إلى ما رتبه عليها ولا تكفي لحمل قضائه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وأدلتها عرض لدفاع الطاعن بانتفاء علمه بأن الأسلاك المضبوطة متحصلة من جناية اختلاس وطرحه مثبتاً هذا العلم في حقه بما مضمونه، أن هذه الأسلاك قد نقلت إلى محل الطاعن في سيارة حكومية ودفع جانباً من ثمنها وكان ينبغي عليه الاطلاع على مستندات حصول البائع عليها من مزاد عام كما أن هربه أثر الضبط والحديث الذي دار بينه وبين سائق السيارة يدل على أنه يعلم بأن السائق موظف بهيئة حكومية. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية أدلة الدعوى فلها أن تأخذ بها أو تطرحها دون بيان العلة - إلا أنها متى أفصحت عن الأسباب التي من أجلها أخذت بها أو أطرحتها فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤدياً لما رتب عليها من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل ويكون لمحكمة النقض مراقبتها في ذلك. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم تدليلاً على توافر علم الطاعن بأن الأسلاك متحصلة من جناية اختلاس - لا يؤدي في جملته أو تفصيله إلى ثبوت هذا العلم الذي يجب أن يكون يقينياً في حق الطاعن، ذلك أن تعاقده بالشراء على المضبوطات التي وردت في سيارة حكومية - كما يمكن حمله على أنها مختلسة يمكن حمله على نقيضه في تأكيد أنها مشتراة من مزاد عام بما لا يلزم عنه بالضرورة ثبوت تحقق علم الطاعن بأحد الاحتمالين، كما أن الهرب أثر الضبط لا يسلس إلى هذا العلم - هذا إلى أن إغفال الحكم بيان فحوى الحديث الذي دار بين الطاعن والسائق قد أوصد وجه استدلاله به في تحقيق علم الطاعن على النحو المعتبر قانوناً. لما كان ذلك وكان ما استدل به الحكم لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون قد قصر استدلاله بما يعيبه ويوجب نقضه، وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.