أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 852

جلسة 3 من ديسمبر 1984

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد الصوفي ومسعد الساعي ومحمود البارودي وعادل عبد الحميد.

(190)
الطعن رقم 952 لسنة 54 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". "محكمة الموضوع" "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(2) محكمة ثاني درجة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل خطأ. إصابة خطأ.
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود. موضوعي. مفاد الأخذ بالشهادة؟
عدم سماع المحكمة. شهود الإثبات. لا يمنعها من الأخذ بأقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية ما دامت مطروحة على بساط البحث.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- حق المحكمة في الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى. رأت أن هذه الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6)مرور. عقوبة. جريمة. محكمة النقض "سلطتها في تصحيح الحكم". نقض "حالاته. مخالفة القانون".
- إدانة الطاعن عن الجريمة الثالثة وهي قيادة سيارة بدون رخصة قيادة بالمادة 75 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 ومعاقبته بالغرامة خمسون جنيهاً, حال أنها لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على خمسة وعشرين جنيهاً. خطأ في تطبيق القانون. على محكمة النقض التدخل لإصلاحه لمصلحة الطاعن طبقاً للمادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959 ولو لم يرد طعن بذلك في أسباب الطعن وذلك بنقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون.
1 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق.
2 - محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه. وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن عدم سماع شهود الإثبات أمام المحكمة لا يحول من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث.
4 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
5 - ومتى كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهدين فإن ما يثيره حول استدلال الحكم بأقوالهما ومع افتراض أن رواية الثاني منها منقولة، لا يعدو برمته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن عن الجريمة الثالثة المسندة إليه وهي قيادة سيارة بدون رخصة قيادة وأعمل في حقه حكم المادة 75 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 - الذي يحكم واقعة الدعوى قبل تعديله بالقانون رقم 210 لسنة 1980 - والتي كانت تعاقب عن تلك الجريمة "بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على خمسة وعشرين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين" قد قضى بتغريم الطاعن عن تلك الجريمة خمسين جنيهاً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بمجاوزته الحد الأقصى لعقوبة الغرامة مما يقتضي من محكمة النقض إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تتدخل لتصلح ما تردى فيه الحكم من هذا الخطأ لمصلحة الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب الطعن، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل الغرامة المقضى بها عن الجريمة الثالثة خمسة وعشرين جنيهاً ورفض الطعن فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - تسبب خطأ في موت..... و...... و...... و....... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد المركبة رقم..... نقل القاهرة بدون رخصة قيادة وبحالة تعرض الأشخاص للخطر فانحرف بالمركبة إلى الطريق المضاد واصطدم بالمركبة رقم....... ملاكي إسكندرية وتسبب في إصابات المجني عليهم والتي أودت بحياتهم.
2 - تسبب خطأ في إصابة..... و...... و..... وكان ذلك بالكيفية سابقة الذكر.
3 - قاد سيارة بدون رخصة قيادة.
4 - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 3، 244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 4، 34، 75/ 3، 77، 78، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 والمادتين 2، 16 من اللائحة.
وقد ادعى كلاً من...... عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أحفاده القصر...... و...... و...... مدنياً قبل المتهم وشركة التامين الأهلية بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت كما ادعى كلاً من..... و...... و..... و...... و...... و...... مدنياً قبل المتهم وشركة التامين الأهلية بأن يدفعا متضامنين لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ومحكمة جنح...... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 عقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وبإلزامه بأن يؤدي بالتضامن مع شركة التامين الأهلية لكل من...... عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أحفاده القصر..... و...... و...... مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وإلزامه بأن يؤدي بالتضامن مع شركة التامين الأهلية لكل من...... و...... و..... و...... و..... و..... و...... مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وقدرت كفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ.
فاستأنف المحكوم عليه.
ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإجماع الآراء برفض استئناف المتهم وتأييد الحكم المستأنف مع إضافة غرامة للمتهم خمسين جنيهاً للتهمة الثالثة وألزمت المتهم بمصروفات الدعوى المدنية عن الدرجتين.
فقرر الأستاذ.... المحامي نائباً عن المحكوم عليه الطعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم القتل والإصابة الخطأ وقيادة سيارة بطريقة تعرض الأرواح والأموال للخطر وبدون رخصة قيادة قد انطوى على خطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على افتراض مؤداه أن الطاعن هو الذي كان يقود السيارة النقل وقت وقوع الحادث دون سائقها الذي توفي استناداً إلى أن معاينة الشرطة أسفرت عن تلفيات السيارة كانت من الجانب الأيمن حيث أصيب سائق السيارة بالإصابات التي أودت بحياته بينما لم تحدث بالطاعن أية إصابات وأطرحت المحكمة الشهادة الطبية المقدمة منه في هذا الخصوص استناداً إلى أنه لم يذكر وجود أية إصابات به لدى سؤاله بمحضر الشرطة، في حين أن الثابت من معاينة محرر المحضر أن كابينة السيارة النقل بها اعوجاج إلى جهة اليمين وأنه وجدت بقعة كبيرة من الدماء بأقصى يمين الطريق المؤدي إلى الإسكندرية أي بجوار عجلة قيادة السيارة النقل الأمر الذي يستفاد منه أن الصدمة اتجهت إلى يسار الكابينة حيث كان يجلس سائق السيارة المتوفى، كما أن الثابت من محضر الشرطة أن الطاعن ذكر لدى سؤاله أنه مصاب من الجهة اليمني، هذا إلى أن الحكم أثبت أن الطاعن لم يقدم مذكرات في حين أنه قدم مذكرة طلب فيها استدعاء شاهدي الإثبات ثم أن الطاعن طلب أمام محكمة ثاني درجة سماع هذين الشاهدين وكذلك محرر المحضر الذي سبق أن قررت المحكمة استدعاءه ومع ذلك فلم تجب المحكمة الطاعن إلى هذا الطلب، وأخيراً فعلى الرغم من أن الشاهدين لم يتقدما تلقائياً عقب الحادث لسماعهما ولم يدليا بشهادتهما أمام المحكمة بعد حلف اليمين وثبت من محاولة الطاعن إعلانهما أنه لم يستدل عليهما وقدم الطاعن ما يثبت أن أولهما فصل من الخدمة لسوء سلوكه وجاءت أقوال الشاهد الثاني منقولة فقد عول الحكم على أقوالهما، وكل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجرائم القتل والإصابة الخطأ وقيادة السيارة بطريقة تعرض الأرواح والأموال للخطر وبدون رخصة قيادة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن الصدمة اتجهت إلى يسار كابينة السيارة النقل حيث كان يجلس السائق المتوفى مردوداً بما هو ثابت عكس ذلك من المفردات المضمومة من أنه تبين من معاينة السيارة النقل وجود "تطبيق الباب الأمامي الأيمن واعوجاج كابينة السيارة ناحية اليمين وتطبيق الرفرف الأمامي الأيمن وتطبيق حاجز التصادم الأمامي وتطبيق جانب صندوق السيارة من الجهة اليمنى, وكان الواضح من سياق قول الحكم تأييداً لإطراحه الشهادة الطبية التي قدمها الطاعن - والتي جاء بها أنه مصاب "بجروح سطحية وسحجات بجدار البطن من الجهة اليمنى" أن الطاعن لم يذكر وجود إصابات به لدى سؤاله بمحضر جمع الاستدلالات، الواضح أن الحكم إنما عنى بذلك محضر جمع الاستدلالات الذي حرر بتاريخ..... يوم الحادث والذي ثبت من المفردات أن الطاعن لم يذكر فيه شيئاً عن تلك الإصابات طبقاً لما سجله الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق. وكان ما ساقه الحكم من أدلة منتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من أن الطاعن هو الذي كان يقود السيارة النقل وقت وقوع الحادث دون سائقها الذي توفي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للمذكرة التي قدمها الطاعن بقوله "وحيث إن المتهم - الطاعن قدم مذكرة بدفاعه بجلسة..... طلب فيها أصلياً الحكم بعدم جواز نظر الدعويين الجنائية والمدنية وبراءته من الاتهام المنسوب إليه ورفض الدعوى المدنية ضده وإلزام المدعيين بالحق المدني بالمصاريف والأتعاب واحتياطياً استدعاء شهود الإثبات لمناقشتهم".. أما ما جاء بالحكم بعد ذلك من أن الطاعن لم يقدم مذكرات فهو خاص بالمرحلة اللاحقة لحجز الدعوى للحكم على ما هو ثابت من صريح مدوناته، ومن ثم فإن تعييب الحكم بالخطأ في الإسناد يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي ومحاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وأن طلب أمام محكمة أول درجة سماع أقوال شاهدي الإثبات إلا أنه لم يتمسك بهذا الطلب أمام محكمة ثاني درجة، كما أنه قرر في جلسة المرافعة الأخيرة التي صدر بها الحكم المطعون فيه أنه يترك للمحكمة أمر استدعاء محرر المحضر - الذي كان قد طلب منها سماع أقواله، وكانت محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، وإذ كان المدافع عن الطاعن يعتبر متنازلاً عن طلب سماع شاهدي الإثبات لسكوته عن التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية وكانت تلك المحكمة لم تر من جانبها حاجة إلى سماع أقوال محرر المحضر الذي ترك المدافع عن الطاعن أمر سماع شهادته لها فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون ولا محل له. لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه. وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن عدم سماع شهود الإثبات أمام المحكمة لا يحول من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث وكان من المقرر كذلك أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى. وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهدين فإن ما يثيره حول استدلال الحكم بأقوالهما ومع افتراض أن رواية الثاني منهما منقولة، لا يعدو برمته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن عن الجريمة الثالثة المسندة إليه وهي قيادة سيارة بدون رخصة قيادة وأعمل في حقه حكم المادة 75 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 - الذي يحكم واقعة الدعوى قبل تعديله بالقانون رقم 210 لسنة 1980 - والتي كانت تعاقب عن تلك الجريمة "بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على خمسة وعشرين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين" قد قضى بتغريم الطاعن عن تلك الجريمة خمسين جنيهاً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بمجاوزته الحد الأقصى لعقوبة الغرامة مما يقتضي من محكمة النقض إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تتدخل لتصلح ما تردى فيه الحكم من هذا الخطأ لمصلحة الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب الطعن، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل الغرامة المقضى بها عن الجريمة الثالثة خمسة وعشرين جنيهاً ورفض الطعن فيما عدا ذلك.