مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1957) - صـ 1156

جلسة 15 من يونيه سنة 1957
(121)

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1423 لسنة 2 القضائية

( أ ) علاوة التلغراف - القول بأنها تمنح لمن قدر لمؤهله الدرجة الثامنة دون من قدر لمؤهله درجة أعلى - في غير محله - حجة ذلك.
(ب) إنصاف - عدم انطباق قواعده إلا في حق من كانت درجته أو راتبه أو كلاهما أقل مما قدر لمؤهله في تلك القواعد - بعد تسوية حالة الموظف بالتطبيق لقواعد الإنصاف، يتخذ طريقه الطبعي من حيث العلاوات والترقيات منبت الصلة بالإنصاف.
(جـ) إنصاف - علاوة التلغراف ما هي إلا إنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين دعت إليه ظروف خاصة.
1 - يبين من الاطلاع على الكتاب الدوري لوزارة المالية رقم ف 234 - 1/ 302 الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 بشأن تنفيذ قواعد الإنصاف، أنه نص - في الكشف رقم 4 الخاص بالعلاوات الإضافية للحاصلين على مؤهلات تكميلية - على أن الحاصل على دبلوم مدرسة التلغراف يتناول 500 مليم "فرق ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها"، كما نص في الكشف رقم 2 على أنه قدر للحاصل على دبلوم الفنون والصنائع أو الفنون والصناعات أو الفنون التطبيقية راتباً قدره عشرة جنيهات للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية قسم أول أو إتمام الدراسة بالمدارس الصناعية في الدرجة السابعة، وتسعة جنيهات للحاصلين على شهادة الدراسة الابتدائية في الدرجة السابعة، وبين الكتاب الدوري كيفية تطبيق القيم المقترحة في الكشف رقم 4 على أصحاب الشهادات، وأورد لذلك مثلاً خريجي مدرسة المحصلين والصيارف على النحو الآتي: إذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة (نظام قديم) فتكون الماهية 7 + 0.5 = 7.5 ج، إذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة (نظام جديد) فتكون الماهية 7.5 + 0.5 = 8 ج، وإذا كان حاصلاً على كفاءة التعليم الأولي فتكون الماهية 6 + 0.5 = 6.5 ج. ولم يرد بقواعد الإنصاف ولا بالكتاب الدوري سالف الذكر ما يفيد أن العلاوة الإضافية سالفة الذكر إنما تمنح في حدود الدرجة الثامنة فقط أو لمن قدر لمؤهله الدرجة الثامنة دون من قدر لمؤهله درجة أعلى، بل إن النص صريح في إضافة العلاوة إلى الماهية المقررة للشهادة الدراسية دون تحديد درجة معينة، وقد يكون مقدراً لهذه الشهادة الدراسية الدرجة السابعة أو الدرجة الثامنة دون تمييز أو فارق بينهما.
2 - إن قواعد الإنصاف باعتبار أنها تسعير للمؤهلات الدراسية من حيث الدرجة والمرتب لا يفيد منها ولا تطبق إلا في حق من كانت درجته أو راتبه أو كلاهما أقل مما قدر لمؤهله في تلك القواعد؛ وآية ذلك أن قواعد الإنصاف قد نصت على أن "حاملي الدرجات الجامعية وما يعادلها من الشهادات العالية الموجودين الآن في أقل من الدرجة السادسة يمنحون هذه الدرجة فوراً ويسوى ماضي خدمتهم على هذا الأساس بافتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية 12 جنيهاً زيدت إلى 13.5 جنيهاً وبعد سنتين أخريين إلى 15 جنيهاً..."، وأن "حاملي شهادة الدراسة الثانوية (القسم الثاني) وما يعادلها الموجودين الآن في الخدمة في أقل من الدرجة الثامنة يمنحون هذه الدرجة فوراً ويسوى ماضي خدمتهم على هذا الأساس بافتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية 500 م و7 ج زيدت بمقدار نصف جنيه كل سنتين.."، وهكذا بالنسبة للمؤهلات الأخرى. فإذا ما سويت حالة الموظف بالتطبيق لتلك القواعد بأن رفعت درجته وماهيته إلى القدر المقرر لمؤهله فقد استنفدت قواعد الإنصاف أغراضها بالنسبة له، واتخذ الموظف بعد ذلك طريقه الطبعي من حيث العلاوات والترقيات منبت الصلة بالإنصاف، فحسب الإنصاف أن رفع من درجته وماهيته إلى القدر المقرر لمؤهله.
3 - إن علاوة التلغراف ما هي إلا إنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين دعت إليه ظروف خاصة؛ ذلك أن مدرسة الحركة والتلغراف كانت تنتظم طلبة من حملة شهادات الكفاءة والثقافة والتوجيهية ودبلوم الفنون والصناعات، ولكل من هذه المؤهلات تقدير خاص في قواعد الإنصاف من حيث الدرجة والمرتب، فما كان يمكن - والحالة هذه - أن يقدر لشهادة مدرسة الحركة والتلغراف درجة معينة مع تباين حالة خريجيها؛ ومن ثم رؤى أن تضاف علاوة قدرت بنصف جنيه إلى ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها كل من هؤلاء الخريجين. فإذا كان قد قدر لدبلوم الفنون والصنائع في قواعد الإنصاف الدرجة السابعة بمرتب عشرة جنيهات، فإن مرتب حامل هذا المؤهل يصبح بعد حصوله على شهادة الحركة والتلغراف عشرة جنيهات ونصف، وكذلك الحال بالنسبة لحامل مؤهل الكفاءة المقدر له ستة جنيهات؛ إذ يصبح مرتبه ستة جنيهات ونصف، ويطبق هذا الإنصاف في حقه مرة واحدة على النحو السالف إيضاحه أياً كان مؤهله والدرجة المقدرة له، شأنه في ذلك شأن غيره ممن أنصفوا بمقتضى قواعد الإنصاف. ومتى سويت حالة الموظف على هذا النحو فقد استنفد الإنصاف أغراضه بالنسبة له، واتخذ الموظف بعد ذلك سبيله الطبعي من حيث الترقيات والعلاوات.


إجراءات الطعن

في 2 من مايو سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة) بجلسة 5 من مارس سنة 1956 في الدعوى رقم 8373 لسنة 8 ق المرفوعة من وزارة المواصلات ضد محمد حمدي عيد، القاضي "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وألزمت المدعى عليه بالمصروفات". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه جزئياً فيما قضى به من إلغاء قرار اللجنة القضائية باستحقاق المطعون ضده علاوة دبلوم التلغراف بواقع 500 م شهرياً عن الفترة من أول مايو سنة 1944 إلى 2 من مايو سنة 1950، والقضاء بتأييد قرار اللجنة القضائية في هذا الشق، وإلزام كل من الطرفين بالمصروفات المناسبة". وقد أعلن الطعن إلى المطعون لصالحه في 5 من يوليه سنة 1956، وإلى وزارة المواصلات في 3 من يوليه سنة 1956، وعين لنظره جلسة 22 من ديسمبر سنة 1956، وفيها سمعت المحكمة الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون لصالحه قدم التظلم رقم 665 لسنة 2 ق إلى اللجنة القضائية المختصة بالفصل في منازعات موظفي جميع المصالح بالإسكندرية طالباً استحقاقه علاوة "دبلوم التلغراف" بواقع 500 م شهرياً اعتباراً من 30 من يناير سنة 1944 تاريخ إنصافه وزيادة هذه العلاوة إلى 500 م و1 ج من 3 من مايو سنة 1950 تاريخ رفع هذه العلاوة بقرار مجلس الوزراء الصادر في هذا التاريخ. وفي 6 من فبراير سنة 1954 أصدرت اللجنة القضائية قرارها "باستحقاق المتظلم علاوة دبلوم التلغراف بواقع 500 م شهرياً من أول مايو سنة 1944 إلى أول سبتمبر سنة 1950، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وأسست قرارها على أن "المتظلم - وهو حاصل على دبلوم الفنون والصناعات - يستحق وفقاً لقواعد الإنصاف الدرجة السابعة من بدء خدمته بماهية قدرها عشرة جنيهات شهرياً يضاف إليها خمسمائة مليم قيمة علاوة التلغراف التي تمنح وفقاً لقواعد الإنصاف فوق الماهية المقررة للمؤهل. وهو دبلوم الفنون والصناعات، وأن اللجنة قد استقر رأيها، فيما يخص رفع علاوة دبلوم التلغراف إلى 500 م و1 ج عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950، على أن هذا الرفع لا يجوز إلا بالنسبة لمن التحقوا بمدرسة التلغراف من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950 ولا يسري بالنسبة لمن التحقوا بتلك المدرسة قبل ذلك؛ ومن ثم يكون طلب المتظلم منحه علاوة التلغراف بواقع 500 م و1 ج من 3 من مايو سنة 1950 على غير أساس من القانون حقيقاً بالرفض". وبعريضة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 5 من يونيه سنة 1954 طعنت وزارة المواصلات في قرار اللجنة القضائية طالبة إلغاءه، مستندة في ذلك إلى أن علاوة التلغراف محددة، وقد تقررت في قواعد الإنصاف في حدود الدرجة الثامنة فإذا رقي الموظف إلى الدرجة السابعة ترفع عنه بناء على ذلك هذه العلاوة. وبجلسة 5 من مارس سنة 1956 حكمت المحكمة بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وألزمت المدعى عليه بالمصروفات. وأسست قضاءها على "أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قد ألغى ضمناً قواعد الإنصاف فيما يتعلق بتقدير المؤهلات الدراسية التي وردت فيها ثم وردت ثانية في الجدول المرافق لذلك القانون، ومن بينها دبلوم التلغراف، وحلت أحكام ذلك القانون محل تلك القواعد. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون متعيناً الحكم بإلغائه".
ومن حيث إن مبنى الطعن أنه لا سند لما تذهب إليه الوزارة في طعنها من أن قواعد الإنصاف قصرت الإفادة من الشهادات الإضافية على المعينين في الدرجة الثامنة؛ ومن ثم يكون قرار اللجنة القضائية قد أصاب وجه القانون، بيد أن القاعدة التي قررتها قواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 قد استمر العمل بها حتى صدر قرار مجلس الوزراء في 3 من مايو سنة 1950 فألغاها وأحل محلها قاعدة أخرى، من شأنها رفع علاوة التلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج، وقد جاءت هذه القاعدة الجديدة مطلقة بحيث يستفيد منها كل الحاصلين على دبلوم مدرسة الحركة والتلغراف المعينين في وظائف تتناسب وهذا المؤهل؛ وبناء على ذلك فإن المطعون ضده كان يفيد من قواعد الإنصاف حتى 2 من مايو سنة 1950 ومن القاعدة الجديدة من 3 من مايو سنة 1950، إلا أن اللجنة القضائية قد فصلت في قرارها في موضوع إفادة المطعون ضده من قرار 3 من مايو سنة 1950 ورأت عدم أحقيته في الإفادة منه، وقد أصبح قرار اللجنة في هذه الجزئية حصيناً وحجة بين طرفيه فيما قضى به. والخلاصة أن موضوع الطعن المعروض على محكمة القضاء الإداري هو إفادة المطعون ضده من قاعدة الإنصاف لسنة 1944 الخاصة بعلاوة التلغراف، والمطعون ضده يستحقها قانوناً من تاريخ قطعها عنه في أول مايو سنة 1944 حتى تاريخ انتهاء العمل بالقاعدة في 2 من مايو سنة 1950، أما إفادة المطعون ضده من القاعدة الواردة بقرار 3 من مايو سنة 1950 فقد قضت فيها اللجنة القضائية بالرفض وأصبح قرارها حصيناً؛ حيث لم يطعن المتظلم في قرار اللجنة القضائية في هذا الصدد فيما قضى به من رفض إفادته من قاعدة 3 من مايو سنة 1950؛ وبالتالي يعتبر قرار اللجنة القضائية حجة فيما قضى به بين الخصمين متعلقاً بالحق المطالب به محلاً وسبباً، ويتعين أن ينحصر النزاع أمام محكمة القضاء الإداري في نطاق طلبات الوزارة الطاعنة وهي التي تتحدد بعدم إفادة المطعون ضده من قواعد الإنصاف لسنة 1944 وإلغاء قرار اللجنة القضائية بها. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً آخر فألغى قرار اللجنة القضائية فيما قضى به من إفادة المطعون ضده من قاعدة إنصاف سنة 1944 عن الفترة من أول مايو سنة 1944 حتى 2 من مايو سنة 1950 فإنه يكون في هذا الشق قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي حاصل على دبلوم الفنون والصناعات، ثم حصل على شهادة التلغراف في أكتوبر سنة 1939، وقد التحق بخدمة مصلحة السكة الحديد في 16 من مايو سنة 1940 في وظيفة معاون ثالثة باليومية ومنح الدرجة الثامنة من أول فبراير سنة 1942 ثم رقي إلى الدرجة السابعة الشخصية براتب قدره عشرة جنيهات شهرياً اعتباراً من 30 من يناير سنة 1944 وأرجعت أقدميته في تلك الدرجة إلى تاريخ التحاقه بالخدمة وذلك بالتطبيق لقواعد الإنصاف. ومن ذلك التاريخ أوقف صرف مكافأة التلغراف إليه بمقولة إن علاوة الحركة والتلغراف قد تقررت بقواعد الإنصاف في حدود الدرجة الثامنة وفوق المرتب المقرر للمؤهل الدراسي الحاصل عليه خريج هذه المدرسة وهو مرتب الدرجة الثامنة طبقاً لهذه القواعد، وقد رقي المدعي إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 27 من أغسطس سنة 1951.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الطعن أمام هذه المحكمة في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري ومن المحاكم الإدارية يفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والتي نصت عليها المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن، كما أن لهيئة المفوضين أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في صحيفة الطعن ما دامت ترى في ذلك وجه المصلحة العامة، وللمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون على الوجه الصحيح غير مقيدة بطلبات الهيئة أو الأسباب التي تبديها، وإنما المرد إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص. كما قضت كذلك بأن الدعوى إذا كانت تتضمن أكثر من طلب وكانت الطلبات مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً جوهرياً، فإن الطعن يثير المنازعة برمتها إذا كانت تلك الطلبات تقوم على أساس قانوني واحد. والواقع من الأمر في خصوصية هذا النزاع أن المدعي يطلب ما يستحقه من علاوة دبلوم الحركة والتلغراف حسب القوانين واللوائح تأسيساً على أنه يستحق بمقتضاها 500 م بالتطبيق لقواعد الإنصاف منذ صدورها رفعت إلى 500 م و1 ج من تاريخ نفاذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950، فمثار المنازعة - والحالة هذه - هو إنزال حكم القانون على مركزه في خصوص علاوة الدبلوم المشار إليه بالتطبيق للقوانين واللوائح لتحديد هذا المركز وما يستحقه بمقتضاه، إن كان له في ذلك حق.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الكتاب الدوري لوزارة المالية رقم ف 234 - 1/ 302 الصادر في 6 من سبتمبر سنة 1944 بشأن تنفيذ قواعد الإنصاف أنه نص - في الكشف رقم 4 الخاص بالعلاوات الإضافية للحاصلين على مؤهلات تكميلية - على أن الحاصل على دبلوم مدرسة التلغراف يتناول 500 م "فوق ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها"، كما نص في الكشف رقم 2 على أنه قدر للحاصل على دبلوم الفنون والصنائع أو الفنون والصناعات أو الفنون التطبيقية راتباً قدره عشرة جنيهات للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية قسم أول أو إتمام الدراسة بالمدارس الصناعية في الدرجة السابعة، وتسعة جنيهات للحاصلين على شهادة الدراسة الابتدائية في الدرجة السابعة، وبين الكتاب الدوري كيفية تطبيق القيم المقترحة في الكشف رقم 4 على أصحاب الشهادات وأورد لذلك مثلاً خريجي مدرسة المحصلين والصيارف على النحو الآتي: إذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة (نظام قديم) فتكون الماهية 7 + 0.5 = 7.5 ج، وإذا كان حاصلاً على التجارة المتوسطة (نظام جديد) فتكون الماهية 7.5 + 0.5 = 8 ج، وإذا كان حاصلاً على كفاءة التعليم الأولى فتكون الماهية 6 + 0.5 = 6.5 ج. ولم يرد بقواعد الإنصاف ولا بالكتاب الدوري سالف الذكر ما يفيد أن العلاوة الإضافية سالفة الذكر إنما تمنح في حدود الدرجة الثامنة فقط أو لمن قدر لمؤهله الدرجة الثامنة دون من قدر لمؤهله درجة أعلى، بل إن النص صريح في إضافة العلاوة إلى الماهية المقررة للشهادة الدراسية دون تحديد درجة معينة، وقد يكون مقدراً لهذه الشهادة الدراسية الدرجة السابعة أو الدرجة الثامنة دون تمييز أو فارق بينهما.
ومن حيث إنه في 3 من مايو سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على المذكرة المقدمة إليه من مجلس إدارة مصلحة السكك الحديدية بالتعديلات التي ترى إدخالها على لائحة الالتحاق بمدرسة التلغراف ومن بينها... (2) رفع علاوة الحركة والتلغراف من 500 م إلى 500 م و1 ج؛ ومن ثم فإن القرار المذكور يكون قد عدل من قيمة العلاوة الإضافية المقررة في قواعد الإنصاف لدبلوم التلغراف، فرفعها من 500 م إلى 500 م و1 ج؛ أي أنها تقدير للمؤهل ذاته؛ ومن ثم يفيد منه من حصل على المؤهل قبل صدور قرار 3 من مايو سنة 1950، كما يفيد منه من حصل على المؤهل بعد ذلك التاريخ، على ألا تسري هذه الزيادة إلا من تاريخ صدور القرار؛ ذلك أنه من المسلم أنه إذا صدر تنظيم جديد يتضمن مزية جديدة للموظف فإنه يسري في حقه من يوم صدوره إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق [(1)].
ومن حيث إن قواعد الإنصاف - باعتبار أنها تسعير للمؤهلات الدراسية من حيث الدرجة والمرتب - لا يفيد منها ولا تطبق إلا في حق من كانت درجته أو راتبه أو كلاهما أقل مما قدر لمؤهله في تلك القواعد؛ وآية ذلك أن قواعد الإنصاف قد نصت على أن "حاملي الدرجات الجامعية وما يعادلها من الشهادات العالية الموجودين الآن في أقل من الدرجة السادسة يمنحون هذه الدرجة فوراً ويسوى ماضي خدمتهم على هذا الأساس بافتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية 12 جنيهاً زيدت إلى 13.5 جنيهاً وبعد سنتين أخريين إلى 15 جنيهاً..."، وأن "حاملي شهادة الدراسة الثانوية (القسم الثاني) وما يعادلها الموجودين الآن في الخدمة في أقل من الدرجة الثامنة يمنحون هذه الدرجة فوراً ويسوى ماضي خدمتهم على هذا الأساس بافتراض أنهم عينوا ابتداء بماهية 500 م و7 ج زيدت بمقدار نصف جنيه كل سنتين.."، وهكذا بالنسبة للمؤهلات الأخرى. فإذا ما سويت حالة الموظف بالتطبيق لتلك القواعد بأن رفعت درجته وماهيته إلى القدر المقرر لمؤهله فقد استنفدت قواعد الإنصاف أغراضها بالنسبة له، واتخذ الموظف بعد ذلك طريقه الطبعي من حيث العلاوات والترقيات منبت الصلة بالإنصاف، فحسب الإنصاف أن رفع من درجته وماهيته إلى القدر المقرر لمؤهله.
ومن حيث إن علاوة التلغراف ما هي إلا إنصاف بتسعير مؤهل من نوع معين دعت إليه ظروف خاصة؛ ذلك أن مدرسة الحركة والتلغراف كانت تنتظم طلبة من حملة شهادات الكفاءة والثقافة التوجيهية ودبلوم الفنون والصناعات، ولكل من هذه المؤهلات تقدير خاص في قواعد الإنصاف من حيث الدرجة والمرتب، فما كان يمكن - والحالة هذه - أن يقدر لشهادة مدرسة الحركة والتلغراف درجة معينة مع تباين حالة خريجيها؛ ومن ثم رؤى أن تضاف علاوة قدرت بنصف جنيه إلى ماهية الشهادة الدراسية الحاصل عليها كل من هؤلاء الخريجين. فإذا كان قد قدر لدبلوم الفنون والصنائع في قواعد الإنصاف الدرجة السابعة بمرتب عشرة جنيهات، فإن مرتب حامل هذا المؤهل يصبح - بعد حصوله على شهادة الحركة والتلغراف - عشرة جنيهات ونصف، وكذلك الحال بالنسبة لحامل مؤهل الكفاءة المقدر له ستة جنيهات؛ إذ يصبح مرتبه ستة جنيهات ونصف، ويطبق هذا الإنصاف في حقه مرة واحدة على النحو السالف إيضاحه أياً كان مؤهله والدرجة المقدرة له، شأنه في ذلك شأن غيره ممن أنصفوا بمقتضى قواعد الإنصاف. ومتى سويت حالة الموظف على هذا النحو فقد استنفد الإنصاف أغراضه بالنسبة له، واتخذ الموظف بعد ذلك سبيله الطبعي من حيث الترقيات والعلاوات.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ينطبق على حالة المدعي؛ ذلك أن هذا القانون لا يسري بأثر رجعي إلا بالنسبة للحالات التي عناها على وجه التحديد بما لا شبهة فيه، والقانون المذكور لم يعالج سوى حالتين بالذات وهما: الحاصلون على دبلوم التلغراف مسبوقة بشهادة البكالوريا أو ما يعادلها والحاصلون على المؤهل المذكور مسبوقة بشهادة الثقافة أو ما يعادلها؛ فعالج حالتهم بمعادلة جديدة سواء في تقدير الدرجة أو المرتب أو الأقدمية بما يقطع بأنه ألغى تطبيق قرارات مجلس الوزراء السابقة في حقهم بأثر رجعي؛ إذ أسنده إلى تاريخ سابق على نفاذه، أما من عدا هؤلاء المذكورين على سبيل الحصر فلم يعالج قانون المعادلات حالتهم، كالحاصلين على دبلوم التلغراف المسبوقة بشهادة أخرى كدبلوم الفنون والصنائع أو شهادة الكفاءة [(1)]، فلا مندوحة - والحالة هذه - من اعتبار قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر نافذة في حقهم، ما دامت لم تلغ بأثر رجعي بقانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953.
ومن حيث إن المدعي حاصل على دبلوم الفنون والصنايع قبل حصوله على دبلوم التلغراف؛ فبتطبيق ما تقدم في شأنه فإنه يحق له الإفادة من العلاوة الإضافية التي قررت في قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 وقدرها 500 م من تاريخ نفاذ هذا القرار فوق المرتب المقرر لمؤهله، كما يحق له الإفادة من قرار 3 من مايو سنة 1950 الذي رفع العلاوة من 500 م إلى 500 م و1 ج اعتباراً من تاريخ ذلك القرار أيضاً، ولما كان لم يثبت من ملف خدمة المدعي أنه تظلم إدارياً أو قضائياً قبل التظلم الذي رفعه إلى اللجنة القضائية في 28 من نوفمبر سنة 1953 فإنه لا يستحق من الفروق ما انقضى عليه أكثر من خمس سنوات سابقة على تاريخ تظلمه إلى اللجنة القضائية.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، ويتعين إلغاؤه، والقضاء بتسوية حالة المدعي بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 ولقراره الصادر في 3 من مايو سنة 1950، وما يترتب على ذلك من آثار، وبالفروق المستحقة لمدة خمس سنوات سابقة على تاريخ تظلمه إلى اللجنة القضائية في 28 من نوفمبر سنة 1953، وذلك مع عدم الإخلال باستحقاق المدعي مبلغ 500 م و1 ج علاوة الأعصاب المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يوليه سنة 1947 إذا انطبقت عليه شروطه؛ إذ ظاهر أن الحكمة في منح هذه المكافأة هو المجهود العصبي الذي يبذله من يقوم بالعمل بخلاف العلاوة الإضافية المقررة بقواعد الإنصاف والتي رفعت فئتها بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من مايو سنة 1950.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبتسوية حالة المدعي بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944، ولقراره الصادر في 3 من مايو سنة 1950، وما يترتب على ذلك من آثار، وبالفروق المستحقة له لمدة خمس سنوات سابقة على تاريخ تظلمه للجنة القضائية في 28 من نوفمبر سنة 1953، وذلك كله على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وألزمت الحكومة بالمصروفات.


[(1)] راجع الحكم المنشور ببند 129 من هذه المجموعة.